أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 26 - صـ 1673

جلسة 24 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمود عباس العمراوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى كمال سليم، ومصطفى الفقي، ومحمد البنداري العشري، ومحمد عبد الخالق البغدادي.

(312)
الطعن رقم 294 لسنة 40 القضائية

(1) نقض "الأسباب المتعلقة بالنظام العام". نظام عام. دعوى "قيمة الدعوى".
التمسك أمام محكمة النقض لأول مرة بسبب من الأسباب القانونية المتعلقة بالنظام العام. شرطه. عدم تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بأن قيمة الدعوى تزيد على مبلغ 250 ج. خلو الأوراق من عناصر تقدير الدعوى على خلاف ما ذكر عنها في العقد. عدم قبول التمسك بزيادة هذه القيمة لأول مرة أمام محكمة النقض.
(2) دعوى "تقدير قيمة الدعوى". بيع.
الطلبات المندمجة في الطلب الأصلي. لا أثر لها على تقدير قيمة الدعوى متى لم يدر حولها نزاع مستقل. طلب شطب التسجيلات وإلغاء ما ترتب على العقد من آثار. طلب مندمج في الطلب الأصلي ببطلان البيع لصوريته.
(3) تزوير. دعوى "قيمة الدعوى".
دعوى التزوير الفرعية. تقدير قيمتها بقيمة الدعوى الأصلية. عدم الاعتداد بقيمة الحق المثبت في الورقة المطعون عليها.
(4) نقض "ما لا يصلح سبباً للطعن". دعوى "إغفال الطلبات".
إغفال محكمة الموضوع الفصل في طلبات الخصوم. عدم صلاحيته لأن يكون محلاً للطعن بالنقض. علة ذلك.
1 - وإن كان الاختصاص القيمي في خصوص واقعة الدعوى أصبح من النظام العام إلا أن من المقرر أنه لكي يمكن التمسك أمام محكمة النقض لأول مرة بسبب من الأسباب القانونية المتعلقة بالنظام العام يجب أن يثبت أنه كان تحت نظر محكمة الموضوع عند الحكم في الدعوى جميع العناصر التي تتمكن بها من تلقاء نفسها من الإلمام بهذا السبب والحكم في الدعوى على موجبه، فإذا تبين أن هذه العناصر كانت تعوزها فلا سبيل لا إلى الدفع بهذا السبب ولا لإثارته من محكمة النقض نفسها، وإذ كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن أياً من الطرفين - لم يقدم لمحكمة الموضوع ما يدل على أن قيمة الدعوى تزيد على ما هو ثابت عنها بعقد البيع وهو 250 ج مائتان وخمسون جنيهاً بل تمسكت الطاعنة نفسها بهذه القيمة أمام محكمة الاستئناف تدعيماً لطلبها إلغاء الحكم المستأنف لصدوره من المحكمة الابتدائية وهي غير مختصة بنظر النزاع قيمياً، وقد خلت الأوراق من عناصر تقدير الدعوى على خلاف ما ذكر عنها في العقد، فإنه لا يقبل من الطاعنة إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه سبب قانوني يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع.
2 - إذ كانت باقي طلبات المطعون ضده الأول - المتعلقة بشطب التسجيلات وإلغاء كافة الآثار المترتبة على العقد واعتباره كأن لم يكن - لم يدر حولها نزاع مستقل عن الطلب الأصلي ببطلان عقد البيع وإلغائه لصوريته صورية مطلقة فإنها تعتبر طلبات مندمجة فيه ولا أثر لها على تقدير قيمة الدعوى التي تقدر بقيمة الطلب الأصلي وحده وفق الفقرة الأخيرة من المادة 38 من قانون المرافعات.
3 - قيمة دعوى التزوير الفرعية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(2)] - تقدر بقيمة الدعوى الأصلية أياً كانت قيمة هذه الدعوى وأياً كانت قيمة الحق المثبت في الورقة المطعون عليها.
