أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 19 - صـ 632

جلسة 3 من يونيه سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود عطيفه.

(126)
الطعن رقم 629 لسنة 38 القضائية

(أ، ب) خيانة أمانة. جريمة. "أركان الجريمة". قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". دفوع. "الدفع بانتفاء الجريمة".
( أ ) كون الشيء المبدد قد سلم للمتهم بمقتضى عقد من عقود الائتمان المبينة بالمادة 341 عقوبات. شرط لقيام جريمة خيانة الأمانة.
وجوب استظهار الحكم قيام عقد الائتمان بين الطرفين عند الدفع بأن العلاقة علاقة مديونية.
(ب) مجرد تصرف المتهم في الشيء المسلم إليه أو خلطه بماله، لا يتحقق به القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة.
نية تملك الشيء المسلم وحرمان صاحبه منه ركن أساسي في جريمة خيانة الأمانة ووجوب استظهار هذا الركن والرد على دفاع المتهم حوله بما يفنده.
1 - لما كان يشترط لقيام جريمة خيانة الأمانة أن يكون الشيء المبدد قد سلم إلى المتهم بمقتضى عقد من عقود الائتمان المبينة بالمادة 341 من قانون العقوبات، وكان المتهم على ما يبين من مدونات الحكم قد دفع التهمة بأن العلاقة بينة وبين الشركة المجني عليها ليست علاقة وكالة ولكنها علاقة مديونية، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يستظهر قيام عقد الوكالة بين الطرفين يكون قاصر البيان.
2 - لا يتحقق القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة بمجرد تصرف المتهم في الشيء المسلم إليه أو خلطه بماله وإنما يتطلب فوق ذلك ثبوت نية تملكه إياه وحرمان صاحبه منه، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يستظهر هذا الركن الأساسي ولم يرد على دفاع المتهم بما يفنده، يكون قاصراً قصوراً يعيبه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 29/ 6/ 1964 بدائرة قسم قصر النيل: بدد قيمة الشيك المبين بالمحضر والمملوك لشركة التوكيلات العامة للتجارة والصناعة (عدلي حرب وشركاه) المسلم إليه على سبيل الوكالة لتحصيله ممن أصدره وإعادة قيمته للشركة المجني عليها فاختلسه لنفسه إضراراً بالمجني عليه. وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. ومحكمة قصر النيل الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة 50 ج خمسين جنيهاً. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم عملاً بالمادتين 55 و56 من قانون العقوبات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة التبديد قد عاره قصور في التسبيب وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن دفاع الطاعن قام على أن الشيك الذي نسب إليه تبديد قيمته كان أصلاً مسحوباً لصالحه ثم حوله إلى المجني عليه وفاء لدين للأخير عليه، ولما لم يجد رصيداً للساحب أعاد الشيك إلى الطاعن على أن يقوم بسداد قيمته إلى المجني عليه مما يدل على أن العلاقة بين الطاعن والمجني عليه كانت علاقة مديونية، وأنه إذا كان قد حصل على قيمة الشيك من الساحب بعد ذلك فإن قبضه للمبلغ إنما كان بصفته مالكاً له استيفاء لدينه لا باعتباره وكيلاً عن الشركة المجني عليها كما ذهب الحكم إلى ذلك خطأ، كما أن عدم قيامه بسداد ما عليه من دين إلى المجني عليه بعد رد الشيك إليه وقبض قيمته لا يكون جريمة تبديد لعدم وجود عقد من عقود الأمانة ولأنه ليس بمقبول عقلاً أن يبدد المالك ملكه، وعلى الرغم مما ينطوي عليه هذا الدفاع من اعتبار الواقعة غير مؤثمة، فإن الحكم المطعون فيه التفت عنه ولم يعن بالرد عليه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله إنها "تخلص في أنه في 9/ 12/ 1964 أبلغ المجني عليه وقرر بمحضر تحقيق النيابة أنه سلم المتهم شيكاً بمبلغ 1000 ج لصرف قيمته من الساحب ورد هذه القيمة إليه غير أنه تسلم القيمة واختلس المبلغ. وقدم إيصالاً مؤرخاً في 19/ 6/ 1964 يفيد ذلك". لما كان ذلك، وكان يشترط لقيام جريمة خيانة الأمانة أن يكون الشيء المبدد قد تسلم إلى المتهم بمقتضى عقد من عقود الائتمان المبينة بالمادة 341 من قانون العقوبات، وكان الطاعن على ما يبين من مدونات الحكم بدفع التهمة بأن العلاقة بينه وبين الشركة المجني عليها ليست علاقة وكالة ولكنها علاقة مديونية، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يورد مؤدى الإيصال المؤرخ 19 يونيه سنة 1964 ولم يستظهر قيام عقد الوكالة بين الطرفين يكون قاصر البيان. لما كان ذلك، وكان مؤدى دفاع الطاعن أن ثمة علاقة مديونية تربطه بالشركة المجني عليها وقد ظهر لها الشيك محل الاتهام والصادر له من أحد التجار وفاء لدينه فلما أن رفض البنك الصرف لعدم وجود رصيد للساحب رد إلى الشركة الشيك وأنه بهذا الرد تعود ملكية الشيك إليه ويعود من جديد مديناً للشركة المجني عليها، وأن حصوله على قيمة الشيك من الساحب بعد ذلك إنما كان بصفته مالكاً له إلى حين تسوية الحساب بينه وبين الشركة المجني عليها بما ينتفي معه سوء النية، وكان القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة لا يتحقق بمجرد تصرف المتهم في الشيء المسلم إليه أو خلطه بماله وإنما يتطلب فوق ذلك ثبوت نية تملكه إياه وحرمان صاحبه منه، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يستظهر هذا الركن الأساسي ولم يرد على دفاع الطاعن بما يفنده، فإنه يكون قاصراً قصوراً يعيبه بما يوجب نقضه والإحالة.