أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1893

جلسة 22 من ديسمبر سنة 1983

برئاسة السيد المستشار عاصم المراغي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين مصطفى صالح سليم نائب رئيس المحكمة، إبراهيم زغو، محمد العفيفي وشمس ماهر.

(372)
الطعن رقم 195 لسنة 50 القضائية

1، 2، 3 - إثبات "التزام الخصم بتقديم ورقه". نقض "أسباب الطعن" "الأسباب الموضوعية".
1 - إجابة الخصم إلى طلب إلزام خصمه بتقديم محرر تحت يده. شرطه.
2 - انتهاء الحكم المطعون فيه إلى عدم وجود دلائل تكفي للقول بوجود المستندات تحت يد المطعون ضدها. المنازعة في ذلك. جدل موضوعي. عدم جواز إبدائه أمام محكمة النقض.
3 - انتهاء الحكم المطعون فيه إلى عدم جدية إدعاء الطاعنة بوجود مستندات تحت يد المطعون ضدها. أثره. لا محل لإعمال الفقرة الثانية من المادة 23 إثبات.
4 - إثبات "طرق الإثبات". حكم "حجية الحكم".
الحكم بتحقيق الدعوى. ما يثيره من وجهات نظر قانونية وافتراضات موضوعية. لا يحوز حجية طالما لم يتضمن حسماً لخلاف بين الخصوم. جواز العدول عنه.
5 - إثبات "طرق الإثبات: الإقرار: "الإقرار القضائي".
الإقرار القضائي. شرطه. طلب محامي المطعون ضدها التأجيل لتقديم مستندات أمام الخبير لا يعد إقراراً بحق الطاعنة في طلباتها بإلزام المطعون ضدها بتقديم المستندات.
6 - الأعمال التجارية. إثبات "إجراءات الإثبات". محكمة الموضوع.
الاستدلال على التاجر بدفاتره ليس حقاً لخصمه. لمحكمة الموضوع رفض إجابته.
1 - من المقرر أنه يشترط لإجابة المحكمة الخصم إلى طلبه إلزام خصمه بتقديم أي محرر منتج في الدعوى يكون تحت يده في الحالات التي بينتها المادة 20 من قانون الإثبات أن يثبت لديها من الدلائل التي قدمها والظروف التي أبرزها أن المحرر تحت يد خصمه.
2 - إذ كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد خلص إلى عدم وجود دلائل تكفي للقول بوجود المستندات تحت يد المطعون ضدها فإن مجادلة الشركة الطاعنة في ذلك تغدو جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يجوز التحدي به أمام محكمة النقض.
3 - إذ كان مؤدى ما انتهت إليه المحكمة الاستئنافية من أن إدعاء الشركة الطاعنة بوجود تلك المستندات تحت يد المطعون ضدها غير جدي فلا على الحكم المطعون فيه إن لم يعمل الفقرة الثانية من المادة 23 من قانون الإثبات والتي توجب أن يحلف المنكر يميناً بأن المحرر لا وجود له أو إنه لا يعلم وجوده ولا مكانه وإنه لم يخفه أو لم يهمل البحث عنه ليحرم خصمه من الاستدلال به طالما خلصت المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية إلى عدم وجود هذه المستندات تحت يد المطعون ضدها.
4 - من المقرر أن الحكم بتحقيق الدعوى سواء كان بندب خبير أو بأي طريق آخر لا يحوز حجية بالنسبة لما يثيره من وجهات نظر قانونية وافتراضات موضوعية ما دام لم يتضمن حسماً لخلاف بين الخصوم، ويجوز العدول عنه بالالتفات عما تضمنه من أراء قانونية وافتراضات واقعية بقصد إنارة الطريق أمام تحقيق المأمورية حتى تتهيأ الدعوى للفصل في موضوعها.
5 - يشترط في الإقرار القضائي أن يكون صادراً من الخصم عن قصد الاعتراف بالحق المدعي به لخصمه وفي صيغة تفيد ثبوت الحق المقر به على سبيل اليقين والجزم مما لا يكون معه طلب محامي المطعون ضدها التأجيل لتقديم مستندات أمام الخبير إقرار بحق الطاعنة في طلباتها بإلزام المطعون ضدها بتقديم المستندات.
