مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 808

(126)
جلسة 31 من يناير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عصام الدين السيد علام نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد يسري زين العابدين وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم وصلاح الدين أبو المعاطي نصير والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.

الطعن رقم 414 لسنة 31 القضائية

أكاديمية الفنون - أعضاؤها - التعيين في وظيفة مدرس. (المعهد العالي للفنون المسرحية) القانون رقم 78 لسنة 1969 بإنشاء أكاديمية الفنون.
استلزم المشرع للتعيين في وظيفة مدرس بقسم التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية أن يكون المرشح حاصلاً على أعلى الدرجات العلمية التي تمنحها أكاديمية الفنون في التمثيل - يقصد بأعلى الدرجات العلمية درجة الدكتوراة - تخلف شرط المؤهل ينحدر بقرار التعيين إلى درجة الانعدام - أساس ذلك: أن المؤهل شرط من الشروط الجوهرية للتعين في هذه الوظيفة - أثر ذلك: الدرجة العالية الأولى التي تمنحها الأكاديمية وهي البكالوريوس لا تكفي للتعيين في وظيفة مدرس - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 29/ 12/ 1984 أودع الأستاذ...... المحامي بصفته وكيلاً عن السيد..... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 414 لسنة 31 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات والترقيات) بجلسة 8/ 11/ 1984 في الدعوى رقم 348 لسنة 37 القضائية والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات. وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهما بصفتهما بالمصروفات عن الدرجتين وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات عن درجتي التقاضي.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" حيث حددت لنظره أمامها جلسة 20/ 12/ 1987 وفيها استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن، وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 15/ 10/ 1982 أقام السيد/ ..... الدعوى رقم 348 لسنة 37 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزير الدولة للثقافة ومدير أكاديمية الفنون، طلب فيها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار الوزاري الساحب رقم 115 لسنة 1982 الصادر في 12/ 5/ 1982 بكل ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليهما بصفتهما المصروفات مع حفظ كافة الحقوق الأخرى. وقال شرحاً لدعواه أنه حصل على بكالوريوس الفنون المسرحية "قسم تمثيل وإخراج" من المعهد العالي للفنون المسرحية بدرجة "امتياز" وذلك في شهر يونيو سنة 1970، وتسلم عمله بالمعهد العالي للفنون المسرحية كقائم بعمل معيد بقسم التمثيل وذلك بتاريخ 1/ 8/ 1972، وبتاريخ 29/ 9/ 1977 صدر قرار رئيس أكاديمية الفنون رقم 251 لسنة 1977 باعتباره شاغلاً لوظيفة معيد بقسم التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية اعتباراً من 1/ 8/ 1972، ثم أعلن المعهد المذكور عن حاجته لشغل وظيفتي مدرسي بقسم التمثيل والإخراج، فتقدم المدعي لشغل إحدى هاتين الوظيفتين، وشكلت لجنة للكفايات العلمية وقدمت تقريراً ذكرت فيه أن المدعي بجانب استيفائه لشرط المدة ونشاطه الفني والعلمي طبقاً للمادة 26 من القانون رقم 78 لسنة 1969 فإنه أنهى دراسته بتقدير عام "ممتاز" وتقدير تخصصي "جيد جداً" كما أنه حصل على دبلوم الدراسات العليا من المعهد العالي للنقد الفني، وقد أوصت اللجنة بتعيينه في درجة مدرس على ألا يرقى إلى وظيفة أستاذ مساعد إلا بعد حصوله على الدرجات العلمية اللازمة، وقد وافق مجلس المعهد على تقرير اللجنة المذكورة بجلسته المعقودة في 1/ 11/ 1978 وأوصت بتعيين المدعي وآخر في وظيفة مدرس على أن يستوفيا شروط حصولهما على الدرجة الأعلى عند الترقية إلى وظيفة أستاذ مساعد، وأنه بتاريخ 1/ 3/ 1979 وافق مجلس الأكاديمية على تعيينه، وبتاريخ 1/ 11/ 1980 صدر قرار وزير الدولة للثقافة والإعلام رقم 64 لسنة 1980 بتعيينه بوظيفة مدرس بقسم التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية اعتباراً من 1/ 3/ 1979 إلا أن الجهة الإدارية أصدرت القرار رقم 115 لسنة 1982 المطعون فيه بتاريخ 12/ 5/ 1982 متضمناً سحب القرار الوزاري رقم 64 لسنة 1980 سالف الذكر، وصدر بذلك الأمر التنفيذي رقم 79 لسنة 1982 بتاريخ 20/ 5/ 1982. وينعى على القرار الساحب لمخالفته للقانون لتحصن القرار المسحوب رقم 64 لسنة 1980، بالإضافة إلى أن القرار المسحوب صدر سليماً في ظل لائحة المعهد رقم 112 لسنة 1966 التي أحالت إليها المادة 51 من القانون رقم 78 لسنة 1969 بإنشاء أكاديمية الفنون، هذا بالإضافة إلى أن القرار الساحب قد شابه عيب في الشكل يؤثر عليه ويبطله، حيث صدر من وزير الثقافة دون الرجوع دون الرجوع أو استشارة مجلس الأكاديمية ومجلس المعهد مخالفاً بذلك ما استقر عليه القضاء الإداري من وجوب استشارة ذات الهيئة التي استشيرت عند التعيين، كما وأن القرار شابه عيب الانحراف، إذ كان منتدباً بجانب عمله عضواً فنياً بمكتب مدير الأكاديمية السابق واشترك مع زملاء له في كشف أخطاء وأوضاع مالية وإدارية، ويقرر الطاعن أنه تظلم من القرار الساحب إلى لجنة الرئاسة في 7/ 7/ 1982 وأقام دعواه إذ لم يصله رد.
وقدمت الجهة الإدارية ردها على الدعوى مدعماً بالمستندات، قررت فيه أن القرار المسحوب معدوم، إذ لم يحصل الطاعن على درجة الدكتوراة على النحو الذي تطلبته نصوص القانون رقم 78 لسنة 1969 بشأن إنشاء أكاديمية الفنون، مما يحق للجهة الإدارية سحبه في أي وقت وأن الطاعن تظلم من القرار الساحب بتاريخ 5/ 7/ 1982 وانتهى السيد مفوض الدولة إلى رفض التظلم موضوعاً، تأسيساً على أن القرار المسحوب معدوم وهو ما قررته الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، وعقب الطاعن على رد الجهة الإدارية بأنه حصل على أعلى الدرجات العلمية التي تمنحها الأكاديمية في التمثيل وهي البكالوريوس.
وبجلسة 8/ 11/ 1984 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاًَ وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات. وأسست حكمها على أن القرار المسحوب صدر في ظل القانون رقم 78 لسنة 1969 الذي يشترط الحصول على درجة الدكتوراة للتعيين في وظيفة مدرس بقسم التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية، بحيث إن تخلف هذا الشرط الجوهري بعدم القرار الإداري لافتقاده ركن النية اللازم لقيامه، وجب على الجهة الإدارية سحبه.
ومن حيث إن الطعن يتأسس على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في إنزال القواعد القانونية على واقعات الطعن، إذ تأسس على انعدام القرار رقم 64 لسنة 1980 بتعيين الطاعن، في حين أن القرار المشار إليه هو قرار سليم يتمتع بالمشروعية صدر طبقاً للمادة 51 و76 من القانون رقم 78 لسنة 69 بإنشاء أكاديمية الفنون والمادتين 26 و27 من اللائحة الداخلية لمعهد الفنون المسرحية رقم 112 لسنة 1966 مؤيداً بالفتوى الصادرة من اللجنة الثانية لمجلس الدولة بتاريخ 21/ 5/ 1980 وما تمنحه المادة 67 من القانون 78 لسنة 1969 لمجلس الأكاديمية من حق ملاءمة في تطبيق قواعد التعيين والترقية الخاصة بأعضاء هيئة التدريس، وقد أكد مشروعية هذا القرار القانون رقم 158 لسنة 1981 بتنظيم أكاديمية الفنون، هذا بالإضافة إلى أن القرار المسحوب ظل قائماً لمدة تزيد على عام ونصف عام مما يحصنه ضد الإلغاء حتى ولو كان معيباً، باعتبار القرار قد تحول إلى قرار صحيح طالما يمكن حمله على سبب آخر صحيح، وهو الأمر الذي تحقق بصدور القانون رقم 158 لسنة 1981 الذي تطابق شكلاً ومضموناً مع المركز القانوني للطاعن، وأضاف الطاعن أن الحكم المطعون فيه أخل بحق الدفاع عندما دفع بأن الأكاديمية ومعاهدها لم تنشأ بها درجات علمية تعلو درجة البكالوريوس وأنها لم تنظم دراسات للحصول على درجة الماجستير ودرجة الدكتوراة، إلا أن المحكمة التفتت عن الدفع ولم تمحصه ببحث الحالات المماثلة لحالة الطاعن.
ومن حيث إن المادة 26 من القانون رقم 78 لسنة 1969 بإنشاء أكاديمية الفنون تنص على أن:
"يشترط فيمن يعين في وظيفة مدرس ما يأتي:
1 - أن يكون حاصلاً على أعلى الدرجات التي تمنحها الأكاديمية أو الجامعات المصرية في فرع يؤهله لشغل الوظيفة، أو أن يكون حاصلاً من معهد مصري أو أجنبي على درجة يعتبرها مجلس الأكاديمية معادلة لهذه الدرجة.
2 - أن يكون قد مارس العمل الفني في تخصيص الوظيفة مدة ست سنوات على الأقل وأسهم فيه بإنتاج فني أو بحث علمي وأن يكون قد مضت ست سنوات على الأقل على حصوله على درجة بكالوريوس أو ليسانس أو ما يعادلها".
ومن حيث إن المادة 63 من القانون المشار إليه تنص على أن:
تمنح أكاديمية الفنون الدرجات الآتية:
1 - البكالوريوس في الفنون.
2 - الماجستير في الفنون أو دبلوم عال في الفنون.
3 - الدكتوراة في الفنون.
ومن حيث إن المادة 50 تنص على أنه يجوز أن يعين في المعاهد معيدون، ويكون تعيين المعهد بعد إعلان عن الوظائف الشاغرة بترشيح من مجلس المعهد المختص من بين الحاصلين على تقدير جيد جداً على الأقل في الدرجة العلمية الأولى التي تمنحها الأكاديمية أو الحاصلين على درجة يعتبرها مجلس الأكاديمية معادلة لذلك.
ومن حيث إنه يبين من سياق النصوص المشار إليها أن المشرع استلزم للتعيين في وظيفة مدرس بقسم التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية، أن يكون المرشح حاصلاً على أعلى الدرجات العلمية التي تمنحها الأكاديمية في التمثيل، وهي كما أوضحتها المادة 63 هي درجة الدكتوراة، وبتخلف المؤهل بتخلف شرط من الشروط الجوهرية للصلاحية في التعيين في الوظيفة ينزل بالقرار إلى درجة الانعدام التي تبرر سحبه في أي وقت، والمغايرة في المؤهل الذي اشترط للتعيين في وظيفة مدرس وفي وظيفة معيد يقطع بعدم كفاية الدرجة العالية الأولى التي تمنحها الأكاديمية "البكالوريوس" للتعيين في وظيفة مدرس.
ومن حيث إنه لا يؤثر فيما تقدم ألا يكون أعلى الدرجات العلمية منظماً في الأكاديمية له فالمشرع أوجد بديلاً لها وهي المؤهل المعادل من معهد مصري أو أجنبي.
ومن حيث إن صدور قانون لاحق، وهو القانون رقم 158 لسنة 1981 بإصدار قانون تنظيم أكاديمية الفنون يجيز التعيين في وظيفة مدرس للحاصل على أعلى الدرجات التي تمنحها الأكاديمية أو الجامعات المصرية في التخصص الذي لم يتم في شأنه تنظيم دراسات عليا للماجستير أو الدكتوراة، لا يصحح من قرار صدر في ظل قانون سابق لا يجيز ذلك.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أخذ بهذا النظر فإنه يكون قد صادق وجه الحق ويضحى الطعن فيه قائماً على غير سند من القانون جديراً بالرفض، مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.