مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والعشرون - (من أول أكتوبر سنة 1975 إلى أخر سبتمبر سنة 1976) - صـ 185

(68)
جلسة 29 من مايو سنة 1976

برئاسة السيد الأستاذ/ علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: الدكتور أحمد ثابت عويضه، ومحمد صلاح الدين السعيد، ومحمود طلعت الغزالي وجمال الدين إبراهيم وريده المستشارين.

القضية رقم 1091 لسنة 18 القضائية

عاملون مدينون بالدولة - تأديب - تفتيش منازل العاملين - بطلان التفتيش.
المستفاد من نص المادة 9 من قانون النيابة الإدارية رقم 117 لسنة 1958 والمادة 14 من اللائحة الداخلية للنيابة الإدارية الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1489 لسنة 1958 أن المشرع في الجرائم التأديبية قصر سلطة تفتيش منازل العاملين على أعضاء النيابة الإدارية وحدهم يجرونه بالشروط والأوضاع التي نص عليها القانون - يترتب على ذلك أنه يمتنع على الرؤساء الإداريين تفتيش منازل العاملين ومثل هذا التفتيش لو حدث يكون باطلاً - لفظ المنازل المنصوص عليه في قانون النيابة الإدارية جاء عاماً ومطلقاً وينصرف إلى المساكن الخاصة وإلى المساكن الحكومية على حد سواء حتى لو كانت ملحقة بمكان العمل طالما أنها مخصصة فعلاً للإقامة والسكن.
إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن والخاص ببطلان الإجراءات تأسيساً على أن الدكتور ...... مدير القسم العلاجي بمديرية الشئون الصحية بقنا قام بتفتيش مسكن الطاعن دون الحصول على موافقة صريحة منه أو أن يكون مأذوناً بذلك من السلطة المختصة قانوناً، فإن المادة (44) من الدستور تنص على أن للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون، وقد نظم كل من قانون الإجراءات الجنائية وقانون النيابة الإدارية الضوابط والأحكام الخاصة بتفتيش المنازل في المجال الذي يسري فيه. فتضمنت المادة (9) من قانون النيابة الإدارية رقم 117 لسنة 1958 النص على أنه يجوز لمدير عام النيابة الإدارية أو من يفوضه من الوكيلين في حالة التحقيق أن يأذن بتفتيش أشخاص ومنازل العاملين المنسوب إليهم المخالفة المالية أو الإدارية إذا كان هناك مبررات قوية تدعو إلى اتخاذ هذا الإجراء، ويجب أن يكون الإذن كتابياً وأن يباشر التحقيق أحد الأعضاء الفنيين. كما نصت المادة (14) من اللائحة الداخلية للنيابة الإدارية الصادرة بقرار من رئيس الجمهورية رقم 1489 لسنة 1958 على أن يباشر تفتيش المنازل أحد أعضاء النيابة الإدارية.. ويبدو واضحاً أن المشرع في الجرائم التأديبية قصر سلطة تفتيش منازل العاملين على أعضاء النيابة الإدارية وحدهم يجرونه بالشروط والأوضاع التي نص عليها القانون، ومن ثم يمتنع على الرؤساء الإداريين تفتيش منازل العاملين ومثل هذا التفتيش لو حدث يكون باطلاً. وجدير بالذكر أن لفظ المنازل المنصوص عليه في قانون النيابة الإدارية قد جاء عاماً ومطلقاً فيؤخذ على إطلاقه وينصرف إلى المساكن الخاصة وإلى المساكن الحكومية على حد سواء حتى لو كانت ملحقة بمكان العمل طالما أنها مخصصة فعلاً للإقامة والسكن وفيها يستطيع الشخص أن يأكل ويستريح وينام مطمئناً إلى أنه في مأوى من إزعاج الآخرين، وغني عن البيان أن إلحاق سكن الطبيب بمبنى الوحدة الصحية الغرض منه توفير السكن القريب من مكان العمل والمناسب للطبيب الذي يعمل في الوحدات الصحية المنتشرة في الريف، دون أن يكون من شأن ذلك افتقاد هذا المكان صفة السكن.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن مدير القسم العلاجي بمديرية الشئون الصحية بقنا، قد اقتحم منزل المخالف وقام بضبط ما به من تذاكر طبية، فإن ذلك يكون قد تم بالمخالفة للقانون، ويكون التفتيش باطلاً ويترتب عليه بطلان الدليل المستمد من التذاكر الطبية التي تم ضبطها، ولئن كان البطلان يقتصر على الدليل المستمد من التفتيش الباطل، إلا أن التحقيقات والأوراق قد خلت تماماً من ثمة دليل آخر يفيد قيام المخالفة الثانية في حق الطاعن سيما وأنه لم تجرد عهدته ولم يظهر ثمة عجز بها، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب، يكون قد خالف القانون ويتعين لذلك القضاء بإلغائه، والحكم ببراءة الطاعن.