مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1967 إلى منتصف فبراير سنة 1968) - صـ 40

(8)
جلسة 5 من نوفمبر سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري ومحمد مختار العزبي وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر -المستشارين.

الطعن رقم 1330 لسنة 8 القضائية

موظف "المرتب". المرتبات الإضافية. "بدل الاغتراب". سلك سياسي.
المعاملة المالية لموظفي وزارة التربية والتعليم بالخارج - قرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من يوليه عام 1955 وقرار رئيس الجمهورية رقم 81 لسنة 1956 - إفادة موظفي التربية والتعليم بالخارج منهما من حيث الحصول على بدل الاغتراب ومرتب الزواج وخلافه - شروط ذلك.
طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من يوليه سنة 1955، وقرار رئيس الجمهورية رقم 81 الصادر في 13 من أغسطس سنة 1956 لا يعامل موظف وزارة التربية والتعليم الذي يعمل بالخارج، معاملة نظرائه من رجال السلك السياسي من حيث بدل الاغتراب المقابل لبدل التمثيل ومرتب الزواج وخلافه مما نص عليه هذان القراران، إلا إذا كان شاغلاً لوظيفة فنية أو إدارية بالكادر العالي، مما أشار إليه وصفاً وتحديداً القرار الجمهوري آنف الذكر أو إذا كان موظفاً كتابياً بمكاتب البعثات ممن عناهم القرار ذاته حصراً فيعامل معاملة أمناء المحفوظات في هذا الخصوص، ومن ثم فلا يمتد نطاق تطبيق هذين القرارين إلى من عدا هؤلاء من موظفي هذه الوزارة لمجرد أنهم يعملون في الخارج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 17 لسنة 9 القضائية ضد السيد/ وزير التربية والتعليم بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم في 11 من أكتوبر سنة 1961، طلب فيها الحكم "بإلزام المدعى عليه بمعاملته بمقتضى قرار مجلس الوزراء رقم 9010 الصادر في 18 من يوليه سنة 1955 من حيث المرتب، عن مدة انتدابه سكرتيراً للمدرسة الثانوية المصرية بالرباط بالمغرب الأقصى، من 22 من يناير سنة 1956 لحين عودته في 16 من يناير سنة 1961، وما يترتب على ذلك من فروق وآثار، وذلك مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة." وتوجز أسانيد دعواه، في أنه ندب من إدارة الشئون العامة بالوزارة سكرتيراً للمدرسة الثانوية المصرية بالرباط بالمغرب الأقصى، وهي إحدى مؤسسات الجمهورية العربية المتحدة خارج القطر، وذلك اعتباراً من 22 من يناير سنة 1956، وعلى الرغم من أن ندبه كان للعمل في مدرسة مصرية، ومن أنه كان يصرف مرتبه كاملاً من خزانة وزارة التربية والتعليم، فقد عاملته هذه الوزارة من حيث المرتب معاملة الموظفين المعارين للحكومات الأجنبية بالتطبيق لقرار رئيس الجمهورية رقم 635 لسنة 1957، على حين أنه لا يتصور أن يعتبر معاراً إلى المدرسة المذكورة، إذ هي إحدى مؤسسات الجمهورية العربية المتحدة خارج القطر، إلى جانب أنه كان يصرف مرتبه من ميزانية المدرسة المشار إليها، وكان السفير المصري هو الذي يتولى الصرف، وفضلاً عن أن الوزارة عاملت زملاءه الذين يعملون في الخارج بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء رقم 9010 الصادر في 18 من يوليه 1955 وفي مذكرة لاحقة صحح المدعي مدة الندب فذكر أنها "بدأت في 21 من يناير سنة 1957 وانتهت في 16 من يناير سنة 1961"، وقال أنها "المدة التي يطالب عنها بمعاملته طبقاً لقرار مجلس الوزراء سالف الذكر". وقد أجابت وزارة التربية والتعليم عن الدعوى بأن المعاملة المالية