أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1165

جلسة 12 من مايو سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمدي الخولي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عزت حنورة، علي السعدني، محمد مختار منصور، ومحمود نبيل البناوي.

(233)
الطعن رقم 1396 لسنة 52 القضائية

1 - خبرة. إثبات "وسائل الإثبات" "ندب الخبير". محكمة الموضوع "مسائل الإثبات" "الخبرة".
ندب الخبير. المقصود به. الفصل في نزاع قانوني والموازنة بين الآراء الفقهية. عدم جواز تخلي القاضي عنهما للخبير.
2 - شهر عقاري. ملكية.
تصحيح بيانات التسجيل في شأن حدود الأرض المبيعة ورقمها. لا يعد تصويباً لخطأ مادي. هو تغيير للمحل. لا يحاج به الغير إلا من تاريخ تسجيله.
1 - ندب خبير في الدعوى هو مجرد وسيلة إثبات يقصد بها التحقق من واقع معين يحتاج الكشف عنه إلى معلومات فنية خاصة ولا شأن له بالفصل في نزاع قانوني أو الموازنة بين الآراء الفقهية لاختيار أحدها فهذا من صميم واجب القاضي لا يجوز له التخلي عنه لغيره.
2 - ورود التصحيح في بيانات الأرض محل التصرف على حدودها فضلاً عن رقمها لا يعتبر تصويباً لخطأ مادي بل هو تغيير للمحل يجعله بمثابة تصرف جديد يجب تسجيله لتترتب أثاره القانونية من حيث نقل الملكية ولا يحاج به الغير إلا من تاريخ تسجيله دون اعتداد بما سبق هذا التصحيح من تسجيل لسند التصرف أو تسجيل لصحيفة الدعوى المرفوعة بشأن صحته ونفاذه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول - بصفته ولياً طبيعياً على ابنته - أقام الدعوى رقم 2975 سنة 1978 مدني كلي الزقازيق على الطاعنين وباقي المطعون ضدهم طالباً الحكم بتثبيت ملكيته لقطعة الأرض البالغ مساحتها أربعة قراريط المبينة بصحيفة افتتاح الدعوى وبصحيفة الدعوى رقم 2267 سنة 1974 مدني كلي الزقازيق المسجلة في 24/ 2/ 1975 برقم 866 شرقية ومحو ما عليها من تسجيلات وإزالة ما عليها من منشآت، وقال بياناً للدعوى أن المطعون ضده الثالث باع للمطعون ضده الثاني أربعة قراريط كائنة بحوض الخضرة نمرة 9 قطعة رقم 32 بناحية بندر الزقازيق بموجب عقد مؤرخ 26/ 1/ 1973 قضي بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 2267 سنة 1974 مدني كلي الزقازيق التي سجلت صحيفتها في 24/ 2/ 1975 برقم 866 شرقية إلا أنه ورد بإجراءات التسجيل على سبيل الخطأ أن رقم القطعة 33 وليس رقم 32، وبموجب عقد مؤرخ 5/ 9/ 1975 باع له المطعون ضده الثاني ذات القطعة وقضي له بصحة ونفاذ عقده في الدعوى رقم 656 سنة 1976 مدني كلي الزقازيق ولكن المطعون ضده الثالث انتهز فرصة هذا الخطأ المادي في رقم القطعة فباع ثانية ذات القطعة رقم 32 إلى المطعون ضده الرابع بالعقد المسجل في 17/ 11/ 1977 برقم 4875 شرقية وقام هذا الأخير بدوره ببيعها إلى الطاعنين بالعقد المسجل في 19/ 4/ 1978 برقم 1832 شرقية وأقام الطاعن الأول بناء على نصيبه فيها كما أقام الطاعن الثاني سوراً في الجزء الباقي وإذ كان هو المالك لهذه القطعة لأسبقيته في التسجيل، فقد أقام هذه الدعوى للحكم له بطلباته. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم الخبير تقريره عدل المطعون ضده الأول طلب إزالة المباني المقامة على الأرض محل النزاع إلى طلب تسليمها إليه مقابل دفع مائتي جنيه قيمة ما أحدثته هذه المباني من زيادة في ثمن الأرض. بتاريخ 8/ 1/ 1981 قضت المحكمة له بطلباته. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة مأمورية الزقازيق بالاستئناف رقم 56 سنة 24 القضائية طالبين إلغاءه ورفض الدعوى. ندبت المحكمة لجنة من ثلاث خبراء وبعد أن قدموا تقريرهم قضت بتاريخ 14/ 4/ 1982 بتعديل الحكم المستأنف إلى حدود المسطح الوارد بتقرير الخبراء المؤرخ 23/ 1/ 1982 وبتأييده فيما عدا ذلك. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لما قدره لما زاد في ثمن الأرض بسبب ما أقيم عليها من منشآت. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان في السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور ومخالفة القانون. وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا بأن صحيفة الدعوى رقم 2267 سنة 1974 مدني كلي الزقازيق المسجلة برقم 866 في 24/ 2/ 1975 إنما انصبت على القطعة رقم 33 ولم يسجل تصحيحها إلى رقم 32 إلا في سنة 1979 بعد تسجيل عقد شرائهما القطعة رقم 32 في سنة 1978 بحسن نية فلا يحتج بهذا التصحيح عليهما إذ ليس له أثر رجعي قبلهما، كما أن هذا التصحيح لم يقتصر على مجرد رقم القطعة حتى يمكن اعتباره تصحيحاً لخطأ مادي وإنما شمل الحدود أيضاً بما يجعله منصباً على عقار مغاير لما ورد بصحيفة الدعوى فلا يرتد أثر هذا التصحيح اللاحق إلى تاريخ تسجيل الصحيفة. ولما كانت قواعد الأفضلية بين التصرفات المسجلة هي من مسائل القانون التي تخرج عن دائرة البحث الفني للخبراء. فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يرد على هذا الدفاع القانوني وأقام قضاءه بثبوت الملكية للمطعون ضده الأول استناداً إلى ما قرره الخبراء من ارتداد أثر تسجيل التصحيح إلى تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى يكون معيباً بالقصور ومخالفة القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان ندب خبير في الدعوى هو مجرد وسيلة إثبات يقصد بها التحقق من واقع معين يحتاج الكشف عنه إلى معلومات فنية خاصة ولا شأن له بالفصل في نزاع قانوني أو الموازنة بين الآراء الفقهية لاختيار أحدها فهذا من صميم واجب القاضي لا يجوز له التخلي عنه لغيره. وكان ورود التصحيح في بيانات الأرض محل التصرف على حدودها فضلاً عن رقمها لا يعتبر تصويباً لخطأ مادي بل هو تغيير للمحل يجعله بمثابة تصرف جديد يجب تسجيله لتترتب أثاره القانونية من حيث نقل الملكية، ولا يحاج به الغير إلا من تاريخ تسجيله دون اعتداد بما سبق هذا التصحيح من تسجيل لسند التصرف أو تسجيل لصحيفة الدعوى المرفوعة بشأن صحته ونفاذه، وكان الطاعنان قد تمسكا أمام محكمة الاستئناف بأنه لا يجوز إسباغ أثر رجعي لتسجيل التصحيح وبالتالي لا يحاج به من تلقى بحسن نية حقاً عينياً على العقار قبل إجرائه، وأن التصحيح الذي يشمل رقم وحدود العقار لا يعتبر مجرد تصويب لخطأ مادي يجوز سحب أثره إلى تاريخ تسجيل العقد قبل هذا التصحيح بل يعتبر تغييراً للمبيع وهو دفاع يقوم على مسألة قانونية أولية يتوقف على حسمها الفصل في موضوع الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه إذ تخلى عن بحث هذا الدفاع مكتفياً بما أورده في مدوناته من أن "القول بأن التصحيح ليس له أثر رجعي قد تكفل بالرد عليه تقرير الخبراء المقدم للمحكمة والتي تطمئن إليه لابتنائه على أسس واقعية وقانونية سليمة" وكان ذلك التقرير قد أخذ بالأثر الرجعي لتسجيل التصحيح دون بيان الأساس القانوني لذلك - وما كان له أن يفعل - فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور ومخالفة القانون بما يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
ولما كان الموضوع صالحاً للفصل فيه، وكان البين من صحيفة الدعوى رقم 2267 سنة 1974 مدني كلي الزقازيق المسجلة برقم 866 في 24/ 2/ 1975 ومحرر التصحيح المسجل برقم 1108 في 27/ 2/ 1979 أن التغيير لم يقتصر على رقم قطعة الأرض بل شمل أيضاً بيان حدها البحري وكذلك أطوال الحدود الأربعة بما تتغير به ذاتية المبيع ولا يحاج به الطاعنان اللذان كسبا حقهما بتسجيل عقد شرائهما قبل إجراء ذلك التصحيح. فمن ثم يتعين إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.