أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 11 - صـ 85

جلسة 19 من يناير سنة 1960

برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، وأحمد زكي كامل، وعباس حلمي سلطان، ورشاد القدسي المستشارين.

(15)
الطعن رقم 1281 لسنة 29 القضائية

نقض. أوجهه. المراد بالخطأ في تطبيق القانون في مقام الطعن على قرارات غرفة الاتهام. مثال. النزاع على الصفة في استئناف الأمر بألا وجه.
تعرض قرار غرفة الاتهام لصفة الطاعن لتمحيص مركزه القانوني في الدعوى وما خوله من حقوق في صدد النزاع بينه وبين المطعون ضده، وهو النزاع على الصفة التي بموجبها باشر إجراءات الشكوى واستأنف قرار النيابة بحفظها قولاً منه بأنه لم يكن وكيلاً وإنما باشر ما باشره عن نفسه، وقضاؤها بعدم قبول الاستئناف المقدم من الطاعن - لرفعه من غير ذي صفة - استناداً إلى أنه ليس ممن لهم الحق في الطعن في الأمر الصادر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية أمام غرفة الاتهام إعمالاً لنص المادة 210 من قانون الإجراءات الجنائية، كما أن التوكيل الصادر إليه لا يخول له الطعن في مثل هذا القرار نيابة عن موكليه، هو قضاء أصاب وجه القانون الصحيح.


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن في أن الطاعن تقدم بشكوى لنيابة جنوب القاهرة ضد المطعون ضده متهماً إياه بتبديد مبلغ تأمين إيجار أطيان، وأمرت النيابة بحفظ الشكوى إدارياً. استأنف الطاعن هذا الأمر أمام غرفة الاتهام وأمامها دفع المطعون ضده بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه من غير ذي صفة. وقد قررت الغرفة حضورياً بذلك. فطعن الطاعن في قرار غرفة الاتهام بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن الطاعن ينعى على القرار المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله حين اعتبر أن الاستئناف قد رفع من الطاعن ولا صفة له في رفعه وواقع الأمر أن الطاعن كان قد سلم إلى المطعون ضده مبلغ 132 جنيه من ماله الخاص تأميناً لتأجير الأطيان وليس من مال موكليه لإقامتهم في الخارج وليس له حق الدخول في المزايدة باسمهم وكان المطعون ضده قد تسلم مبلغ التأمين بوصفه وكيلاً عن آخرين ولما اطلع بعد ذلك على التوكيل أنكر على الطاعن حق دخول المزايدة بصفته وكيلاً إذ توكيله قاصر على التأجير لا الاستئجار وكان الواجب على المطعون ضده أن يرد مبلغ التأمين بعد أن تبين له ذلك ولكنه احتفظ به حتى يستحضر له الطاعن توكيلاً يبيح له الدخول في المزايدة وأقر بذلك في مذكرته المقدمة منه لغرفة الاتهام مما يفيد أن المبلغ قدم من الطاعن بصفته الشخصية وأنه باق في ذمته على سبيل الأمانة.
وحيث إن القرار المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن تقدم لنيابة جنوب القاهرة بشكوى قال فيها إن دائرة الشريف محمد بن عون أعلنت عن تأجير بعض أطيان الوقف وأنه بوصفه محامياً ووكيلاً عن بعض المستحقين في الوقف المذكور رأى أن يتقدم لهذا المزاد بغية استئجار بعض نصيبهم وإعادة تأجيره للغير ودفع مبلغ 132 جنيه كتأمين للمطعون ضده الذي باشر عملية المزاد بمقتضى إيصال موقع عليه منه ولكن الأخير رفض التأجير للطاعن بحجة أن التوكيل الصادر إليه من موكليه يعطيه الحق في التأجير لا الاستئجار وامتنع عن رد مبلغ التأمين إليه - وقد دفع المطعون ضده الشكوى بأنه قد اشترط في المزايدة أن يدفع من يرسو عليه المزاد نصف مبلغ التأمين في مدى ثلاثة أيام من تاريخ رسو المزاد فإن تخلف أصبح ما دفعه حقاً مكتسباً لجهة الوقف وقد تخلف الطاعن عن سداد باقي التأمين وقد أمرت النيابة العامة في 14/ 8/ 1957 بقيد الأوراق بدفتر الشكاوى وحفظها إدارياً وأخطر الطاعن بذلك في 24/ 10/ 1957 فاستأنف هذا القرار لدى غرفة الاتهام في 26/ 10/ 1957 فقررت الغرفة بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه من غير ذي صفة وعرضت لما يثيره الطاعن في طعنه وردت على ذلك بقولها "وحيث إن المستأنف عليه - المطعون ضده - دفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة. وحيث إنه يبين من مطالعة محاضر المزاد المقدمة من المستأنف عليه أن المستأنف قد دخل المزاد ودفع مبلغ التأمين باعتباره وكيلاً عن الشريف عبد الله محمد وورثة الملك عبد الله والشريف ناصر ناصر وحسني ناصر ومصباح ناصر وأولاد الشريف حمد ناصر وقد أيد المستأنف ذلك أمام الغرفة بجلسة اليوم قائلاً إنه دخل المزاد بصفته وكيلاً ودفع المبلغ بهذه الصفة لا بصفته الشخصية كما وأنه قد رفض التأجير بصفته الشخصية". ثم عرض القرار إلى ما تبين من الاطلاع على الصورة الرسمية للتوكيل المقدم من الطاعن وأنه لم يرد به ما يبيح له الطعن على الأوراق أو الأحكام سواء بطريق المعارضة أو الاستئناف أو ما عدا ذلك من طرق الطعن. ثم انتهت غرفة الاتهام إلى ما قالته من أنه "قد تبين مما سلف أن المستأنف لم يكن مدعياً بالحق المدني كما وأنه ليس من بين المجني عليهم وهم هؤلاء الذين أثبت حضوره عنهم بجلسة المزاد والسابق الإشارة إليهم كما وأن التوكيل الصادر منهم إليه لا يبيح له حق الطعن في الأوامر والأحكام ومن ثم فإن استئنافه قد تم ممن لا صفة له". لما كان ذلك وكان يبين مما أورده القرار أن الطاعن ليس مجنياً عليه في اختلاس مبلغ التأمين إن صح توافر أركان جريمة الاختلاس في حق المطعون ضده وهو كذلك لم يدع في التحقيقات بحقوق مدنية قبله، وبالتالي فهو ليس ممن لهم الحق في الطعن في الأمر الصادر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية أمام غرفة الاتهام إعمالاً لنص المادة 210 من قانون الإجراءات الجنائية، كما أن التوكيل الصادر إليه لا يخول له الطعن في مثل هذا القرار نيابة عمن وكله. لما كان ذلك، وكان القرار المطعون فيه قد تعرض لصفة الطاعن في خصوص تطبيق المادة 210 من قانون الإجراءات الجنائية لتمحيص مركزه القانوني في الدعوى وما خوله من حقوق في صدد النزاع بينه وبين المطعون ضده، وهو النزاع على الصفة التي بموجبها باشر إجراءات الشكوى واستأنف قرار النيابة بحفظها قولاً منه بأنه لم يكن وكيلاً وإنما باشر ما باشره عن نفسه، ولما كان الواضح مما سلف بيانه أن غرفة الاتهام قد أصابت وجه القانون الصحيح فيما قضت به من عدم قبول الاستئناف المقدم من الطاعن لرفعه من غير ذي صفة، فإن ما يثيره الطاعن في طعنه لا يكون له أساس ويتعين رفضه.