أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 994

جلسة 25 من نوفمبر سنة 1968

برئاسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمد نور الدين عويس، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني.

(202)
الطعن رقم 1268 لسنة 38 القضائية

( أ ) سلاح. قانون. "تفسيره". جريمة. نقض. "حالات الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون".
حالات الإعفاء من الترخيص بحمل السلاح؟
جريمة عدم إخطار شيخ البلد عما يحوز من سلاح. جنحة.
(ب) عقوبة. "عقوبة مبررة". نقض. "المصلحة في الطعن". سلاح.
عدم جدوى النعي على الحكم خطؤه بإدانة المتهم بجناية إحراز سلاح بدون ترخيص ما دامت العقوبة المقضي به تدخل في نطاق عقوبة جنحة عدم الإخطار التي ارتكبها الطاعن.
(ج) سلاح. نقض. "أسباب الطعن بالنقض. ما لا يقبل منها". أسباب الإباحة.
لا توارث في أسباب الإباحة. مثال.
1 - إن البين من استقراء نصوص المواد الأولى والخامسة والثامنة والسابعة والعشرين من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والقانون رقم 155 لسنة 1956 والقانون رقم 75 لسنة 1958، أن القانون بعد أن حظر حيازة السلاح أو إحرازه أو حمله بغير ترخيص بصفة عامة. أباحه - على سبيل الاستثناء - لطائفتين من الأشخاص. الطائفة الأولى كميزة أولاها إياهم بصفاتهم الشخصية ولا ترتبط بوظائفهم، وهؤلاء نص في المادة الخامسة على إعفائهم من الترخيص، وأوجب عليهم الإخطار. والطائفة الثانية لم يجر عليهم أحكام القانون جملة، بنصه على عدم سريانه عليهم، وهم رجال القوة العامة لضرورة السلاح لهم لأداء وظائفهم، وإنما اجتزأ في الفقرة الثانية من المادة الثامنة بإلزام العمد والمشايخ ومن في حكمهم بواجب الإخطار المبين في الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة بشرط ألا يجاوز ما لديهم من السلاح قطعة واحدة من النوع المبين بالجدول رقم 2 المرافق للقانون. وفي كلتا الحالتين، بالنسبة لكلتا الطائفتين تتحقق الإباحة المستمدة من الصفة أو المبنية على مباشرة الوظيفة، كما أن واجب الإخطار طبقاً لهذه الإباحة هو بعينه واحد لا يتغير بما يترتب على مخالفته من تطبيق العقوبة التي ربطها القانون في المادة السابعة والعشرين، وإذا كانت هذه المادة لم تشر إلا إلى واجب الإخطار المنصوص عليه في المادة الخامسة، فإن من البداهة أن مخالفة الأمر الواحد يقتضي حكماً واحداً لوروده على محل واحد هو السلاح المعفى من الترخيص به في ذات القانون، كما أن المادة الثامنة وقد أحالت إلى المادة الخامسة في شأن واجب الإخطار، فقد اندمجت فيها بطريق اللزوم بحيث لم تعد بالشارع حاجة في المادة 27 إلى ترديد الإحالة المذكورة، لهذا ولأن من يلوذ بالإباحة المستمدة من أداء الوظيفة أقوى سنداً ممن يلوذ بالإباحة المبنية على الميزة التي أولاها القانون لصفته، ولا يعقل أن يكون من ثم أسوأ حظاً منه في مجال التجريم والعقاب. ولما كان الثابت من مدونات الحكم أن الطاعن شيخ للبلد لم يضبط لديه سوى قطعة واحدة من السلاح غير المششخن المشار إليه في الجدول رقم 2 المرافق للقانون، فإنه لم يكن يلزمه أن يطلب الترخيص به حتى يحق عقابه بمقتضى المادة 26 ( أ ) من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل، وإنما كان يجب عليه الإخطار عنه طبقاً للمادة الخامسة ويكون ما وقع منه - في صحيح القانون - جنحة عدم الإخطار المعاقب عليها في المادة 27 سالفة الذكر، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجناية إحراز السلاح بدون ترخيص يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - متى كان الحكم قد عاقب الطاعن بالحبس ستة أشهر وغرامة خمسمائة قرش وهي عقوبة مقررة في المادة 27 من القانون رقم 394 لسنة 1954 والخاصة بالعقاب على جنحة عدم الإخطار، فإن العقوبة مبررة طبقاً للمادة 40 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض يستوي في ذلك - لعموم النص - أن تكون الجريمة التي دين فيها المتهم جناية، في حين أن الجريمة التي ارتكبها في حقيقة وصفها جنحة.
