أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 17 - صـ 916

جلسة 28 من إبريل سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم حسن علام.

(126)
الطعن رقم 338 لسنة 30 القضائية

( أ ) دعوى. "الصفة في رفع الدعوى". حراسة. "حراسة إدارية".
دعوى محام بصفته ممثلاً لبنك بطلب إلغاء قرار فرض الحراسة على هذا البنك. رفعها أمام القضاء الإداري لمخالفته لأحكام الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956. صفته في رفعها أو عدم صفته في ذلك يتوف على نتيجة الفصل في المنازعة التي يثيرها في شأن عدم انطباق الأمر المذكور. ثبوت صحة المنازعة. قبول الدعوى من المحامي لعدم تصور إمكان رفعها من الحارس في هذه الحالة. ثبوت الصفة للمحامي في رفع دعوى الإلغاء يستتبع جواز تعاقده مع البنك على الأتعاب. صحة فرض الحراسة مقتضاه عدم قبول الدعوى من غير الحارس.
(ب) حراسة. "حراسة إدارية". دعوى. "منع سماع الدعوى".
القانون رقم 2 لسنة 1958 لا يمنع سماع الدعوى التي ترفع بطلب إلغاء قرار فرض الحراسة. هذه الدعوى تهدف إلى إلغاء الحراسة في أصلها وليس إلى الطعن في تصرف قام به الحارس أو تولاه.
(ج) دعوى. "الصفة في الدعوى". شركة. "سلطات عضو مجلس الإدارة المنتدب". نيابة.
عضو مجلس الإدارة المنتدب هو الذي يمثل الشركة أمام القضاء في جميع الدعاوى. ندب مجلس الإدارة لجنة من ثلاثة أعضاء لتولي أعماله وسلطاته. عدم نص قرار مجلس الإدارة على عدم جواز انفراد أي منهم بالإدارة. لكل عضو أن ينفرد بأي عمل من أعمال الإدارة ومنها توكيل محام والاتفاق معه على أتعابه على أن يكون لكل من العضوين الآخرين أن يعترض على العمل قبل تمامه وإلا كان الاتفاق ملزماً للشركة لصدوره ممن يمثلها قانوناً.
1 - إذا رفعت الدعوى أمام القضاء الإداري من محام بصفته ممثلاً لبنك بطلب إلغاء قرار فرض الحراسة على هذا البنك لانطوائه على مخالفة لأحكام الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 وذلك على أساس أن هذا الأمر لا ينطبق إلا على الرعايا البريطانيين والفرنسيين وأن البنك ليس من رعايا هاتين الدولتين فإن ثبوت صفة رافع الدعوى في رفعها وعدم ثبوتها يكون متوقفاً على نتيجة الفصل في المنازعة التي يثيرها في شأن عدم انطباق الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 على البنك فإذا تبين صحة هذه المنازعة كانت الدعوى مقبولة منه إذ لا يتصور إمكان رفعها في هذه الحالة من الحارس لأنها تهدف إلى إلغاء الحراسة أساس وجود الحارس. أما إذا تبين أن البنك من الرعايا المقصودين بفرض الحراسة وأنه لذلك فالحراسة صحيحة كانت الدعوى منه غير مقبولة إذ ليس لغير الحارس - متى كانت الحراسة صحيحة أن يمثل البنك في الدعاوى التي ترفع منه أو عليه. وإذ ألغى القرار فرض الحراسة على البنك أثناء نظر الدعوى مما يعتبر تسليماً بعدم خضوع البنك لأحكام الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 فإن المطعون ضده تكون له صفة في رفع دعوى الإلغاء وما يستتبع ذلك من التعاقد مع البنك على الأتعاب إذ يستلزم قانون مجلس الدولة رفع دعوى الإلغاء لدى محكمة القضاء الإداري عن طريق محام ولا تجوز مباشرتها إلا من محام.
2 - القانون رقم 2 لسنة 1958 لا يمنع سماع الدعوى التي ترفع بطلب إلغاء قرار فرض الحراسة على البنك لأن هذه الدعوى تهدف إلى إلغاء الحراسة في أصلها أي في أساس وجود الحارس وليس إلى الطعن في تصرف قام به الحارس أو تولاه كما أن عدم إجازة الطعن في تصرفات الحارس أمام القضاء المقررة بالقانون سالف الذكر لا تفيد صحة فرض الحراسة.
