مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 855

(91)
جلسة 20 من مايو سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان عزوز - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: إسماعيل صديق محمد راشد وفريد نزيه تناغو ومحمد عادل حسيب ود. عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3513 لسنة 39 قضائية عليا

عاملون مدنيون بالدولة - إلزام العامل بفوائد المبالغ المدين بها للإدارة - حكمه.
المادة 226 من القانون المدني.
الفوائد القانونية تسري في الأصل على الروابط العقدية المدنية - إن جرى تطبيقها في نطاق الروابط العقدية الإدارية باعتبارها من الأصول العامة في الالتزامات فإنه لا وجه لتطبيقها في علاقة الحكومة بموظفيها باعتبارها علاقة قانونية تحكمها القوانين واللوائح - القضاء الإداري ليس ملزماً بتطبيق النصوص المدنية إلا إذا وجد نص خاص يقضي بذلك أو رأى أن تطبيقها يتلاءم مع طبيعة العلاقة بين العامل والجهة الإدارية التي يعمل بها - ليس مما يتلاءم مع طبيعة هذه الروابط إلزام الموظف بفوائد مبالغ مدين بها للإدارة أخذاً في الاعتبار بالمقابل لذلك عدم التزام الإدارة بفوائد مبالغ مستحقة للموظف بحكم وظيفته متى تأخرت الإدارة في صرفها له - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 5/ 7/ 1993 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن السيد/ محافظ القاهرة بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3513 لسنة 39 ق في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها بجلسة 18/ 5/ 1993 في الطعن رقم 15/ 24 ق المقام من الطاعن ضد المطعون ضدها والقاضي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلزام المطعون ضدها بأن تدفع للطاعن بصفته مبلغ 2086.480 جنيه والفوائد القانونية من تاريخ الحكم والمصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلزام المطعون ضدها بأن تدفع للطاعن بصفته الفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 24/ 10/ 1989 وحتى تمام السداد مع إلزامها بالمصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدها على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من إلزام المطعون ضدها بأن تؤدي الفوائد القانونية من تاريخ الحكم وبإلزامها بالفوائد القانونية عن المبلغ المحكوم به بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 10/ 3/ 1999 والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر الجلسات حيث حضر الطرفان وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الرابعة لنظره بجلسة 29/ 9/ 1999 وفي هذه الجلسة والجلسات التالية لها نظرت هذه المحكمة الطعن واستمعت إلى ملاحظات ذوي الشأن وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم 20/ 5/ 2000 وفي هذه الجلسة صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - أنه بتاريخ 24/ 10/ 1989 أقام الطاعن السيد/ محافظ القاهرة بصفته الطعن رقم 15 لسنة 24 ق أمام المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها بموجب الصحيفة المودعة قلم كتاب هذه المحكمة والتي اختصم فيها المطعون ضدها السيدة/ ...... وطلب في ختامها الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 2089.480 جنيه والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد مع إلزامها بالمصروفات.
وقال الطاعن شرحاً لطعنه بأن المطعون ضدها ارتكبت العديد من المخالفات المالية إبان فترة عملها سكرتيرة بمدرسة عبد العزيز جاويش الابتدائية الصباحية وكان ذلك محل تحقيق النيابة الإدارية في القضية 862/ 1987 التي انتهت إلى قيد الواقعة مخالفة مالية وإحالتها إلى المحاكمة التأديبية وتم إخطارها بتاريخ 5/ 11/ 1988 بما جاء بكتاب المديرية المالية بالتوريد الفوري للمبلغ الذي استولت عليه دون وجه حق والذي بلغت جملته 2086.480 جنيه وقامت جهة الإدارة بإنذارها بتاريخ 16/ 1/ 1989 لسداد هذا المبلغ إلا أنها امتنعت عن ذلك.
ولقد نظرت المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها هذه الدعوى وبجلسة 18/ 5/ 1993 قضت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلزام المطعون ضدها بأن تدفع للطاعن بصفته مبلغ 2086.480 جنيه والفوائد القانونية من تاريخ الحكم والمصروفات وأسست المحكمة حكمها على أنه سبق لها أن قضت بهيئة مغايرة لحكمها الصادر بجلسة 28/ 11/ 1989 في الدعوى رقم 721/ 30 ق المقامة من النيابة الإدارية ضد المطعون ضدها بمعاقبة المتهمة/ ........ بالإيقاف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر مع صرف نصف الأجر ولم يطعن أحد على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا وشيدت المحكمة هذا الحكم على أساس أن المتهمة ثبت ارتكابها للمخالفات المسندة إليها بقرار الاتهام ثبوتاً يقينياً وتتمثل هذه المخالفات في قيامها بسحب مبالغ مالية أكثر من المصروفات واحتفاظها بها دون وجه حق إلى غير ذلك من المخالفات المالية الثابتة في حقها والتي خلصت المحكمة في حكمها الصادر بجلسة 28/ 11/ 1989 إلى مجازاتها عنها تأديبياً.
