مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 113

(12)
جلسة 31 من أكتوبر سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رائد جعفر النفراوي - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: عبد الباري محمد شكري وممدوح حسن يوسف راضي وسمير إبراهيم البسيوني وأحمد عبد الحليم أحمد صقر - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3849 لسنة 41 قضائية عليا

توجيه وتنظيم أعمال البناء - القيود المفروضة على العقارات التي تدخل في خطوط التنظيم.
المادة 13 من القانون 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء.
حدد المشرع القيود المفروضة على ملاك العقارات التي تدخل في خطوط التنظيم في أنه من وقت صدور قرار المحافظ باعتماد خطوط التنظيم بعد موافقة المجلس الشعبي المحلي يحظر إجراء أعمال البناء أو التعلية في الأجزاء البارزة عن خطوط التنظيم على أن يعوض أصحاب الشأن تعويضاً عادلاً - لا يترتب على فرض هذا القيد على حق الملكية بذاته نزع ملكية صاحب الشأن بأيلولة الأجزاء الداخلة في خطوط التنظيم إلى ملكية الدولة، إذ يلزم صدور قرار بنزع الملكية على النحو وبالشروط والأوضاع المنصوص عليها قانوناً - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 29/ 6/ 1995 أودع الأستاذ/ ....... المحامي نائباً عن الأستاذ/ ....... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3849 لسنة 41 ق. ع ضد المطعون ضده في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 25/ 5/ 1995 في الدعوى رقم 5125/ 44 ق والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وإلزام المدعين المصروفات.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الطلب الاحتياطي والقضاء مجدداً بإلغاء القرار السابق بامتناع محافظ القاهرة عن أداء التعويض المستحق للطاعنين عن الأراضي المملوكة لهم بمنطقة الأميرية بالزاوية الحمراء والبالغ مساحتها 8750 متراً مربعاً والداخلة ضمن خطوط التنظيم المعتمدة بقرار محافظ القاهرة رقم 182/ 1971 مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين بالمصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 8/ 6/ 1999 إحالة الطاعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة - موضوع) لنظره بجلسة 4/ 7/ 1999 وتدوول نظر الطعن أمام هذه المحكمة التي قررت بجلسة 3/ 10/ 1999 إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه وإجراءاته المقررة قانوناً.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن مورث الطاعنين أقام دعوى أمام محكمة القضاء الإداري بإيداع صحيفتها قلم كتاب تلك المحكمة بتاريخ 26/ 5/ 1990 طالباً في ختامها الحكم أصلياً (1) بإلغاء القرار السلبي بامتناع محافظ القاهرة عن تعديل خطوط التنظيم بمنطقة الأميرية بالزاوية الحمراء طبقاً لقرار المجلس التنفيذي لمحافظة القاهرة رقم 68/ 1982. (2) بإلغاء القرار السلبي بامتناع محافظ القاهرة عن اعتماد مشروع التقسيم المقدم منه في سنة 1982 برقم 33 - 1 - 1714 على أساس خطوط التنظيم المعدلة على النحو المبين في البند السابق. واحتياطياً: وفي حالة عدم تعديل خطوط التنظيم الحالية بإلغاء القرار السلبي بامتناع محافظ القاهرة عن أداء التعويض المستحق عن الأراضي المملوكة له بالمنطقة الداخلة ضمن خطوط التنظيم الحالية مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وقال شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 11/ 5/ 1979 صدر قرار محافظ القاهرة رقم 182/ 1971 باعتماد تخطيط منطقة الزاوية الحمراء للعمران السكني والصناعي بما يتمشى مع الطبيعة وطبقاً لهذه الخطوط حدد عرض الشوارع الفرعية بالمنطقة بخمسين متراً ولقد تبين أن خطوط التنظيم المعتمدة لا تتمشى مع الطبيعة لأنها تتجاهل المباني المقامة فعلاً على جانبي هذه الشوارع وإزاء هذا التعارض فقد أصدرت الجهة الإدارية تراخيص بإقامة مبانٍ ومحلات تجارية على أساس الواقع الفعلي المتمثل في أن عرض الشوارع الفرعية لا يجاوز في الطبيعة عشرين أو خمسة عشر متراً وتم توصيل المرافق إليها وأصدر