3 - إن الإباحة إنما تستمد بالنسبة إلى كل من يلوذ بها من حكم القانون لا من توارث سببها بين الوالد وولده، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه متى كان قد ذكر صفة الطاعن، وكان إخطار والده عن السلاح - بفرض حصوله - لا يعفيه هو من هذا الواجب متى آل إليه، وكان الطاعن لم يطلب - فضلاً عن ذلك - إلى محكمة الموضوع تحقيق شيء مما يدعيه في طعنه، فليس له أن يثير ذلك لأول مرة لدى محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يوم 23/ 10/ 1966 بدائرة مركز ديرمواس محافظة المنيا: الأول: حاز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مصقول الماسورة من الداخل (بندقية خرطوش). والثاني: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مصقول الماسورة من الداخل (بندقية خرطوش). وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقرر ذلك. ومحكمة جنايات المنيا قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1 و26/ 1 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول رقم 2 المرافق مع تطبيق المواد 17 و30 و55/ 1 و56/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل ستة أشهر وبتغريمه خمسمائة قرش وأمرت بمصادرة السلاح وماكينة تعبئة الخرطوش وبوقف تنفيذ عقوبتي الحبس والغرامة ثلاث سنوات من يوم صدور هذا الحكم. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة حيازته بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب وانطوى على الإخلال بحقه في الدفاع، ذلك بأنه أعمل المادة 26 فقرة أ من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل باعتبار ما وقع منه جناية إحراز سلاح نارياً بغير ترخيص، مع أنه شيخ البلد يباح له بمقتضى القانون إحراز قطعة واحدة من السلاح بشرط الإخطار عنه في الميعاد الذي ضربه، فكان حرياً أخذه بحكم المادة 27 من القانون وهي تنص على عقوبة الجنحة باعتباره مقصراً في واجب الإخطار، أو بحكم المادة 29 باعتبار ما وقع منه مخالفة أخرى غير إحراز السلاح بغير ترخيص ولا يعترض على ذلك بأن العقوبة المحكوم بها عليه وهي الحبس ستة أشهر والغرامة خمسمائة قرش مبررة طبقاً للمادة 40 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، وذلك لاختلاف نوع الجريمة التي دين بها الطاعن - وكونها جناية - عن نوع الجريمة التي ارتكبها والتي يستحق في القانون عقوبتها وهي جنحة، وقد أغفل الحكم بيان صفة الطاعن التي تحدد النص المنطبق، كما أغفل تحقيق دفاعه الذي أبداه أمام النيابة وأمام مستشار الإحالة من أن والده - وهو عمدة سابق - قام فعلاً بواجب الإخطار عن السلاح حال حياته، ولا يتحقق في شأن الطاعن حيازة السلاح لكونه موروثاً عن والده، ملقى بإحدى حجرات المنزل، وبفرض تحقق الحيازة فإنها شائعة بينه وبين غيره من سكانه فلا تخلص له حتى يعاقب عليها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والقانون رقم 155 لسنة 1956 والقانون رقم 75 لسنة 1958 بعد أن حظر في مادته الأولى بغير ترخيص حيازة أو إحراز الأسلحة النارية المبينة بالجدول رقم 2 وبالقسم الأول من الجدول رقم 3، نص في المادة الخامسة على إعفاء أشخاص معينين بصفاتهم من الحصول على الترخيص المنصوص عليه في المادة الأولى مثل الوزراء السابقين واللاحقين وموظفي السلك الدبلوماسي والقنصلي وأعضاء مجلس الأمة على أن يقوموا بإخطار مقر الشرطة عما في حيازتهم من الأسلحة طبقاً للفقرة الأخيرة من المادة المذكورة. ثم نص في المادة الثامنة على أنه "لا تسري أحكام هذا القانون الخاصة بحمل السلاح وإحرازه وحيازته على أسلحة الحكومة المسلمة إلى رجال القوة العامة المأذون لهم في حملها في حدود القوانين واللوائح المعمول به وطبقاً لنصوصها. وكذلك لا تسري على العمد ومشايخ البلد والعزب وعمد ومشايخ قبائل العربان والفرق بشرط أن تقتصر الحيازة على قطعة واحدة من الأسلحة المنصوص عليها