أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 7 - صـ 1

جلسة 2 من يناير سنة 1956

برياسة السيد الأستاذ حسن داود المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين المستشارين.

(1)
القضية رقم 928 سنة 25 القضائية

( أ ) تفتيش. تفتيش مسكن. الدفع ببطلانه. ممن يقبل؟
(ب) نقض. طعن لا مصلحة منه. لا جدوى من إثارته. مثال لانتفاء المصلحة من الدفع ببطلان التفتيش.
1 - لا شأن للمتهم في التحدث عن بطلان التفتيش الحاصل في مسكن غيره.
2 - لا جدوى للمتهم من الطعن ببطلان التفتيش إذا كان الحكم قد استند ضمن ما استند إليه - كدليل مستقل خلاف الدليل الذي أسفر عنه التفتيش - إلى اعتراف المتهم في تحقيقات البوليس والنيابة بإحرازه للمادة المخدرة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 - سالم عبد العزيز شحاتة (الطاعن). 2 - أمينة سلطان أبو العلا. بأنهما: المتهم الأول - (أولاً) زرع نبات الحشيش بقصد بيعه. (وثانياً) حاز وأحرز نبات الحشيش بقصد بيعه. والمتهمة الثانية: حازت وأحرزت نبات الحشيش بقصد بيعه. وطلبت إحالتهما على محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقاً للمواد 1 و2 و28 و29 و33 و35 من القانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول المرفق به. وأمام محكمة جنايات الإسكندرية دفع الحاضر عن المتهم الأول بدفعين "أولهما" ببطلان التفتيش الصادر من النيابة لقيامه على تحريات ومراقبة غير جدية. "وثانيهما" ببطلان إجراءات التفتيش الذي وقع على حديقة تملكها سيدة غير المتهم - وبعد أن أتمت المحكمة المذكورة نظرها قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و28 و29 و33/ جـ د و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول 1 و12 و5 وذلك بالنسبة للمتهم الأول. أولاً: بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة. وثانياً: ببراءة المتهمة الثانية.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

.... وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخل بحق الطاعن في الدفاع إذ رغم ما ثبت أمام المحكمة من أن الطريقة التي أثبتها المعمل في تحليل النبات المضبوط لا تدل دلالة قاطعة على وجود الحشيش به ورغم ما ثبت من أن هناك طريقة حديثة تستعمل في أوربا وأمريكا يمكن بواسطتها القطع بوجود الحشيش، فإن الحكم المطعون فيه رفض إجابة الطاعن إلى ما طلبه من تحليل النبات المضبوط في أي دولة أجنبية بهذه الطريقة الحديثة وبرر رفضه بأسباب غير سائغة.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر الجلسة أن المحكمة رأت تحقيقاً لدفاع الطاعن مناقشة الدكتور محمد الزناتي رئيس المعمل، وهو الطبيب الذي أجرى التحليل والدكتور علي إبراهيم رئيس القسم الكيمائي بالإسكندرية فأجاب الأخير بما يؤيد تقرير المعمل "وقال بأن وصف بيم والفحص الميكروسكوبي قطعا بأن المادة المضبوطة حشيش وأنه لا توجد طريقة أخرى يمكن التحليل بها", ثم عرضت للرد على ما شهد به الدكتور العسال صاحب التقرير الاستشاري المقدم من الطاعن فقالت إنه "قرر بالجلسة أن التجارب التي أجريت على المواد المضبوطة لا تؤدي إلى أن المادة حشيش" ثم قالت إن "التقرير المقدم منه لا يخرج عما قرره في الجلسة إذ انتهى في هذا التقرير إلى أن الطرق التي اتبعت لا تؤدي إلى القطع بدرجة اليقين أن هذا النبات هو نبات الحشيش غير أنه لم يبين في تقريره ولا في مناقشته أن هناك طريقة أخرى يمكن الوصول بها إلى نتيجة قاطعة في التحليل وأقر بأنه هو شخصياً لا يمكنه الوصول إلى أي نتيجة من التحليل بطريقة أخرى إذا ما طلب منه ذلك", ثم انتهت المحكمة إلى أن ما شهد به في الجلسة وما أثبته في تقريره لا يخرج عن كونهما دراسة علمية لم تؤد بعد إلى نتيجة, وردت المحكمة على ما طلبه الدفاع من إرسال المواد المضبوطة للتحليل بالخارج مهما كلف الدولة ذلك فقالت "إن المحكمة ترى أن هذا الطلب غير سديد ولا محل له ما دام أن المحكمة قد ارتاحت إلى أقوال الدكتورين محمد الزناتي وعلي إبراهيم وإلى التقرير المقدم والذي قام على أبحاث فنية معترف بها, هذا فضلاً عن أن المتهم معترف بإحرازه للنباتات المضبوطة وهي البانجو وقد عرّف قبل ضبطها معه أنها من النوع الممنوع إحرازها" لما كان ذلك, وكانت المحكمة قد حققت دفاع الطاعن وبررت رفض طلبه بأسباب سائغة وأسست قضاءها بالإدانة على ما اطمأنت إليه من أقول الخبيرين في الجلسة وإلى التقرير المقدم من أحدهما, فإن ما ينعاه على الحكم في هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه بني على إجراءات باطلة إذ أصدرت النيابة الإذن بتفتيش الطاعن بناء على تحريات غير جدية.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن النيابة أصدرت الإذن بتفتيش الطاعن بعد أن اطلعت على المحضر الذي حرره اليوزباشي السباعي الشيوى وسمعت أقواله تفصيلاً واطمأنت إلى جدية تحرياته. لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أنه لا يشترط للتحقيق المفتوح الذي يسوغ التفتيش أن يكون قد قطع مرحلة أو استظهر قدراً معيناً من أدلة الإثبات وإنما يترك تقدير كفاية هذه الأدلة لسلطة التحقيق. وكانت المحكمة قد أقرت النيابة على كفاية هذا التحقيق لتسويغ إجراء التفتيش، فإن الدفع ببطلان الإذن الصادر من النيابة لا يكون له أساس.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه استند إلى ما أسفر عنه التفتيش الباطل الذي صدر إذن النيابة بإجرائه في حديقة مملوكة لغير الطاعن.
وحيث إن هذا الوجه من الطعن مردود بأن الطاعن لا شأن له في التحدث عن بطلان التفتيش الحاصل في مسكن غيره، هذا فضلاً عن أنه لا جدوى له من الطعن ببطلان التفتيش إذ استند الحكم ضمن ما استند إليه - كدليل مستقل خلاف الدليل الذي أسفر عنه التفتيش - إلى اعتراف الطاعن في تحقيقات البوليس والنيابة بأنه أحرز النباتات المضبوطة، وكان يعرف قبل ضبطها معه أنها من الممنوع إحرازها. لما كان ذلك، وكان تقدير الاعتراف كدليل إثبات في الدعوى من شأن محكمة الموضوع فلا حرج عليها إن أخذت به ولو عدل المتهم عنه فيما بعد ما دامت قد اطمأنت إلى صحته. لما كان كل ما تقدم فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.