أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 3 - صـ 1037

جلسة 8 من مايو سنة 1952
(155)
القضية رقم 151 سنة 20 قضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد الحميد وشاحي بك ومصطفى فاضل بك وعبد العزيز سليمان بك المستشارين.
شفعة. استخلاص المحكمة من قرائن مسوغة علم الشفيع بالبيع علماً حقيقياً. النعي عليها أنها اعتمدت على العلم الافتراضي في القضاء بسقوط حق الشفيع في الشفيعة. على غير أساس.
متى كانت المحكمة إذ قضت بسقوط حق الطاعنة في الشفعة قد قررت أنها تباشر أعمالها بواسطة زوجها وأولادها وأن مفاوضة حدثت بين المطعون عليهما وبين ابن الطاعنة وزوجها لأخذ الصفقة فرفضاها بعد أخذ الرأي، وأن أول من يؤخذ رأيه هي المدعية (الطاعنة) باعتبارها زوجة ووالدة وباعتبارها مالكة للمنزل المشفوع به، ثم عقبت المحكمة على ذلك بقولها إن المدعية (الطاعنة) كانت عالمة بصفة قاطعة بالبيع وشروطه اعتباراً من تاريخ معين وأن إعلان الرغبة قد جاوز الميعاد المحدد في القانون. إذ قررت المحكمة ذلك. فإنها تكون قد أقامت قضاءها على قرائن استخلصت منها استخلاصاً سائغاً علم الطاعنة علماً حقيقياً بالبيع وشروطه ويكون في غير محله النعي عليها بأنها اعتمدت على علم الطاعنة الافتراضي في القضاء بسقوط حقها.


الوقائع

في يوم 21 من مايو سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادرة في 15 من يناير سنة 1950 في الاستئناف رقم 270 سنة 66 ق - وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقيتها في العقارين المبينين بعريضة الدعوى بالشفعة وإلزام المطعون عليهما الأولين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن جميع درجات التقاضي.
وفي 23 و25 من مايو سنة 1950 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن، وفي 7 من يونيه سنة 1950 أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها. وفي 18 منه أودع المطعون عليهما الأولون مذكرة بدفاعهما مشفوعة بمستنداتها طلباً فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 9 من يوليه سنة 1950 أودعت الطاعنة مذكرة بالرد. ولم تقدم المطعون عليها الثالثة دفاعاً. وفي 10 من فبراير سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات. وفي 24 من إبريل سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث طلبت النيابة العامة استبعاد مذكرة المطعون عليهما الأولين لعدم ثبوت صدور توكيل منها للأستاذ أحمد مختار حسن المحامي الذي قدمت المذكرة عنهما باسمه، ثم صمم محامي الطاعنة والنيابة العامة على ما جاء بمذكرتيهما. والمحكمة قررت استبعاد مذكرة المطعون عليهما الأولين، وأرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

