مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 839

(132)
جلسة 7 من فبراير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عصام الدين السيد علام نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وعادل لطفي عثمان والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.

الطعنان رقما 3470 لسنة 31 و935 لسنة 32 القضائية

( أ ) عاملون مدنيون بالدولة - تقييم وظائفهم - أثر تقييم الوظائف من حيث تعادل الدرجات.
المادة (1) من قرار رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 134 لسنة 1978.
حدد المشرع قواعد نقل العاملين تنفيذاً لمعايير ترتيب الوظائف - إذا قيّمت بدرجة أدنى من درجة شاغلها تعين نقله إلى وظيفة أخرى مناسبة تتفق درجتها مع درجته على أن يكون مستوفياً شروط شغلها - تطبيق.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - نقلهم - شروط النقل.
المادة (54) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة.
سلطة الإدارة في نقل العامل سلطة تقديرية تجريها بمراعاة صالح العمل ومقتضيات حسن سير المرافق العامة دون أن يكون للعامل حق التمسك بالبقاء في وظيفة معينة - إذ لم تبتغ الإدارة بنقل العامل الصالح العام وانحرفت عن هذه الغاية واتخذت النقل سبيلاً إلى التنكيل بالعامل وإنزال العقاب به تكون قد أساءت استعمال سلطتها مما يصم القرار الصادر منها بعدم المشروعية - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 17 من فبراير سنة 1986 أودعت هيئة قضايا الدولة بالنيابة عن وزير الصناعة والثروة المعدنية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 935 لسنة 32 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 19/ 12/ 1985 في الدعوى رقم 5121 لسنة 36 ق المرفوعة من..... ضد الطاعن والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي الرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
وبتاريخ 7 من أغسطس سنة 1985 أودعت هيئة قضايا الدولة بالنيابة عن رئيس مجلس الوزراء ووزير الصناعة والثروة المعدنية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدول المحكمة برقم 3470 لسنة 31 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 13/ 6/ 1985 في الدعوى رقم 2731 لسنة 36 ق المرفوعة من..... ضد الطاعنين والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار رقم 394 لسنة 1981 فيما تضمنه من وضع المدعي من وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بصفة شخصية وبإلغاء القرار رقم 767 لسنة 1981 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى وظيفة وكيل وزارة التنمية الإدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين المصروفات.
ونظر الطعن رقم 935 لسنة 32 ق عليا أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي قررت بجلسة 8/ 12/ 1986 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" وحددت لنظره أمامها جلسة 28/ 12/ 1986 وفي هذه الجلسة قررت المحكمة تأجيل نظر الطعن لجلسة 22/ 2/ 1987 لتبين جهة الإدارة ما تم في شأن تنفيذ الحكم الصادر لصالح المدعي بجلسة 13/ 6/ 1985 في الدعوى رقم 2731 لسنة 36 ق وبجلسة 22/ 2/ 1987 قرر الأستاذ...... المحامي عن المطعون ضده بأن الحكم الصادر في الدعوى رقم 2731 لسنة 36 ق المشار إليه تم تنفيذه وبلغ المطعون ضده