أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 17 - صـ 732

جلسة 31 من مايو سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، وجمال المرصفاوي، ومحمد عبد المنعم حمزاوى، وبطرس زغلول.

(135)
الطعن رقم 324 لسنة 36 القضائية

( أ ) تموين. مسئولية جنائية.
متى يصلح الغياب عذراً في مجال تطبيق المادة 58 من المرسوم بقانون 95 لسنة 1945؟ إذا كان من شأنه أن يحول دون منع وقوع المخالفة.
(ب) تموين. خبز. قانون. "قانون أصلح".
القرار الصادر من وزير التموين بتخفيض وزن الرغيف لا ينشئ لأصحاب المخابز مركزاً أو وضعاً أصلح من القانون القديم.
(ج) تموين. خبز. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإدانة في جريمة صنع خبز يقل وزنه عن الحد المقرر قانوناً. يكفى لسلامته إثبات أن المتهم صنع في مخبزه أرغفة ناقصة الوزن ووضعها به وأحرزها بأي صفة.
1 - الغياب لا يصلح بذاته عذراً - في مجال تطبيق المادة 58 من المرسوم بقانون 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين - إلا إذا كان من شأنه أن يحول دون منع وقوع المخالفة. ولما كان الحكم المطعون فيه لم ير في مجرد غياب الطاعن وقت الحادث ما يحول دون قيامه بواجب المراقبة لمنع وقوع المخالفة، فإنه إذ التفت عن دفاع الطاعن وقضى عليه بعقوبتي الحبس والغرامة معاً يكون على صواب في تطبيق القانون.
2 - إن تخفيض وزن الرغيف لم يقصد به رعاية جانب أصحاب المخابز ولا يترتب عليه التيسير عليهم أو التخفيف من أعبائهم المادية أو زيادة أرباحهم، إنما الهدف من إصداره تحقيق اعتبارات اقتصادية بحتة تتصل بسياسة الحكومة فلا تتأثر بهذا التعديل في الوزن مصلحة لأصحاب المخابز ولا تنشئ للمتهم مركزاً أو وضعاً يكون أصلح له من القانون القديم، وبذلك يكون القرار القديم هو الذي يسري على واقعة الدعوى دون غيره تطبيقاً للفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون العقوبات.
3 - يكفى لسلامة الحكم في جريمة صنع خبز يقل وزنه عن المقرر قانوناً أن يثبت أن الطاعن صنع في مخبزه أرغفة ناقصة الوزن ووضعها في المخبز وأحرزها بأي صفة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يوم 7/ 3/ 1965 بدائرة مركز ديرب نجم: صنعا خبزاً بلدياً يقل متوسط وزن الرغيف فيه عن الوزن المقرر قانوناً حال كون الأول مالكاً للمخبز والثاني خراطاً به. وطلبت عقابهما بالمواد 24 و26/ 3 و27 و38/ 3 من القرار رقم 90 لسنة 1957 المعدل بالقرارات 109 لسنة 1958 و63 لسنة 1960 و74 لسنة 1961 و138 سنة 1963. ومحكمة ديرب الجزئية قضت حضورياً في 21/ 10/ 1965 عملاً بمواد الاتهام بحبس كل من المتهمين ستة أشهر وكفالة خمسة جنيهات لكل لوقف النفاذ وغرامة مائة جنيه والمصاريف مع شهر ملخص الحكم بأحرف كبيرة على واجهة المحل لمدة ستة أشهر وعلى نفقتهما. فاستأنف المتهمان هذا الحكم. ومحكمة الزقازيق الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً في 12/ 12/ 1965 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن عن جريمة صنع خبز بلدي يقل عن الوزن المقرر قانوناً قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب ذلك بأنه قضى على الطاعن بالحبس والغرامة معاً مع أنه كان غائباً عن المخبز بسبب مرضه ولم يتمكن من منع وقوع المخالفة وكان يتعين من أجل ذلك القضاء عليه بالغرامة فقط وفقاً للمادة 58 من المرسوم بقانون 95 لسنة 1945 - الخاص بشئون التموين - هذا إلى أنه قد صدر بعد وقوع الجريمة قرار وزير التموين رقم 282 لسنة 1965 بتاريخ 6 من ديسمبر سنة 1965 وقرر تخفيض وزن الرغيف البلدي في محافظة الشرقية وترتب على ذلك أن أصبح الخبز المضبوط جميعه زائداً عن الوزن الوارد في القرار الأخير بعد حساب نسبة السماح وقدرها 5% مما يوجب الحكم ببراءة الطاعن وفقاً للمادة الخامسة من قانون العقوبات التي تقضي بإتباع القانون الأصلح للمتهم. كذلك فقد حددت المادة 23 من القرار 90 لسنة 1957 الصادر من وزير التموين المعدلة بالقرار 124 لسنة 1957 نسبة الرطوبة في الخبز البلدي ساخناً 