المقررة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من يوليه سنة 1955 مناطها أن يعمل الموظف في الخارج بأحد مكاتب البعثات، والمدعي لم يكن يعمل بأحد هذه المكاتب، فلا يفيد من أحكام قرار مجلس الوزراء المشار إليه. وبجلسة 28 من أبريل سنة 1962 قضت المحكمة الإدارية "بأحقية المدعي في تسوية راتبه عملاً بقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من يوليه سنة 1955، أثناء ندبه سكرتيراً للمدرسة الثانوية بالرباط "بالمغرب الأقصى" حتى عودته من المغرب، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الوزارة بالمصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. "وأقامت قضاءها على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من يوليه سنة 1955 تنطبق أحكامه على المدعي سواء كان منتدباً أو معاراً إذ أن عبارة "من يعملون خارج البلاد" قد جاءت عامة مطلقة في قرار مجلس الوزراء المشار إليه ومع ذلك فإن المدعي قد ندب للعمل في مدرسة الرباط الثانوية بقرار صريح في أنه كان منتدباً وليس معاراً، فيحق له أن يعتبر نفسه خارجاً عن نطاق تطبيق قرار رئيس الجمهورية رقم 635 لسنة 1957 "ومتى ثبت أن المدعي يحق له أن يعتبر نفسه خارجاً عن نطاق تطبيق القرار الجمهوري المشار إليه ومنطبقاً عليه قرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من يوليه سنة 1955، فإنه لا يستساغ دفاع المدعى عليها بأن هذا القرار واجب الإعمال على من يلحق بمكاتب البعثات. إذ أن هذه العبارة، إنما جاءت في مذكرة مجلس الوزراء على سبيل المثال بالنسبة للموظفين الكتابيين". ثم أنه "لا تجوز التفرقة في المعاملة بقاعدة قانونية واحدة عند التطبيق سواء أكانت قرارات تشريعية أم مجرد تعليمات إدارية. وقد ثبت أن المدعى عليها قد عاملت موظفين كتابيين يعملان على الآلة الكاتبة بمركز الثقافة المصري بطرابلس وبني غازي بقرار مجلس الوزراء" سالف الذكر.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من يوليه سنة 1955 قد نص على معاملة موظفين الكادر الفني العالي والإداري بوزارة التربية والتعليم الذين يؤدون خدمة للدولة بالخارج معاملة نظرائهم بالسلك الدبلوماسي، ومن ثم فلا ينطبق إلا على موظفي الوزارة المذكورة ممن يشغلون وظائف هامة في الحكومة مركزها في الخارج. وأنه وإن كان هذا القرار قد نص على موظفي الكادر الكتابي، إلا أنه حدد من يفيدون منهم من أحكامه، وهم الموظفون الكتابيون بمكاتب البعثات وحدها، فيجب التزام هذا التحديد. هذا إلى جانب أن المطعون عليه معاراً لا منتدب، فيعامل وفقاً للأحكام والقواعد الخاصة بالمعارين.
ومن حيث إن المطعون عليه قد عقب على الطعن بمذكرتين يتحصل ما جاء بهما في أن الوزارة الطاعنة أجابت في 28 من أكتوبر سنة 1961 بأنه كان منتدباً وليس معاراً وأن للندب نص يحكمه هو قرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من يوليه سنة 1955 فلا يصح سلخه من نصه وإخراجه عنه لكي يلحق بحكم آخر هو حكم الإعارة، وأن المدرسة الثانوية المصرية في الرباط تستند في وجودها إلى اتفاقية دولية. فالموظفون الذين يعملون بها من غير المعارين إلى المملكة المغربية يعتبرون أعضاء في بعثة ثقافية مصرية تعمل وفقاً لمعاهدة دولية ولا يمكن اعتبارهم شيئاً آخر خلاف بعثة ثقافية مصرية في المحيط الدولي ما داموا ليسوا من المعارين. أما عن القرار الجمهوري رقم 81 لسنة 1956 فإن له مجال تطبيقه، الذي يجعله مستقلاً عن قرار مجلس الوزراء المشار إليه، الذي تقطع عباراته في شموله الكتابيين.
