أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 11 - صـ 854

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد مصطفى كامل المستشار، وبحضور السادة: السيد أحمد عفيفي، وتوفيق أحمد الخشن، وعبد الحليم البيطاش، وحسن خالد المستشارين.

(165)
الطعن رقم 348 سنة 30 القضائية

خبير. رأيه: قتل خطأ. التسبيب المعيب بالنسبة للرابطة السببية.
الفصل في إمكان حصول الإصابة القاتلة من مسدس أطلق على مسافة معينة مسألة فنية بحت. الاستناد إلى التقرير الطبي بشأن ما أورده عن إمكان حدوث الإصابة من المسدس المضبوط - رغم خلوه مما يدل على أن محرره كان على بينة من مسافة الإطلاق عندما أبدى رأيه - لا يبرر رفض ما يثيره المتهم من منازعة في هذا الشأن.
إذا كان الثابت أن التقرير الطبي الذي أثبت أن إصابة المجني عليه - وهي الإصابة القاتلة - يمكن أن تحدث من المسدس المضبوط قد خلا مما يدل على أن الطبيب الشرعي كان عندما أبدى هذا الرأي على بينة من مسافة الإطلاق بحيث لا يمكن القول بأن هذه المسافة كانت في تقديره عندما انتهى إلى إمكان حصول الإصابة القاتلة من المسدس المضبوط، فإن ما أورده الحكم عن رأي الطبيب الشرعي لا يصلح بصورته سنداً لرفض دفاع المتهم المبتني على أن الإصابة القاتلة لا تحدث من هذا المسدس من مثل المسافة التي كانت بينه وبين المجني عليه عند إصابته، والقطع في هذه المسألة الفنية البحت متوقف على استطلاع رأي أهل الخبرة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه تسبب من غير قصد ولا تعمد في قتل محمود درويش منصور وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه بأن أطلق أعيرة نارية "مسدساً" دون حيطة أصابت إحداها المجني عليه وحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أدت إلى وفاته، وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات. والمحكمة الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة 1000 قرش لإيقاف التنفيذ. فاستأنف المتهم هذا الحكم. والمحكمة الاستئنافية قضت حضورياً بتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه جاء مشوباً بالقصور وفساد الاستدلال ذلك بأنه تمسك أمام محكمتي أول وثاني درجة بأن الإصابات القاتلة لا تحدث من المسدس المضبوط من مثل المسافة التي كانت بين الطاعن وبين المجني عليه عند إصابته والتي قدرت بنحو 25 متراً فلم تعر هذا الدفاع برد سليم.
وحيث إن الحكم المستأنف الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه قد رد على دفاع الطاعن القائل بأن إصابات المجني عليه القاتلة لا تحدث من المسدس المضبوط على مثل مسافة الإطلاق المقدرة بالمعاينة بقوله "إنه عن جدل المتهم حول إمكان حدوث الإصابة القاتلة من مثل المسدس المضبوط على البعد الذي قدرته المعاينة بنحو 32 خطوة أي ما يقرب 25 متراً فجدل مردود بأنه ليس في ذلك غرابة إلا أن يكون المسدس الذي استعمل في الحادث مما يعد للهو الصبية، وأما المسدس المضبوط والذي استعمل في الحادث فقد تبين من التقرير الطبي الشرعي أنه مششخن مما يستعمل في إطلاق الرصاص". ثم أورد الحكم أن القرير الطبي الشرعي أثبت وجود رائحة بارود بماسورة المسدس مما يؤيد أنه أطلق حديثاً وأن إصابة المجني عليه تحدث من المسدس المضبوط ومن مثله. لما كان ذلك، وكان يبن من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن التقرير الطبي الذي أثبت أن إصابة المجني عليه - وهي الإصابة القاتلة - يمكن أن تحدث من المسدس المضبوط قد خلا مما يدل على أن الطبيب الشرعي كان عندما أبدى هذا الرأي على بينة من مسافة الإطلاق بحيث لا يمكن القول بأن هذه المسافة كانت في تقديره عندما انتهى إلى إمكان حصول الإصابة القاتلة من المسدس المضبوط. لما كان ما تقدم، وكان البت في هذه المسألة الفنية البحت متوقفاً على استطلاع رأي أهل الخبرة، وكان الحكم لم يستند في رده على دفاع الطاعن إلى رأي فني، أما ما أورده عن رأي الطبيب الشرعي فلا يصلح بصورته سنداً لقضائه، فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.