مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الثاني - (من أول مارس سنة 1990 إلى آخر سبتمبر 1990) - صـ 1449

(134)
جلسة 24 من مارس سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ طارق عبد الفتاح البشري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد يسري زين العابدين ويحيى السيد الغطريفي ود. إبراهيم علي حسن وأحمد شمس الدين خفاجي - المستشارين.

الطعن رقم 894 لسنة 34 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - مجالس تأديب العاملين بالمحاكم - شرط إعلان المحال. (مجلس تأديب).
تعتبر قرارات مجلس التأديب مثل أحكام المحكمة التأديبية في خصوص الطعن عليها أمام المحكمة الإدارية العليا - يتعين لسلامة قرار مجلس التأديب أن تكون الخصومة قد انعقدت قانوناً أمام مجلس التأديب - يجب أن يتم إعلان ذوي الشأن بقرار الإحالة للتأديب وبتاريخ الجلسة المحددة لنظره - أساس ذلك - إتاحة المجال للمحال لمباشرة حق الدفاع الذي كفله الدستور في المادة 96 منه وذلك بالأصالة أو الوكالة - وإذا لم يتم الإعلان تكون الخصومة في الدعوى التأديبية لم تنعقد - أساس ذلك: وجوب المواجهة بين الادعاء التأديبي ودفاع المحال للتأديب - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 23 من فبراير 1988 أودع الأستاذ/ فهمي عبد اللطيف المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/..... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 894 لسنة 34 القضائية في القرار الصادر من مجلس تأديب محكمة سوهاج الابتدائية بجلسة 2 من أغسطس سنة 1987 في الدعوى التأديبية رقم 3 لسنة 87 والمقامة من المحامي العام لنيابة سوهاج الكلية ضد....... وآخر، والقاضي بفصل الطاعن من الخدمة.
وقد طلب الطاعن للأسباب الواردة في تقرير الطعن بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب الصادر بجلسة 2 أغسطس 1987 من محكمة سوهاج الابتدائية فيما تضمنه من فصل الطاعن والقضاء مجدداً ببراءته من التهمة المنسوبة إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني ارتأت فيه للأسباب المبينة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه وإعادة الأوراق لمحكمة سوهاج الابتدائية للفصل فيما نسب للطاعن مجدداً من مجلس تأديب مشكل من هيئة أخرى.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فصح الطعون بجلسة 9/ 11/ 1988 وبجلسة 8/ 2/ 1989 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتي نظرته بجلسة 25/ 3/ 1989 وتدوول نظره وفقاً للثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم (24/ 3/ 1990) حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن تقرير الطعن قد أودع في 23 فبراير 1988 بينما صدر قرار مجلس التأديب المطعون فيه أمام المحكمة الإدارية العليا بجلسة 2 أغسطس 1987 وكان قرار مجلس التأديب - وفقاً للمستقر عليه بالمحكمة الإدارية العليا - يعتبر في حكم أحكام المحاكم التأديبية طالما لا يخضع لتصديق جهات عليه، وبالتالي يسري عليه الميعاد المقرر لرفع الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا وهو ستون يوماً من تاريخ صدور القرار المطعون فيه وإذ صدر قرار مجلس التأديب المطعون فيه أمام هذه المحكمة بجلسة 2 من أغسطس 1987 فإن مقطع النزاع في قبول هذا الطعن شكلاً وكذلك فيما يتعلق بعد ذلك بموضوعه هو بحث مدى انعدام الخصومة التي صدر فيها قرار مجلس التأديب المطعون فيه وبطلانه بما يترتب على ذلك من حساب ميعاد الطعن في هذا القرار اعتباراً من تاريخ صدور قرار مجلس التأديب أو من تاريخ علم الطاعن بصدور القرار الباطل بحسب الأحوال.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه تمت إحالة...... و..... المحضرين بمحكمة سوهاج الابتدائية وذلك لما نسب إليهما من تزوير في أوراق رسمية وانتهى مجلس تأديب محكمة سوهاج الابتدائية بجلسة 2/ 8/ 1987 إلى فصل المحضر..... (الطاعن) وخفض وظيفة المحضر..... إلى وظيفة من الدرجة الأدنى للدرجة التي هو عليها مباشرة.
