مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الثاني - (من أول مارس سنة 1990 إلى آخر سبتمبر 1990) - صـ 1648

(156)
جلسة 24 من إبريل سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: حنا ناشد مينا حنا وفاروق علي عبد القادر وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي وعطية الله رسلان أحمد فرج - المستشارين.

الطعن رقم 2606 لسنة 31 القضائية

عقد إداري - تنفيذه - الدفع بعدم التنفيذ.
عقد إداري مبرم بين هيئة عامة وشركة صيانة مصاعد - لا يجوز للشركة أن تتمسك بالامتناع عن تنفيذ التزاماتها العقدية بحجة أن الهيئة المالكة للمصاعد قد امتنعت عن سداد مستحقاتها عن أعمال الصيانة في فترة من الفترات - أساس ذلك: ارتباط الشركة بعقد إداري يسهم في تسيير أحد المرافق العامة وهو ما يتجافى بطبيعته مع الدفع بعدم التنفيذ - نتيجة ذلك: لا يوجد ثمة مبرر للشركة يخولها الحق في التوقف عن تنفيذ التزاماتها - الأثر المترتب على ذلك: التزام الشركة بفوائد التأخير عن طريق التوقف - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 16/ 6/ 1985 أودع الأستاذ سمير ويصا المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ نصر عبد العزيز حبيب - سكرتارية المحكمة - تقرير طعن قيد برقم 2606 لسنة 31 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود والتعويضات) بجلسة 12/ 5/ 1985 في الدعوى رقم 208 لسنة 37 ق المقامة من المطعون ضده ضد الطاعن، والحكم الصادر في ذات الجلسة في الدعوى رقم 5520 لسنة 37 ق المقامة من الطاعن ضد المطعون ضده وذلك فيما قضى به من إلزام الشركة المصرية للهندسة والتجارة "ايتا" بأن تؤدي للهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية مبلغ 3990 جنيهاً فضلاً عن رد الموتور رقم 345149 الخاص بالمصعد رقم 9 والمراوح الثمانية المسلمة إليها. وبإلزام الهيئة العامة للمطابع الأميرية بأن تؤدي للشركة المصرية للهندسة والتجارة "ايتا" مبلغ 420 جنيهاً وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 23/ 12/ 1982 وحتى تمام السداد، وبإلزام طرفي الخصومة بمصروفات الدعويين مناصفة بينهما.
وقد طلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة وقف نفاذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع.
1 - في الدعوى رقم 208 لسنة 37 ق بإلغاء الحكم المطعون فيه بكافة مشتملاته والحكم مجدداً برفض دعوى الهيئة المطعون ضدها مع إلزامها المصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
2 - وفي الدعوى رقم 5520 لسنة 37 ق بتعديل الحكم المطعون فيه إلى إلزام الهيئة المطعون ضدها بأن تدفع للشركة الطاعنة مبلغ 2520 والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 20/ 12/ 1982 مع إلزامها بالمصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى الهيئة المطعون ضدها في 8/ 7/ 1985.
وأحيل تقرير الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة حيث أودعت تقريراً برأيها القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعي وإلزام رافعه المصروفات.
تم عرض الطعن على دائرة فحص الطعون حيث قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة - لنظره بجلسة 30/ 5/ 1989 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات قررت حجز الطعنين للحكم فيهما بجلسة اليوم، وفيها تم النطق بالحكم علناً وأودعت مسودته المشتملة على الأسباب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى كافة الأوضاع الشكلية فمن ثم يتعين الحكم بقبوله شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة الراهنة حسبما يبين من الأوراق - تخلص في أنه بتاريخ 16/ 10/ 1982 أقامت الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 208 لسنة 32 ق طالبة في ختام صحيفتها الحكم بإلزام الشركة المصرية للهندسة والتجارة "ايتا" إعادة الموتور رقم 3415149 الخاص بالمصعد رقم 9، وعدد ثمان مراوح للتهوية الخاصة بالهيئة المدعية وإلزامها بسداد مبلغ 4424 جنيهاً كغرامات تأخير بمقتضى العقد المبرم معها والمصروفات، وقالت المدعية شارحة دعواها أنها ترتبط مع الشركة المدعى عليها بالعقد المؤرخ في 16/ 7/ 1980 تلتزم الشركة بمقتضاه بأن تقوم بصيانة ثمانية مصاعد مملوكة للهيئة المدعية لقاء مبلغ 420 جنيهاً شهرياً ونص في البند الثاني من هذا العقد على أنه في حالة وجود عطل في أي من هذه المصاعد تلتزم الشركة بإرسال مندوب فني لمعاينتها خلال 24 ساعة على الأكثر من وقت إخطارها بهذا العطل، وفي حالة التأخير توقع عليها غرامة تأخير بواقع 10 جنيهات عن كل يوم تأخير أو جزء منه بحيث لا تزيد الغرامة عن قيمة الصيانة الشهرية للمصعد المعطل ومضت الهيئة المدعية قائلة إن الشركة المدعى عليها توقفت عن أعمال الصيانة اعتباراً من 1/ 10/ 1980 فقد قامت الإدارة الهندسية بالهيئة المدعية بعملية الصيانة وهذا مما يعتبر إخلالاً من الشركة بالتزاماتها وفضلاً عن ذلك فإن الشركة المدعى عليها تسلمت في 22/ 7/ 1980 الموتور رقم 3415149 الخاص بالمصعد رقم 9 وعدد 8 ثمانية مراوح تهوية بتاريخ 18/ 5/ 1980 لإصلاحها ولما لم تعدها فقد قامت الهيئة بتحرير المحضر رقم 3306 لسنة 81 قصر النيل كما تم إنذار الشركة بتاريخ 30/ 8/ 1982 لإعادة الموتور والمراوح وسداد قيمة غرامة التأخير وقدرها 4424 وإذ لم تستجب الشركة فقد أقامت الهيئة دعواها سالفة الذكر.
