أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 3 - صـ 1063

جلسة 15 مايو سنة 1952
(161)
القضية رقم 172 و179 سنة 20 قضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وسيلمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك وأحمد العمروسي بك المستشارين.
شفعة. الشفيع يعتبر من الغير بالنسبة إلى البائع والمشتري. حقه في التمسك بالعقد الظاهر دون العقد المستتر. شرط الاحتجاج عليه بالعقد المستتر.
إن الشفيع بحكم أنه صاحب حق في أخذ العقار بالشفعة هو - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - من طبقة الغير بالنسبة إلى الطرفين المتعاقدين البائع والمشتري. فله أن يتمسك بالعقد الظاهر دون العقد المستتر ومن ثم لا يجوز أن يحاج بالعقد المستور إلا إذا كان هذا العقد مسجلاً أو كان هو عالماً بصورية العقد الظاهر أو بوجود ورقة ضد وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه قد خالف مقتضى هذه القاعدة وقضى بعدم جواز أخذ العقارات المبيعة بالشفعة تأسيساً على أن عقد البيع ليس في حقيقته إلا عقداً ساتراً لهبة فلا تجوز فيه الشفعة، وكان هذا الخطأ قد صرف المحكمة عن بحث ما دفع به المطعون عليهما دعوى الطاعنين من أن حقهما في الشفعة قد سقط لمضي المدة القانونية من تاريخ العلم بالبيع، لما كان ذلك، وكان الحكم متعين النقض.


الوقائع

في يوم 10 من يونيه سنة 1950 طعنت السيدة وفيقة محمد بدوي وآخرون بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 23 من مارس سنة 1950 في الاستئناف رقم 111 سنة 5 ق - وذلك بتقرير طلبوا فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً بأحقية الطاعنين في أخذ الاثنى عشر قيراطاً المبيعة شيوعاً في العقارات المبينة بعريضة الدعوى وبإنذار الشفعة مقابل دفع مبلغ الثمن وقدره 8500 جنيه ومصروفات وأتعاب تحرير عقد البيع. واحتياطياً إحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى على أساس أن العقد المسجل في 23 فبراير سنة 1948 تحت رقم 1271 والصادر من المطعون عليه الثاني للأول هو عقد بيع في حقيقته وجوهره وإلزام المطعون عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقيد هذا الطعن برقم 172 سنة 20 ق. وفي 14 و18 من يونيه سنة 1950 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن. وفي أول يوليه سنة 1950 أودع الطاعنون أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهم - وفي 12 منه أودع المطعون عليهما مذكرة بدفاعهما مشفوعة بمستنداتهما طلبا فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 20 من فبراير سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ونقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة استئناف الإسكندرية للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهما بالمصروفات. وفي يوم 12 من يونيه سنة 1950 طعنت أيضاً السيدة وفيقة محمد بدوي وآخرون بطريق النقض في نفس الحكم وذلك بتقرير طلبوا فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقيد هذا الطعن برقم 179 سنة 20 ق وفي 15 و16 من يونيه سنة 1950 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن. وفي 3 من يوليه سنة 1950 أودع الطاعنون أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهم وشهادة من قلم كتاب محكمة النقض بإيداع صورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه في الطعن رقم 172 سنة 20 ق وفي 12 منه أودع المطعون عليهما مذكرة بدفاعهما مشفوعة بمستنداتهما طلبا فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنين بالمصروفات - وفي 7 من أغسطس سنة 1950 أودع الطاعنون مذكرة بالرد.
وفي 20 من مارس سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ونقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة استئناف الإسكندرية للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهما بالمصروفات. وفي أول مايو سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما القانونية.
ومن حيث إنهما واردان على حكم واحد وبين ذات الخصوم فيتعين ضم الطعن الثاني إلى الأول.
ومن حيث إن وقائعهما - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه - تتحصل في أنه في 18 من مارس سنة 1948 وجه الطاعنون إلى المطعون عليهما إنذار يتضمن إظهار رغبتهم في أن يأخذوا بالشفعة العقارات الموضحة به وهي التي باعها المطعون عليه الثاني إلى المطعون عليه الأول بثمن مقداره 8500 جنيه وقال الطاعنون إنهم علموا بالبيع في 12 من مارس سنة 1948 - ثم أقاموا دعوى الشفعة فقضت محكمة أول درجة برفضها تأسيساً على أن عقد البيع سببها ليس في حقيقته إلا عقداً ساتراً لهبة ومن ثم لا تجوز فيه الشفعة فاستأنفه الطاعنون فأيدته محكمة الاستئناف دون أن ترى حاجة لبحث ما دفع به المطعون عليهما دعوى الطاعنين من أن حقهم في طلب الشفعة قد سقط بمضي المدة القانونية من تاريخ العلم بالبيع - فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم في الطعن الثاني أنه إذ قرر أن الشفعة غير جائزة في الهبة ولو كان عقدها موصوفاً بصفة بيع، وإذ رتب على تقريره هذا قضاءه برفض دعوى الطاعنين بحجة أن العقد المبرم في 15 من يناير سنة 1948 والمسجل في 23 من فبراير سنة 1948 - وهو سبب الشفعة - هو في حقيقته هبة مستورة صادرة من الأب - البائع - إلى خطيب ابنته - المشتري - إذ قضى الحكم بذلك أخطأ في القانون ذلك أن للشفعاء وهم من طبقة الغير أن يتمسكوا بالعقد الظاهر على اعتبار أنه بيع تجوز فيه الشفعة دون أن يكون للمشتري أن يتمسك قبلهم بورقة ضد تكشف عن أن حقيقة العقد هبة مستورة.
ومن حيث إن الشفيع بحكم أنه صاحب حق في أخذ العقار بالشفعة هو على ما جرى به قضاء هذه المحكمة من طبقة الغير بالنسبة إلى الطرفين المتعاقدين - البائع والمشتري - فله أن يتمسك بالعقد الظاهر دون العقد المستتر ومن ثم لا يجوز أن يحاج بالعقد المستور إلا إذا كان هذا العقد مسجلاً أو كان هو عالماً بصورية العقد الظاهر أو بوجود ورقة ضد - ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف مقتضى هذه القاعدة، وكان هذا الخطأ قد صرف المحكمة عن بحث ما دفع به المطعون عليهما دعوى الطاعنين من أن حق الأخيرين في الشفعة قد سقط لمضي المدة القانونية من تاريخ العلم بالبيع، لما كان ذلك، وكان الحكم متعين النقض دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعنين - مع إلزام الطاعنين بمصروفات الطعن الأول والمطعون عليهما بمصروفات الطعن الثاني إذ كان يكفي لتحقيق غرض الطاعنين رفع طعن واحد عن الحكم يضمنونه كل أسباب طعنهم فيه.