أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 39 - صـ 1439

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ د. جمال الدين محمود - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ منصور حسين عبد العزيز، أحمد طارق البابلي - نائبي رئيس المحكمة، محمد السعيد رضوان وعزت البنداري.

(246)
الطعن رقم 1734 لسنة 51 ق

(1) نقض "أسباب النقض". "السبب الجديد".
التمسك أمام محكمة النقض لأول مرة بسبب قانوني متعلق بالنظام العام. شرطه. أن تكون عناصره الموضوعية مطروحة على محكمة الموضوع.
(2) قانون "سريان القانون".
المراكز القانونية التي نشأت في ظل القانون القديم. خضوعها له في آثارها وانقضائها.
(3) تأمينات اجتماعية "إصابة العمل".
إصابة العمل. المقصود بها. ق 63 لسنة 1964 الهبوط الحاد في القلب لا يعد إصابة عمل لأنها لا تتسم بالمباغتة ولا يدخل في عداد الأمراض المهنية.
1- لما كان التمسك أمام محكمة النقض بسبب من الأسباب القانونية المتعلقة بالنظام العام شرطه أن يكون لدى محكمة الموضوع عند الحكم في الدعوى عناصر الإلمام بهذا السبب.
2- المقرر في قضاء هذه المحكمة عدم سريان القانون بوجه عام إلا على الوقائع والمراكز القانونية التي تحدث أو نشأت في ظله.
3- المقصود بإصابة العمل وفقاً لنص الفقرة "د" من المادة الأولى من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 - الإصابة بأحد الأمراض المهنية المبينة بالجدول رقم "1" الملحق به أو الإصابة نتيجة حادث وقع بغتة بفعل قوة خارجية أثناء العمل أو بسببه. ومس جسم العامل وأحدث به ضرراً...... فإن الإصابة بهبوط حاد في القلب لا تعد إصابة عمل في مفهوم قانون التأمينات الاجتماعية المشار إليه لأنها لا تتسم بالمباغتة كما أنها لا تدخل في عداد الأمراض المهنية الواردة بالجدول الملحق بهذا القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورث المطعون ضدهم التسعة الأول أقام الدعوى رقم 513 سنة 1976 عمال كلي جنوب القاهرة على الطاعنة "الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية" والمطعون ضدها الأخيرة "شركة النصر العامة للمقاولات" وطلب الحكم بإلزام المطعون ضدها الأخيرة في مواجهة الطاعنة بأن تدفع له مبلغ 14603 جنيه، وقال بياناً لها أنه التحق بالعمل لدى المطعون ضدها الأخيرة في 10/ 3/ 1948، وتدرج في وظائفها إلى أن - شغل وظيفة مدير عام براتب شهري مقداره 109 جنيه وكان العمل المنوط به ضخماً وفرض عليه عدم الحصول على إجازاته السنوية مما أدى إلى إصابته بالشلل في 26/ 2/ 1972 - بسبب الإرهاق الشديد. ولأنه بلغ سن التقاعد في 31/ 7/ 1975 ولم تخطر المطعون ضدها الأخيرة هيئة التأمينات بإصابته فقد سوى معاشه على أساس معاش الشيخوخة ومقداره 60 جنيه شهرياً، ولأن المطعون ضدها الأخيرة تسببت بذلك في حرمانه من الحصول على معاش الإصابة وتلتزم بتعويضه فضلاً عن التزامها بمقابل الإجازات ونصيبه في مكافأة وزير التعمير والإسكان، فقد أقام الدعوى بطلبه سالف البيان، وبتاريخ 31/ 1/ 1977 ندبت المحكمة الطبيب الشرعي لأداء المهمة المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن قدم الطبيب الشرعي تقريره، وندبت في 14/ 11/ 1977 خبيراً لأداء المهمة المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره عدل مورث المطعون ضدهم التسعة الأول طلباته وطلب الحكم بإلزام الطاعنة بتقرير وصرف معاش إصابة عمل له، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، وبأن تدفع له مبلغ 217.350 جنيه قيمة ما حصله من أقساط شهرية عن مدة خدمة سابقة طلب ضمها عن الفترة 26/ 2/ 1972 حتى 31/ 7/ 1975، وبرد ما استقطعته من أقساط عن مدة خدمة سابقة بواقع 8.045 جنيه اعتباراً من شهر يوليو 1975 ووقف هذا الخصم، وبإلزام المطعون ضدها الأخيرة بأن تدفع له مبلغ 12602.830 جنيه وبتاريخ 14/ 1/ 1980 حكمت المحكمة بإلزام المطعون ضدها الأخيرة بأن تؤدي لمورث المطعون ضدهم التسعة الأول مبلغ 63.835 جنيه، وندبت الطبيب الشرعي لأداء المهمة المبينة بمنطوق الحكم وبعد أن قدم الطبيب الشرعي تقريره حكمت في 23/ 6/ 1980 بإلزام الطاعنة بتقرير وصرف معاش مورث المطعون