أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 47 - صـ 284

جلسة الأول من فبراير سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حماد الشافعي، إبراهيم الضهيري، حسين دياب وفتحي قرمة نواب رئيس المحكمة.

(58)
الطعنان رقما 4834، 4843 لسنة 64 القضائية

(1 - 3) "تعويض. تقادم "تقادم مسقط". محكمة موضوع. نقض. عمل.
(1) دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع. سقوطها بالتقادم المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني. بدء سريانه من تاريخ العلم الحقيقي بوقوع الضرر وشخص المسئول عنه.
(2) استخلاص علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه. استقلال قاضي الموضوع به. لمحكمة النقض بسط رقابتها متى كانت أسباب الاستخلاص ليس من شأنها أن تؤدي عقلاً إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم.
(3) قيام النزاع حول المطالبة بالترقية. عدم اعتبارها مانعاً من سريان التقادم بالنسبة للتعويض الذي يرجع به العامل على الشركة بسبب تخطيه في الترقية. علة ذلك. هذا النزاع لا يحول دون المطالبة بالتعويض لتغاير الحقين وتغاير مصدرهما.
(4) نقض "أثر نقض الحكم".
نقض الحكم كلياً. أثره.
1 - لما كانت المادة 172 من القانون المدني إذ تجري عبارة الفقرة الأولى منها بأنه "..." فإن المراد بالعلم لبدء سريان التقادم الثلاثي المستحدث بهذا النص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو العلم الحقيقي الذي يحيط بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه باعتبار أن انقضاء ثلاث سنوات من يوم هذا العلم ينطوي على تنازل المضرور عن حق التعويض الذي فرضه القانون على الملتزم دون إرادته مما يستتبع سقوط دعوى التعويض بمضي مدة التقادم.
2 - استخلاص علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه هو من المسائل المتعلقة بالواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع إلا أن لمحكمة النقض أن تبسط رقابتها متى كانت الأسباب التي بنى عليها الحكم استخلاصه ليس من شأنها أن تؤدي عقلاً إلى النتيجة التي خلص إليها.
3 - قيام نزاع حول مطالبة المطعون ضده بالترقية لا تعتبر مانعاً من سريان التقادم بالنسبة للتعويض الذي يرجع به المطعون ضده على الطاعن بسبب تخطيه في الترقية إذ أن هذا النزاع لم يكن ليحول دون المطالبة بالتعويض لتغاير الحقين وتغاير مصدرهما.
4 - نقض الحكم المطعون فيه يترتب عليه زواله واعتباره كأن لم يكن فإن الطعن الحالي يكون قد زال محله ولم تعد هناك خصومة بين طرفيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده في الطعن رقم 4843 لسنة 64 ق أقام الدعوى رقم 805 لسنة 1991 عمال جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعن في الطعن المذكور - بنك مصر - طالباً الحكم بإلزامه بأن يدفع له تعويضاً قدره 211400 جنيه وقال بياناً لذلك إنه لتخطي الطاعن له في الترقية فقد أقام الدعوى رقم 1144 لسنة 1981 عمال جنوب القاهرة الابتدائية وقضي له فيها بتاريخ 18/ 1/ 1986 بالترقية المطالب بها فاستأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 395 لسنة 103 ق القاهرة وبتاريخ 22/ 5/ 1991 حكمت المحكمة بسقوط حق البنك في الطعن بالاستئناف، كما أنه لقيام الطاعن بتقدير كفايته من عام 1976 بتقدير جيد فقد أقام الدعوى رقم 525 لسنة 1983 عمال جنوب القاهرة الابتدائية بطلب انعدام ذلك التقدير، وبتاريخ 26/ 11/ 1984 حكمت المحكمة في تلك الدعوى بطلباته، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 15 لسنة 102 ق القاهرة وقضي استئنافياً بتاريخ 22/ 5/ 1991 بتأييد الحكم المستأنف، وإذ أصابه من جراء ذلك أضراراً مادية وأدبية فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 27/ 2/ 1993 بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغ عشرين ألف جنيه استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 536 لسنة 110 ق القاهرة كما استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم 535 لسنة 110 ق القاهرة، وبعد أن أمرت المحكمة بضمهما حكمت بتاريخ 29/ 3/ 1994 برفضهما وتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 4843 لسنة 64 ق وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، كما طعن فيه المطعون ضده بطريق النقض بالطعن رقم 4834 لسنة 64 ق وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض ذلك الطعن فقررت المحكمة بجلسة 4/ 1/ 1996 ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد وحددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها في الطعنين.