وأضافت المحكمة التأديبية أنه متى كان الأمر كذلك وكان سبب المطالبة هو المخالفات المالية التي ارتكبتها المطعون ضدها والتي صدر بشأنها الحكم سالف الذكر وقد نتج عن هذه المخالفات وجود عجز في المبالغ المسلمة إليها قدرها 2086.480 جنيه ولم تدفع المدعى عليها مسئوليتها عن هذا العجز فإنه يتعين إلزامها بقيمة العجز والفوائد القانونية من تاريخ الحكم باعتبار أن المبلغ المطالب به هو تعويض تقدره المحكمة عند الحكم ومن ثم انتهت المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم إلى إصدار حكمها المتقدم.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل المقام من محافظة القاهرة أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه حين قضى بالفوائد القانونية من تاريخ الحكم وليس من تاريخ المطالبة القضائية ذلك أنه إعمالاً للمادة 226 من القانون المدني فإنه إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به كان ملزماً بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد قدرها أربعة في المائة في المسائل المدنية وتسري هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية أي من تاريخ إيداع صحيفة الدعوى قلم كتاب المحكمة وهو ما تم بتاريخ 24/ 10/ 1989 وحتى السداد. وقد كان المبلغ المطالب به هو 2086.480 جنيه معلوم المقدار وقت المطالبة وتأخر المدين في الوفاء به فكان من المتعين على المحكمة أن تقضي بإلزام المدعى عليها بالفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية كما أن الحكم المطعون فيه أخطأ في عدم تحديد نسبة الفوائد القانونية بينما كان من المتعين تحديد نسبتها بواقع 4% وتسري من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد ومن ثم انتهت الجهة الطاعنة إلى طلب الحكم إلى إلزام المطعون ضدها بدفع الفوائد القانونية عن المبلغ المحكوم به بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد مع إلزامها بالمصروفات.
ومن حيث إن الطعن يستهدف إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من الاقتصار على إلزام المطعون ضدها بدفع الفوائد القانونية عن المبلغ المحكوم به للطاعن من تاريخ الحكم والقضاء مجدداً بإلزام المطعون ضدها بأن تدفع للطاعن الفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 24/ 10/ 1989 وحتى تمام السداد.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجري على أن الفوائد القانونية المنصوص عليها في المادة 226 من القانون المدني إنما تسري في الأصل على الروابط العقدية المدنية وأنه وإن جرى تطبيقها في نطاق الروابط العقدية الإدارية باعتبارها من الأصول العامة في الالتزامات فإنه لا وجه لتطبيقها في علاقة الحكومة بموظفيها باعتبارها علاقة قانونية تحكمها القوانين واللوائح وأن القضاء الإداري ليس ملزماً بتطبيق النصوص المدنية إلا إذا وجد نص خاص يقضي بذلك أو رأى أن تطبيقها يتلاءم مع طبيعة العلاقة بين العامل والجهة الإدارية التي يعمل بها وليس مما يتلاءم مع طبيعة هذه الروابط إلزام الموظف بفوائد مبالغ مدين بها للإدارة أخذاً في الاعتبار ما جرى عليه القضاء الإداري بالمقابل لذلك من عدم التزام الإدارة بفوائد مبالغ مستحقة للموظف بحكم وظيفته متى تأخرت الإدارة في صرفها له.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه خالف هذا الوجه من النظر وانتهى إلى إلزام المطعون ضدها بدفع الفوائد القانونية المشار إليها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وخالفه مما يكون معه خليقاً بالإلغاء في هذه الخصوصية كما أنه يتعين من ناحية أخرى رفض الطعن الماثل موضوعاً والذي يستهدف إلى إلزام المطعون ضدها بدفع الفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد إعمالاً للمادة 226 من القانون المدني لمجافاته لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من عدم سريان حكم هذه المادة في علاقة الحكومة بموظفيها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن الطعن أمامها يطرح المنازعة في الحكم المطعون فيه برمتها ويفتح الباب أمامها لتزن هذا الحكم بميزان القانون وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه فتلغيه ثم تنزل حكم القانون في المنازعة على الوجه الصحيح نزولاً على مبدأ المشروعية وسيادة أحكام القانون في روابط القانون لهذا فإن المحكمة مع رفضها للطعن الماثل موضوعاً فإنها تقضي بإلغاء ما قضى به الحكم المطعون فيه من إلزام المطعون ضدها بالفوائد القانونية مع رفض هذا الطلب الذي أبدته الجهة الإدارية الطاعنة ابتداء في دعواها ثم في طعنها أمام هذه المحكمة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام المطعون ضدها بالفوائد القانونية من تاريخ الحكم والقضاء مجدداً برفض طلب إلزامها بالفوائد القانونية مع رفض الطعن الماثل موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.