3 - لما كان عضو مجلس الإدارة المنتدب هو الذي يمثل الشركة أمام القضاء في جميع الدعاوى التي ترفع منها أو عليها وكان مجلس الإدارة قد اختار لجنة ثلاثية من أعضائه لتتولى إدارة الأعمال وتمارس سلطات العضو المنتدب حتى يبت نهائياً في شغل هذا المركز فإن هذه السلطات تنتقل إلى اللجنة الثلاثية التي حلت محل العضو المنتدب. وإذا لم ينص قرار مجلس الإدارة على عدم جواز انفراد أي من أعضاء هذه اللجنة بالإدارة فإن لكل عضو من أعضائها أن يقوم وحده بأي عمل من أعمال الإدارة المختلفة التي عهد بها مجلس الإدارة إلى اللجنة ويدخل فيها توكيل المحامين والاتفاق على الأتعاب على أن لكل من العضوين الآخرين أن يعترض على العمل قبل تمامه وإلا كان هذا الاتفاق ملزماً للشركة لصدوره ممن يمثلها قانوناً عملاً بالمادة 105 من القانون المدني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون ضده الأول أقام على البنك التجاري المصري "الطاعن" والمطعون ضده الثاني "الدكتور حسن حسين عيسى" الدعوى رقم 3705 سنة 1958 كلي القاهرة طالباً الحكم بإلزام الأول في مواجهة الثاني بدفع مبلغ أربعة آلاف من الجنيهات قائلاً في تبيان دعواه إنه بتاريخ 31 من أغسطس سنة 1957 أصدر وزير المالية القرار رقم 526 لسنة 1957 بفرض الحراسة على البنك التجاري المصري استناداً إلى أحكام الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 وبتاريخ 22 من أكتوبر سنة 1957 رفع الدكتور حسن حسين عيسى بصفته نائب رئيس مجلس إدارة البنك المذكور دعوى ضد وزير المالية والاقتصاد لدى محكمة القضاء الإداري قيدت بجدولها برقم 102 سنة 12 ق طلب فيها الحكم بإلغاء القرار الصادر بوضع البنك في الحراسة وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذه مؤسساً هذه الدعوى على أن البنك لا يعتبر من رعايا الدول التي ينطبق عليها الأمر العسكري المشار إليه وبتاريخ أول ديسمبر سنة 1957 أبرم الدكتور حسن حسين عيسى بصفته الآنف ذكرها مع المطعون ضده الأول اتفاقاً كتابياً على أن يباشر الأخير تلك الدعوى ويتولى الدفاع فيها لقاء أتعاب مقدارها أربعة آلاف جنيه تدفع في حالة الحكم لصالح البنك أو انتهاء النزاع صلحاً وقال المطعون ضده الأول في دعواه أنه درس أوراق الدعوى وقام بالدفاع فيها شفوياً وقدم ثلاث مذكرات ثم حجزت القضية للحكم وحدد أخيراً للنطق به جلسة 4 من فبراير سنة 1958 غير أن وزارة المالية وقد شعرت بضعف مركزها أرادت أن تتفادى الحكم ضدها في الدعوى فاستصدرت بتاريخ 21 من يناير سنة 1957 في فترة حجزها للحكم القانون رقم 2 لسنة 1958 وهو يقضي بإنهاء الحراسة على البنك ونشرته في الجريدة الرسمية في اليوم التالي لصدوره وعلى أثر ذلك قدم مندوب الوزارة إلى محكمة القضاء الإداري طلباً بفتح باب المرافعة لانتهاء الحراسة على البنك فأجابته المحكمة إلى طلبه وقررت إعادة القضية إلى المرافعة لجلسة 18 من فبراير سنة 1958 وفي تلك الجلسة قررت الوزارة أن الدعوى أصبحت غير ذات موضوع لانتهاء الحراسة على البنك إلا أن المطعون ضده الأول أصر على أن تقدم الحكومة ذات القرار القاضي برفع الحراسة فقررت المحكمة تأجيل القضية لجلسة 4 من مارس سنة 1958 وفيها قدمت الحكومة قراراً صادراً من وزير المالية بإلغاء قراره رقم 526 لسنة 1957 الخاص بإخضاع البنك التجاري المصري لأحكام الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 وبرفع الحراسة عن البنك المذكور - وإزاء ذلك اعتبرت الخصومة في الدعوى منتهية - ومضى المطعون ضده الأول قائلاً إنه إذ أصبح مستحقاً للأتعاب المتفق عليها فإنه أقام دعواه بطلباته المنوه عنها - وقد دفع البنك ببطلان اتفاق الأتعاب المبرم بين المطعون ضده الأول والدكتور حسن حسين عيسى بصفته وعدم سريانه في حقه "البنك" لصدوره عن شخص لم يكن له صفة في التعاقد أو التقاضي عن البنك بعد إخضاعه للحراسة وأنه إذ كان هذا الاتفاق لم يعقده الحارس ووقع مخالفاً لأحكام الأمر رقم 5 لسنة 1956 فإنه يعتبر باطلاً - كما طلب رفض الدعوى موضوعاً لعدم استحقاق المطعون ضده الأول الأتعاب استناداً إلى القول بأنه لم يصدر حكم في طلب وقف النفاذ وأن دعوى الإلغاء الموضوعية لما يفصل فيها ولم تتم صلحاً بل تنازل عنها المطعون ضده الثاني لأنها أصبحت غير ذات موضوع بعد صدور قانون التدعيم رقم 2 لسنة 1958. وبتاريخ 20 من يناير سنة 1959 قضت محكمة القاهرة الابتدائية بإلزام البنك "الطاعن" بأن يدفع للمطعون ضده الأول "الأستاذ محمد سامي مازن" مبلغ ألفي جنيه والمصروفات المناسبة وذلك في مواجهة المطعون ضده الثاني. فاستأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئنافين رقمي 192 سنة 76 ق، 113 سنة 77 ق طالباً تعديل الحكم المستأنف والحكم له بباقي طلباته وكذلك استأنفه البنك بالاستئنافين رقمي 594 سنة 76 ق، 297 سنة 76 ق طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى وتمسك فيهما ببطلان اتفاق الأتعاب وعدم نفاذه في حقه مستنداً في ذلك إلى أحكام الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 والقانون رقم 2 لسنة 1958 كما تمسك أيضاً بعدم جواز سماع دعوى المطعون ضده الأول على أساس القانونين رقمي 2 لسنة 1958، ورقم 117 لسنة 1959 - وبتاريخ 26 من مايو سنة 1960 قضت محكمة استئناف القاهرة ( أ ) ببطلان الاستئناف رقم 192 سنة 76 ق المرفوع من الأستاذ محمد سامي مازن (ب) (أولاً) برفض الدفع ببطلان الاستئناف رقم 297 سنة 76 ق وبقبوله شكلاً (ثانياً) بقبول الاستئناف رقم 594 سنة 76 ق شكلاً (ثالثاً) في موضوع هذين الاستئنافين رقمي 297، 594 المرفوعين من البنك التجاري المصري برفض الدفع بعدم جواز سماع الدعوى وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وبقبولها في الحالتين وبرفض الدفع بعدم أهلية الدكتور حسن حسين عيسى في تمثيل البنك في اتفاق الأتعاب موضوع الدعوى الحالية وبصلاحيته في النيابة عن البنك في ذلك وبرفض الاستئنافين المذكورين رقمي 297، 594 وتأييد الحكم المستأنف (رابعاً) في الاستئناف رقم 113 سنة 77 ق المرفوع من الأستاذ محمد سامي مازن بقبوله شكلاً وبرفضه موضوعاً وبتأييد الحكم المستأنف، طعن البنك في هذا القضاء بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن البنك الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون بمخالفته أحكام المواد 1، 3، 5، 8، 9 من الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 والمادة 18 من القانون رقم 165 لسنة 1955 الصادر بتنظيم مجلس الدولة - ذلك أنه بمجرد دخول أي شخص معنوي في نطاق الحراسة كما هو الشأن بالنسبة للبنك الطاعن يقع باطلاً بحكم المادة 3 كل تعاقد يتم معه عن غير طريق الحارس كما