سن التقاعد وطعنت جهة الإدارة في هذا الحكم بالطعن رقم 3470 لسنة 31 ق عليا فقررت المحكمة تأجيل نظر الطعن ليضم قلم الكتاب الطعن رقم 3470 لسنة 31 ق عليا المشار إليه بمحضر الجلسة، وبجلسة 5/ 4/ 1987 قررت المحكمة ضم الطعن رقم 935 لسنة 32 ق عليا إلى الطعن رقم 3470 لسنة 31 ق عليا ليصدر فيهما حكم واحد وتداول نظر الطعنان على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 13/ 4/ 1982 أقام السيد/ ..... الدعوى رقم 2731 لسنة 36 ق أمام محكمة القضاء الإداري "دائرة الترقيات ضد رئيس مجلس الوزراء ووزارة الصناعة والثروة المعدنية طالباً الحكم بإلغاء القرار الوزاري رقم 394 لسنة 1981 فيما تضمنه من نقل المدعي إلى وظيفة غير واردة بجدول الوظائف المعتمد وبإلغاء قرار النائب الأول لرئيس الوزراء رقم 767 لسنة 1981 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى وظيفة وكيل وزارة الصناعة للتنمية الإدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار في الحالين وإلزام جهة الإدارة المصروفات. وقال المدعي شرحاً للدعوى أنه حاصل على بكالوريوس التجارة عام 1952 ودبلوم دراسات عليا في المالية والاقتصاد عام 1955 ودبلوم دراسات عليا في التمويل عام 1965 ودبلوم دراسات عليا في الإدارة العامة عام 1972 وعين بوزارة الداخلية ثم بوزارة الصناعة عام 1956 وتدرج في مختلف وظائفها المالية والإدارية إلى أن رقى إلى درجة مدير عام في ديسمبر سنة 1975 وله خبره متنوعة في الوظائف التنفيذية والإشرافية ومستوى الإدارة العليا في الشئون المالية والتدريب والتحليل المالي للموازنات والتفتيش المالي والإداري وشئون العاملين. وقد فوجئ بصدور القرار الوزاري رقم 394 لسنة 1981 متضمناً نقل العاملين بوزارة الصناعة شاغلي درجات الإدارة العليا إلى الوظائف الواردة قرين كل منهم وقد تضمن هذا القرار نقل المدعي إلى وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بصفة شخصية وهي وظيفة غير واردة بجدول الوظائف المعتمد مما يعد مخالفاً للقواعد التي تضمنها قرار رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 134 لسنة 1978 في شأن نقل العاملين إلى الوظائف الواردة بجداول الوظائف، وذكر المدعي أنه كان بوسع الوزارة أن تنقله إلى إحدى وظائف مدير العموم الواردة بالجدول والتي تتفق مع تأهيله وخبرته ولكنها ضنت عليه بذلك وشغلتها ندباً ببعض موظفي الدرجة الأولى. وأضاف المدعي أنه فوجئ كذلك بصدور قرار النائب الأول لرئيس الوزراء رقم 767 لسنة 1981 متضمناً ترقية السيد/ ..... لوظيفة وكيل وزارة للتنمية الإدارية متخطياً بذلك المدعي في الترقية إلى هذه الوظيفة وهو أقدم من المرقى وأكثر منه كفاءة فضلاً عن أنه (أي المدعي) كان رئيساً له في الفترة من ديسمبر سنة 1975 إلى 3/ 12/ 1987 كمدير لشئون العاملين، يضاف إلى ذلك أن المطعون على ترقيته لم يتدرج في أي وظائف منذ تعيينه سوى في تخصص واحد بعكس المدعي الذي تنوعت خبراته وأن الوزارة لم تجر مفاضلة حقيقية بينه وبين المدعي". وأوضح المدعي بأنه تظلم من كلا القرارين في 15/ 12/ 1981 وإذ لم يتلق رداً على تظلمه أقام الدعوى بالطلبات المشار إليها.
ورداً على الدعوى أودعت جهة الإدارة ملف خدمة المدعي وحافظة مستندات ومذكرة بدفاعها طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات، كما قدم المدعي حافظة مستندات ومذكرة بدفاعه صمم فيها على طلباته.
