أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 7 - صـ 627

جلسة 23 من إبريل سنة 1956

برياسة السيد وكيل المحكمة مصطفى فاضل، وبحضور السادة مصطفى كامل ومحمد محمد حسنين وأحمد زكي كامل والسيد أحمد عفيفي - المستشارين.

(176)
القضية رقم 305 سنة 56 القضائية

( أ ) شيك. عدم تقديمه في الميعاد المنصوص عليه بالمادة 191 تجاري. عدم زوال صفته. وعدم تخويل الساحب استرداد مقابل الوفاء.
(ب) شيك. المواعيد الواردة بالمادة 191 تجاري. الدعاوي الخاصة بها.
(ج) شيك. إعطاء شيك بدون رصيد أو صدور أمر من الساحب بعدم صرفه أو سحبه مبلغاً يجعل الباقي غير كاف. قيام المسئولية الجنائية.
1 - إن عدم تقديم الشيك في الميعاد المنصوص عليه بالمادة 191 من القانون التجاري لا يترتب عليه زوال صفته ولا يخول الساحب استرداد مقابل الوفاء كله أو بعضه.
2 - المواعيد الواردة بالمادة 191 من القانون التجاري خاصة بدعاوي الرجوع على الساحب إذا ضاع مقابل الوفاء بفعل المسحوب عليه وهي تخول الساحب أن يثبت كما تقول المادة 193 تجاري أن مقابل الوفاء كان موجوداً ولم يستعمل في منفعته.
2 - متى كانت المحكمة قد ضمنت أسباب حكمها أنه لا يعفى من المسئولية الجنائية من يعطي شيكاً لا يقابله رصيد أو أعطى شيكاً له مقابل ثم أمر بعدم الصرف أو سحب من الرصيد مبلغاً بحيث يصبح الباقي غير كاف لسحب قيمة الشيك. فإن ذلك يعتبر صحيحاً في القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 - عمر أحمد علي الهواري و2 - مصطفى حسنين حيدر الشهير بالحاج فكري بأنهما أعطيا بسوء نية لعلي حسن حسين الدش شيكاً بمبلغ 1150 جنيهاً وأمر المسحوب عليه البنك بعدم الدفع وطلبت عقابهما بالمادة 337 من قانون العقوبات ومحكمة جنح الجمالية الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام مع تطبيق المادتين 55 و56 من قانون العقوبات - بحبس كل من المتهمين شهرين مع الشغل وبوقف تنفيذ العقوبة لمدة خمس سنين تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً. وأعفتهما من المصاريف الجنائية. فاستأنف المتهم الثاني هذا الحكم ومحكمة مصر الابتدائية قضت حضورياً بتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الطعن القصور في الأسباب ذلك بأن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بتهمة إصداره بسوء نية شيكاً للمجني عليه وسحبه جزءاً من الرصيد بحيث أصبح الباقي لا يفي بدفع قيمته قد دلل على توفر سوء النية وهي من أركان هذه الجريمة التي لا تقوم إلا بها بما لا يصلح دليلاً عليها وذلك بقوله بأنها مستفادة من توقيع الطاعن على الشيك وهو أمر لازم في حالتي حسن النية وسوئها على السوء، كما قصر الحكم في الرد على ما دفع به الطاعن من أن حامل الشيك لم يقدمه للبنك لصرف قيمته إلا بعد مضي المدة المنصوص عليها في المادة 191 من القانون التجاري مما يسقط حقه في الصرف هذا إلى أنه لم يحفل بالقرار الذي أصدرته هيئة سابقة بتكليف الطاعن بأن يقدم شهادة من بنك مصر بمقدار رصيده في تاريخ إصدار الشيك وما دلت عليه هذه الشهادة من كفاية رصيده في هذا التاريخ للوفاة بقيمة الشيك مما ينم عن اتجاه تلك الهيئة إلى اعتبار كفاية الرصيد في تاريخ الإصدار قرينة على حسن النية، لكن الحكم لم يشر إلى شيء من ذلك في أسبابه ولم يرد عليه مما يعتبر قصوراً موجباً لنقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر الجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يقف في التدليل على توفر سوء النية عند حد القول بأن الطاعن هو الذي وقع الشيك، بل أطرح دفاعه القائم على أنه دأب على توقيع شيكات على بياض وتركها لشريكه ليدون بها المبالغ المطلوبة وفقاً لحاجة العمل، واعتبر هذا الدفاع مكذوباً بما ساقه من أدلة تسوغ ذلك، وهو إذ ذكر أن الطاعن هو الذي وقع الشيك قد أراد بذلك أنه هو المحرر له وليس شريكه كما جاء بدفاعهما، ثم أثبت أنه سحب من رصيده مبالغ بما لا يسمح بصرف قيمة الشيك وهي كبيرة بحيث لا يجوز له الاعتذار بالسهو عن بقاء ذمته مشغولة بها، وبذلك يكون قد أصاب في التدليل على توفر سوء نية الطاعن، ولما كان لا يجدي الطاعن الاحتجاج بالمادة 191 من القانون التجاري التي تنص على أن الأوراق المتضمنة أمراً بالدفع يجب تقديمها في ميعاد معين. ذلك بأن عدم تقديم الشيك في هذا الميعاد لا يترتب عليه زوال صفته ولا يخول الساحب استرداد مقابل الوفاء كله أو بعضه ولأن المواعيد الواردة بالمادة المذكورة خاصة بدعاوي الرجوع على الساحب إذ ضاع مقابل الوفاء بفعل المسحوب عليه وهي تخول الساحب أن يثبت كما تقول المادة 193 تجاري أن مقابل الوفاء كان موجوداً ولم يستعمل في منفعته وهو ما أثبت الحكم نقيضه في هذه الدعوى. لما كان ذلك كله، وكانت المحكمة عندما سمحت للطاعن بتقديم شهادة من بنك مصر برصيده في تاريخ إصدار الشيك إنما كان ذلك منها استجابة إلى طلب الدفاع وادعائه بوجود تناقض بين خطابات البنك بشأن حقيقة رصيد الطاعن في تاريخ إصدار الشيك على أن المحكمة قد حسمت ذلك بما ضمنته أسباب حكمها من القول "بأنه لا يعفى من المسئولية الجنائية من يعطي شيكاً لا يقابله رصيد أو أعطى شيكاً له مقابل ثم أمر بعدم الصرف أو سحب من الرصيد مبلغاً بحيث يصبح الباقي غير كاف لسحب قيمة الشيك". مما يعتبر صحيحاً في القانون، ويدرأ عن الحكم عيب القصور، وبذلك يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.