في الجدول رقم 2 وأن يخطر عنها المركز التابع لها طبقاً للفقرة الأخيرة من المادة الخامسة" ونصت المادة 27 من القانون على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تجاوز عشرين جنيهاً أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف أحكام المادة الخامسة" والبين من استقراء هذه النصوص أن القانون بعد أن حظر حيازة السلاح أو إحرازه أو حمله بغير ترخيص بصفة عامة، أباحه - على سبيل الاستثناء - لطائفتين من الأشخاص: الطائفة الأولى كميزة أولاها إياهم بصفاتهم الشخصية ولا ترتبط بوظائفهم، وهؤلاء نص في المادة الخامسة على إعفائهم من الترخيص، وأوجب عليهم الإخطار، والطائفة الثانية لم يجر عليهم أحكام القانون جملة، بنصه على عدم سريانه عليهم وهم رجال القوة العامة لضرورة السلاح لهم لأداء وظائفهم. وإنما اجتزأ في الفقرة الثانية من المادة الثامنة بإلزام العمد والمشايخ ومن في حكمهم بواجب الإخطار المبين في الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة بشرط ألا يجاوز ما لديهم من السلاح قطعة واحدة من النوع المبين بالجدول رقم 2 المرافق للقانون. وفي كلتا الحالتين، بالنسبة لكلتا الطائفتين تتحقق الإباحة المستمدة من الصفة أو المبنية على مباشرة الوظيفة، كما أن واجب الإخطار طبقاً لهذه الإباحة هو بعينه واحد لا يتغير بما يترتب على مخالفته من تطبيق العقوبة التي ربطها القانون في المادة السابعة والعشرين، وإذا كانت هذه المادة لم تشر إلا إلى واجب الإخطار المنصوص عليه في المادة الخامسة، فإن من البداهة أن مخالفة الأمر الواحد يقتضي حكماً واحداً لوروده على محل واحد هو السلاح المعفى من الترخيص به في ذات القانون، كما أن المادة الثامنة وقد أحالت إلى المادة الخامسة في شأن واجب الإخطار، فقد اندمجت فيها بطريق اللزوم بحيث لم تعد بالشارع حاجة في المادة 27 إلى ترديد الإحالة المذكورة، لهذا ولأن من يلوذ بالإباحة المستمدة من أداء الوظيفة أقوى سنداً ممن يلوذ بالإباحة المبينة على الميزة التي أولاها القانون لصفته، ولا يعقل أن يكون من ثم أسوأ حظا منه في مجال التجريم والعقاب. ولما كان الثابت من مدونات الحكم أن الطاعن شيخ للبلد لم يضبط لديه سوى قطعة واحدة من السلاح غير المششخن المشار إليه في الجدول رقم 2 المرافق للقانون، فإنه لم يكن يلزمه أن يطلب الترخيص به حتى يحق عقابه بمقتضى المادة 26 ( أ ) من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل، وإنما كان يجب عليه الإخطار عنه طبقاً للمادة الخامسة ويكون ما وقع منه - في صحيح القانون - جنحة عدم الإخطار المعاقب عليها في المادة 27 سالفة الذكر ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجناية إحراز السلاح بغير ترخيص يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، إلا أن هذا الخطأ لا يستتبع نقض الحكم، ذلك لأنه عاقب الطاعن بالحبس ستة أشهر وغرامة خمسمائة قرش وهي عقوبة مقررة في المادة 27 من القانون رقم 394 لسنة 1954 والخاصة بالعقاب على جنحة عدم الإخطار حسبما تقدم، ومن ثم فإن العقوبة مبررة طبقاً للمادة 40 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض يستوي في ذلك - لعموم النص - أن تكون الجريمة التي دين فيها المتهم جناية في حين أن الجريمة التي ارتكبها - في حقيقة وصفها - جنحة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ذكر صفة الطاعن، وكان إخطار والده عن السلاح - بفرض حصوله - لا يعفيه هو من هذا الواجب متى آل إليه. لأن الإباحة إنما تستمد بالنسبة إلى كل من يلوذ بها من حكم القانون لا من توارث سببها بين الوالد وولده. وكان الطاعن لم يطلب - فضلاً عن ذلك - إلى محكمة الموضوع تحقيق شيء مما يدعيه في طعنه. فليس له أن يثير ذلك لأول مرة لدى محكمة النقض. لما كان ما تقدم، وكان سائر الطعن جدلاً موضوعياً لا يثار لدي محكمة النقض فإن الطعن يكون على غير أساس متعين الرفض.