وبتاريخ 25/ 8/ 1982 أقام ذات المدعي السيد/ ...... الدعوى رقم 5121 لسنة 36 أمام محكمة القضاء الإداري "دائرة الجزاءات" ضد/ وزير الصناعة والثروة المعدنية طالباً الحكم بإلغاء القرار الوزاري رقم 259 لسنة 1982 فيما تضمنه من نقله من وزارة الصناعة إلى شركة أبو زعبل للأسمدة والمواد الكيماوية مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات. وقال شرحاً للدعوى أنه حصل على بكالوريوس التجارة عام 1952 وتدرج بوظائف وزارة الصناعة حتى رقى إلى درجة مدير عام في سنة 1975 وحصل على عدة دبلومات دراسات عليا وله خبرة طويلة في مجال عمله، وقد فوجئ بصدور القرار الوزاري رقم 394 لسنة 1981 المتضمن نقله لوظيفة مدير عام غير واردة بجدول الوظائف المعتمد كما فوجئ بالوزارة تستصدر قراراً من النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء برقم 767 لسنة 1981 متضمناً تخطيه في الترقية لدرجة وكيل وزارة وقد طعن على هذين القرارين أمام محكمة القضاء الإداري "دائرة الترقيات" ثم فوجئ بالقرار الوزاري رقم 259 لسنة 1982 في 12/ 4/ 1982 بتعيينه بوظيفة مدير عام الشئون الإدارية بشركة أبو زعبل للأسمدة والمواد الكيماوية، وقال المدعي أنه معين بقرار جمهوري مديراً عاماً بوزارة الصناعة وهي إحدى وظائف الإدارة العليا وطبقاً لأحكام القانون رقم 48 لسنة 1978 ينبغي أن تحصل الوزارة قبل نقله على ترشيح من مجلس إدارة الشركة المنقول إليها وهو ما لم يحدث، كما أن هذا القرار يحول دون ترقيته في الجهة المنقول إليها إلا بعد مضي سنة على الأقل، كما أن هذا القرار مشوب بالتعسف في سلسلة القرارات المجحفة به ولم يكن بناء على طلبه، وقد تظلم من هذا القرار في 1/ 6/ 1982 ولما لم يتلق رداً على تظلمه بادر برفع الدعوى بالطلبات سالفة البيان.
وفي مجال الرد على الدعوى قدمت جهة الإدارة حافظتي مستندات ومذكرة بدفاعها طلبت فيها، الحكم أصلياً بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى واحتياطياً برفضها موضوعاً وقدم المدعي حافظتي مستندات.
وبجلسة 13/ 6/ 1985 قضت محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 2731 لسنة 36 ق بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار رقم 394 لسنة 1981 فيما تضمنه من وضع المدعي في وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بصفة شخصية، وبإلغاء القرار رقم 767 لسنة 1981 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية لوظيفة وكيل وزارة للتنمية الإدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للقرار رقم 394 لسنة 1981 على أساس أن المدعي في تاريخ اعتماده جدول وظائف ديوان عام وزارة الصناعة كان يشغل وظيفة مدير عام الشئون الإدارية، وقد قيمت وظيفته بالدرجة الأولى ومن ثم يكون نقله إلى وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بصفة شخصية مخالفاً للقواعد التي تضمنتها المادة التاسعة من قرار رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 134 لسنة 1978 لنقل العاملين إلى الوظائف الواردة بجداول الوظائف المعتمدة ومنها أنه إذا كانت الوظيفة المعادلة طبقاً لتقييمها أدنى من درجة شاغلها نقل لوظيفة أخرى مناسبة بنفس المجموعة النوعية تتفق مع درجته بشرط أن يستوفي شروط شغلها فإذا لم توجد نقل لوظيفة معادلة لوظيفته الحالية دون المساس بحقوقه المالية أو درجته ونظراً لأن وظيفة المدعي قيمت بالدرجة الأولى وهي أدنى من درجة مدير عام التي يشغلها فإنه كان يتعين نقله إلى وظيفة أخرى مناسبة تتفق مع درجته الحالية أي إلى وظيفة تم تقييمها بدرجة مدير عام وحيث إن وظيفة مدير شئون العاملين قد تم تقييمها بدرجة مدير عام وتقع في المجموعة النوعية لوظائف التنمية الإدارية التي تضم أيضاً وظائف الشئون الإدارية لذلك كان يتعين وضع المدعي في وظيفة مدير عام شئون العاملين التي شغلها بالنقل من 30/ 12/ 1975 ويكون القرار المطعون فيه فيما تضمنه من وضعه في وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بصفة شخصية مخالفاً للقانون. أما بالنسبة للقرار رقم 767 لسنة 1981 فقد شيدت المحكمة قضاءها على أساس أنه طبقاً للمادة (37) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1987 فإن الترقية إلى وظائف الإدارة العليا تتم بالاختيار على أساس الكفاية مع التقيد بالأقدمية في ذات مرتبة الكفاية وحيث إن كفاية المدعي واضحة في ملف خدمته ولا يوجد به ما يقلل من تلك الكفاية ولم تشر جهة الإدارة إلى ما يشوبها سوى ما ورد بمذكرة شئون العاملين المرسلة إلى مفوض الدولة لوزارة الصناعة من أقوال مرسلة لم تقم عليها دليلاً يمكن التعويل عليه، كما لم يثبت أن كفاية المدعي نقل عن كفاية المطعون على ترقية السيد/ ..... وإذ كان المدعي أقدم من هذا الأخير حيث إنه شغل درجة مدير عام من 24/ 5/ 1977 بينما شغلها المدعي من 30/ 12/ 1975 وإذ توافرت في المدعي شروط شغل الوظيفة المطعون على الترقية إليها وهي وظيفة وكيل وزارة للتنمية الإدارية الأمر الذي يتعين معه إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى هذه الوظيفة.