4 - إغفال محكمة الموضوع الفصل في طلبات الخصوم لا يجوز أن يكون محلاً للطعن بالنقض لأن الطعن لا يكون إلا عن الطلبات التي فصل فيها الحكم المطعون فيه صراحة أو ضمناً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول رفع الدعوى رقم 1547 لسنة 1967 مدني كلي الإسكندرية على الطاعنة والمطعون ضده الثاني بصفته طالباً الحكم ببطلان عقد البيع المؤرخ 3/ 9/ 1958 وصوريته صورية مطلقة واعتباره كأن لم يكن وشطب كافة التسجيلات المترتبة على العقارات الواردة فيه واستند في ذلك إلى أنها أقرت بالصورية في إقرار مؤرخ 19/ 5/ 1967. طعنت الطاعنة على هذا الإقرار بالتزوير، ومحكمة إسكندرية الابتدائية قضت في 30 من ديسمبر سنة 1968 (أولاً) وفي الإدعاء بالتزوير بقبول مذكرة الشواهد شكلاً وفي موضوعه برفضه وبصحة الإقرار المؤرخ 19/ 5/ 1967 وبتغريم الطاعنة 25 ج (ثانياً) بإلغاء عقد البيع المؤرخ 3/ 9/ 1958 لصوريته واعتباره كأن لم يكن (ثالثاً) بشطب التسجيل رقم 3695 لسنة 1964 إسكندرية بصحيفة الدعوى رقم 608 لسنة 1961 محرم بك الجزئية. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 95 لسنة 25 ق الإسكندرية طالباً الحكم بإلغائه لصدوره من محكمة غير مختصة نوعياً وفي نزاع سبق الفصل فيه في الدعوى 608 لسنة 1961 مدني محرم بك الجزئية والقضاء أولاً بقبول مذكرة شواهد التزوير وإحالة الطعن على التحقيق لتثبت أن الورقة المطعون عليها كانت ممضاة منها على بياض وقد سطر المطعون ضده الأول ما حوته دون أن تنصرف إليه إرادتها وبرد وبطلان الإقرار المطعون عليه بالتزوير (ثانياً) برفض الدعوى. دفع المطعون ضده بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب، وبتاريخ 8 من فبراير سنة 1970 قضت المحكمة بقبول الدفع بعدم جواز الاستئناف وبعدم جوازه، فطعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن يقوم على سبب واحد من وجهين حاصل أولهما أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون حين قضى بعدم جواز الاستئناف استناداً إلى أن قيمة الدعوى أخذاً بما ورد في عقد البيع المطلوب الحكم ببطلانه لا تتجاوز 250 جنيهاً في حين أن الاختصاص القيمي وقابلية الحكم للاستئناف أصبح أمر - في خصوص الدعوى - يتصل بالنظام العام فكان على المحكمة أن تحققه من تلقاء نفسها بالرجوع إلى القيمة الحقيقية للمعقود عليه بصرف النظر عما ذكر عنها بالعقد وهي تجاوز - وعلى ما يبين من المستندات المقدمة - نصاب الاستئناف، هذا إلى أن الدعوى تضمنت إلى جانب الطلب الأصلي ببطلان العقد طلبات يجمعها سبب واحد هو صورية العقد ومن ثم يتعين تقدير الدعوى باعتبار قيمة هذه الطلبات المتعددة جملة وفق المادة 41 من قانون المرافعات القديم الذي رفعت الدعوى في ظله، كما أن الإقرار المنسوب إلى الطاعنة والذي قضى برفض الإدعاء بتزويره وصحته يحوي تنازلات عن عقارات أخرى لم يشملها عقد البيع موضوع الدعوى وتجاوز قيمتها 45 ألف جنيه وقد فصل الحكم في صحة هذا الإقرار دون تجزئة، وحاصل الوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه صدر مشوباً بالقصور في التسبيب حين أغفل في سرده للوقائع وفي أسبابه ذكر طلب المطعون ضده الأول بطلان محضر الصلح الذي انتهت