أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 15 - صـ 447

جلسة أول يونيه سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومختار رضوان، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ.

(87)
الطعن رقم 156 لسنة 34 القضائية

غش. نقض. "أحوال الطعن بالنقض". "مخالفة القانون". مسئولية جنائية. قانون. "سريانه من حيث الزمان".
مؤدى التعديل الذي أدخله القانون رقم 80 لسنة 1961 على المادتين الثانية والسابعة من القانون 48 لسنة 1941 بقمع التدليس والغش أن المشرع أعفى التاجر المخالف من المسئولية الجنائية متى أثبت أنه لا يعلم بغش أو فساد المواد أو العقاقير أو الحاصلات التي يعرضها للبيع وأثبت مصدر هذه المواد الفاسدة أو المغشوشة. القانون رقم 8 لسنة 1961 ألغى جريمة المخالفة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة السابعة من القانون 48 لسنة 1941. مجانبة الحكم هذا النظر. مخالفة للقانون تستوجب نقضه.
نص القانون رقم 80 لسنة 1961 - الذي صدر بتعديل بعض أحكام القانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع التدليس والغش والمنشور في الجريدة الرسمية في 10 يوليه سنة 1961 - في المادة الأولى منه على أن يستبدل بالفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 النص الآتي: "ويفترض العلم بالغش والفساد إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة أو من الباعة الجائلين ما لم يثبت حسن نيته ومصدر المواد موضوع الجريمة". كما نص في المادة الثانية على أن يستبدل بالمادة السابعة من القانون المشار إليه الآتي: "يجب أن يقضي الحكم في جميع الأحوال بمصادرة المواد أو العقاقير أو الحاصلات التي تكون جسم الجريمة". ومؤدى هذا التعديل أن المشرع أعفى التاجر المخالف من المسئولية الجنائية متى أثبت أنه لا يعلم بغش أو فساد المواد أو العقاقير أو الحاصلات التي يعرضها للبيع وأثبت مصدر هذه المواد الفاسدة أو المغشوشة، وعلة الإعفاء أن التاجر الذي يراعي واجب الذمة معاملاته هو ضحية لصانع هذه المواد ويجب أن يتحمل الأخير وحده وزر الجريمة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الواقعة المسندة إلى المطعون ضده مخالفة بالتطبيق للفقرة الأولى من المادة السابعة من القانون رقم 48 لسنة 1941 وذلك على الرغم من وقوعها لاحقه لسريان القانون رقم 80 لسنة 1961 الذي ألغى جريمة المخالفة المنصوص عليها في هذه المادة، فإن الحكم يكون قد انطوى على مخالفة للقانون بإعماله نصاً لا وجود له مما يعيبه ويوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده وآخر بأنهما في يوم 28/ 9/ 1961 بدائرة قسم شبرا: الأول - عرض للبيع مسحوق الأرز المبين بالمحضر غير مطابق للمواصفات القانونية على النحو المبين بتقرير التحليل المرفق. والثاني - أنتج المسحوق سالف الذكر - وطلبت معاقبتهما بالمواد 1، 2، 4/ 1، 5، 8، 10 من القانون رقم 48 لسنة 1941 والقرار الخاص. ومحكمة شبرا الجزئية قضت بتاريخ أول سبتمبر سنة 1961 حضورياً اعتبارياً للأول وغيابياً للثاني عملاً بمواد الاتهام بتغريم كل منهما 500 قرش والمصادرة - فاستأنف المتهم الأول هذا الحكم، كما استأنفته النيابة. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 4/ 12/ 1962 بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم مائة قرش والمصادرة فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة عرض مسحوق أرز مغشوش للبيع قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه اعتبر الواقعة مخالفة وطبق في حقه الفقرة الأولى من المادة السابعة من القانون رقم 48 لسنة 1941 على الرغم من أن جريمة المخالفة المنصوص عليها في هذه المادة قد ألغيت بالقانون رقم 80 لسنة 1961 الواجب التطبيق لصدوره ونشره قبل وقوع الفعل المسند إلى المطعون ضده. ومن ناحية أخرى فإن هذا الفعل يكون في صحيح القانون جريمة شروع في خداع المتعاقد في حقيقة البضاعة المعاقب عليها بالمادة الأولى من القانون رقم 48 لسنة 1941 كما يكون أيضاً جنحة حيازة منتجات عليها بيان تجاري مخالف للحقيقة الأمر المعاقب عليها بالمواد 26، 27، 34، 36 من القانون رقم 57 لسنة 1939 وكان على المحكمة أن تسبغ على الواقعة الوصف القانوني الصحيح وأن تنزل عليها حكم القانون دون أن تتقيد بوصف النيابة للواقعة.
