أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 15 - صـ 592

جلسة 12 من أكتوبر سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ حسين السركي، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمد محمد محفوظ، ومحمود عزيز الدين سالم.

(116)
الطعن رقم 433 لسنة 34 القضائية

( أ ) تلبس. جريمة. مواد مخدرة. مأمور الضبط القضائي. قبض. تفتيش.
التلبس: حالة تلازم الجريمة نفسها. توافرها: يكفي أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأية حاسة من حواسه. متى كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل شكاً.
حالة التلبس الناشئة عن تبين المظاهر الخارجية للجريمة والتي تنبئ بوقوعها. يستوي أن تكون المادة المخدرة قد سقطت من المتهم تلقائياً أو أن يكون هو الذي تعمد إسقاطها. ما دام انفصالها من شخص من ألقاها يقطع صلته بها ويبيح لمأمور الضبط القضائي أن يلتقطها. مثال.
(ب) مواد مخدرة. قصد الاتجار. قانون. "قانون أصلح". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
إقامة الدعوى الجنائية على الطاعن في ظل المرسوم بقانون 351 لسنة 1952 بوصف أنه أحرز جواهر مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. صدور القانون 182 لسنة 1960 في أثناء سير المحاكمة. إعمال المحكمة له باعتباره القانون الأصلح وإدانة الطاعن بوصف إحرازه المخدرات بقصد الاتجار. استظهار الحكم توافر هذا القصد في حق الطاعن. لا يعد تغييراً للتهمة مما يقتضي لفت نظر الطاعن أو المدافع عنه إليه. هو مجرد تطبيق للقانون الأصلح الواجب الإتباع.
1 - من المقرر أن التلبس حالة تلازم الجريمة نفسها، ويكفي لتوافرها أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأية حاسة من حواسه متى كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل شكاً. وحالة التلبس الناشئة عن تبين المظاهر الخارجية للجريمة والتي تنبئ بوقوعها يستوي أن تكون المادة المخدرة قد سقطت من المتهم تلقائياً أو أن يكون هو الذي تعمد إسقاطها ما دام انفصالها من شخص من ألقاها يقطع صلته بها ويبيح لمأمور الضبط القضائي أن يلتقطها. ومتى كان الحكم قد أثبت أن الضابط رأى الطاعن وهو يلقي على الأرض ذات اللفافة التي التقطها وتحقق مما تحتوى عليه من مادة مخدرة قبل القبض عليه فإن الطاعن يكون بما فعل قد أوجد الضابط إزاء جريمة إحراز مخدر متلبس بها ويكون القبض عليه وتفتيشه صحيحين ولا يؤثر في سلامة تلك الإجراءات ما ادعاه من أنه قصد بإلقاء اللفافة إبعادها عنه.
2 - متى كانت الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن في ظل المرسوم بقانون 351 لسنة 1952 بوصف أنه أحرز جواهر مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وفي أثناء سير المحاكمة صدر القانون رقم 182 لسنة 1960 وهو الأصلح للطاعن بما جاء في نصوصه من عقوبات أخف - فأعملته المحكمة وقضت بإدانة الطاعن بوصف أنه أحرز تلك المخدرات بقصد الاتجار. فإن استظهار الحكم توافر هذا القصد في حق الطاعن لا يعد تغييراً للتهمة مما يقتضي لفت نظر الطاعن أو المدافع عنه إليه بل هو مجرد تطبيق للقانون الأصلح الواجب الإتباع. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قالة الإخلال بحق الدفاع لا يكون سديداً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 16/ 7/ 1958 بدائرة قسم الموسكي بمحافظة القاهرة: "أحرز جواهر مخدرة "حشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً". وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته بالمواد 1 و2 و33 ج و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند رقم 12 من الجدول رقم 1 فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً للمتهم بتاريخ 8 من ديسمبر سنة 1962 وعملاً بالمادتين 34/ 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم 1 المرفق وهو القانون الواجب التطبيق لأنه الأصلح له عملاً بنص المادة 5/ 2 من قانون العقوبات. بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنين وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه وبمصادرة المواد المخدرة المضبوطة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الوجهين الأول والثاني من الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أن الحكم المطعون فيه دان الطاعن على أساس أنه قد توافرت في حقه حالة التلبس