به الدعوى 608 لسنة 1961 مدني محرم بك الجزئية وهو طلب غير مقدر القيمة لو فطنت إليه المحكمة لتغيير وجه رأيها في الدعوى، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي في الشق الأول من الوجه الأول غير مقبول ذلك أنه وإن كان الاختصاص القيمي في خصوص واقعة الدعوى أصبح من النظام العام إلا أنه من المقرر أنه لكي يمكن التمسك أمام محكمة النقض لأول مرة بسبب من الأسباب القانونية المتعلقة بالنظام العام يجب أن يثبت أنه كان تحت نظر محكمة الموضوع عند الحكم في الدعوى جميع العناصر التي تتمكن بها من تلقاء نفسها من الإلمام بهذا السبب والحكم في الدعوى على موجبه، فإذا تبين أن هذه العناصر كانت تعوزها فلا سبيل لا إلى الدفع بهذا السبب ولا لإثارته من محكمة النقض نفسها، وإذ كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن أياً من الطرفين - لم يقدم لمحكمة الموضوع ما يدل على أن قيمة الدعوى تزيد على ما هو ثابت عنها بعقد البيع وهو 250 ج (مائتان وخمسون جنيهاً) بل تمسكت الطاعنة نفسها بهذه القيمة أمام محكمة الاستئناف تدعيماً لطلبها إلغاء الحكم المستأنف لصدوره من المحكمة الابتدائية وهي غير مختصة بنظر النزاع قيمياً، وقد خلت الأوراق من عناصر تقدير الدعوى على خلاف ما ذكر عنها في العقد، فإنه لا يقبل من الطاعنة إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه سبب قانوني يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع، والنعي مردود في الشق الثاني من هذا الوجه بما نصت عليه المادة 38 من قانون المرافعات من أنه "إذا تضمنت الدعوى طلبات متعددة ناشئة عن سبب قانوني واحد كان التقدير باعتبار قيمتها جملة، فإن كانت ناشئة عن أسباب قانونية مختلفة كان التقدير باعتبار قيمة كل منها على حدة. أما إذا تضمنت الدعوى طلبات تعتبر مندمجة في الطلب الأصلي فتقدر قيمتها بقيمة هذا الطلب وحده وإذ كانت باقي طلبات المطعون ضده الأول - المتعلقة بشطب التسجيلات وإلغاء كافة الآثار المترتبة على العقد واعتباره كأن لم يكن - لم يدر حولها نزاع مستقل عن الطلب الأصلي ببطلان عقد البيع وإلغائه لصوريته صورية مطلقة فإنها تعتبر طلبات مندمجة فيه ولا أثر لها على تقدير قيمة الدعوى التي تقدر بقيمة الطلب الأصلي وحده وفق الفقرة الأخيرة من المادة السالفة الذكر، والنعي مردود في الشق الثالث من هذا الوجه بأن قيمة دعوى التزوير الفرعية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تقدر بقيمة الدعوى الأصلية أياً كانت قيمة هذه الدعوى وأياً كانت قيمة الحق المثبت في الورقة المطعون عليها، ومردود في الوجه الثاني بأن إغفال محكمة الموضوع الفصل في طلبات الخصوم لا يجوز أن يكون محلاً للطعن بالنقض لأن الطعن لا يكون إلا عن الطلبات التي فصل فيها الحكم المطعون فيه صراحة أو ضمناً، فضلاً عن انعدام مصلحة الطاعنة في التمسك بذلك لأن المطعون ضده الأول هو صاحب هذا الطلب الذي أغفله الحكم.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.


[(1)] نقض جلسة 16/ 6/ 1966 مجموعة المكتب الفني س 17 ص 1399. نقض جلسة 11/ 6/ 1970 مجموعة المكتب الفني س 21 ص 1038.
[(2)] نقض جلسة 21/ 6/ 1956 مجموعة المكتب الفني س 7 ص 742.