أن حق التقاضي يزول عنه ويكون وقفاً على الحارس وحده وإذ كان الثابت أن البنك الطاعن وضع تحت الحراسة في 31 من أغسطس سنة 1957 بمقتضى القرار الصادر من وزير المالية تحت رقم 526 وأن اتفاق الأتعاب المعقود مع المطعون ضده الأول والذي قرر الحكم المطعون فيه صحته - عقد في أول ديسمبر سنة 1957 أي بعد أن صدر القرار الخاص بوضع البنك في الحراسة وتم تنفيذه فإن هذا الاتفاق يكون قد شابه بطلان مطلق يتعلق بالنظام العام بسبب مخالفة أحكام المادة 3 من الأمر العسكري المذكور كما أنه لا ينفذ في حق البنك الطاعن لأنه صدر من المطعون ضده الثاني بعد أن زالت صفته في تمثيل البنك أو التحدث عنه. وقد سلم الحكم المطعون فيه بأن القرار الصادر بوضع البنك تحت الحراسة قرار إداري ومن ثم يكون نافذاً بمجرد صدوره عملاً بالمادة 18 من القانون رقم 165 لسنة 1955 الصادر بتنظيم مجلس الدولة وإذ كان اتفاق الأتعاب محل النزاع قد صدر في أول ديسمبر سنة 1957 أي بعد أن زالت عن الدكتور حسن حسين عيسى صفته في التوقيع عن البنك بناء على نفاذ القرار الإداري الصادر بوضع البنك تحت الحراسة فإن هذا الاتفاق يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً وغير نافذ في حق البنك ويضيف الطاعن أن الحكم المطعون فيه لم يفطن إلى دلالة القانون رقم 2 لسنة 1958 الخاص بدعم البنك والذي نص على صحة تصرفات الحارس وعدم جواز الطعن فيها فبهذا النص التشريعي يقرر القانون نفسه أن قرار فرض الحراسة كان صحيحاً وأن تصرفات الحارس بناء على ذلك كانت صحيحة قانوناً والنعي على صحة تصرفات الحارس بوصفه هو الممثل القانوني للبنك يتضمن تجريد مجلس الإدارة الذي حل الحارس محله من صفة تمثيل البنك قانوناً فلا يكون لهذا المجلس ولا لأي عضو من أعضائه صفة في تمثيل البنك في التعاقد أو التقاضي وعلاوة على أن هذا القانون قد جزم بصحة فرض الحراسة جزماً أسبغ عليها صفة المشروعية منذ تاريخ فرضها فإنه منع سماع كل دعوى يقصد منها إلى الطعن في تصرفات الحارس كذلك يضيف الطاعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف أيضاً القانون رقم 117 لسنة 1959 الذي يقضي بألا تسمع أمام أية جهة قضائية أية دعوى يكون الغرض منها الطعن في أي تصرف أو قرار أو تدبير أو إجراء وبوجه عام أي عمل أمرت به أو تولته الجهات القائمة على تنفيذ الأمر رقم 5، 5 ب لسنة 1956 - ولما كان هذا القانون قد قصد منه إلى حماية تصرفات السلطة العامة وقصد به على سبيل التعميم كل ما يكون قد رفع من الدعاوى سواء قبل صدوره أو بعد ذلك فإن مؤدى ذلك أن دعوى الإلغاء التي عقد اتفاق الأتعاب في شأنها والتي كانت لا تزال قائمة وقت صدور القانون رقم 117 لسنة 1959 غدت غير جائزة السماع ويتفرع على ما تقدم أن يكون اتفاق الأتعاب الذي قصد منه إلى الدفاع في هذه الدعوى قد ورد على محل مستحيل وأضحى باطلاً بحكم القانون وإذ خالف الحكم المطعون فيه النظر المتقدم واعتبر الاتفاق على الأتعاب صحيحاً فإنه يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأنه لما كان المطعون ضده الثاني قد رفع الدعوى أمام القضاء الإداري بصفته ممثلاً للبنك بطلب إلغاء قرار فرض الحراسة لانطوائه على مخالفة لأحكام الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 وذلك على أساس أن هذا الأمر لا ينطبق إلا على الرعايا البريطانيين