6 - من المقرر أن الاستدلال على التاجر بدفاتره ليس حقاً مقرراً لخصم التاجر واجب على المحكمة إنالته إياه متى طلبه بل الشأن فيه أنه أمر جوازي إن شاءت أجابته أو أطرحته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 511 سنة 72 مدني كلي جنوب القاهرة على الشركة المطعون ضدها بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي لها مبلغ 3699.804 ج والفوائد بواقع 4% وقالت بياناً لها إن هذا المبلغ يمثل قيمة إصلاح سيارات عملاء المطعون ضدها ولم تقم بالوفاء به رغم مطالبتها بذلك مما حدا بها إلى إقامة دعواها بطلباتها سالفة الذكر. قضت محكمة أول درجة بتاريخ 24/ 4/ 77 برفض الدعوى - استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 2601 س 49 ق وبعد أن ندبت محكمة استئناف القاهرة خبيراً في الدعوى لفحص دفاتر وأوراق المطعون ضدها قضت بجلسة 29/ 11/ 1978 بعد أن قدم الخبير تقريره بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الشركة الطاعنة بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من شقين وفي بيان الشق الأول تقول إنها كانت قد طلبت من محكمة الموضوع الحكم بإلزام الشركة المطعون ضدها بتقديم المكاتبات الخاصة وأصول المقايسات الموقع عليها منها والموجودة تحت يد هذه الشركة عملاً بالمادة 20 من قانون الإثبات رقم 25 سنة 68 إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الطلب تأسيساً على عدم وجود دلائل تكفي بوجودها لدى المطعون ضدها مهدراً بذلك دليلاً كتابياً قاطعاً في الإثبات وهو توقيع هذه الشركة على أصول هذه المقايسات وفي بيان الشق الثاني تقول الطاعنة أنه إذ لم تقم المحكمة الاستئنافية بتوجيه اليمين المنصوص عليها في المادة 23/ 2 من هذا القانون للمثل القانوني للشركة المطعون ضدها فإنها تكون قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود بشقيه إذ أن من المقرر أنه يشترط لإجابة المحكمة الخصم إلى طلب إلزام خصمه بتقديم أي محرر منتج في الدعوى يكون تحت يده في الحالات التي بينتها المادة 20 من قانون الإثبات المشار إليه أن يثبت لديها من الدلائل التي قدمها والظروف - التي أبرزها أن المحرر تحت يد خصمه، وكان تقدير تلك الدلائل والمبررات هو نظر موضوعي متعلق بتقدير الأدلة مما يستقل به قاضي الموضوع وإنه لما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد خلص إلى عدم وجود دلائل تكفي للقول بوجود المستندات تحت يد المطعون ضدها فإن مجادلة الشركة الطاعنة في ذلك تغدو جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يجوز التحدي به أمام محكمة النقض والنعي بالشق الثاني مردود إذ أن مؤدى ما انتهت إليه المحكمة الاستئنافية من أن إدعاء الشركة الطاعنة بوجود تلك المستندات تحت يد المطعون ضدها غير جدي فلا على الحكم المطعون فيه إن لم يعمل الفقرة الثانية من المادة 23 من قانون الإثبات والتي توجب أن يحلف المنكر يميناً بأن المحرر لا وجود له أو إنه لا يعلم وجوده ولا مكانه وإنه لم يخفه أو لم يهمل البحث عنه ليحرم خصمه من الاستدلال به طالما خلصت المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية إلى عدم وجود هذه المستندات تحت يد المطعون ضدها ويغدو النعي بهذا الوجه بشقيه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثالث من السبب الأول وبالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه إذ خلص إلى عدم وجود دلائل تكفي لوجود هذه المستندات لدى المطعون ضدها فإنه يكون قد خالف حجية الحكم الصادر من هذه المحكمة قبل الفصل في الموضوع بجلسة 14/ 6/ 1978 والذي قطع بوجودها لديها مما يعيبه بالخطأ في القانون كما خالف أيضاً ما انتهى إليه في هذا الخصوص الثابت بالأوراق بإهداره دلالة الإقرار القضائي الصادر من محامي الشركة المطعون ضدها أمام خبير الدعوى بطلب تأجيل الدعوى لتقديم هذه المستندات فضلاً عن أن ما سطره هذا الحكم في مدوناته من أن الشركة الطاعنة تحرص على الاحتفاظ بأصول هذه المقايسات مما يعيبه أيضاً بالفساد في الاستدلال أدى به إلى مخالفة حجية الحكم الصادر في 14/ 6/ 1978.