مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 629

(66)
جلسة 12 من مارس سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رائد جعفر النفراوي - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: د. محمد عبد البديع عسران وممدوح حسن يوسف راضي وسمير إبراهيم البسيوني وأحمد عبد الحليم صقر - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2809 لسنة 41 قضائية عليا

توجيه وتنظيم أعمال البناء - مخالفات البناء - قرار إزالة الأعمال المخالفة - وجوب تسبيب القرار.
المواد أرقام 4، 15، 16، من القانون رقم 106/ 76 بشأن تنظيم وتوجيه أعمال البناء معدلاً بالقانون رقم 30/ 83.
المشرع قد حظر إنشاء المباني أو إقامة أعمال البناء بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة وفي حالة المخالفة فقد أوكل إلى الجهة الإدارية اتخاذ إجراءات وقف المخالفة كما خول المحافظ المختص إصدار قرار بإزالة الأعمال المخالفة واشترط لذلك أن يكون مسبباً وأن يكون التسبيب في صلب القرار ذاته - مؤدى ذلك ولازمه تجديد الأعمال المخالفة التي تم وقفها على نحو واضح وكل ذلك حتى يمكن للقضاء أن يبسط رقابته على القرار المطعون فيه واستجلاء مدى مشروعيته من عدمه - وبالتالي فإن عدم مراعاة ما اشترطه المشرع من تسبيب القرار وبيان الأعمال المخالفة بالقرار الصادر بالإزالة فإن القرار والحال كذلك يغدو باطلاً لمخالفته لإجراء شكلي جوهري نص عليه القانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 3/ 5/ 1995 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين بصفاتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 2809/ 41 ق. ع في الحكم الصادر بجلسة 16/ 6/ 1995 من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 883/ 47 ق. ع والقاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار رقم 24 لسنة 1992 ورفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت المدعي وجهة الإدارة المصروفات مناصفة وطلب الطاعنون بصفاتهم وللأسباب المبينة تفصيلاً بتقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم في شقه المطعون فيه وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي أولاً: بقبول الطعن شكلاً، وثانياً: وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من وقف تنفيذ القرار رقم 24 لسنة 92 وبإلزام جهة الإدارة بالمصروفات مناصفة مع القضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ القرار رقم 24 لسنة 1992 مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي.
وتقدمت هيئة مفوضي الدولة بتقرير بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بعد إعلان صحيفة الطعن إعلاناً صحيحاً بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون بالدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا الطعن بجلسة 17/ 11/ 97 حيث قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الخامسة للاختصاص وقد نظرته دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 28/ 4/ 98 والجلسات التالية حيث حضر المطعون ضده بمحام عنه وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتي نظرته بجلسة 1/ 8/ 99 وما تلاها من جلسات وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد أقيم في المواعيد القانونية واستوفى أوضاعه الشكلية الأخرى ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن الفصل في موضوع الطعن يغني عن الفصل في طلب وقف التنفيذ.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضده سبق أن أقام الدعوى رقم 883/ 47 أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 7/ 11/ 92 طالباً الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرارين رقمي 23، 24/ 1992 الصادرين من حي عابدين بإزالة الحجرة بالشقة بالدور السابع وكذلك السلم الداخلي الموصل لها، ونعى على القرارين المشار إليهما مخالفة المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة سبب الإزالة بالمخالفة للقانون.