40% و39% بارداً كما نصت المادة 35 من القرار 90 لسنة 1957 المعدلة بالقرارين 146 لسنة 1958 و92 لسنة 1959 على طريقة تعرف مواصفات الخبز وذلك بإرسال العينات لبيان نسبة الرطوبة على الوجه الوارد في النص وقد دفع المتهم الآخر في الدعوى أن الخبز المضبوط من النوع المسلوق وطلب عرضه على النيابة العامة إلا أن مفتش التموين باع الخبز المضبوط وقد دفع الطاعن بأن عدم تحليل الخبز المضبوط يترتب عليه استحالة التحقق من ثبوت القصد الجنائي في جريمة صنع خبز أقل من الوزن المقرر قانوناً وهو تعمد إنقاص وزن الرغيف إضراراً بالمستهلك. إلا أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع أو يرد عليه مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة - صنع خبز بلدي يقل وزنه عن المقرر قانوناً - التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة مستمدة من أقوال مفتش تموين محافظة الشرقية من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التي رتبها عليها ورد الحكم على دفاع الطاعن من عدم تمكينه من منع وقوع المخالفة لغيابه ومرضه في قوله "وحيث إن المتهم الأول (الطاعن) قدم لمحكمة أول درجة شهادة طبية مؤرخة في 4/ 3/ 1965 تفيد شكواه من جرح رضي بالأنف مع التهاب خلوي جاء بالوجنة وحرارته 39 وسحجات رضية بالركبتين ويحتاج لملازمة الفراش لمدة أسبوعين حتى يبرر غيابه عن المخبز وقت المخالفة. وحيث إن هذه المحكمة لا تطمئن للشهادة الطبية المذكورة لأنها مؤرخة في 4/ 3/ 1965 ولم يقدمها المتهم إلا بجلسة 7/ 10/ 1965 دون أن يقدمها وقت التحقيق وتلتفت عنها. وحيث إنه لا محل لتطبيق المادة 58 من القانون المطبق في حق المتهم الأول بسبب غيابه عن المخبز وقت الضبط إذ أن مسئولية صاحب المخبز ومديره مفترضة إلا إذ أثبت أنه بسبب الغياب أو استحالة الواقعة لم يتمكن من منع وقوع المخالفة فتقتصر العقوبة على الغرامة في هذه الحالة وعلى ذلك فغياب المتهم الأول (الطاعن) وقت المخالفة لا يكفى لإعمال المادة 58 في حقه إذ لابد أن يثبت مع الغياب أنه لم يتمكن من منع وقوع المخالفة ولم يثبت لهذه المحكمة أن المتهم الأول لم يتمكن من منع وقوع المخالفة" وهو رد سليم لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة أن الغياب لا يصلح بذاته عذراً إلا إذا كان من شأنه أن يحول دون منع وقوع المخالفة، وكان الحكم لم ير في مجرد غياب الطاعن وقت الحادث ما يحول دون قيامه بواجب المراقبة لمنع وقوع المخالفة، فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن دفاع الطاعن وقضى عليه بعقوبتي الحبس والغرامة معاً يكون على صواب في تطبيق القانون. أما ما ينعاه الطاعن على الحكم من عدم أخذه بأحكام قرار وزير التموين رقم 282 لسنة 1965 الصادر في 6 ديسمبر بعد وقوع الجريمة بتخفيض وزن الرغيف باعتباره القانون الأصلح للمتهم - فمردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة أن تخفيض وزن الرغيف لم يقصد به رعاية جانب أصحاب المخابز ولا يترتب عليه التيسير عليهم أو التخفيف من أعبائهم المادية أو زيادة أرباحهم إنما الهدف من إصداره تحقيق اعتبارات اقتصادية بحتة نتصل بسياسة الحكومة فلا تتأثر بهذا التعديل في الوزن مصلحة لأصحاب المخابز ولا تنشئ للمتهم مركزاً أو وضعاً يكون أصلح له من القانون القديم وبذلك يكون القانون القديم هو الذي يسرى على واقعة الدعوى دون غيره تطبيقاً للفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن المخبز كان ينتج خبزاً بلدياً طرياً ناقص الوزن عن الوزن المقرر قانوناً، مما مفاده أنه أطرح دفاع الطاعن، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يكفى لسلامة الحكم في إلحاقه جريمة صنع خبز يقل وزنه عن المقرر قانوناً أن يثبت الطاعن صنع في مخبزه أرغفة ناقصة الوزن ووضعها في المخبز وأحرزها بأي صفة، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من فساد الاستدلال والقصور يكون على غير أساس. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون في غير محله ويتعين رفضه موضوعاً.