أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 39 - صـ 1375

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ يحيى الرفاعي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود شوقي - نائب رئيس المحكمة، أحمد مكي، محمد وليد الجارحي ومحمود رضا الخضيري.

(234)
الطعن رقم 1990 لسنة 54 قضائية

عقد "تحديد نطاق العقد". تأمين "عقد التأمين".
مسئولية "المسئولية العقدية". تقادم.
تحديد نطاق العقد. مفاده. عدم الاقتصار على إلزام المتعاقد بما ورد فيه من التزامات إنما يضاف إليه ما يعتبر من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة وما يوجبه حسن النية فحسب. مؤدى ذلك. عدم التزام المؤمن له في عقد التأمين بأن يدفع دعوى المضرور بالتقادم طالما لا يوجد نص صريح في القانون أو في الوثيقة يقضى به. علة ذلك. م 148 مدني، ق 652 لسنة 55 في شأن التأمين الإجباري من حوادث السيارات.
لئن كان مفاد نص المادة 148 من القانون المدني أن تحديد نطاق العقد لا يقتصر على إلزام المتعاقد بما ورد فيه على وجه التخصيص والإفراد وإنما يضاف إليه ما يعتبر من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام، كما يجب تنفيذ هذا الالتزام بما يوجبه حسن النية ومؤدى ذلك أن طبيعة الالتزامات الناشئة عن عقد التأمين الإجباري من المسئولية تستلزم من المؤمن له أن يبذل ما في وسعه لدفع الضرر محل التأمين والتخفيف منه إذا وقع - وهو ما يقتضي الالتزام بدفع دعوى المضرور بما يوجبه حسن النية من عناية، وعدم التفريط أو الإهمال في دفعها - إلا أن هذا الالتزام لا يتسع للدفع بالتقادم ذلك أن الأصل في هذا الدفع أنه مجرد رخصة شخصية يتصل استعمالها اتصالاً وثيقاً بضمير المدين ويتوقف على اطمئنانه إلى عدم انشغال ذمته بالدين وعدم تحرجه من هذا الاستعمال ومن ثم لا يكون ملزماً باستعمال هذه الرخصة إلا بنص صريح في القانون - كالشأن فيما نصت عليه المادة 387 من القانون المدني - أو بنص صريح في العقد وإذ كانت نصوص القانون 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري وشروط الوثيقة موضوع الدعوى قد خلت من إلزام المؤمن له باستعمال هذه الرخصة، وكان المطعون ضده لم يستعملها في دفع دعوى المضرور فإنه لا يكون في ذلك مخلاً بالتزاماته الناشئة من عقد التأمين الإجباري، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون أو شابه قصور في التسبيب ويكون النعي عليه بذلك على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى 2749 لسنة 1982 مدني الزقازيق الابتدائية على شركة التأمين الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع إليه مبلغ سبعة آلاف جنيه، وقال بياناً لدعواه أنه قضى عليه في الدعوى 3882 لسنة 1980 مدني الزقازيق الابتدائية واستئنافها بأن يدفع ذلك المبلغ تعويضاً إلى المضرورين من حادث وقع من سيارته المؤمن عليها تأميناً إجبارياً لدى الشركة الطاعنة فدفعه إليهم، وإذ يحق له بموجب عقد التأمين الرجوع عليها بما دفع فقد أقام دعواه بالطلب السالف، ومحكمة أول درجة حكمت في 27/ 12/ 1983 بهذا الطلب، استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف 102 لسنة 27 ق المنصورة ومحكمة الاستئناف حكمت في 7/ 5/ 1984 بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الشركة الطاعنة بسببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب ذلك أنها تمسكت بأنه لا يحق للمطعون ضده أن يرجع عليها بما أوفاه بعد أن أهمل في الدفاع في دعوى التعويض التي رفعها المضرورون عليه إذ لم يتمسك بسقوطها بالتقادم الثلاثي، فأطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع تأسيساً على أن وثيقة التأمين خلت من شرط يلزم المؤمن له بذلك في حين أن نطاق عقد التأمين وواجب حسن النية في تنفيذه يستوجبان أن يتمسك بالتقادم.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المادة 148 من القانون المدني وإن نصت على أنه "يجب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية ولا يقتصر العقد على إبرام المتعاقد بما ورد فيه ولكن يتناول أيضاً ما هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام" مما مفاده أن تحديد نطاق العقد لا يقتصر على إلزام المتعاقد بما ورد فيه على وجه التخصيص والإفراد وإنما يضاف إليه ما يعتبر من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام، كما يجب تنفيذ هذا الالتزام بما يوجبه حسن النية ومؤدى ذلك أن طبيعة الالتزامات الناشئة عن عقد التأمين الإجباري من المسئولية تستلزم من المؤمن له أن يبذل ما في وسعه لدفع الضرر محل التأمين والتخفيف منه إذا وقع - وهو ما يقتضي الالتزام بدفع دعوى المضرور بما يوجبه حسن النية من عناية، وعدم التفريط أو الإهمال في دفعها - إلا أن هذا الالتزام لا يتسع للدفع بالتقادم، ذلك أن الأصل في هذا الدفع أنه مجرد رخصة شخصية يتصل استعمالها اتصالاً وثيقاً بضمير المدين ويتوقف على اطمئنانه إلى عدم انشغال ذمته بالدين وعدم تحرجه من هذا الاستعمال ومن ثم لا يكون ملزماً باستعمال هذه الرخصة إلا بنص صريح في القانون - كالشأن فيما نصت عليه المادة 387 من القانون المدني - أو بنص صريح في العقد، وإذ كانت نصوص القانون 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري وشروط الوثيقة موضوع الدعوى قد خلت من إلزام المؤمن له باستعمال هذه الرخصة، وكان المطعون ضده لم يستعملها في دفع دعوى المضرور فإنه لا يكون في ذلك مخلاً بالتزاماته الناشئة عن عقد التأمين الإجباري، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون أو شابه قصور في التسبيب ويكون النعي عليه بذلك على غير أساس.