أولاً: عن الطعن رقم 4843 لسنة 64 ق:

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول إنه دفع أمام محكمة الاستئناف بسقوط حق المطعون ضده في طلب التعويض بالتقادم طبقاً للمادة 172/ 1 من القانون المدني لعدم إقامته الدعوى في خلال ثلاث سنوات من تاريخ علمه بالضرر وبالشخص المسئول عنه، إذ توافر العلم اليقيني للمطعون ضده بحدوث الضرر وبشخص فاعله في 18/ 1/ 1986 تاريخ صدور الحكم لصالحه بالترقية في الدعوى رقم 1144 لسنة 1981 عمال جنوب القاهرة الابتدائية بينما أقام دعوى التعويض في 4/ 8/ 1991 أي بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات فإن دعواه تكون قد سقطت بالتقادم وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بالتقادم تأسيساً على أن علم المطعون ضده اليقيني بالضرر ومحدثه لم يتحقق إلا من تاريخ الحكم في دعوى الترقية بسقوط الحق في الاستئناف الصادر بتاريخ 22/ 5/ 1991 فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي صحيح ذلك أنه لما كانت المادة 172 من القانون المدني إذ تجري عبارة الفقرة الأولى منها بأنه "تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه. وتسقط هذه الدعوى في كل حال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع" فإن المراد بالعلم لبدء سريان التقادم الثلاثي المستحدث بهذا النص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو العلم الحقيقي الذي يحيط بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه باعتبار أن انقضاء ثلاث سنوات من يوم هذا العلم ينطوي على تنازل المضرور عن حق التعويض الذي فرضه القانون على الملتزم دون إرادته مما يستتبع سقوط دعوى التعويض بمضي مدة التقادم، ولئن كان استخلاص علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه هو من المسائل المتعلقة بالواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع إلا أن لمحكمة النقض أن تبسط رقابتها متى كانت الأسباب التي بنى عليها الحكم استخلاصه ليس من شأنها أن تؤدي عقلاً إلى النتيجة التي خلص إليها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدفع المبدى من الطاعن بسقوط دعوى التعويض بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني بمقولة إن علم المطعون ضده اليقيني بالضرر وبمن أحدثه لم يتحقق إلا من تاريخ الحكم في دعوى الترقية بسقوط الحق في الاستئناف الصادر بتاريخ 22/ 5/ 1991 رغم انتفاء التلازم الحتمي بين الأمرين إذ أن قيام نزاع حول مطالبة المطعون ضده بالترقية لا تعتبر مانعاً من سريان التقادم بالنسبة للتعويض الذي يرجع به المطعون ضده على الطاعن بسبب تخطيه في الترقية إذ أن هذا النزاع لم يكن ليحول دون المطالبة بالتعويض لتغاير الحقين وتغاير مصدرهما فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث السبب الثاني على أن يكون مع النقض الإحالة.

ثانياً: الطعن رقم 4834 لسنة 64 ق:

وحيث إنه لما كان الثابت من الحكم الصادر في الطعن السالف رقم 4843 لسنة 64 ق المقام من البنك طعناً على الحكم المطعون فيه أن المحكمة قضت بنقض هذا الحكم نقضاً كلياً والإحالة وكان نقض الحكم المطعون فيه يترتب عليه زواله واعتباره كأن لم يكن فإن الطعن الحالي يكون قد زال محله ولم تعد هناك خصومة بين طرفيه مما يتعين معه القضاء باعتبارها منتهية.