المحافظ القرار رقم 114/ 1980 بتخصيص قطعة أرض لإقامة مخبز آلي أقيم هذا المخبز بالفعل كما أقيمت مجموعة كبيرة من المساكن الشعبية في شارع أحمد فاروق على أساس أن عرضه عشرين متراً وكذلك مباني شركات قطاع عام وقد قامت مديرية الإسكان ببحث الموضوع والمعاينة على الطبيعة واقترحت تعديل خطوط التنظيم وذلك بإلغاء خطوط التنظيم المعتمدة واعتماد خطوط جديدة ولدى عرض الموضوع على المجلس التنفيذي للمحافظة أصدر قراره رقم 68/ 1982 بالموافقة على إلغاء خطوط التنظيم المؤشر عليها بعلامات ×××× واعتماد خطوط التنظيم السوداء السميكة حسبما هو مبين على الرسم الخاص بالمشروع وهو ما يتفق مع الصالح العام ورغم مرور أكثر من عشر سنوات على هذا القرار إلا أن المحافظة اتخذت منه موقفاً سلبياً ولم تتخذ أي إجراء لتنفيذه كما أنها لم تقم بصرف التعويضات المستحقة لأصحاب الشأن عن الأراضي المملوكة لهم والداخلة ضمن خطوط التنظيم المعتمدة وأضاف المدعي (مورث الطاعنين) أنه يملك مساحة حوالي أربعة أفدنة تقع على الشوارع الفرعية وتقدم في سنة 1989 بمشروع تقسيم لها برقم 33 - 1/ 1714 إلا أن المحافظة لم تعتمد هذا التقسيم استناداً إلى أن التقسيم مقدم على أساس خطوط التنظيم المعدلة طبقاً لقرار المجلس التنفيذي رقم 68/ 1982 وأنه لم يصدر حتى الآن قرار من المحافظ باعتماد خطوط التنظيم الجديدة ورغم المحاولات العديدة التي بذلت لتعديل هذه الخطوط إلا أن المحافظة ما تزال على موقفها السلبي بالنسبة لها الأمر الذي ينعكس أثره لزوماً على صرف التعويضات المستحقة لأصحاب الأراضي في حالة الإبقاء على خطوط التنظيم الحالية على أساس أن عرض الشوارع الفرعية خمسين متراً واختتم المدعي صحيفة دعواه بطلب الحكم له بطلباته سالفة الذكر.
وقد قرر الحاضر عن المدعي وفاته إلى رحمة الله وقدم إعلام وراثة ومذكرة طلب فيها تصحيح شكل الدعوى باسم الورثة.
وبجلسة 25/ 5/ 1995 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعين المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها برفض الطلب الاحتياطي بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن أداء التعويض المستحق للمدعين عن الأراضي المملوكة لهم بمنطقة الأميرية بالزاوية الحمراء والداخلة ضمن خطوط التنظيم الحالية على أن الواضح من عريضة الدعوى أنه لم يتم اعتماد مشروع التقسيم المقدم من مورث المدعين ومن ثم فليس ثمة أراض بارزة عن خطوط التنظيم حتى يستحق عنها تعويضاً أما إذا كان طلب التعويض يتعلق بأراضي أخرى يملكها المدعون بتلك المنطقة فإنه لم يتم تحديد هذه الأراضي وإنما جاء الحديث عنها مجهلاً وفي عبارة غامضة لذا يتعين القضاء برفض الطلب الاحتياطي.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الطلب الاحتياطي الخاص بامتناع محافظ القاهرة عن أداء التعويض المستحق للطاعنين قد شابه الفساد في الاستدلال والقضاء بغير الثابت في الأوراق ذلك أن الثابت من صحيفة الدعوى ومن مذكرات المدعين أن التقسيم كان قد أعده مورث المدعين على أساس الخطوط المعدلة التي يتم اعتمادها بعد من المحافظ ومفاد ذلك أن التقسيم قد تم إعداده على أساس يخالف خطوط التنظيم الحالية المعتمدة ولذا كان طلب المدعين الأصلي ينصب على اعتماد مشروع تعديل خطوط التقسيم طبقاً لما انتهى إليه المجلس التنفيذي وقد تحوط المدعون لاحتمال رفض الطلبين الأصليين فجعلوا طلبهم الاحتياطي منصباً على التعويض عن الأراضي الداخلة ضمن خطوط التنظيم الحالية المعتمدة ولما كان الحال في هذه المنازعة لا يخرج عن أحد أمرين وهما إما اعتماد تعديل خطوط التنظيم الحالية طبقاً لما أوصى به المجلس التنفيذي وما يؤدي إلى إقرار مشروع التقسيم المقدم من مورث المدعين وإما الإبقاء على خطوط التنظيم الحالية وعدم تعديلها وهو ما يؤدي إلى وجوب صرف التعويضات المستحقة لأصحاب الأراضي الداخلة ضمن خطوط التنظيم المعتمدة وبديهي أنه في الحالة الأخيرة لا يرتبط صرف هذه التعويضات باعتماد مشروع التقسيم كما ذهب إلى ذلك خطأ الحكم المطعون فيه لأن الإبقاء على خطوط التنظيم الحالية يترتب عليه لزوماً عدم الموافقة على مشروع التقسيم القائم