وبجلسة 19/ 12/ 1985 قضت محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 5121 لسنة 36 ق بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للاختصاص على أساس أن الثابت أن المدعي كان يشغل حتى صدور القرار المطعون فيه وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بديوان عام وزارة الصناعة والثروة المعدنية أي أنه موظف عام وأن قرار الانتقال المطعون فيه الصادر من وزير الصناعة والثروة المعدنية إذ تعلق بمركزه القانوني في الوظيفة العامة وبالتالي فإن القرار المذكور يعتبر قراراً إدارياً مما يدخل في اختصاص محاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري الفصل في طلب إلغائه. وأنه بالنسبة لموضوع الدعوى فإن القرار المطعون فيه نص على تعيين المدعي في وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بشركة أبو زعبل للأسمدة والمواد الكيماوية وهي وظيفة مماثلة لذات الوظيفة التي كان يشغلها بديوان عام وزارة الصناعة قبل صدور هذا القرار ومن ثم هذا القرار في حقيقته هو قرار بنقل المدعي وحيث إنه وإن كان من المقرر أنه ليس للعامل التمسك بالبقاء في وظيفة معينة وإنما يجوز نقله لدواعي تسيير المرافق العامة إلا أن المناط في صحة النقل أن يكون الهدف منه تحقيق مصلحة العمل دون الانحراف إلى تحقيق هدف آخر أو النكاية في العامل ذاته وإلا يفوت على العامل دوره في الترقية بالأقدمية وأن يصدر بالنقل قرار من السلطة المختصة بالتعيين وهي رئيس الجمهورية بالنسبة للعاملين من شاغلي الوظائف العليا أو بناء على طلب العامل وذلك طبقاً لما تقض به المادتان 16 و54 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978. وحيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي تعرض من جانب جهة الإدارة لعملية تعنت وإساءة استعمال سلطتها تمثلت في صدور القرار رقم 394 لسنة 1981 الذي تضمن تسكين المدعي في وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بصفة شخصية بالمخالفة لأحكام القانون والقرار رقم 767 لسنة 1981 بتخطيه في الترقية إلى وظيفة وكيل وزارة الصناعة للتنمية الإدارية مما دعاه إلى إقامة الدعوى رقم 2731 لسنة 36 ق بتاريخ 13/ 4/ 1982 حيث صدر الحكم فيها بجلسة 13/ 6/ 1985 بإلغاء القرارين المشار إليهما، وقبل إقامة المدعي للدعوى سالفة الذكر تقدم وعدد من زملائه بمذكرة مؤرخة 20/ 1/ 1982 للعرض على المدعى عليه يتضررون من القرار رقم 394 لسنة 1981 فيما تضمنه من تسكينهم على نحو مخالف للقانون مظهرين اعتراضهم على شغل بعض المناصب الرئيسية بعاملين من خارج الشركة دون قرارات رسمية بينما يشغلون وظائف بشركات القطاع العام وعلى أثر ذلك أصدر المدعى عليه قرار النقل المطعون فيه، ومن ثم يكون هذا القرار قد قصد به استمرار التنكيل بالمدعي وتكون الإدارة قد انحرفت بإصداره لتحقيق هدف آخر غير مصلحة العمل مما يجعله مخالفاً للقانون، ولا يغير من ذلك ما تتمسك به الإدارة من أن المدعي تقدم بطلب لنقله إلى شركات القطاع العام حسب المذكرة المقدمة منه وآخرين ذلك أن هذه المذكرة هي ذات المذكرة المؤرخة 20/ 1/ 1982 سالفة الذكر التي يعترض فيها مقدموها على القرار رقم 394 لسنة 1981 وعلى شغل بعض المناصب الرئيسية من خارج الشركة وتظلموا فيها من وضعهم بالديوان العام وطالبوا بإفساح مجال الترقية أمامها بالتعيين رؤساء قطاعات بشركات قطاع الصناعة بالقاهرة وأن هذا الطلب ليس هو المقصود بطلب النقل الذي يصدر عن إرادة حرة دون أن يكون هناك اضطهاد وقع على العامل يدفعه إلى طلب النقل.