ومن حيث إن الوقائع تتحصل، حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، في أن بطريركية الأقباط الأرثوذكس أعلنت عن بيع العقار رقم 3 و4 بزقاق منصور بحارة زويلة بقسم الجمالية بالقاهرة بالمزاد. وفي 13 من ديسمبر سنة 1946 فتحت المزايدة، واشترك فيها برسوم حبشي زوج الطاعنة، ورست على غطاس جرجس سلامة بثمن مقداره 550 جنيهاً. وفي 13 من يناير سنة 1947 قرر هذا الأخير أنه كان يزايد لحساب المطعون عليهما الأولين، وأشرت البطريركية في أسفل هذا التقرير برسو المزاد عليهما، وبأن الباقي من الثمن قد دفع منهما في ذات اليوم. وفي 3 من إبريل سنة 1947 سلم إليهما العقار المبيع. وفي 17 إبريل سنة 1947 أنذرا الطاعنة برغبتهما في إقامة مبان على قطعة الأرض المذكورة، ونبها عليها، نظراً لأن منزلها يجاور هذه الأرض، باتخاذ الاحتياطات اللازمة لسلامة مبانيها. فردت عليهما الطاعنة في 28 من إبريل سنة 1947 تبدي رغبتها في أخذ الأرض بالشفعة، وتكلفهما أن يقدما لها عقد شرائهما - فأجاباها في 16 من مايو سنة 1947 بسقوط حقها في الشفعة بفوات المواعيد التي حددها القانون. فأقامت عليهما الدعوى رقم 3267 سنة 1947 أمام محكمة مصر الابتدائية تطلب أخذ العقار المبيع بالشفعة - وفي 8 من يونيه سنة 1948 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعى عليهما علم الطاعنة بالبيع قبل إبداء رغبتها في الشفعة بمدة تزيد على 15 يوماً، ولتنفي الطاعنة ذلك. وفي 9 من يونيه سنة 1949 قضت المحكمة بسقوط حق الطاعنة في أخذ العقار بالشفعة. فاستأنف هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر، وقيد استئنافها برقم 720 سنة 66 ق - وفي 15 من يناير سنة 1950 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه. فطعنت فيه الطاعنة بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب، حاصل أولها خطأ الحكم في تطبيق القانون من وجهين الأول - إذ اعتبر البيع المشفوع فيه بيعاً باتاً، مع أنه في حقيقته لا يعدو أن يكون إيجاباً لم يلحقه قبول، ذلك أنه مذكور في قائمة المزايدة أن رسو المزاد لا يعتبر قبولاً للبيع إلا بعد اعتماد المجلس الملي العام. ولم يقدم المطعون عليهما ما يفيد حصول هذا الاعتماد. والثاني إذ استنتج علم الطاعنة بالبيع من علم زوجها به، مع أن العمل الذي يتعد به ويترتب عليه سقوط الحق في الشفعة بتفويت المواعيد المحددة في القانون إنما هو العلم الحقيقي لا العلم الافتراضي.
ومن حيث إن هذا السبب مردود في الوجه الأول منه بأن الحكم قد حصل من تأشيرة البطريركية في 13 من يناير سنة 1947 في أسفل تقرير غطاس جرجس سلامه الذي كان يزايد لحساب المطعون عليهما، برسو المزاد عليهما، ومن دفعهما باقي الثمن، حصول الموافقة على نتيجة المزايدة. وبذلك يعتبر البيع باتاً من اليوم المذكور. على أن هذا الوجه مردود كذلك بأنه لا مصلحة للطاعنة منه، إذ لو صح زعمها بأن البيع لم ينعقد لما كانت دعواها بالشفعة مقبولة - أما الوجه الثاني فمردود بأن الحكم مقام على القرائن التي استخلصت منها المحكمة استخلاصاً سائغاً علم الطاعنة علماً حقيقياً بالبيع وشروطه. فقد جاء فيه أن الطاعنة تباشر أعمالها بواسطة زوجها وأولادها، وأن مفاوضة حدثت بين المطعون عليهما وبين ابن الطاعنة وزوجها لأخذ الصفقة فرفضاها بعد أخذ الرأي، ولا شك أن أول من يؤخذ رأيه هي المدعية (الطاعنة) باعتبارها زوجة ووالدة وباعتبارها مالكة للمنزل المشفوع به - وقد عقبت المحكمة على ذلك بقولها "أنه متى ثبت لها من الملابسات أن المدعية كانت عالمة بصفة قاطعة بالبيع وشرائطه اعتباراً من 13 من ديسمبر سنة 1946 على الأقل، وعلى أسوأ الفروض اعتباراً من 18 من مارس سنة 1947 فيكون إعلان الرغبة منها جاء متأخراً كثيراً وجاوز الميعاد المحدد في القانون، مما يسقط حقها في الأخذ بالشفعة". ومنه يبين أن المحكمة إنما اعتدت بعلم الطاعنة الحقيقي بالبيع وشروطه.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في مخالفة الحكم لما هو ثابت بأوراق الدعوى، ذلك أنه مقام على علم الطاعنة بالبيع مع أنه ليس في أوراق الدعوى ما يفيد حصول موافقة المجلس الملي العام على نتيجة رسو المزاد على المطعون عليهما حتى يعتبر البيع تاماً. ويتحصل السبب الثالث في قصور الحكم في التسبيب إذ لم يبين كيف علمت الطاعنة بالبيع مع أن العلم الافتراضي لا يصلح في هذا الخصوص.
ومن حيث إن هذين السببين ليسا إلا ترديداً لما هو وارد بالسبب الأول فإنهما يكونان مثله مردودين لذات الاعتبارات السابق بيانها.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.