مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1971 إلى منتصف فبراير سنة 1972) - صـ 3

(1)
جلسة 7 من نوفمبر سنة 1971

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد مختار العزبي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر وأبو بكر محمد عطية المستشارين.

القضية رقم 523 لسنة 13 القضائية

عاملون مدنيون - تعيين - أقدمية.
نشوء المركز الوظيفي بصدور قرار التعيين في الوظيفة بالأداة القانونية الصحيحة ممن يملك سلطة التعيين - مجرد تسلم العمل لا يكفي لانعقاد رابطة التوظف - القانون رقم 193 لسنة 1955 بشأن استثناء وزارة التربية والتعليم من أحكام المادة السادسة من القانون رقم 210 لسنه 1951 لم يتضمن تعديلاً لهذه القواعد - بيان ذلك.
إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المركز الوظيفي لا ينشأ إلا بصدور قرار التعيين في الوظيفة بالأداة القانونية الصحيحة ممن يملك سلطه التعيين وأن الحقوق الوظيفية تنشأ من ذلك الوقت في حق من أضفى عليه هذا المركز القانوني الذي من عناصره تحديد الدرجة والأقدمية. ولم يتضمن القانون رقم 193 لسنة 1955 باستثناء وزارة التربية والتعليم من أحكام المادة السادسة من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة الأولى من القانون رقم 226 لسنة 1951. تعديلاً للقواعد التي تعين بدء صلة الموظف بوظيفته وتجعل مناطها قرار التعيين أو خروجها على هذه القواعد وإنما اقتصر على إجازة التعيين في الوظيفة العامة قبل استيفاء مسوغات التعيين نظراً إلى حاجة العمل، على أن تستوفى هذه المسوغات خلال أجل معين، ومن ثم فإن أقدمية المدعية في الوظيفة التي عينت فيها ترجع وفقاً لصريح نص القرار الصادر بتعيينها إلى 24 من فبراير سنة 1957 بغض النظر عن تاريخ تسلمها العمل الذي هو واقعة مادية لا أثر لها إلا بالنسبة إلى استحقاق المرتب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المناعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعية أقامت الدعوى رقم 762 لسنة 18 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم بعريضة أودعت قلم كتاب محكمه القضاء الإداري في 26 من إبريل سنة 1964، بناء على قرار صادر لصالحها بجلسة 17 من مارس سنة 1964 من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكورة في طلب الإعفاء رقم 1861 لسنة 17 القضائية المقدم منها في 15 من سبتمبر سنة 1963 ضد وزارة التربية والتعليم، وطلبت في عريضة الدعوى "الحكم بإلغاء القرار رقم 331 الصادر في 19 من ديسمبر سنة 1962 فيما تضمنه من تخطيها في الترقية إلى الدرجة الخامسة مع ما يترتب
على ذالك من آثار مع إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة" - وقالت بياناً لدعواها أنها استلمت عملها كمدرسة بوزارة التربية والتعليم بعد استيفاء مسوغات تعيينها في 22 من ديسمبر سنة 1956 ولكن الوزارة أصدرت القرار رقم 25 لسنة 1957 باعتبار أقدميتها في الدرجة السادسة الفنية المالية راجعة إلى 24 من فبراير سنة 1957 وهو تاريخ صدور قرار التعيين، ولما تظلمت أصدرت مديرية أسيوط التعليمية قراراً برقم 76 في 19 من مايو سنة 1963 اعتبر تعيينها في الدرجة السادسة راجعاً إلى 22 من ديسمبر سنة 1956 وهو تاريخ استلامها العمل، إلا أن المديرية ذاتها أصدرت في 19 من أكتوبر سنة 1963 القرار رقم 27 بسحب القرار رقم 76 سالف الذكر، وهذا القرار الساحب باطل لصدوره بعد مرور أكثر من