مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الثاني - (من أول مارس سنة 1990 إلى آخر سبتمبر 1990) - صـ 1543

(145)
جلسة 14 من إبريل سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أنور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد أمين المهدي وصلاح عبد الفتاح سلامة وسعد الله محمد حنتيرة والسيد عبد الوهاب أحمد - المستشارين.

الطعن رقم 2227 لسنة 31 القضائية

تأمين اجتماعي - شروط قبول الدعوى بالنسبة للمنازعات الناشئة عن قانون التأمين الاجتماعي (دعوى).
المادة 157 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 - على أصحاب الأعمال والمؤمن عليهم قبل اللجوء إلى القضاء تقديم طلب إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لعرض النزاع على لجان فحص المنازعات الناشئة عن تطبيق هذا القانون - لا يجوز رفع الدعوى قبل مضي ستين يوماً من تاريخ تقديم الطلب - متى قدم الطلب إلى الهيئة وجب عليها أن تعرضه على لجان فحص المنازعات دون ترخص من جانبها في إجراء هذا العرض بأية سلطة تقديرية - رفض الهيئة العرض أو امتناعها عنه يشكل قراراً إدارياً سلبياً يجوز الطعن فيه أمام القضاء الإداري - إذا ثبت أن الشركة الطاعنة قدمت الطلب إلى اللجنة الفنية الدائمة لأعمال المقاولات ولم تقدمه إلى الهيئة لعرضه على لجنة فحص المنازعات فلا يكون ثمة قرار سلبي بالامتناع يجوز الطعن فيه - عدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 18 من مايو سنة 1985، أودع الأستاذ حسن زعزع المحامي نيابة عن الأستاذ فكري مكرم عبيد المحامي بصفته وكيلاً عن شركة رولزرويس البريطانية، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2227 لسنة 31 القضائية ضد كل من 1 - السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية 2 - السيد رئيس مجلس إدارة هيئة كهرباء مصر، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 19 من مارس سنة 1985 في الدعوى رقم 1349 لسنة 38 القضائية المقامة من الشركة الطاعنة على المطعون ضدهما، والقاضي بعدم قبول الدعوى وبإلزام الشركة الطاعنة بالمصروفات، وطلبت الشركة الطاعنة للأسباب المبينة بتقرير الطعن أولاً الأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وثانياً الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وأعلن تقرير الطعن قانوناً، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعي وبإلزام الشركة الطاعنة بالمصروفات.
وعين لنظر الطعن جلسة 20 من فبراير سنة 1989 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، وجرى تداوله بالجلسات على الوجه الثابت بالمحضر حتى قررت بجلسة 5 من يونيه سنة 1989 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) وحددت لنظره جلسة 7 من أكتوبر سنة 1989، وتم تداوله أمامها على النحو المبين بالمحاضر حتى قررت بجلسة 24 من مارس سنة 1990 إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات - وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن رفع خلال الميعاد القانوني مستوفياً الأوضاع المقررة فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 21 من ديسمبر سنة 1983 رفعت الشركة الطاعنة الدعوى رقم 1349 لسنة 38 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ضد كل من 1 - السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية 2 - السيد رئيس مجلس إدارة هيئة كهرباء مصر، وطلبت الحكم أولاً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من لجنة المقاولات بالهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية فيما تضمنه من ربط الاشتراكات المستحقة على الشركة الطاعنة بنسبة 5% من القيمة الكلية لعقد التوريد والتركيب