وبتاريخ 23/ 12/ 1982 أقامت الشركة المصرية للهندسة والتجارة الدعوى رقم 9338 لسنة 1982 مدني كلي الجيزة ضد الهيئة العامة للمطابع الأميرية طالبة الحكم بإلزام الهيئة المذكورة بأن تدفع لها مبلغ 2520 والفوائد القانونية بواقع 7% من تاريخ المطالبة الرسمية مع المصروفات والأتعاب، وبجلسة 5/ 5/ 1983 حكمت محكمة الجيزة الابتدائية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري وقيدت بجدولها في تاريخ 6/ 9/ 1983 تحت رقم 5520 لسنة 37 ق.
وبجلسة 12/ 5/ 1985 حكمت المحكمة في الدعويين المشار إليهما بعد أن قامت بضمها بالآتي:
أولاً: بإلزام الشركة المصرية للهندسة والتجارة "ايتا" بأن تؤدي للهيئة المدعية مبلغ 3990 وإلزام الشركة المذكورة بأن ترد للهيئة المدعية الموتور رقم 3415149 الخاص بالمصعد رقم 9 والمراوح الثمانية المسلمة إليها.
ثانياً: بإلزام الهيئة العامة لشئون للمطابع الأميرية بأن تؤدي للشركة المصرية للهندسة والتجارة "ايتا" مبلغ 420 وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 23/ 12/ 1982 حتى تمام السداد وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن الشركة توقفت عن أعمال الصيانة اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1980 وأنه ما كان يجوز لها أن تدفع بعدم التنفيذ استناداً لتأخير صرف مستحقاتها، ومن ثم تكون غرامات التأخير المستحقة على الشركة هي 3990 من مدة التأخير من 1/ 11/ 1980 إلى 15/ 8/ 1981 تاريخ انتهاء العقد، أما عن طلب الفوائد فيتعين الالتفات عنه لأنه قد تم بغير الطريق الذي رسمه القانون، وبالنسبة لطلب إعادة الموتور والمراوح فقد اعترفت الشركة باستلامها دون إعادتها للهيئة، وبالنسبة لامتناع الهيئة عن الوفاء بمقابل الصيانة فإنها إذ سددت مقابل الصيانة عن المدة من 16/ 8/ 1980 إلى 30/ 9/ 1980 فإنه يستحق عليها مقابل الصيانة عن شهر أكتوبر سنة 1980 وهو الشهر السابق على توقف الشركة عن التنفيذ، ومن ثم يستحق على الهيئة مبلغ 420 وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 23/ 12/ 82 حتى تمام السداد.
وإذ لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى الشركة الطاعنة فقد أقامت طعنها الماثل ناعية على الحكم المطعون فيه أنه قد أخطأ في تطبيق القانون للأسباب الآتية:
1 - إن الهيئة المطعون ضدها لم تسدد مقابل الصيانة عن الفترة من 1/ 10/ 1980 حتى آخر مارس سنة 1981 أي ما قيمته 420×6 = 2520 جنيهاً إذ الثابت من الأوراق أن الهيئة سددت مقابل الصيانة عن المدة من 16/ 8/ 1980 إلى 30/ 9/ 1980 فقط، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد استند إلى ما يخالف إقرار الهيئة المطعون ضدها الكتابي، وإلى ما يخالف الثابت بالمستندات والأوراق، مما يعد فساداً في الاستدلال.
2 - وإزاء توقف الهيئة عن سداد التزاماتها مقابل الصيانة فإنه كان يحق للشركة أن تتوقف عن التزامها بالصيانة إعمالاً لنص المادة 246 من القانون المدني.