ومن حيث إن مبنى الطعن على قرار مجلس التأديب المطعون فيه بطلانه لصدوره في غيبة الطاعن رغم أن عنوانه ثابت لدى محكمة سوهاج الابتدائية، وإنه كان بإجازة خاصة لمدة عام من 5/ 6/ 1987 حتى 4/ 6/ 1988 ولم يتم إعلانه بالطريق القانوني، ولسقوط الدعوى التأديبية، ولمخالفة قرار مجلس التأديب للقانون لسبق توقيع عقوبة على الطاعن.
ومن حيث إنه عن السبب الأول للطعن فإن الثابت أن مجلس التأديب في قراره المطعون عليه أمام هذه المحكمة - قد قضى في دعوى تأديبية وكان قراره معتبراً كحكم لمحكمة تأديبية في خصوص الطعن عليه أمام هذه المحكمة، ومن ثم فإنه يتعين لسلامة قرار مجلس التأديب أن تكون الخصومة في شأنه قد انعقدت قانوناً أمام مجلس التأديب بحيث يكون قد تم إعلان ذوي الشأن بقرار الإحالة للتأديب وبتاريخ الجلسة المحددة لنظره وذلك حتى يتسنى للمحال مباشرة حق الدفاع الذي كفله له الدستور في المادة 96 منه، وذلك بالأصالة أو الوكالة.
ومن حيث إن قانون المرافعات قد نص في المادة 10 منه على أن "تسلم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو في موطنه ويجوز تسليمها في الموطن المختار في الأحوال التي يبينها القانون. وإذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه في موطنه كان عليه أن يسلم الورقة إلى من يقرر أنه وكيله أو أنه يعمل في خدمته أو أنه من الساكنين معه أو الأزواج والأقارب والأصهار".
وقد واجه المشرع حالة عدم الاستدلال على محل إقامة الشخص أو موطنه في المادة 13/ 10 من قانون المرافعات وذلك بإعلانه في مواجهة النيابة العامة.
ومن حيث إنه بانتقال المحضر المختص إلى شارع أبو الليل - بوابة البرديس بجرجا لإعلان الطاعن بإحالته إلى مجلس التأديب في 6/ 7/ 1987 فقد قرر المحضر كتابة بأنه لم يتم الإعلان وذلك لعدم الاستدلال عليه بالعنوان المذكور، وأنه يعمل الآن بدولة أبو ظبي ولم يعرف عنوانه.
ومن حيث إن الطاعن لم يحضر جلسة المحاكمة أو جلسة النطق بالحكم.
ومن حيث إنه لم يثبت إعلان المحال الثاني (الطاعن) في مواجهة النيابة العامة وفقاً لما يتطلبه صريح نص المادة 13/ 10 من قانون المرافعات، وبعد إجراء تحريات تقتنع معها المحكمة بأنه تم بذل الجهد الكافي للتعرف على موطن المحال، وفي ضوء ما قدمه الطاعن من مستنداته بحافظة مستنداته المقدمة أمام هذه المحكمة بجلسة 25/ 3/ 1989 والتي تفيد بأنه طلب إجازة خاصة بدون مرتب للعمل بدولة الإمارات لمدة عام ثان اعتباراً من 5/ 6/ 1987 حتى 4/ 6/ 1988 وهو ما لم ترد عليه الجهة الإدارية أو تناقشه لبيان مدى علمها بموطن الطاعن بالخارج.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم فإن إعلان الطاعن بالدعوى التأديبية أمام مجلس التأديب - والمطعون على قراره في الطعن الماثل - يكون قد تخلف مما تكون معه الخصومة في الدعوى التأديبية لم تنعقد قانوناً بما توجبه من تمام الموجهة بين الادعاء التأديبي ودفاع المحال للتأديب للفصل بينهما في مجلس التأديب، وهو الأمر الذي يترتب على تخلفه بطلان قرار مجلس التأديب مما يتعين معه الحكم بإلغائه.
ومن حيث إن هذا القضاء لا يمس موضوع الدعوى التأديبية، مما يكون معه للسلطة المختصة تحريكها بعد اتباع الإجراءات المتطلبة قانوناً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه.