مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الواحدة والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1995 إلى آخر مارس سنة 1996) - صـ 303

(36)
جلسة 13 من يناير سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد مجدي محمد خليل، وعبد المنعم أحمد عبد الرحمن حسين، والسيد محمد العوضي، ومحمود سامي الجوادي - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1471 لسنة 38 القضائية

مجلس الدولة - أعضاء - الاستقالة الضمنية - حكمها.
المادة 98 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 معدلة بالقانون رقم 136 لسنة 1984.
إن قرينة الاستقالة الضمنية تقوم في حق العضو لمجرد انقطاعه عن العمل ثلاثين يوماً متصلة دون إذن - يستوي في ذلك أن يكون الانقطاع عن أثر انتهاء إجازة أو إعارة أو ندب لغير عمله أو لا يكون - مقتضى ذلك - ولازمه أن هذه القرينة تؤتي أثرها في انفصام العلاقة الوظيفية بقوة القانون متى تحقق قيامها دون ما ترخص في التقدير إزاءها إعمالاً أو إهمالاً وهو ما يستتبع اعتبار القرار الصادر من رئيس مجلس الدولة بإنهاء خدمة العضو في هذه الحال محض قرار تنفيذي كاشف عن مركز قانوني نشأ من قبل على مقتضى القانون، بيد أن هذه القرينة تهدرها عودة العضو وتقديمه أسباب مبررة للانقطاع يقدر المجلس الخاص جديتها، ومن ثم تحسب مدة الغياب إجازة على الوجه الذي أبان عنه الشارع. تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 2/ 5/ 1992 أودع الأستاذ/.... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1471 لسنة 38 ق. ع ضد السيد المستشار رئيس مجلس الدولة بصفته، وطلب في ختامه الحكم بإلغاء القرارين بإنهاء خدمته وبتخطيه في الترقية إلى درجة نائب رئيس لمخالفتهما لأحكام القانون.
وبعد إعلان التقرير بالطعن قانوناً أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً خلصت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار الصادر في 25/ 1/ 1992 بإنهاء خدمة الطاعن اعتباراً من 23/ 5/ 1991 بما يترتب على ذلك من آثار.
وعينت جلسة 11/ 3/ 1995 لنظر الطعن وجرى تداوله بالجلسات على الوجه المبين بمحاضرها وسمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن وقررت بجلسة 28/ 10/ 1995 إصدار الحكم فيه بجلسة 9/ 12/ 1995 وفيها قررت مد أجل النطق به لجلسة اليوم لإتمام المداولة حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعات هذا النزاع حسبما أبانت الأوراق تخلص في أن الطاعن أقام طعنه الماثل ابتغاء الحكم بطلباته السالفة البيان، وقال شرحاً لها ما حاصله إنه بتاريخ 23/ 5/ 1991 انتهت مدة إعارته إلى المملكة العربية السعودية التي كانت قد اتخذت إجراءات التجديد، غير أنه فوجئ بتخطيه في الترقية إلى درجة نائب رئيس مجلس الدولة فاستعلم عن الأسباب حيث فوجئ بأن خدمته قد انتهت اعتباراً من 23/ 5/ 1991 بتاريخ انتهاء مدة الإعارة، وأضاف يقول إن المستقر عليه أن اعتبار القاضي مستقيلاً للانقطاع عن العمل هو رخصة لجهة الإدارة إن شاءت أعملتها وإن شاءت أهملتها، ومتى أوضحت عن نيتها في النزول عنها فلا يجوز لها العودة والتمسك بها، والحال أن مجلس الدولة قد تنازل عن التمسك بهذه الرخصة حيث أحال طلب تجديد إعارته إلى مجلس الوزراء لاتخاذ اللازم ووجه إليه الدعوة لحضور الجمعية العمومية لمستشاري مجلس الدولة بتاريخ 22/ 9/ 1991 والتي انعقدت للنظر في ترقية المرشحين لوظائف نواب الرئيس والوكلاء وقد وافقت لجمعية العمومية بجلستها سالفة الذكر على ترقيته وكيلاً لمجلس الدولة، كذلك فإن المجلس بعث إليه بكتابه المؤرخ 21/ 10/ 1991 لاستيفاء استمارة التأمين والمعاشات الخاصة به وذلك بعد إنشاء نظام الحاسب الآلي باعتباره من المستشارين العاملين، كما وجه إليه الدعوة لحضور الجمعية العمومية بجلستها المنعقدة في 3/ 11/ 1991 وتلك التي انعقدت بتاريخ 7/ 12/ 1991 وهذه الدعوات جميعاً وجهت بمقتضى كتب صادرة عن المستشار رئيس مجلس الدولة، ومضى الطاعن مشيراً إلى أنه تظلم من هذين القرارين بتاريخ 16/ 2/ 1992 حيث عرض رئيس المجلس الأمر على المجلس الخاص للشئون الإدارية الذي أحال الموضوع إلى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع، وأبدى الطاعن في ختام التقرير أنه لا يسعه إلا الانتظار خاصة وأن رأي الجمعية العمومية رأي استشاري قد يرى المجلس الخاص عدم الأخذ به، وخلص إلى تحديد طلباته على الوجه المتقدم بيانه في مستهل هذا الحكم.
ومن حيث إن مجلس الدولة أجاب على الطعن حيث أفاد بأن الطاعن أعير للعمل مستشاراً قانونياً بوزارة البريد والبرق والهاتف بالمملكة العربية السعودية لمدة سنة اعتباراً من 24/ 5/ 1984 بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 444 لسنة 1984 الصادر في 30/ 4/ 1984، وجددت الإعارة لعدة سنوات متصلة حتى جددت السنة السابعة وانتهت في 24/ 5/ 1991، وإزاء عدم عودته وتسلمه العمل بعد انتهاء الإعارة فقد اجتمع المجلس الخاص للشئون الإدارية بجلسة 25/ 1/ 1992 وقرر اعتباره مستقيلاً إعمالاً لحكم الفقرة الأولى من المادة 98 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 لتجازوه مدة الإعارة المسموح بها، وبتاريخ 2/ 3/ 1992 تقدم سيادته بطلب إلى رئيس المجلس مبدياً فيه رغبته في تسلم العمل ملتمساً عرض الموضوع على المجلس الخاص للشئون الإدارية للنظر في قبول عذره واعتبار خدمته متصلة، وقد تم عرض الأمر على هذا المجلس بتاريخ 7/ 3/ 1992 فقرر إحالة الموضوع إلى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع نظراً لما له من جوانب قانونية تقتضي دراستها ومن بينها مدى صحة قرار ترقيته على وظيفة وكيل مجلس الدولة، وقد أحيل الموضوع تبعاً لذلك إلى الجمعية العمومية فاستبان لها أن الطاعن أقام طعنه الماثل ومن ثم انتهت إلى عدم ملاءمة إبداء الرأي في الموضوع لقيام نزاع بشأنه معروض على القضاء.
ومن حيث إن المادة 98 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 معدلة بالقانون رقم 136 لسنة 1984 تنص على أنه "يعتبر عضو مجلس الدولة مستقيلاً إذا انقطع عن عمله مدة ثلاثين يوماً متصلة بدون إذن ولو كان ذلك بعد انتهاء إجازته أو إعارته أو ندبه لغير عمله.
ومع ذلك إذا عاد العضو وقدم أسباباً تبرر انقطاعه عرضها رئيس ملس الدولة على المجلس الخاص للشئون الإدارية فإن تبين له جديتها اعتبر غير مستقيل وفى هذه الحالة تحسب مدة الغياب إجازة من نوع الإجازة السابقة أو إجازة اعتيادية بحسب الأحوال "والبادي بجلاء من صريح هذا النص إن قرينة الاستقالة الضمنية تقوم في حق العضو لمجرد انقطاعه عن العمل ثلاثين يوماً متصلة دون إذن - يستوي في ذلك أن يكون الانقطاع أثر انتهاء إجازة أو إعارة أو ندب لغير عمله أو لا يكون ومقتضى ذلك ولازمه أن هذه القرينة تؤتي أثرها في انفصام العلاقة الوظيفية بقوة القانون متى تحقق قيامها دون ما ترخص في التقدير إزاءها إعمالاً أو إهمالاً وهو ما يستتبع اعتبار القرار الصادر من رئيس مجلس الدولة بإنهاء خدمة العضو في هذه الحالة محض قرار تنفيذي كاشف عن مركز قانوني نشأ من قبل على مقتضى القانون، بيد أن هذه القرينة تهدرها عودة العضو وتقديمه أسباباً مبررة للانقطاع يقدر المجلس الخاص جديتها، ومن ثم تحسب مدة الغياب إجازة على الوجه الذي أبان عنه الشارع".
ومن حيث إن الثابت من سياق الواقعات أن الطاعن رخص له في إعارة للعمل بالمملكة العربية السعودية ظلت تتجدد لسبع سنوات متصلة انتهت في 23/ 5/ 1991 ولم يعد إلى عمله إثر انتهاء إعارته وجاوزت مدة انقطاعه ثلاثين يوماً متصلة ومن ثم فإنه يعتبر مستقيلاً بصريح نص الفقرة الأولى من المادة 98 من قانون مجلس الدولة مما يتعين معه إنهاء خدمته اعتباراً من اليوم التالي لانتهاء إعارته وهو ما صدر به القرار المطعون فيه صحيحاً مطابقاً للقانون مبرءاً مما يخدش مشروعيته ويغدو الطعن فيه على غير سند من واقع قانون متعيناً القضاء برفضه.
ومن حيث إنه لا محاجة فيما تذرع به الطاعن من أنه وقد رقي وكيلاً لمجلس الدولة بموافقة الجمعية العمومية لمستشاري مجلس الدولة المنعقدة بتاريخ 22/ 9/ 1991 فإن ذلك إنما ينهض دليلاً على أن المجلس قد وافق ضمناً على تجديد إعارته للعام الثامن سيما وقد وجهت إليه الدعوات لحضور الجمعية العمومية على الوجه المشار آنفاً وبعث إليه المجلس باستمارة التأمين والمعاشات لاستيفاء بياناتها بمناسبة إدخال نظام الحاسب الآلي - لا محاجة في ذلك بحسبان أن الإعارة ابتداء وتجديداً لا يؤخذ فيها بالظن والاستنتاج بل إن المركز القانوني فيها لا ينشأ إلا بالقرار الصادر بها من السلطة المختصة وفقاً للأوضاع المقررة قانوناً، ولا وجه للاستمساك بقرار ترقية صدر إبان فترة الانقطاع أو ببعض الإجراءات الإدارية التي تمت حالة كون القرار التنفيذي بإنهاء الخدمة لم يصدر بعد، حيث ورد قرار الترقية على غير محل واتخذت الإجراءات المشار إليها بمراعاة أن قرار إنهاء الخدمة لم يكن قد صدر بعد.
ومن حيث إنه متى كان الأمر على ما تقدم فإن الطعن على القرار الصادر بتخطي الطاعن في الترقية إلى وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة اعتباراً من 25/ 1/ 1992 يكون بدوره خليقاً بالرفض تبعاً لسبق انتهاء خدمته قانوناً اعتباراً من اليوم التالي لانتهاء الإعارة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.