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك إنه لما كان من المقرر أن الحكم بتحقيق الدعوى سواء كان بندب خبير أو بأي طريق آخر لا يحوز حجية بالنسبة لما يثيره من وجهات نظر قانونية واعتراضات موضوعية ما دام لم يتضمن حسماً لخلاف بين الخصوم، ويجوز العدول عنه بالالتفات عما تضمنه من أراء قانونية واعتراضات واقعية بقصد إنارة الطريق أمام تحقيق المأمورية حتى تتهيأ الدعوى للفصل في موضعها. وإذ تبين من الصورة الرسمية من مدونات الحكم التمهيدي الصادر بجلسة 14/ 6/ 1978 والمقدم بحافظة مستندات الطاعنة أنه أقام قضاءه "بأنه وقد ظهر من طريقا التعامل بين طرفي الدعوى أن الشركة المستأنفة تقدم للعميل لدى الشركة المستأنف عليها المقايسة لاعتمادها من الشركة الأخيرة ثم تعرضها على الشركة لتنفيذ الإصلاحات ثم ترسلها الأخيرة مع الفاتورة على الشركة المستأنف عليها لتقوم الأخيرة بالصرف بما يشير إلى أن المقايسات والفواتير الخاصة بالمطالبة إنما تسلم من الشركة المستأنفة إلى الشركة المستأنف عليها وتكون لدى الأخيرة وذلك بعد أن يثبت في دفاتر الشركة المستأنفة وإذ بان من مطالعة الأوراق أن الشركة المستأنفة قدمت حافظة تضمنت خطابات مرسلة منها إلى الشركة المستأنف عليها تثبت أرقام المقايسات والفواتير والمبالغ المستحقة وتوقيعها عليها باستلام الأصل والمرفقات من الموظف المختص الأمر الذي يشير إلى إرسال المقايسات إلى الشركة المستأنف عليها وأن الخبير لم يفحص دفاتر الشركة المستأنف عليها في هذا الخصوص توصلاً للحقيقة الأمر الذي يتعين معه إعادة الدعوى للخبير لفحصها" فإن هذا القضاء لم يحسم أمراً في خصومة الطرفين بما لا يجوز معه ثمة حجية ويجوز العدول عنه والالتفات عما تضمنه من رأي موضوعي بما لا يكون الحكم المطعون فيه قد خالف في أمر فصل فيه قطعياً الحكم الصادر بجلسة 14/ 6/ 1978 ويكون النعي عليه بمخالفة القانون والتناقض المبطل غير سديد؛ وإذ كان يشترط في الإقرار القضائي أن يكون صادراً من الخصم عن قصد الاعتراف بالحق المدعي به لخصمه وفي صيغة تفيد ثبوت الحق المقر به على سبيل اليقين والجزم بما لا يكون معه طلب محامي المطعون ضدها التأجيل لتقديم مستندات أمام الخبير إقراراً بحق الطاعنة في طلباتها بإلزام المطعون ضدها بتقديم المستندات فلا على الحكم المطعون فيه إن التفت عن دلالة طلب التأجيل أمام الخبير أو الرد عليه لأنه دفاع ظاهر الفساد ولا يستأهل رداً وإذ لم يشب العبارة التي سطرها الحكم المطعون فيه من أن الشركة الطاعنة حرصت على الاحتفاظ بأصول المستندات فساد في الاستدلال فإن النعي عليها في هذا الخصوص والنعي بمخالفته الثابت في الأوراق ومخالفته حجية الحكم الصادر في 14/ 6/ 1978 يكون في غير محله.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول أنها كانت قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بطلب إلزام المطعون ضدها بتقديم دفاترها التجارية إلا أن المحكمة الاستئنافية رفضت ذلك مستندة إلى أن هذا الأمر جوازي لها ولأن هذه الدفاتر خاصة بوقائع مضى عليها مدة تزيد على العشر سنوات ولا تلزم الشركة المطعون ضدها الاحتفاظ بها حالة أن هذه المدة لم تكن قد انقضت بعد وإذ كان ما خلص إليه الحكم في هذا الخصوص غير سائغ فإنه يكون قد أخطأ في القانون برفضه لهذا الطلب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن من المقرر أن الاستدلال على التاجر بدفاتره ليس حقاً مقرراً لخصم التاجر واجب على المحكمة إنالته إياه متى طلبه بل الشأن فيه أنه أمر جوازي إن شاءت أجابته أو أطرحته، ولا يغير من هذا النظر قول الطاعنة إنه لم تنقض عشر سنوات على الدفاتر التجارية المراد الاستدلال بها حالة أن الحكم قرر بانقضاء هذه المدة إذ أن تقرير الحكم ذلك ما هو إلا استطراد زائد يستقيم الحكم في هذا الخصوص بدونه ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يتعين رفض الطعن