التي تبيح لرجل الضبط القضائي القبض والتفتيش والحال أنه مع التسليم جدلاً بأن الضابط لم يخلق واقعة تخلى الطاعن عن المخدر فإن مؤدى أقواله أن المخدر كان بداخل لفافة مغلقة لا يبين فيها ما بداخلها. وفضلاً عن ذلك فإن إلقاء الطاعن اللفافة على الأرض لم يكن باختياره بقصد تسليمها لرجل الضبط وإنما كان بنية إبعادها عن متناول يده. وقد شاب الحكم القصور في التدليل على أن الضابط تتبع اللفافة بناظريه منذ أن خرجت من يد الطاعن حتى استقرت على الأرض وأنه تحقق من أنها هي نفسها التي ألقاها حتى يمكن نسبتها إليه. كما لم يورد الحكم الأدلة على توافر قصد الاتجار في حق الطاعن وأطرح أقوال شهود النفي دون أن يعني بالرد عليها وهو مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فيما محصله أن الضابطين انتقلا إلى..... لضبط شخص وتفتيشه بناء على إذن من النيابة فوجداه جالساً على مقعد أمام مقهى وبجواره الطاعن وما أن وقع بصر الشخص الأول على الضابطين حتى فر هارباً ولكن أحدهما تمكن من الإمساك به وفي هذه اللحظة قام الطاعن من مجلسه وأسقط لفافة من السلوفان بيضاء استقرت بجوار مجرى بالوعة فالتقطها أحد الضابطين وفتحها وتبين أنها تحتوي على قطعة من الحشيش فقبض عليه بمساعدة مخبرين كانا معه ثم قاما بتفتيشه فعثر بجيب صديرية الأيسر على قطعة كبيرة من الحشيش واستند الحكم في إدانته إلى أقوال الضابطين والمخبرين التي أوردها تفصيلاً وأخذ بتصويرهم للواقعة على النحو المتقدم مطرحاً أقوال شهود النفي لاطمئنانه لأقوال شهود الإثبات ودلل على قصد الاتجار بكبر الكمية المضبوطة.
لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تتبين الواقعة على حقيقتها وأن ترد الحادث لصورته الصحيحة من مجموع الأدلة المطروحة عليها حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصل في الأوراق وكانت غير ملزمة بالرد على أقوال شهود النفي أو على كل جزئية من دفاع المتهم لأن أخذها بأدلة الثبوت يفيد إطراحها لهذا الدفاع. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أن التلبس حالة تلازم الجريمة نفسها ويكفي لتوافرها أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأية حاسة من حواسه متى كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل شكاً. وأن حالة التلبس الناشئة عن تبين المظاهر الخارجية للجريمة والتي تنبئ بوقوعها يستوي أن تكون المادة المخدرة قد سقطت من المتهم تلقائياً أو أن يكون هو الذي تعمد إسقاطها ما دام انفصالها من شخص من ألقاها يقطع صلته بها ويبيح لمأمور الضبط القضائي أن يلتقطها ومتى كان الحكم قد أثبت أن الضابط رأى الطاعن وهو يلقي على الأرض ذات اللفافة التي التقطها وتحقق مما تحتوي عليه من مادة مخدرة قبل القبض عليه فإن الطاعن يكون بما فعل قد أوجد الضابط إزاء جريمة إحراز مخدر متلبس بها ويكون القبض عليه وتفتيشه صحيحين ولا يؤثر في سلامة تلك الإجراءات ما ادعاه من أنه قصد بإلقاء اللفافة إبعادها عنه. لما كان ذلك، وكان الاتجار بالمواد المخدرة إنما هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بحرية التقدير فيها وكان استدلال الحكم على ذلك القصد بكبر الكمية المضبوطة كما سلف سائغاً. فإن ما يثيره الطاعن على الحكم المطعون فيه - في هذين الوجهين يكون في غير محله.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث من الطعن هو الإخلال بحق الدفاع ذلك أن المحكمة عدلت وصف التهمة من إحراز في غير الأحوال المصرح بها قانوناً إلى إحراز بقصد الاتجار دون أن تلفت نظر الدفاع إلى هذا التعديل.
وحيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن في ظل المرسوم بقانون 351 سنة 1952 بوصف أنه أحرز جوهراً مخدراً في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وفي أثناء سير المحاكمة صدر القانون رقم 182 لسنة 1960 وهو الأصلح للطاعن بما جاء في نصوصه من عقوبات أخف - فأعملته المحكمة وقضت بإدانة الطاعن بوصف أنه أحرز تلك المخدرات بقصد الاتجار. لما كان ذلك، فإن استظهار الحكم توافر هذا القصد في حق الطاعن لا يعد تغييراً للتهمة مما يقتضي لفت نظر الطاعن أو المدافع عنه إليه بل هو مجرد تطبيق للقانون الأصلح الواجب الإتباع ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قالة الإخلال بحق الدفاع لا يكون سديداً.
وحيث إنه لما تقدم، يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.