ستين يوماً على صدور القرار المسحوب الذي تحصن بفوات المواعيد المقررة لسحب القرارات الإدارية، ومن جهة أخرى فإن أقدميتها في الدرجة السادسة يجب أن ترجع إلى 22 من ديسمبر سنة 1956 تاريخ استلامها العمل بالوزارة، وذلك استناداً إلى ما قضت به المحكمة الإدارية العليا من ضم مدة التكليف السابقة إلى مدة الخدمة الحالية طبقاً لقرارات ضم مدة الخدمة السابقة. وخلصت المدعية من ذلك إلى القول بأنه متى استقرت أقدميتها في الدرجة السادسة على الوجه سالف الذكر فإنه يحق لها أن تطعن في القرار رقم 331 الصادر في 19 من ديسمبر سنة 1962 بالترقية إلى الدرجة الخامسة فيما تضمنه من تخطيها في هذه الترقية مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأنها سبق لها أن - تقدمت بتظلم من هذا القرار في 30 من مايو سنة 1963، وقد أجابت الجهة الإدارية عن الدعوى بقولها أن نشوء رابطة التوظف يكون بصدور قرار بالتعيين في الوظيفة العامة، وقرار التعيين شأنه شأن أي قرار إداري لا يوجد إلا إذا أفصحت جهة الإدارة عن إرادتها في أحداث الأثر القانوني بالتعيين، وعلى ذلك فإن تعيين المدعية لم يحدث إلا بموجب القرار رقم 25 لسنة 1957 الذي حدد أقدميتها في الدرجة السادسة الفنية العالية اعتباراً من 24 من فبراير سنة 1957، وقد تحصن هذا القرار بعدم الطعن فيه في الميعاد القانوني، وإذ صدر القرار المطعون فيه متضمناً ترقيه من ترجع أقدميتهم في الدرجة السادسة إلى 31 من ديسمبر سنة 1956 وكانت أقدمية المدعية راجعة في هذه الدرجة إلى 24 من فبراير سنة 1957 فإن النعي على هذا القرار بمخالفته للقانون وتخطيها في الترقية إلى الدرجة الخامسة يكون في غير محله - أما ما ذهبت إليه المدعية من أنه قد صدر بعد ذلك قرار بإرجاع أقدميتها إلى تاريخ تسلمها العمل في 22 من ديسمبر سنة 1956 وأنه قد تحصن بمضي ستين يوماً على صدوره دون أن يسحب، فإن هذا القول لا يصادف محلاً لأنها وقت تسلمها العمل لم تكن ضمن موظفي الحكومة حتى يمكن القول باعتبار تعيينها متحقق من تاريخ تسلمها العمل، ولا يجوز بالتالي اعتباراً هذا القرار متحصناً لمضي ستين يوماً على صدوره، وبجلسة 19 من يناير سنة 1967 قضت محكمة القضاء الإداري "هيئة الترقيات والتعيينات" (بإلغاء القرار رقم 331 لسنة 1962 فيما تضمنه من تخطي المدعية في الترقية إلى الدرجة الخامسة مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة المصروفات) - وأقامت قضاءها على أن القانون رقم 193 لسنة 1955 أجاز لوزارة التربية والتعليم تعيين المدرسين اللازمين للمدارس الابتدائية والإعدادية وما في مستواها على أن تستوفى مسوغات التعيين خلال تسعة أشهر من تاريخ تعيين كل منهم وإلا اعتبر مفصولاً، وأن المدعية قد استوفت مسوغات تعيينها قبل انقضاء فترة التسعة أشهر المحددة في القانون، وأن تسلمها العمل في 22 من ديسمبر سنة 1956 كان بناء على ما أجازه القانون من تعيين المدرسين مؤقتاً قبل استيفاء مسوغات تعيينهم، وبذلك يتعين إرجاع أقدميتها إلى التاريخ المذكور، وعلى ذلك يعتبر القرار رقم 25 لسنة 1957 معدوماً فيما تضمنه من اعتبار المدعية معينة اعتباراً من تاريخ صدوره في 24 من فبراير سنة 1957 لوروده على غير محل بعد أن أصبح تعيين المدعية أمراً مستقراً في 22 من ديسمبر سنة 1956، كما أن صفة الانعدام تلصق بالقرار رقم 27 لسنة 1963 الصادر في 9 من أكتوبر سنة 1963، إذ لا يخرج عن كونه امتداداً للقرار المنعدم السابق صدوره في 25 من