وخلصت الشركة الطاعنة من ذلك إلى طلب الحكم لها بطلباتها سالفة الذكر.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الشركة الطاعنة تقاعست عن تنفيذ التزاماتها في صيانة المصاعد الخاصة بالهيئة المطعون ضدها طبقاً لأحكام العقد المبرم بينها وبين الهيئة والمؤرخ في 12/ 7/ 1980 والذي بدأ تنفيذه في 19/ 8/ 1980، وقد بدأ إخلال الشركة بالتزامها المشار إليه اعتباراً من تاريخ توقفها عن الصيانة اعتباراً من 1/ 10/ 1980 وذلك حسبما تشهد عليه المكاتبات العديدة المرسلة من الهيئة إلى الشركة الطاعنة والتي بينها الحكم المطعون فيه تفصيلاً، ولا يقدح في صحة ثبوت هذه الواقعة ما قدمته الشركة الطاعنة من صور ضوئية لعدة مكاتبات مرسلة منها إلى الهيئة تذكرها فيها أنه كانت قائمة بأعمال الصيانة طبقاً للعقد المشار إليه حتى 31/ 3/ 1981، ذلك أنه لا حجية لهذه المستندات الضوئية طالما لم تؤيدها أصول لهذه المستندات، سيما وأن الهيئة المطعون ضدها قد حجزت هذه المكاتبات، كذلك فإن الثابت من المحضر المحرر في 22/ 9/ 1981 بين مندوبي الشركة الطاعنة وبين مندوبي الهيئة المطعون ضدها والذي اتفق فيه على أن يتم تسوية مستحقات الشركة عن الصيانة في الفترة التي احتدمت فيها الخلافات أنه لم يتم تحديد هذه المدة بذلك المحضر، كذلك اتفق الطرفان على أن يتم معاينة المصاعد التي عهدت الهيئة للشركة بصيانتها بعد مدة التوقف وذلك بمعرفة مندوبين عن الطرفين وذلك لتحديد حالتها وبيان ما إذا كان قد لحق بها أي عطل يستلزم وضع معايير جديدة للصيانة ويفهم من هذا صراحة أن الشركة لم تتمسك قبل الهيئة المطعون ضدها بما سبق أن ذكرته في الصور الضوئية المدعي بإرسالها إلى الهيئة بأنها قد قامت بأعمال الصيانة حتى 1/ 4/ 1981، كذلك فإن الشركة لم تعتن بتحديد مستحقاتها التي سوف يتم تسويتها طبقاً لهذا الاتفاق الأمر الذي يعتبر تسليماً منها بما ادعته الهيئة المطعون ضدها قبلها من أنها قد توقفت عن أعمال الصيانة ابتداء من 1/ 11/ 1980، كما أنه يبين من هذا المحضر أن أعمال الصيانة كانت غير محكومة من جانب الشركة أو الهيئة الأمر الذي استدعى الاتفاق على وضع معايير جديدة لها، وعلى قيام مندوبين من جانب الهيئة لمتابعة العاملين الذين تعينهم الشركة فنياً وإدارياً، ولم يثبت على عكس ما تدعي الطاعنة أن الهيئة قد أقرت بمديونيتها بقيمة الإصلاح عن الفترة من 1/ 11/ 1980 حتى 1/ 4/ 1981، ومن ثم فليس صحيحاً ما تستند إليه الشركة الطاعنة في طعنها من أن مدة التوقف عن الصيانة هي اعتباراً من 1/ 4/ 1981.
كذلك فإنه لا يسوغ للشركة الطاعنة - أن تتمسك بالامتناع عن تنفيذ التزاماتها العقدية بحجة أن الهيئة المطعون ضدها قد امتنعت عن سداد مستحقاتها عن أعمال الصيانة في فترة من الفترات، وذلك نظراً لأنها ترتبط بعقد إداري يسهم في تسيير أحد المرافق العامة وهو مما تتجافى طبيعته مع الدفع بعدم التنفيذ من جانب المتعاقد مع الإدارة ومن ثم فإنه لا يوجد مبرر لدى الشركة يمنحها الحق في التوقف عن تنفيذ التزاماتها، وعلى ذلك فإن توقف الشركة عن أعمال الصيانة اعتباراً من 1/ 11/ 1980 يلزمها بفوائد التأخير المستحقة عن الفترة من 1/ 11/ 1980 حتى 15/ 8/ 1981 بما قيمته 3990 جنيهاً ولا يكون لها من حق في مواجهة الهيئة سوى تقاضي مقابل الصيانة عن شهر أكتوبر سنة 1980 فقط طالما ثبت من الأوراق أن الهيئة المذكورة قد دفعت مقابل الصيانة عن الفترة من 16/ 8/ 1980 حتى 30/ 9/ 1980 وأن الشركة قد توقفت عن تنفيذ التزاماتها اعتباراً من 1/ 11/ 1980 كما يستحق لها فوائد التأخير المستحقة عن مبلغ 420 جنيهاً المشار إليه فقط من تاريخ المطالبة الرسمية به حتى تمام السداد، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بذلك، فإنه يكون قد صدر على مقتضى صحيح حكم القانون ويكون الطعن فيه غير قائم على سند من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بالمصروفات طبقاً لنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الشركة الطاعنة المصروفات.