وحيث إن الدعوى الجنائية رفعت على المطعون ضده وآخر لأنهما في يوم 18/ 9/ 1961 بدائرة قسم شبرا: الأول - عرض للبيع مسحوق الأرز المبين بالمحضر غير مطابق للمواصفات القانونية على النحو المبين بتقرير التحليل. والثاني - أنتج المسحوق سالف الذكر وطلبت النيابة العامة معاقبتهما بالمواد 1، 2، 4/ 1، 5، 8، 10 من القانون رقم 48 لسنة 1941 والقرار الخاص. ومحكمة أول درجة قضت حضورياً اعتبارياً للمطعون ضده وغيابياً للثاني بتغريم كل منهما 500 ق والمصادرة فاستأنف المطعون ضده هذا الحكم كما استأنفته النيابة العامة. ومحكمة ثاني درجة قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم مائة قرش والمصادرة وبين الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى قوله: "إنه بتاريخ 28/ 9/ 1961 أثبت مفتش الأغذية في محضره أنه وجد المتهم - المطعون ضده - يعرض في محل تجارته مسحوق أرز داخل علب مغلفة من الورق المقوى مدون عليها علاماتها التجارية وهي (سان جورج) ومن إنتاج مصنع المنتجات الغذائية سان جورج فأخذ ثلاث علب من هذا المسحوق وأرسل إحداه لقسم معامل التحليل فورد تقرير المعامل المؤرخ 7/ 10/ 1961 متضمناً في نتيجته أن العينة لنشا الأرز وليست لمسحوق الأرز". وانتهى الحكم إلى اعتبار الواقعة مخالفة في حق المطعون ضده بقوله: "وحيث إن القرينة القانونية التي أوردها الشارع بالقانون رقم 522 لسنة 1955 بتعديل المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 حين افترض العلم بالغش أو الفساد إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة أو الباعة المتجولين قرينة قابلة لإثبات العكس ولم تمس الركن المعنوي في جنحة الغش المؤثمة بالقانون رقم 48 لسنة 1941 الذي يلزم توافره للعقاب عليها ولو تنل سلطة المحكمة في استظهار هذا الركن من عناصر الدعوى... ولما كان الثابت من واقعة الدعوى أن مسحوق الأرز الذي وجد لدى المتهم - المطعون ضده - كان موضوعاً داخل علب مقفلة من الورق المقوى مكتوب عليها الاسم والعلامة التجارية للمصنع الذي أنتج هذه المادة فإن المحكمة تستشف من ذلك حسن نية المتهم وجهله بغش المادة التي كان يعرضها للبيع في متجره ومن ثم فإن قرينة العلم بالغش المفترضة في حقه تصبح منتفية ويتعين بالتالي تطبيق المادة السابعة من القانون رقم 48 لسنة 1941". وما انتهى إليه الحكم المطعون فيه غير صحيح في القانون، ذلك بأن القانون رقم 80 لسنة 1961 قد صدر بتعديل بعض أحكام القانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع التدليس والغش ونشر في الجريدة الرسمية في 10 يوليه سنة 1961 ونص في المادة الأولى منه على أن يستبدل بالفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 الخاص بقمع التدليس والغش النص الآتي: "ويفترض العلم بالغش والفساد إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة أو من الباعة الجائلين ما لم يثبت حسن نيته ومصدر المواد موضوع الجريمة" كما نص في المادة الثانية منه على أن يستبدل بالمادة السابعة من القانون المشار إليه النص الآتي "يجب أن يقضي الحكم في جميع الأحوال بمصادرة المواد أو العقاقير أو الحاصلات التي تكون جسم الجريمة" وجاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون أنه "قد رئى تعديل الفقرة الثانية من البند (1) من المادة الثانية سالفة الذكر بحيث لا يقبل من التاجر المخالف أن يدحض قرينة العلم بالغش إلا إذا أثبت علاوة على حسن نيته مصدر المادة الفاسدة أو المغشوشة وذلك اعتباراً بأن هذا الإثبات سهل ميسور على التجار الذين يراعون واجب الذمة في معاملاتهم. وفي نفس الوقت رئى أن هؤلاء التجار حسني النية الذين يكونون ضحية لغيرهم من صانعي المواد المغشوشة أو الفاسدة أو المتجرين فيها جديرون بإعفائهم كلية من العقاب حتى عن جريمة المخالفة ولهذا اقتضى الأمر تعديل المادة السابعة بما يؤدي إلى ذلك مع بقاء النص على وجوب أن يقضي الحكم في جميع الأحوال بمصادرة المواد التي تكون جسم الجريمة." ومؤدى هذا التعديل أن المشرع أعفى التاجر المخالف من المسئولية الجنائية متى أثبت أنه لا يعلم بغش أو فساد المواد أو العقاقير أو الحاصلات التي يعرضها للبيع وأثبت مصدر هذه المواد الفاسدة أو المغشوشة، وعلة الإعفاء أن التاجر الذي يراعي واجب الذمة معاملاته هو ضحية لصانع هذه المواد ويجب أن يتحمل الأخير وحده وزر الجريمة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الواقعة المسندة إلى المطعون ضده مخالفة بالتطبيق للفقرة الأولى من المادة السابعة من القانون رقم 48 لسنة 1941 وذلك على الرغم من وقوعها لاحقة لسريان القانون رقم 80 لسنة 1961 الذي ألغى جريمة المخالفة المنصوص عليها في هذه المادة، فإن الحكم يكون قد انطوى على مخالفة للقانون بإعماله له نصاً لا وجود له مما يعيبه ويوجب نقضه، ولما كان يشترط لتطبيق التعديل المدخل على المادة الثانية من القانون 48 لسنة 1941 بالقانون رقم 80 لسنة 1961 أن يثبت المتهم علاوة على حسن نيته مصدر المادة الفاسدة أو المغشوشة، وكان الحكم المطعون فيه لم يتنبه إلى أثر توافر هذين الشرطين في دحض قرينة العلم بالغش، ولم يمحص أقوال المطعون ضده ويبين مدى أثرها في إثبات المصدر الحقيقي للمواد موضوع الجريمة، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة. ولا محل لما تثيره الطاعنة من أن الواقعة تكون في حق المطعون ضده جريمتي الشروع في خداع المتعاقد وحيازة منتجات عليها بيان تجاري مخالف للحقيقة طالما أن الحكم قد أثبت عدم علم المطعون ضده بغش البضاعة المعروضة في محله التجاري ودلل على توافر حسن نيته تدليلاً سائغاً لم تثر الطاعنة بشأنه مطعناً ما.