المبرم مع هيئة كهرباء مصر ثانياً: بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار أخصها براءة ذمة الشركة الطاعنة من المبلغ الذي تطالبها به الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، وثالثاً: بإلزام الهيئة الأخيرة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وذكرت الشركة الطاعنة أنه بموجب عقد مؤرخ في 10 من نوفمبر سنة 1980 أسندت هيئة كهرباء مصر إلى الشركة الطاعنة عملية توريد وتركيب الأعمال الكهربائية والمدنية لوحدة غازية ببورسعيد بقيمة 5972550 دولاراً أمريكياً مقابل التوريدات وبمبلغ 540212 جنيهاً مقابل التركيبات، وأجاز هذا العقد للشركة الطاعنة استخدام مقاول من الباطن في الأعمال المحلية، فأسندت هذه الأعمال إلى الشركة المصرية العالمية للتجارة والهندسة (إيتيكو) ووافقت هيئة كهرباء مصر على ذلك، وتنفيذاً للمادة 128 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 قدمت شركة (إيتيكو) بياناً بالعاملين لديها إلى منطقة التأمينات الاجتماعية ببورسعيد لتحديد أجر الاشتراك المطلوب منها كصاحب عمل، غير أن المنطقة طلبت عقد التوريد والتركيب المبرم بين الشركة الطاعنة وبين هيئة كهرباء مصر وعرضت الموضوع على اللجنة الفنية للمقاولات التي رأت تحديد نسبة الاشتراك المستحق على الشركة الطاعنة بواقع 5% من القيمة الكلية للعملية الأصلية لأن عمليتي التوريد والتركيب متكاملتان كما رأت عدم الاعتداد بعقد المقاولة من الباطن المبرم مع شركة (أيتيكو) وتنفيذاً لذلك أوقعت الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية في 5 من يونيه سنة 1983 حجزاً على ما للشركة الطاعنة لدى هيئة كهرباء مصر وفاء للمبالغ المستحقة ومقدارها 997 مليماً و76963 جنيهاً، كما أوقعت حجزاً آخر تحت يد البنك الأهلي، وأرسلت هيئة كهرباء مصر كتاباً بذلك إلى الشركة الطاعنة في 3 من يوليه سنة 1983، وعندما علمت الشركة الطاعنة اعترضت بمذكرة طالبة عرض الموضوع على اللجنة المنصوص عليها في المادتين 128 و157 من قانون التأمين الاجتماعي، ثم علمت أن اللجنة قررت رفض الطلب في 29 من نوفمبر سنة 1983، وهذا القرار مخالف للقانون أولاً: لأن الاشتراك يجب أن يربط على الشق المحلى من العقد أي على عملية التركيب فقط وليس أيضاً على المكون الأجنبي في العقد أي على عملية التوريد للمعدات والآلات وذلك عملاً بالقرار الوزاري رقم 255 لسنة 1982 بشأن التأمين على عمال المقاولات وهو ما طبقته منطقة التأمينات الاجتماعية بالبحيرة في عملية محطة كهرباء المحمودية، وثانياً: لأن قبول هيئة كهرباء مصر شركة (إيتيكو) كمقاول من الباطن في أعمال التركيب يقتضي التزام هذه الشركة بالاشتراك عن أعمالها وهو ما أبدت استعدادها له كما يعني انحصار دور الشركة الطاعنة في عملية التوريد فقط وبالتالي عدم التزامها باشتراكات، وأضافت الشركة الطاعنة أن تنفيذ القرار المطعون فيه يلحق بالشركة الطاعنة أشد الأضرار إذ يترتب عليه وقف صرف مستحقاتها والتأمينات والضمانات المقدمة منها في العقود المبرمة مع هيئة كهرباء مصر والحجز على مستحقاتها لدى البنك الأهلي وغيره بما يسيء إلى سمعتها الأمر الذي يبرر طلب وقف تنفيذه إلى أن يقضي بإلغائه، ودفعت الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية أولاً: بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى لأنها في تعاملها مع أصحاب الأعمال والمؤمن عليهم الخاضعين لأحكام قانون التأمين الاجتماعي لا تصدر قرارات إدارية إيجابية أو سلبية بالمعنى القانوني وإنما تتخذ أعمالاً مادية أو إجراءات تنفيذية بالتطبيق لهذا القانون مما يعقد الاختصاص الولائي بنظر المنازعات في شأنها للقضاء العادي كما هو الحال في المنازعة المعروضة، وثانياً: بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل تقدم الشركة الطاعنة بطلب إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لعرض النزاع على لجان فحص المنازعات طبقاً للمادة 157 من قانون التأمين الاجتماعي ولا يعد عرضاً على هذه اللجان قيام الشركة الطاعنة بالعرض على اللجنة الفنية للمقاولات المشكلة بالقرار الوزاري رقم 255 لسنة 1982 بشأن التأمين على عمال المقاولات لأنها تغاير في اختصاصها لجان فحص المنازعات المنصوص عليها في المادة 157 من قانون التأمين الاجتماعي، وثالثاً: برفض الدعوى لأن العقد المبرم بين الشركة الطاعنة وبين هيئة كهرباء مصر لم يتضمن بياناً محدداً للمكون الأجنبي كشرط لاستبعاده طبقاً للقرار الوزاري رقم 362 لسنة 1982 المعدل بالقرار الوزاري رقم 255 لسنة 1982، قضت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) في جلسة 19 من مارس سنة 1985 بعدم قبول الدعوى لعدم اتباع الشركة الطاعنة الطريق الذي رسمه القانون للاعتراض على مبالغ الاشتراكات المطلوبة منها بالالتجاء إلى لجان فحص المنازعات قبل سلوك طريق الطعن القضائي عملاً بالمادتين 128 و157 من قانون التأمين الاجتماعي ومفادهما أنه ينبغي على صاحب العمل قبل اللجوء إلى القضاء أن يطلب إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية عرض النزاع على لجان فحص المنازعات وهى لجان تغاير في اختصاصها اللجنة الفنية للمقاولات المنصوص عليها في قرار وزير التأمينات الاجتماعية رقم 255 لسنة 1982.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله لأن المادة 157 من قانون التأمين الاجتماعي لم تلزم صاحب العمل بتقديم الطلب إلى لجنة فحص المنازعات وإنما ألزمته بتقديم الطلب إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية التي تحيله إلى لجنة فحص المنازعات، وقد قدمت الشركة الطاعنة الطلب في 5 من يوليه سنة 1983 لعرضه على هذه اللجنة، غير أن الهيئة أحالته إلى لجنة المقاولات التي سبق أن استنفدت اختصاصها بإصدارها قراراً بالربط، وهذا التصرف من جانب الهيئة لا يضيع حق الشركة الطاعنة في اللجوء إلى القضاء بعد مضي الستين يوماً المنصوص عليها في تلك المادة.
ومن حيث إن قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 نص في المادة 128 على أنه {يلتزم صاحب العمل في القطاع الخاص بأن يقدم للهيئة المختصة بيانات للعاملين وأجورهم واشتراكاتهم وذلك وفق النماذج التي تعدها الهيئة.... وتحسب الاشتراكات على أساس البيانات الواردة في هذه النماذج فإذا لم يقدم صاحب العمل البيانات حسبت الاشتراكات الواجبة الأداء على أساس آخر بيان قدم منه للهيئة... وفي حالة عدم تقديم تلك البيانات أو عدم وجود السجلات والمستندات يكون حساب الاشتراكات المستحقة طبقاً لما تسفر عنه تحريات الهيئة... وعلى الهيئة المختصة إخطار صاحب العمل بقيمة الاشتراكات المحسوبة... ويجوز لصاحب العمل الاعتراض على هذه المطالبة... خلال ثلاثين يوماً من تاريخ استلامه الإخطار، وعلى الهيئة المختصة أن ترد على هذا الاعتراض خلال ثلاثين يوماً من تاريخ وروده إليها ولصاحب العمل في حالة رفض الهيئة اعتراضه أن يطلب منها عرض النزاع على اللجان المشار إليها في المادة (157).... ولصاحب العمل الطعن في قرار اللجنة أمام المحكمة المختصة خلال الثلاثين يوماً التالية لصدوره...} ونص في المادة 157 على أنه {تنشأ بالهيئة المختصة لجان لفحص المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون... وعلى أصحاب الأعمال والمؤمن عليهم قبل اللجوء إلى القضاء تقديم طلب إلى الهيئة المختصة لعرض النزاع على اللجان المشار إليها لتسويته بالطرق الودية ومع عدم الإخلال بأحكام المادة 128 لا يجوز رفع الدعوى قبل مضى ستين يوماً من تاريخ الطلب المشار إليه}.