فبراير سنة 1957 برقم 25 لسنة 1957، ومن ثم ينحدر إلى مجرد الفعل المادي المعدوم الأثر قانوناً، فلا تلحقه أية حصانة ولا يزيل عيبه فوات ميعاد الطعن فيه وأنه طالما أن القرار المطعون فيه قد شمل بالترقية إلى الدرجة الخامسة كل من ترجع أقدميته في الدرجة السادسة إلى 31 من ديسمبر سنة 1956 فإن ذلك القرار يكون قد خالف القانون بتخطيه المدعية في الترقية نظراً لأن المدعية ترجع أقدميتها في الدرجة السادسة إلى 22 من ديسمبر سنة 1956 على الوجه الذي انتهى إليه الحكم.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ قضى باعتبار المدعية معينة في الوزارة ابتداءً من تاريخ تسلمها العمل في 22 من ديسمبر سنة 1956 بدلاً من تاريخ صدور قرار تعيينها في 4 من فبراير سنة 1957، لأن مجرد تسلم العمل أو تقاضي المرتب لا يكفي لانعقاد رابطة التوظف، وأن القرار الصادر بتعيينها هو الذي ينشئ هذه الرابطة وتعتبر الأقدمية في الدرجة طبقاً للمادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951 من تاريخ التعيين فيها. ولا وجه للاستناد إلى القانون رقم 193 لسنة 1955 لإرجاع أقدمية المدعية في الدرجة السادسة إلى تاريخ تسلمها العمل، لأن من يعين بالتطبيق لأحكام هذا القانون تتحدد أقدميته من تاريخ صدور قرار التعيين وليس من تاريخ سابق على صدوره، لأنه ليس في نصوص القانون المذكور ما يجيز حساب بدء التعيين من تاريخ تسلم العمل إذا لم يكن قد صدر قرار التعيين استثناء من أحكام قانون التوظف قبل استكمال مسوغات التعيين، ولا يمكن أن يعتبر تسليم العمل بديلاً عن صدور قرار التعيين. وإذا كانت أقدمية المدعية قد تحددت في الدرجة السادسة من تاريخ صدور قرار تعيينها في 24 من فبراير سنة 1957 فإنه لا يتأتي لها تعديل هذه الأقدمية إلا بالطعن في قرار تعيينها فيما تضمنه من تحديد أقدميتها في الدرجة السادسة وإذ تقاعست عن الطعن في هذا القرار في الميعاد القانوني فإنه يصبح حصيناً من الإلغاء، ومتى كان الأمر كذلك فإنه ما كان يجوز للمدعية طلب الترقية بموجب القرار المطعون فيه والذي اشتمل على من هم أسبق منها في أقدمية الدرجة السادسة.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المركز الوظيفي لا ينشأ إلا بصدور قرار التعيين في الوظيفة بالأداة القانونية الصحيحة ممن يملك سلطة التعيين وأن الحقوق الوظيفية تنشأ من ذلك الوقت في حق من أضفى عليه هذا المركز القانوني الذي من عناصره تحديد الدرجة والأقدمية.
ومن حيث أنه بالاطلاع على ملف خدمة المدعية يبين أن السيد مدير منطقة أسيوط التعليمية أصدر القرار رقم 25 لسنة 1957 في 24 من فبراير سنة 1957 ناصاً على أنه "اعتباراً من تاريخ صدور هذا القرار تعين الآنسة....... (المدعية) في وظيفة مدرسة بمدرسة الأقباط الإعدادية بنات بأبوتيج بالدرجة السادسة الفنية العالية...، وتمنح ماهية شهرية قدرها خمسة عشر جنيهاً اعتباراً من تاريخ تسلمها العمل في 22 من ديسمبر سنة 1956، على أن يكون التعيين تحت الاختبار لمدة سنه على الأقل وسنتين على الأكثر" ومن ثم يكون تعيين المدعية وفقاً لصريح عبارة هذا القرار الذي أنشأ رابطة التوظف ولحكم المادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة التي تنص على أن "تعتبر الأقدمية في الدرجة من تاريخ التعيين فيها" وللأثر المباشر للقرارات الإدارية المنشئة، حاصلاً اعتباراً من 24 من فبراير سنة 1957، ومن هذا التاريخ تتحدد جميع الحقوق المستمدة من هذه الوظيفة.