ومن حيث إن مجلس الوزراء وافق بجلسته المنعقدة في 18 من يوليه سنة 1955 - بناء على المذكرة المرفوعة إليه من وزارة التربية والتعليم - على أن "يعامل موظفو وزارة التربية والتعليم بالخارج من الفنيين والإداريين (بالكادر العالي) معاملة نظرائهم من رجال السلك السياسي، كما يعامل الموظفون الكتابيون بمكاتب البعثات معاملة أمناء المحفوظات، وذلك من حيث بدل الاغتراب (نظير بدل التمثيل) ومرتب الزواج وإعانة غلاء المعيشة وفرق خفض الجنيه (في البلاد التي يصرف بها) وبدل السفر ونفقات العلاج وغير ذلك من الرواتب الإضافية والمصاريف، وذلك اعتباراً من أول السنة المالية 1955 - 1956". وفي 13 من أغسطس سنة 1956 أصدر السيد رئيس الجمهورية القرار رقم 81 لسنة 1956 الذي حدد موظفي وزارة التربية والتعليم الذين يعملون في الخارج ويتمتعون بالمعاملة المالية التي يتمتع بها رجال السلك السياسي وهم "المستشارون والملحقون الثقافيون ومديرو مكاتب البعثات ومعاونوهم من الفنيين والإداريين والكتابيين ومديرو المعاهد الثقافية التي أنشأتها مصر في بعض بلدان العالم...".
ومن حيث إنه سبق أن قضت هذه المحكمة بأنه طبقاً للقرارين المذكورين لا يعامل موظف وزارة التربية والتعليم الذي يعمل بالخارج، معاملة نظرائه من رجال السلك السياسي، من حيث بدل الاغتراب المقابل لبدل التمثيل ومرتب الزواج وخلافه مما نص عليه هذان القراران، إلا إذا كان شاغلاً لوظيفة فنية أو إدارية بالكادر العالي، مما أشار إليه وصفاً وتحديداً القرار الجمهوري آنف الذكر، أو إذا كان موظفاً كتابياً بمكاتب البعثات ممن عناهم القرار ذاته حصراً، فيعامل معاملة أمناء المحفوظات في هذا الخصوص، ومن ثم فلا يمتد نطاق تطبيق هذين القرارين إلى من عدا هؤلاء من موظفي هذه الوزارة لمجرد أنهم يعملون في الخارج.
ومن حيث إنه ولئن كان الثابت من الأوراق أن المدعي كان منتدباً ولم يكن معاراً، إلا أن الثابت أيضاً أنه كان موظفاً بالكادر الكتابي ومنتدباً سكرتيراً للمدرسة الثانوية المصرية بالرباط، ومن ثم فإنه لم يكن من موظفي مكاتب البعثات، كما أنه لم يكن شاغلاً لإحدى الوظائف الأخرى التي نص عليها القرار الجمهوري المتقدم ذكره، وعلى هذا فلا حق له في أن يعامل المعاملة المالية التي يتمتع بها رجال السلك السياسي أو أمناء المحفوظات، ولا حجة فيما ذهب إليه المدعي من تكييف وضع المدرسة الثانوية المصرية بالرباط بأنها بعثة ثقافية مصرية، توصلاً لإثبات توفر الحكمة التي استهدفها قرار مجلس الوزراء المبين آنفاً، فيمن يعملون بالمدرسة المذكورة من غير المعارين، فقد سبق أن قضت هذه المحكمة، بأنه لا يجوز إضافة طوائف أخرى إلى تلك التي حددها القرار الجمهوري المشار إليه حصراً، وخصها دون سواها بالمعاملة المالية التي تضمنها هو وقرار مجلس الوزراء سالف الذكر - وهما قراران يرتبط أحدهما بالآخر ارتباطاً لا يقبل التجزئة - حتى ولو توفرت في رجالها ذات الحكمة التي من أجلها تقررت هذه المعاملة الخاصة لذويها، وهي ضرورة توفير المظهر الحسن والحياة الكريمة للموظف الذي يمثل بلده في الخارج، لأن تقرير ما إذا كانت الوظيفة تتطلب أعباء مالية معينة، وما إذا كان من المصلحة تبعاً لذلك أن يتمتع شاغلها بالمعاملة المالية الممتازة، هو أمر متروك تقديره للسلطة المختصة التي تملك ذلك قانوناً، كما أنه من المسلم قانوناً أنه لا يجوز في المسائل المالية التوسع في تفسيرها أو القياس عليها.
ومن حيث إنه لما تقدم تكون الدعوى على أساس غير سليم من القانون، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر، فإنه يكون قد جانب الصواب، ويتعين القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.