ومن حيث إن الطعن رقم 3470 لسنة 31 ق عليا يقوم على أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 2731 لسنة 36 ق قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن المطعون ضده كان يشغل إبان صدور قرار اعتماد جدول الوظائف وظيفة مدير عام الشئون الإدارية وقد قيمت هذه الوظيفة بالدرجة الأولى وأن جهة الإدارة بوضعها المدعي على وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بصفة شخصية تكون قد طبقت المادة التاسعة من قرار رئيس الجهاز المركزي رقم 134 لسنة 1978 تطبيقاً صحيحاً هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الترقية إلى وظائف الإدارة العليا تتمتع فيها الإدارة بسلطة تقديرية واسعة وأنها اعتمدت في الترشيح للترقية إلى وظيفة وكيل وزارة المطعون على الترقية إليها على أساس طبيعة هذه الوظيفة وما ذكره الحكم المطعون فيه لا يصلح سبباً مبرراً لتفضيل المطعون ضده. وأن الطعن رقم 935 لسنة 32 ق عليا يقوم كذلك على مخالفة الحكم الصادر في الدعوى رقم 5121 لسنة 36 للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله لأن المطعون ضده التمس نقله إلى إحدى شركات القطاع العام وأجابته جهة الإدارة إلى طلبه وأن هذا النقل لم يفوت على المدعي دوراً في الترقية بالأقدمية حيث إن الترقية من الوظيفة التي يشغلها تتم بالاختيار وأن المدعي لم يتعرض لأي اضطهاد وقدم المطعون ضده في كل من الطعنين مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم برفض الطعن.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن رقم 3470 لسنة 31 ق عليا فإن المادة (9) من قرار رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 134 لسنة 1978 بشأن المعايير اللازمة لترتيب الوظائف للعاملين المدنيين بالدولة والأحكام التي يقتضيها تنفيذ تقضي بأن ينقل العاملون إلى الوظائف الواردة في جداول الوظائف المعتمدة والمعادلة لوظائفهم في تاريخ اعتماد مشروع ترتيب الوظائف وذلك بقرار من السلطة المختصة بعد العرض على لجنة شئون العاملين ويتم النقل وفقاً للقواعد الآتية: 1 - إذا انطبقت درجة الوظيفة المعادلة طبقاً لتقييمها مع درجة شاغل الوظيفة وتوافرت فيه شروط شغلها نقل إليها. 2 - إذا كانت درجة الوظيفة المعادلة طبقاً لتقييمها أعلى من درجة شاغلها نقل إلى وظيفة أخرى تتفق درجته مع درجتها بنفس المجموعة النوعية ويستوفي شروط شغلها. 3 - إذا كانت درجة الوظيفة المعادلة طبقاً لتقييمها أدنى من درجة شاغلها نقل إلى وظيفة أخرى مناسبة بنفس المجموعة النوعية وتتفق درجته مع درجتها وبشرط أن يستوفي شروط شغلها فإذا لم توجد تلك الوظيفة نقل إلى الوظيفة المعادلة لوظيفته الحالية دون المساس بحقوقه المالية أو درجته.....".