والفرنسيين وأن البنك ليس من رعايا هاتين الدولتين فإن ثبوت الصفة للمطعون ضده في رفع هذه الدعوى أو عدم ثبوتها يكون متوقفاً على نتيجة الفصل في المنازعة التي تثيرها في شأن عدم انطباق الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 على البنك فإذا تبين صحة هذه المنازعة كانت الدعوى مقبولة منه إذ لا يتصور إمكان رفعها في هذه الحالة من الحارس لأن الدعوى تهدف إلى إلغاء الحراسة أساس وجود الحارس. أما إذا تبين أن البنك من الرعايا المقصودين بفرض الحراسة وأنه لذلك فالحراسة صحيحة فإن الدعوى لا تكون مقبولة من المطعون ضده الثاني إذ ليس لغير الحارس متى كانت الحراسة صحيحة أن يمثل البنك في الدعاوى التي ترفع منه أو عليه. لما كان ذلك، وكان وزير المالية قد أصدر أثناء نظر الدعوى قراراً بإلغاء قراره رقم 526 سنة 1957 الخاص بفرض الحراسة مما يعتبر تسليماً بعدم خضوع البنك لأحكام الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 فإن المطعون ضده الثاني تكون له الصفة في رفع دعوى الإلغاء وما يستتبع ذلك من التعاقد مع المطعون ضده الأول على الأتعاب إذ يستلزم قانون مجلس الدولة أن ترفع دعوى الإلغاء لدى محكمة القضاء الإداري عن طريق محام ولا يجوز مباشرتها إلا من محام والنعي في شقه الثاني مردود بأن القانون رقم 2 لسنة 1958 إنما يتحدث عن تصرفات الحارس ومنع سماع أية دعوى يكون الغرض منها الطعن في أي تصرف قام به أو تولاه الحارس مما لا شأن له بالدعوى التي رفعها المطعون ضده الثاني بوصفه ممثلاً للبنك بإلغاء قرار فرض الحراسة عليه والتي تهدف إلى إلغاء الحراسة في أصليها أي في أساس وجود الحارس لا في تصرف قام به أو تولاه هذا إلى أن عدم إجازة الطعن في تصرفات الحارس أمام القضاء بالقانون المذكور لا يفيد صحة فرض الحراسة خلافاً لما يدعي الطاعن - والنعي في شقه الأخير مردود بأنه لا محل للتحدي بالقانون رقم 117 لسنة 1959 لأن الدعوى الإدارية قد انتهت برمتها قبل العمل بهذا القانون فلا يسري عليها ولئن كان لم يصدر حكم في دعوى الإلغاء الموضوعية إلا أنها أصبحت منتهية وغير ذات موضوع بعد إلغاء الحراسة.
وحيث إن حاصل الشق الأول من الوجه الأول من السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه خالف أحكام المادتين 49، 50 من القانون رقم 126 لسنة 1954 الخاص بالشركات وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف في مذكرته المقدمة لجلسة 27 من إبريل سنة 1960 بأن نظام البنك الطاعن لا يبيح للمطعون ضده الأول توكيل المحامين أمام القضاء لأن هذا الحق مقصور على مجلس الإدارة بأسره وأنه طبقاً لنص المادتين 49، 50 من القانون رقم 126 لسنة 1954 المشار إليه لا يملك مجلس الإدارة أو أي عضو أو فريق منه تعديل أحكام نظام الشركة وقد ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن المطعون ضده الثاني عين وكيلاً مؤقتاً لمجلس الإدارة وعين عضواً في لجنة للإدارة تتولى سلطات العضو المنتدب وكل ذلك لا يصلح سنداً لقضاء الحكم بتحويل المطعون ضده الثاني حق إنابة المحامين دون قرار خاص ذلك أن مجلس الإدارة يجب أن يتقيد بنظام الشركة وقد قدم الطاعن لمحكمة الاستئناف صوراً من القرارات التي كانت تصدر من مجلس الإدارة بتفويض رئيسه في توكيل المحامين حين كان هذا المجلس يتقيد بأحكام ذلك النظام.
وحيث إن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع بقوله "وحيث إنه فيما يختص باعتراض البنك على أهلية الدكتور حسن حسين عيسى لتمثيل مجلس الإدارة فإنه يبين من المستندات المقدمة بالحافظة رقم 15 ملف الاستئناف "المستند رقم 1" أن مجلس إدارة البنك اختار الدكتور حسن حسين عيسى وكيلاً مؤقتاً للمجلس في 12 ديسمبر سنة 1955 وتضمن البند الخامس من محضر اجتماع المجلس المذكور تشكيل لجنة مؤقتة تتولى إدارة الأعمال بالبنك وتمارس سلطات العضو المنتدب إلى أن يبت بصفة نهائية في شغل هذا المركز وتكون اللجنة من الأساتذة الدكتور حسن حسين عيسى وأحمد شوقي المحامي والمهندس مصطفى موسى وتشتمل الحافظة المذكورة على مستندين بتوكيل الدكتور عيسى في سنة 1956 لمحاميه ومستند خاص بحجز وقع كطلب البنك ممثلاً بالدكتور المذكور في 12/ 9/ 1957 مما يدل على أن ممارسة أعمال عضو مجلس الإدارة المنتدب كممثل للبنك في التقاضي مما هو أصلاً من اختصاص مجلس الإدارة ولا يمنع من صحة هذا التمثيل انفراد الوكيل المذكور دون زميليه إذ أن من المسلم به في شئون الشركات جواز هذا الانفراد حين لا ينص القرار على اشتراط توقيع جميع أعضاء مجلس الإدارة المنتدبين معاً على الأعمال القضائية التي يجرونها كممثلين في البنك وقد قرر الدكتور عيسى أمام هذه المحكمة أنه كان يمثل البنك التجاري قانوناً في اتفاق الأتعاب وتعاقد بهذه الصفة ويخلص مما تقدم جميعه أن اتفاق الدكتور حسن حسين عيسى مع الأستاذ مازن في العقد موضوع الدعوى الحالية المؤرخ في أول ديسمبر سنة 1957 ملزم للبنك لتوقيعه ممن يملك النيابة عنه وفق قانونه النظامي وقراراته" وهذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون ذلك أن نظام البنك قد جعل في المادة 19 منه لمجلس الإدارة أوسع سلطة للتصرف باسم الشركة ومباشرة جميع الأعمال والعمليات المرتبطة بغرضها والترخيص بها والقيام بتدبير شئونها وإدارة أعمالها وعقد جميع التعهدات الخاصة بالشركة كما جعل للمجلس الحق في أن يختار من بين أعضائه رئيساً ونائباً أو نائبين للرئيس وفي حالة طروء مانع له يعين المجلس أحد أعضائه ليقوم مؤقتاً بوظيفة الرياسة وأجازت المادة 20 من هذا النظام لمجلس الإدارة أن يعهد إلى عضو أو أكثر من أعضائه بأية سلطة من سلطاته يراها مناسبة وأن يقرر إنشاء وإلغاء لجنة ويحدد عملها ومكافأتها كما أنه يجوز أن يعين مديراً أو جملة مديرين ويحدد سلطتهم، وقد أثبت الحكم أنه مجلس الإدارة اجتمع في 12 ديسمبر سنة 1955 واختار لجنة ثلاثية من بين أعضائها المطعون ضده الثاني لتولي إدارة الأعمال بالبنك وتمارس سلطات العضو المنتدب إلى أن يبت نهائياً في شغل هذا المركز ولما كان العضو المنتدب هو الذي يمثل الشركة أمام القضاء في جميع الدعاوى التي ترفع منها أو عليها فإن هذه السلطة تنتقل إلى اللجنة الثلاثية التي حلت محله. وإذ كان المجلس لم ينص على عدم جواز انفراد أي من أعضاء هذه اللجنة بالإدارة فإنه يكون لكل عضو أن يقوم وحده بأي عمل من أعمال الإدارة المختلفة التي عهد بها مجلس الإدارة إلى اللجنة ويدخل فيها توكيل المحامين والاتفاق على الأتعاب على أن يكون لكل من الأعضاء أن يعترض على العمل قبل تمامه - وإذ كان أحد من أعضاء هذه اللجنة الثلاثية لم يعترض على رفع الدعوى ولا على اتفاق الأتعاب الذي أبرمه المطعون ضده الثاني بصفته مع المطعون ضده الأول فإن هذا الاتفاق يلزم البنك لصدوره ممن يمثله قانوناً.
وحيث إن الشق الثاني من الوجه الأول من السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أساسين كلاهما وهمي لا أصل له في الأوراق أولهما أن دعوى إلغاء قرار فرض الحراسة على البنك قد حكم فيها مع أن محكمة القضاء الإداري لم تحكم أو تفصل أصلاً في تلك الدعوى وثانيهما أن جهود المطعون ضده الأول حملت الحكومة على إنهاء الحراسة في حين أن إنهاء الحراسة لم يكن نتيجة لجهوده.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه في هذا الخصوص على قوله "وحيث إنه يتضح مما تقدم أهمية الدعوى والجهد الذي لزم بذله في المرافعة فيها من جانب وكيل المدعي "الأستاذ مازن" وترى المحكمة في صدد تقدير أتعابه أن اتفاق الأتعاب المقدمة نسخه منه بحافظة المدعي رقم 5 ملف أول درجة وقد تضمن أن لمحامي البنك الحق في 4000 ج أتعاباً له إذا حكم لصالح البنك في طلب إلغاء الحراسة ووقف القرار الخاص بهذه الحراسة أو انتهى النزاع صلحاً و1000 ج إذا لم يحكم لصالح البنك موضوعاً في حدود ذلك الاتفاق الموجه نحو إلغاء الحراسة وذلك لما تلا الحكم الصادر في طلب وقف التنفيذ بقبول ترك المدعي الخصومة من إلغائها فعلاً وهذا يكفي لتحقق شرط كسب الدعوى المشار إليه في الاتفاق ولو لم تفصل المحكمة في نقط الخلاف التي أثيرت بسبب الإدارة السابقة للبنك أو اقترن ذلك الإلغاء بوضع نظام جديد لإدارة البنك وترى المحكمة من حيث مبلغ الأتعاب أن تقدير الحكم المستأنف لها مناسباً باعتبار مجموع ظروف النزاع" وجاء في أسباب الحكم الابتدائي التي أقرها الحكم المطعون فيه ما يلي "ومن حيث إن المدعي قدم ثلاث مذكرات إلى محكمة القضاء الإداري أفاض فيها موضحاً العيوب القانونية التي شابت القرار الوزاري الذي فرضت بمقتضاه الحراسة على البنك التجاري ومدى ما انطوى عليه من مخالفته لأحكام الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 وفداحة الأضرار التي لحقت البنك من جراء تلك الحراسة وقد أثمر هذا الدفاع في حمل الحكومة على إلغائها" ويبين من هذا الذي قرره الحكم ومما سبق الرد به على السبب الأول من أن دعوى الإلغاء وإن لم يصدر فيها الحكم إلا أنها تعتبر منتهية وغير ذات موضوع بعد إلغاء الحراسة - يبين أن كلاً من الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه الذي أقر أسبابه قد بنى تقريره للأتعاب المقضى بها على أسباب مفصلة نتيجة لما قضى به ومستخلصة من وقائع لها أصلها الثابت في الأوراق ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا النعي من أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أساس وهمي غير سديد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه أنه خالف أحكام الوكالة وفي بيان ذلك يقول إن المادة 702 من التقنين المدني تشترط وكالة خاصة للمرافعة أمام القضاء وأن نظام البنك يجعل لمجلس الإدارة وحده حق النيابة أمام القضاء والثابت في أوراق الدعوى أن هذا المجلس لم يصدر قراراً يبيح للمطعون ضده الثاني حق توكيل المحامين ولم يصدر قراراً بتوكيل المطعون ضده الأول في الدعوى ولا سيما أنها ليست من الدعاوى المتعلقة بالإدارة وإنما هي دعوى ذات طابع خاص كانت تستلزم وكالة خاصة لا من مجلس الإدارة فحسب بل من الجمعية العمومية ورغم ذلك فقد ابتدع الحكم المطعون فيه - تبريراً لقضائه - فكرة التوسع في النيابة على خلاف أحكام المادة 708 مدني هذا وعلى فرض أن المطعون ضده الثاني كان يتمتع بسلطة الإنابة وهو أمر لا دليل عليه في الأوراق - فإنه قد خرج على حدود وكالته على وجه يجعل اتفاقه في شأن الأتعاب على ما هو مستفاد من نص المادة 703 مدني غير نافذ في حق الموكل وهو البنك وبذلك خالف الحكم المطعون فيه القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه وقد ثبت على ما تقدم ذكره صحة تمثيل المطعون ضده الثاني للبنك في الاتفاق على الأتعاب وعدم مجاوزته سلطاته فإن هذا الاتفاق الذي أبرمه مع المطعون ضده الأول ينصرف إلى البنك نفسه طبقاً لنص المادة 105 من القانون المدني وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وأضاف آثار الاتفاق المنوه عنه إلى البنك فإنه لا يكون قد خالف أحكام الوكالة.
وحيث إن الطاعن ينعى بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه أنه مسخ الوقائع الجوهرية في الدعوى وأغفلها من عدة وجوه أولها - أنه أغفل أن البنك لم يرفع دعوى الإلغاء إذ أقام المطعون ضده الثاني هذه الدعوى بصفته مساهماً فحسب وإذ كان قد أضاف إلى نفسه لقب نائب رئيس مجلس الإدارة فهو قد فعل ذلك على سبيل التزيد لأنه بعد صدور القرار الخاص بفرض الحراسة لم يعد للبنك مجلس إدارة ولم يعد لهذا المجلس رئيس أو نائب رئيس ولأن من يملك تمثيل البنك أمام القضاء وفقاً لنظامه الأساسي هو مجلس الإدارة وحده - ثانيها أنه أغفل أن دعوى الإلغاء على ما هو مستفاد من بيانات صحيفتها قد رفعت ضد البنك ذلك أن الثابت أن المطعون ضده الثاني قد رفعها بصفته مساهماً ولم يثبت أنه كان يتمتع وقت رفعها بحق النيابة عن البنك قانوناً حتى يمكن التسليم بأنها كانت مرفوعة منه لا عليه - ثالثها - أنه أغفل أن التكييف الصحيح لاتفاق الأتعاب هو أنه اتفاق قاصر الأثر على عاقديه وأن المطعون ضده الثاني قد استهدف به تحقيق مصلحته الشخصية التي فوتها عليه قرار فرض الحراسة على البنك - كما أن الحكم المطعون فيه قد شابه ما يعيبه ويبطله من عدة وجوه (أولاً) أن الحكم المطعون فيه بينما يقرر أن مجلس الدولة قد حكم فعلاً في دعوى الإلغاء التي رفعها المطعون ضده الأول ويؤسس قضاءه على هذا التقرير إذا به يعود فيقرر أن هذه الدعوى لم يفصل فيها مما يجعله معيباً بالتناقض. (ثانياً) ذهب الحكم المطعون فيه في سبيل التدليل على صحة نيابة المطعون ضده الثاني للبنك إلى جواز انفراده بمباشرة اختصاصات لجنة الإدارة الثلاثية التي أنشأها مجلس الإدارة مع أن المفهوم أن إسناد الاختصاص إلى لجنة يفترض أن يكون التصرف فيه صادراً عن اللجنة مجتمعة لا عن كل عضو على انفراده - وهذا من شأنه أن يجعل الأسباب متهاترة وأخيراً فإن التخاذل قد ساد أسباب الحكم المطعون فيه في أكثر من موضع وبوجه خاص" فيما يتعلق بقطع النزاع وآية ذلك أن الطاعن أثار أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه أن اتفاق الأتعاب المبرم بين المطعون ضده الأول والمطعون ضده الثاني انطوى على ما يفيد أنه اتفاق قصد منه إلى إلزام أطرافه فحسب دون البنك كما أثار أن المطعون ضده الثاني رفع دعوى الإلغاء التي عقد في شأنها هذا الاتفاق أولاً بصفته مساهماً - ولم يلق الحكم المطعون فيه بالاً إلى شيء من ذلك مع أن دعوى المطعون ضده الثاني أمام مجلس الدولة لم تكن تحتمل القبول منه إلا بوصفه مساهماً.
وحيث إن هذا النعي في جميع وجوهه لا يعدو أن يكون ترديداً لأوجه النعي التي سبق الرد عليها.