ومن حيث أن القانون ر قم 193 لسنة 1955 باستثناء وزارة التربية والتعليم من أحكام المادة السادسة من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة الأولى من القانون رقم 226 لسنة 1951 لم يتضمن تعديلاً للقواعد التي تعين بدء صلة الموظف بوظيفته وتجعل منها قرار التعيين أو خروجاً على هذه القواعد، وإنما اقتصر على أجازة التعيين في الوظيفة العامة قبل استيفاء مسوغات التعيين نظراً إلى حاجة العمل، على أن تستوفى هذه المسوغات جلال أجل معين، ومن ثم فإن أقدمية المدعية في الوظيفة التي عينت فيها ترجع وفقاً لصريح نص القرار الصادر بتعيينها إلى 24 من فبراير سنة 1957 بغض النظر عن تاريخ تسلمها العمل الذي هو واقعة مادية لا أثر لها إلا بالنسبة إلى استحقاق المرتب.
ومن حيث إنه ولئن كان قد صدر بتاريخ 19 من مايو سنة 1963 في شأن المدعية القرار رقم 76 من السيد مدير عام التربية والتعليم بأسيوط بسحب القرار رقم 25 الصادر في 24 من فبراير سنة 1957 فيما تضمنه من تعيينها في الدرجة السادسة اعتباراً من تاريخ صدوره وأن يستقر تعيينها من تاريخ تسلمها العمل في 22 من ديسمبر سنة 1956 إلا أنه قد صدر بتاريخ 9 من أكتوبر سنة 1963 القرار رقم 27 بسحب القرار الساحب رقم 76 وقد نص على أن تستقر حالتها وفقاً لما جاء بقرار تعيينها رقم 25 الصادر في 24 من فبراير سنة 1957 - بناء على ما أشار به السيد مفوض الوزارة - وأنه ولئن كان القرار رقم 27 قد صدر بعد فوات الميعاد القانوني المقرر لسحب القرارات الإدارية، إلا أنه - مع ذلك - لا مناص من الاعتداد به على الرغم من هذه المخالفة. فقد فات المدعية أن تطعن فيه بسبب المخالفة المذكورة بحسب الإجراءات وفي المواعيد المقررة لدعوى الإلغاء فإنه على الرغم من ثبوت علمها به علماً يقيناً أثناء نظر طلب إعفائها من الرسوم، فإنها لم تتظلم بعد ذلك منه ولم تطلب في عريضة الدعوى الحكم بإلغائه، ومن ثم فلا يجوز لها الاستناد إلى القرار رقم 76 المشار إليه للاعتداد بأقدميتها في الدرجة السادسة من تاريخ تسلمها العمل، طالما أن هذا القرار لم يعد له وجود لسحبه بالقرار رقم 27 في 9 من أكتوبر سنة 1963 الذي أصبح حصيناً لعدم الطعن فيه في الميعاد الأمر الذي يترتب عليه أن تعتبر أقدميتها في الدرجة السادسة راجعة إلى تاريخ صدور قرار تعيينها أي إلى 24 من فبراير 1957.
ومن حيث أنه متى كانت أقدمية المدعية في الدرجة السادسة الفنية العالية ترجع إلى تاريخ تعيينها بالقرار رقم 25 الصادر في 24 من فبراير سنة 1957 فإن هذه الأقدمية لا تسعفها في الترقية إلى الدرجة الخامسة بمقتضى القرار المطعون فيه حيث شمل ترقية من ترجع أقدميتهم في الدرجة السادسة إلى 31 من ديسمبر سنة 1956، ومن ثم تكون دعواها غير قائمة على أساس سليم من القانون وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعية بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعية بالمصروفات.