أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 19 - صـ 284

جلسة 26 من فبراير سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور أحمد خلف.

(52)
الطعن رقم 68 لسنة 38 القضائية

(أ، ب، ج) نقض."المصلحة في الطعن". ارتباط. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". جريمة. اشتراك. تزوير "تزوير أوراق رسمية". "استعمال المحرر المزور".
( أ ) عدم جواز محاجة المتهم بإعمال الحكم المادة 32 عقوبات في حقه، إذا كان الخطأ في الاستدلال يشمل الحكم كله.
(ب) تحقق الاشتراك في الجريمة إذا كان وقوعها ثمرة لهذا الاشتراك. جواز الاستدلال على الاشتراك بفعل لاحق.
(ج) مثال لخطأ الحكم في الإسناد؟
1 - لما كان تسليم الطاعن الأوراق المزورة لشخص انتحل شخصية المفوض في الاستلام لا يوفر لديه العلم حتماً بتزوير تلك الأوراق التي سبق أن حصل عليها، بل قد يكون اشتراكا في تزوير المحررات التالية لها مثل إذن الاستلام الأمر الذي يكون تهمة أخرى لم تكن موجهة إليه. وكان الحكم قد استدل - في خصوص جريمة الاستعمال - على علم الطاعن بتزوير المحررين المنسوب صدورهما إلى الجمعية التعاونية باشتراكه في تزويرهما، فإن الخطأ يشمل استدلال الحكم كله بما يعيبه، ويوفر المصلحة في التمسك بهذا الوجه دون أن يحاج بتطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى التهمتين معاً، وإيقاع عقوبة واحدة مقررة لأيهما.
2 - الاشتراك في الجريمة لا يتحقق إلا إذا كان التحريض أو الاتفاق سابقاً على وقوعها، أو كانت المساعدة سابقة أو معاصرة لها، وكان وقوع الجريمة ثمرة لذلك الاشتراك بحيث إذا تمت الجريمة، فإن كل نشاط تال لتمامها، لا يصح أن يوصف في القانون بوصف الاشتراك، وإنما يصح أن يكون جريمة مستقلة متى توافرت شرائطها وإن جاز الاستدلال على الاشتراك بفعل لاحق يسوغ الاستشهاد به.
3 - متى كان الحكم قد أطرح دفاع الطاعن بأن مستلم السماد وذا المصلحة في التزوير هو شخص آخر دونه - بقوله إن ما ذكره أمين مخزن بنك التسليف ابتداء من أن الشخص الآخر هو الذي استلم السماد إنما كان خطأ منه لعدم معرفته به - فإن ما أثبته الحكم يكون على غير سند صحيح من الأوراق، بعد أن ثبت منها أنه سمى الشخص المذكور وبين صفته وسئل في حضرته ووجه به فأصر على أنه هو الشخص الذي عناه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يومي 5، 6 ديسمبر سنة 1964 بدائرة مركز ملوي محافظة المنيا: (أولاً) اشترك مع مجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة في تزوير محررين رسميين هما محضري مجلس إدارة الجمعية التعاونية الزراعية لناحية تنده ومحضر المعاينة الملحق به والموضحين بالأوراق وكان ذلك بأن اتفق معه وساعده في سبيل اصطناع هذين المحررين والتوقيع بإمضاءات نسبها زوراً إلى أصحابها من المختصين بإدارة الجمعية سالفة البيان وغيرهم من الزراعيين فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة (ثانياً) استعمل المحررين سالفي الذكر بأن قدمهما إلى المختصين ببنك التسليف وترتب على ذلك صرف كميات السماد الموضحة بالأوراق. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 40/ 2 - 3 و41 و214/ 2. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات المنيا قضت في الدعوى حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17 و32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل مدة سنة ومصادرة الأوراق المزورة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بتهمتي الاشتراك في تزوير محررين رسميين واستعمالهما قد أخطأ في تطبيق القانون، وشابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد، ذلك بأنه اعتبر حصول الطاعن على المحررين المزورين بعد تزويرهما اشتراكاً في التزوير، مع أن الاشتراك يجب أن يكون سابقاً على ارتكاب الجريمة أو معاصراً لها، ولا يفيد الحصول على الأوراق المزورة الاشتراك في التزوير أو العلم به. كما استدل على ثبوت التهمتين في حق الطاعن بأقوال أمين مخزن بنك التسليف بما مؤداه أنه هو الذي استلم السماد، مع أن دفاع الطاعن قام على أن أمين المخزن أكد في أكثر من معرض سواء في استدلال الشرطة أو في تحقيق النيابة أن مستلم السماد شخص آخر غيره يدعى "طه عمر"، فرد الحكم على هذا الدفاع بأن أمين المخزن إذا كان قد شهد بداية في أقواله بأن "طه عمر" استلم السماد، فذلك لأنه لم يعرف شخصية المستلم، وفاته بذلك أن أمين المخزن حينذاك كان يعرف شخصية طه عمر ووجه به فأكد في مواجهته بأنه هو الذي استلم السماد، ولا يعرف مبلغ الأثر الذي كان لهذا الخطأ في عقيدة المحكمة لو تفطنت إليه، مما يعيب حكمها بما يوجب نقضه.
وحيث إن الاشتراك في الجريمة لا يتحقق إلا إذا كان التحريض أو الاتفاق سابقاً على وقوعها، أو كانت المساعدة سابقة أو معاصرة لها، وكان وقوع الجريمة ثمرة لذلك الاشتراك، بحيث إذا تمت الجريمة، فإن كل نشاط تال لتمامها، لا يصح أن يوصف في القانون بوصف الاشتراك، وإنما يصح أن يكون جريمة مستقلة متى توافرت شرائطها وإن جاز الاستدلال على الاشتراك بفعل لاحق يسوغ الاستشهاد به. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ جعل من مجرد حصول الطاعن على الأوراق المزورة اشتراكاً في التزوير، فإنه يكون قد أخطأ في القانون. ولما كان تقديم الطاعن بالأوراق المزورة شخصاً انتحل شخصية المفوض في استلام السماد لا يوفر لديه العلم حتماً بتزوير تلك الأوراق التي سبق أن حصل عليها، بل قد يكون اشتراكاً في تزوير المحررات التالية لها مثل إذن الاستلام الذي يكون تهمة أخرى لم تكن موجهة إلى الطاعن.
وكان الحكم قد استدل - في خصوص جريمة الاستعمال - على علم الطاعن بتزوير المحررين المنسوب صدورهما إلى الجمعية التعاونية باشتراكه في تزويرهما، فإن الخطأ يشمل استدلال الحكم كله بما يعيبه؛ ويوفر المصلحة في التمسك بهذا الوجه دون أن يحاج بتطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى التهمتين معاً، وإيقاع عقوبة واحدة مقررة لأيهما. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن أن أمين مخزن بنك التسليف سئل في أكثر من معرض سواء في استدلال الشرطة أو في تحقيق النيابة فذكر أن من يدعى "طه عمر" مفوض جمعية بندة حضر إليه، ومعه إذن استلام السماد من الجمعية فصرف إليه، وأنه هو الذي وقع على إذن استمارة الصرف/ 12 سماد بالاستلام، وأن طه عمر سئل في تحقيق النيابة في حضرة الشاهد المذكور ووجه به فأصر هذا الأخير على أنه هو نفسه الذي حضر إليه ووقع على استمارة السماد بالاستلام، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح دفاع الطاعن بأن مستلم السماد وذا المصلحة في التزوير هو "طه عمر" دونه بقوله إن ما ذكره أمين مخزن بنك التسليف ابتداء من أنه هو الذي استلم السماد إنما كان خطأ منه لعدم معرفته به، فإن ما أثبته الحكم من ذلك يكون على غير سند صحيح من الأوراق، بعد أن ثبت منها أنه سماه وبين وصفته، وسئل في حضرته ووجه به فأصل على أنه هو الشخص الذي عناه. وإذا كان لا يعرف مبلغ الأثر الذي كان لهذا الخطأ في عقيدة المحكمة لو تفطنت إليه. وكانت الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يبطله ويوجب نقضه.