ومن حيث إنه يؤخذ من هاتين المادتين أن النزاع بين صاحب العمل في القطاع الخاص وبين الهيئة المختصة وهي الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية حول حساب الاشتراكات التي يؤديها، أياً كانت المحكمة المختصة ولائياً بالفصل فيه، وبصرف النظر عما إذا كان طلب عرضه على لجان فحص المنازعات بالهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية أمراً جوازياً لصاحب العمل توصي به المادة 128 التي قضت بأن لصاحب العمل أن يطلب من الهيئة المختصة عرض النزاع على لجان فحص المنازعات، أو أمراً واجباً على صاحب العمل صدعاً بالمادة 157 التي فرضت بصفة عامة على أصحاب الأعمال قبل اللجوء إلى القضاء تقديم طلب إلى الهيئة المختصة لعرض النزاع على هذه اللجان، فإن القدر المتيقن أنه متى قدم هذا الطلب إليها وجب عليها أن تعرضه على لجان فحص المنازعات دون ترخص من جانبها في إجراء هذا العرض بأية سلطة تقديرية، وهو ما يعني أن رفضها ذلك أو امتناعها عنه يشكل قراراً إدارياً سلبياً يجوز الطعن فيه أمام القضاء الإداري عملاً بالمادة 10 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 إذ نصت على أنه {تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية:.... (خامساً) الطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية... ويعتبر في حكم القرارات الإدارية رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقاً للقوانين واللوائح} كما ينعقد الاختصاص النوعي بنظر هذا الطعن لمحكمة القضاء الإداري طبقاً للمادة 13 من ذات القانون، إلا أن استواء ذلك القرار الإداري السلبي كمناط لقبول الدعوى طعناً عليه رهين ابتداء بتقديم صاحب العمل طلباً إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لعرض النزاع على لجان فحص المنازعات ورهين انتهاء برفض هذه الهيئة أو امتناعها عن إجراء هذا العرض.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن اللجنة الفنية الدائمة لأعمال المقاولات والمشكلة في الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية بموجب قرار وزير التأمينات الاجتماعية رقم 202 لسنة 1976 قررت بجلسة 7 من يوليه سنة 1981 تحديد الاشتراكات بنسبة 5% من القيمة الكلية لعملية توريد وتركيب الأعمال المدنية والكهربائية موضوع العقد المبرم بين الشركة الطاعنة وبين هيئة كهرباء مصر شاملة المكون المحلي والأجنبي وقدمت الشركة الطاعنة إلى مكتب المقاولات التابع لمنطقة التأمينات الاجتماعية ببور سعيد مذكرة قيدت برقم 3461 في 5 من يوليه سنة 1983 بطلب إحالة الموضوع إلى هذه اللجنة للنظر في عدم تطبيق تلك النسبة على المكون الأجنبي وهو أعمال التوريدات لأنها لا تحتاج إلى أية عمالة وقيمتها 5972550 دولاراً أمريكياً حيث تقتصر النسبة على أعمال التركيبات التي تقوم به شركة (أيتيكو) كمقاول من الباطن لأنها أعمال تحتاج إلى عمالة وقيمتها 447495 جنيهاً، كما قدمت الشركة الطاعنة إلى رئيس ذات اللجنة مذكرة قيدت برقم 2698 في 3 من سبتمبر سنة 1983 أشارت فيها إلى قرار اللجنة بتحديد النسبة وطلبت إلغاءه قصره على المكون المحلي، ثم قدمت مذكرة أخرى إلى رئيس اللجنة عينها في ذات الشأن قيدت برقم 2729 في 8 من سبتمبر سنة 1983، وقررت اللجنة الفنية الدائمة لأعمال المقاولات والمشكلة بموجب قرار وزير التأمينات الاجتماعية رقم 255 لسنة 1982 وذلك بجلسة 20 من نوفمبر سنة 1983 رفض اعتراض الشركة الطاعنة وتأييد القرار الصادر بجلسة 7 من يوليه سنة 1981.