ضدهم التسعة الأول على أساس أن إصابته في 26/ 2/ 1972 هي إصابة عمل في حكم العجز الكامل المستديم، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 985 سنة 97 ق القاهرة وبتاريخ 25/ 4/ 1981 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن - وعرض الطعن على غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعي الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول أن مورث المطعون ضدهم التسعة الأول لجأ إلى القضاء مباشرة بطلباته الموجهة إليها بصحيفة تعديل الطلبات المعلنة لها في 10/ 10/ 1979 دون أن يسبق ذلك بالطلب المنصوص عليه في المادة 157 من القانون رقم 79 لسنة 1975 بعرض النزاع على اللجان المنصوص عليها في تلك المادة ومن ثم تكون الدعوى غير مقبولة، ولأن هذا الدفع من النظام العام فإنه يحق لها التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان التمسك أمام محكمة النقض بسبب من الأسباب القانونية المتعلقة بالنظام العام شرطه أن يكون لدى محكمة الموضوع عند الحكم في الدعوى عناصر الإلمام بهذا السبب، وكانت الطاعنة لم تقدم مما يثبت تمسكها بسبب النعي أمام محكمة الموضوع، وجاء الحكم المطعون فيه خلواً مما يفيد إلمامها بعناصره فإنه يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم لم يرد على دفاعها من أن القانون رقم 63 لسنة 1964 هو الذي يحكم النزاع وليس القانون رقم 79 لسنة 1975، لأن إصابة مورث المطعون ضدهم التسعة الأول حدثت في 26/ 2/ 1972 وشخصها الطبيب الشرعي بأنها هبوط في القلب نقل المورث على أثرها إلى المستشفى حيث أصيب بشلل نصفي أيمن وصعوبة شديدة في الكلام، ومن ثم فإن القانون الأول هو الذي يحكم النزاع باعتباره القانون الذي وقعت الإصابة في ظله، ولا تعتبر إصابة المورث طبقاً لهذا القانون إصابة عمل. لأنها خلت من عنصر المباغتة وليست من بين أمراض المهنة التي أوردها الجدول الملحق به على سبيل الحصر، وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه تلك الإصابة إصابة عمل وطبق عليها أحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 والقرارين الوزاريين رقمي 81، 82 لسنة 1976 فإنه يكون فضلاً عن مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه مشوباً بالقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه لما كانت المادة السابعة من القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي تنص على أن "ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به اعتباراً من أول الشهر التالي لتاريخ نشره وقد نشر القانون في الجريدة الرسمية في 28/ 8/ 1975، وعمل به اعتباراً من 1/ 9/ 1975 وكانت إصابة مورث المطعون ضدهم التسعة الأول بهبوط حاد في القلب قد حدثت في 26/ 2/ 1972 وأنه بلغ سن التقاعد في 30/ 7/ 1975، قبل سريان القانون 79/ 75 وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة عدم سريان القانون بوجه عام إلا على الوقائع والمراكز القانونية التي تحدث أو تنشأ في ظله فإن حساب معاش مورث المطعون ضدهم سالفي الذكر يكون بمنأى عن نطاق تطبيق قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، وتسري عليه أحكام قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 وكان المقصود بإصابة العمل وفقاً لنص الفقرة (د) من المادة الأولى من هذا القانون الإصابة بأحد الأمراض المهنية المبينة بالجدول رقم "1" الملحق به أو الإصابة نتيجة حادث وقع بغتة بفعل قوة خارجية أثناء العمل أو بسببه، ومس جسم العامل وأحدث به ضرراً. فإن إصابة مورث المطعون ضدهم التسعة الأولى بهبوط حاد بالقلب لا تعد إصابة عمل في مفهوم قانون التأمينات المشار إليه، لأنها لا تتسم بالمباغتة كما أنها لا تدخل في عداد الأمراض المهنية الواردة بالجدول الملحق بهذا القانون ولا يكون للمطعون ضدهم المذكورين الحق في معاش الإصابة، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين الحكم في موضوع الاستئناف رقم 985 سنة 97 ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام الطاعنة بتقرير وصرف معاش المورث على أساس إصابة العمل، ورفض الدعوى في هذا الخصوص.