على أساس الخطوط المعدلة وإذ كان ذلك فإن المحكمة يكون قد جانبها الصواب حين انتهت إلى رفض الطلب الاحتياطي استناداً إلى عدم اعتماد مشروع التقسيم والتعويض الذي يطلبه المدعون يشمل كل الأراضي المملوكة لهم الداخلة ضمن خطوط التنظيم الحالية وما دام المدعون قد طلبوا صرف التعويض المستحق لهم من هذه الأراضي البالغ مساحتها 8250 متراً مربعاً فإنهم يستحقون التعويض عن هذه المساحة منذ اعتماد خطوط التنظيم الحالية في 11/ 5/ 1971 بقرار محافظ القاهرة رقم 182/ 1971 بحيث يشكل الامتناع عن صرف هذا التعويض لمستحقيه قراراً سلبياً يتعين الاستجابة لإلغائه.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن المادة 13 من القانون رقم 106/ 1976 تنص على أن "يصدر باعتماد خطوط التنظيم للشوارع قرار من المحافظ بعد موافقة المجلس المحلي المختص. ومع عدم الإخلال بأحكام القانون رقم 577/ 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين يحظر من وقت صدور القرار المشار إليه في الفقرة السابقة إجراء أعمال البناء أو التعلية في الأجزاء البارزة عن خطوط التنظيم على أن يعوض أصحاب الشأن تعويضاً عادلاً أما أعمال التدعيم لإزالة الخلل وكذلك أعمال البيان فيجوز القيام بها".
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المشرع قد بين في المادة 13/ 2 من القانون رقم 106/ 1976 سالف الذكر القيود المفروضة على ملاك العقارات التي تدخل في خطوط التنظيم وهي أنه من وقت صدور المحافظ باعتماد خطوط التنظيم بعد موافقة المجلس الشعبي المحلي يحظر على ملاك العقارات إجراء أعمال البناء أو التعلية في الأجزاء البارزة عن خطوط التنظيم على أن يعوض أصحاب الشأن تعويضاً عادلاً ولا يترتب على فرض هذا القيد على حق الملكية بذاته نزع ملكية صاحب الشأن بأيلولة الأجزاء الداخلة في خطوط التنظيم إلى ملكية الدولة إذ يلزم لذلك صدور قرار بنزع الملكية على النحو وبالشروط والأوضاع المنصوص عليها بالقانون رقم 577/ 1954 سالف الذكر (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2105/ 34 ق جلسة 21/ 4/ 1990).
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم فإنه حتى بافتراض أن الطاعنين يملكون أراضٍ تبلغ مساحتها 8250 متراً مربعاً بمنطقة الأميرية بالزاوية الحمراء وأن هذه المساحة دخلت ضمن خطوط التنظيم المعتمدة بقرار محافظ القاهرة رقم 182/ 1971 فإن صدور هذا القرار من محافظ القاهرة يترتب عليه فرض قيد على حق الملكية الذي يمارسه المدعون على الأرض المملوكة لهم وهذا القيد يتمثل في حظر إجراء أعمال بناء أو تعلية في الأجزاء البارزة عن خطوط التنظيم ولا يترتب على فرض هذا القيد على حق الملكية بذاته نزع ملكية أصحاب الشأن بأيلولة الأجزاء الداخلة في خطوط التنظيم إلى ملكية الدولة إذ يلزم لذلك صدور قرار بنزع الملكية للمنفعة العامة على النحو وبالشروط والأوضاع المنصوص عليها في القانون رقم 577/ 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة (الملغي) أو القانون رقم 10/ 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة وهو القانون الذي حل محل القانون رقم 577/ 1954 (الملغي).
ومن حيث إن الجهة الإدارية المطعون ضدها لم تقرر أن الأراضي المملوكة للمدعين وبافتراض دخولها ضمن خطوط التنظيم قد صدر قرار بنزع ملكيتها للمنفعة العامة كما أن الطاعنين لم يقدموا أية قرارات أو مستندات تثبت صدور قرار بنزع ملكية أراضيهم للمنفعة العامة سواء في مرحلة نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري أو في مرحلة نظر الطعن أمام هذه المحكمة ومن ثم تكون مطالبة الطاعنين بالتعويض المستحق لهم عن الأراضي الداخلة ضمن خطوط التنظيم الحالية غير قائمة على أساس سليم من القانون ويتعين رفض هذا الطلب.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد أصاب وجه الحق في ذلك ويتعين من ثم القضاء بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ومن حيث إن الطاعنين قد خسروا الطعن فمن ثم يتعين إلزامهم المصروفات عملاً بنص المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعنين المصروفات.