ومن حيث إنه يبين من استقراء هذه الوقائع أن الشركة الطاعنة لم تقدم إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية طلباً لعرض النزاع على لجان فحص المنازعات، كما لم تقدم إليها طلباً مجرداً بالنزاع حتى يصح الزعم بقصدها إلى تولي الهيئة بدورها عرض النزاع على هذه اللجان، إذ جاء الطلب الأول المقيد برقم 3461 في 5 يوليه لسنة 1981 صريحاً في رغبتها إحالة الموضوع إلى اللجنة الفنية الدائمة لأعمال المقاولات وإن وجه إلى مدير مكتب التأمينات الاجتماعية بمنطقة بور سعيد، كما وجه الطلب الثاني المقيد برقم 2698 في 3 من سبتمبر سنة 1983 إلى رئيس اللجنة الفنية الدائمة لأعمال المقاولات بطلب إلغاء قرار اللجنة بتحديد النسبة وقصره على المكون الأجنبي، وكذا شأن الطلب الثالث الإلحاقي المقيد برقم 2729 في 8 سبتمبر سنة 1983، مما يعني بجلاء أن الشركة الطاعنة استهدفت في كل طلب من هذه الطلبات عرض الموضوع على اللجنة الفنية الدائمة لأعمال المقاولات وهو عرض أسفر عن صدور قرارها في 20 من نوفمبر سنة 1983 بتأييد قرارها السابق صدوره في 7 من يوليه سنة 1981، مؤدى هذا أن الشركة الطاعنة على نقيض ما تزعمه لم تطلب صراحة أو ضمناً من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية عرض النزاع على لجان فحص المنازعات، وهو طلب كان يلزم هذه الهيئة بإجراء العرض على اللجان المذكورة صدعاً بحكم المادة 157 من قانون التأمين الاجتماعي ويترتب على رفضه أو الامتناع عن تلبيته قيام قرار إداري سلبي يجوز الطعن فيه بالإلغاء أمام محكمة القضاء الإداري بصرف النظر عن مدى خروج الفصل في ذات موضوع النزاع عن دائرة اختصاص القضاء الإداري الأمر الذي يحدو إلى تكييف الدعوى التي أقامتها الشركة الطاعنة بأنها لا تعد طعناً بالإلغاء في القرار الصادر من اللجنة الفنية الدائمة لأعمال المقاولات في 7 من يوليه سنة 1981 أو في 20 من نوفمبر سنة 1983 حسبما صورتها الشركة الطاعنة، وإنما تمثل في الحقيقة طعناً على قرار إداري سلبي من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية بالامتناع عن عرض النزاع على لجان فحص المنازعات استجابة للطلب الذي تزعمه الشركة الطاعنة، وهو تكييف يطويها في الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة وفي الاختصاص النوعي لمحكمة القضاء الإداري بما يترتب عليه من رفض الدفع المبدى بعدم الاختصاص بنظرها، إلا أنه يتطلب لقبولها حينئذ قيام هذا القرار الإداري السلبي يقيناً لا تخميناً وهو ما ثبت تخلفه على النحو المتقدم مما يجعل الدعوى غير مقبولة بسبب انتفاء القرار الإداري محلها وليس بسبب رفعها قبل تقديم طلب بعرض النزاع على لجان فحص المنازعات على نحو ما قضى به صراحة الحكم المطعون فيه من قبل أن يتعرض ابتداء لمدى الاختصاص بنظر هذا النزاع تمهيداً للغوص في مدى قبولها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد جافى الصواب إذ لم يستفتح بتكييف صحيح للدعوى، ولم يبت صراحة في الاختصاص بنظرها صدوراً عن هذا التكييف ورفضاًَ للدفع المبدى بعدم الاختصاص الولائي بها ولم يقف بعدئذ عند عدم قيام القرار الإداري السلبي كشرط لقبولها تبعاً لعدم تقدم الشركة الطاعنة إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية طالبة عرض النزاع على لجان فحص المنازعات سواء طبقاً للمادة 128 أو للمادة 157 من قانون التأمين الاجتماعي، وبالتالي فإنه يتعين القضاء بإلغاء هذا الحكم وبالاختصاص بنظر الدعوى وبعدم قبولها لانتفاء القرار الإداري السلبي موضوعها مع إلزام الشركة الطاعنة بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع أولاً: بإلغاء الحكم المطعون فيه وثانياً: برفض الدفع بعدم الاختصاص بنظر الدعوى وثالثاً: بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري وألزمت الشركة الطاعنة المصروفات.