وقد تداولت المحكمة نظر الدعوى على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قضت بجلسة 16/ 3/ 95 بحكمها الطعين واستندت فيما قضت به من وقف تنفيذ القرار رقم 24/ 1992 بأن البادي من مطالعته عدم تحديد الأعمال المطلوب إزالتها وجاء لذلك مجهلاً فضلاً عن أنه لم يتم عرض المخالفة على اللجنة الثلاثية الأمر الذي يكون معه القرار قد صدر باطلاً بالمخالفة لصحيح حكم القانون ويكون من المرجح إلغاؤه ويتوافر بالتالي ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ فضلاً عن توافر ركن الاستعجال.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه لما شابه من التناقض فيما استند إليه ففي حين تضمنت الأسباب بأن القرار لم يحدد الأعمال المخالفة المطلوب إزالتها وبذا يكون مجهلاً إذ به ينتهي في موضع آخر إلى أن المخالفة لم يتم عرضها على اللجنة وهو ما يلزم في حد ذاته أن تكون الأعمال المطلوب إزالتها واضحة من ناحية أخرى فإن الحكم الطعين رفض وقف تنفيذ القرار رقم 23/ 92 تأسيساً على أن المدعي أقام سلماً داخلياً بين الدورين السادس والسابع بالأرضي دون ترخيص وأن المباني تجاوز الارتفاع القانوني وإذ كان القرار رقم 24/ 92 جاء تالياً للقرار 23/ 92 وطبقاً للثابت بالأوراق أن المطعون ضده قد أكمل غرف السطح وتحرر عنه محضر المخالفة رقم 75/ 92 وبذلك أصبحت غرفة السطح شقة ثم قام ببناء الدور السابع فوق الأرض بمسطح 40 متر مربع وتحرر عنه محضر الإيقاف رقم 29/ 92 والبديهي والمنطق والذي يتفق مع ما جاء بالقرار رقم 23 أن القرار 24 قد صدر لمخالفة المطعون ضده قيود الارتفاع طالما أن القرار رقم 23/ 92 الذي رفضت المحكمة وقف تنفيذه خاص بقيود الارتفاع وهو لا يستلزم العرض على اللجنة الثلاثية بحسبان أن إزالة الأعلى وهو المخالف لقيود الارتفاع لا تقتضي العرض على اللجنة طبقاً للمادة 16 من القانون.
ومن حيث إنه باستظهار ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم 24/ 92 وأن المادة الرابعة من القانون رقم 106/ 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء والمعدلة بالقانون رقم 30/ 83 تنص على أنه "لا يجوز إنشاء مبان أو إقامة أعمال.... إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم...".
وتنص المادة الخامسة عشرة من ذات القانون بأن "توقف الأعمال المخالفة بالطريق الإداري...".
وتنص المادة السادسة عشرة من القانون المشار إليه على أن "يصدر المحافظ المختص أو أن ينيبه بعد أخذ رأي لجنة تشكل بقرار من ثلاثة من المهندسين المعماريين... قراراً مسبباً بإزالة أو تصحيح الأعمال التي تم وقفها...".
ومفاد النصوص المشار إليها أن المشرع قد حظر إنشاء المباني أو إقامة أعمال البناء بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة وفي حالة المخالفة فقد أوكل الجهة الإدارية اتخاذ إجراءات وقف المخالفة كما خول المحافظ المختص إصدار قرار بإزالة الأعمال المخالفة واشترط لذلك أن يكون مسبباً وأن يكون التسبيب في صلب القرار ذاته ومؤدى ذلك ولازمه تحديد الأعمال المخالفة التي تم وقفها على نحو واضح وكل ذلك حتى يمكن للقضاء أن يبسط رقابته على القرار المطعون فيه واستجلاء مدى مشروعيته من عدمه وبالتالي فإن عدم مراعاة ما اشترطه المشرع من تسبيب القرار وبيان الأعمال المخالفة بالقرار الصادر بالإزالة فإن القرار والحال كذلك يغدو باطلاً لمخالفته لإجراء شكلي جوهري نص عليه القانون.
ومن حيث إنه بالتطبيق لما تقدم فإن الظاهر من الصورة الضوئية لقرار الإزالة رقم 24/ 1992 أن المادة الأولى منه قد قضت بإزالة الأعمال ومن ثم فقد خالف هذا القرار حكم القانون بما يتحقق معه ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ إلى جانب توافر ركن الاستعجال الموجب لوقف التنفيذ وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فمن ثم فقد صادف حكم القانون ولا يغير من هذه النتيجة ما ذكرته الجهة الطاعنة من أنه طالما أن القرار الطعين رقم 24/ 92 قد جاء تالياً للقرار 23/ 92 الذي أقرت المحكمة بصحته ومطابقته للقانون فمن البديهي أن يكون القرار رقم 24/ 92 قد صدر لمخالفة قيود الارتفاع فذلك مردود بأن ما تستند إليه الجهة الإدارية يقوم على الافتراض في حين أن القرار الطعين قد افتقد شرط شكلي جوهري لازم لصحته ألا وهو تسبيب القرار وبيان الأعمال المخالفة ومن المقرر أن كل قرار مستقل بذاته وبشروطه الشكلية والموضوعية بما يضحى الطعن والحال كذلك مفتقداً للسند القانوني السليم متعين الرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.