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه تم اعتماد جداول إعادة تقييم وظائف ديوان عام وزارة الصناعة بقرار رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 72 لسنة 1980 الصادر بتاريخ 17/ 3/ 1980 وكان المدعي يشغل آنذاك وظيفة مدير عام الشئون الإدارية وقد تم تقييم وظيفة مدير الشئون الإدارية بالدرجة الأولى وذلك بمقتضى القرار المذكور ومن ثم فإنه إعمالاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة (9) من قرار رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 134 لسنة 1978 المشار إليه وقد قيمت وظيفة المدعي بدرجة أدنى من تلك التي يشغلها يتعين نقله إلى أية وظيفة أخرى مناسبة تتفق درجته مع درجتها ويكون مستوفياً شروط شغلها.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه رقم 394 لسنة 1981 الصادر بنقل العاملين شاغلي درجات الإدارة العليا والدرجة الأولى إلى الوظائف الواردة بجدول الترتيب المعتمد لم يلتزم بحكم الفقرة الثالثة من المادة التاسعة المشار إليها وإنما قضى بنقل المدعي إلى وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بصفة شخصية، وهذه الوظيفة فضلاً عن أنها ليست واردة بجدول الوظائف المعتمد بقرار رئيس الجهاز المركزي رقم 72 لسنة 1980 آنف الذكر فإنها ليست وظيفة مدير إدارة الشئون الإدارية التي تم تقييمها بالدرجة الأولى بمقتضى القرار المذكور ونقل إليها السيد/ ...... بمقتضى القرار الطعين، يضاف إلى ذلك أنه كانت توجد وظائف أخرى تتفق درجتها مع درجة المدعي ومن ذات المجموعة النوعية لوظيفته ولم تقم جهة الإدارة بنقله إليها بالرغم من شغل جهة الإدارة لهذه الوظائف بطريق الندب بذات القرار الطعين ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر وظيفة مدير عام شئون العاملين والتي شغلت ندباً بالسيد/ ....... ووظيفة مدير عام التفتيش المالي والإداري التي شغلت ندباً بالسيد/ ....... ووظيفة مدير عام الشكاوى التي شغلت ندباً بالسيد/ ..... وإذ كانت الوظيفة التي تناسب المدعي من بين الوظائف المشار إليها هي وظيفة مدير عام شئون العاملين التي سبق أن تولاها خلال الفترة من عام 1975 وحتى 19/ 11/ 1979 تاريخ نقله بالقرار رقم 938 لسنة 1979 إلى وظيفة مدير عام الشئون الإدارية وتتوافر في حقه شروط شغلها ومن ثم يكون القرار المطعون فيه وقد تضمن نقل المدعي إلى وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بصفة شخصية مخالفاًَ للقانون خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى بأن الترقية طبقاً للمادة (37) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1987 تتم إلى الوظائف العليا بالاختيار على أساس الكفاية ويستهدي في تقدير كفاية المرشحين للترقية بما يبديه الرؤساء عنهم وبما ورد في ملفات خدمتهم من عناصر الامتياز، وأنه وإن كانت الإدارة تتمتع بسلطة تقديرية واسعة في اختيار أصلح العناصر للترقية رعاية للصالح العام وحسن إدارة المرافق العامة وضمان سيرها بالنظام واضطراد إلا أن عليها أن تجرى مفاضلة جادة وحقيقية بين المرشحين مع التقيد بالأقدمية عند التساوي في الكفاية.
ومن حيث إن ملف خدمة المدعي ينطق بكفايته وامتيازه ولم يبد عنه أحد من رؤسائه ما يقلل من كفايته أو يهون منها ولم تقدم جهة الإدارة دليلاً يناقض ذلك، ولم يثبت من الأوراق أن المدعي يقل في كفايته عن السيد/ ..... الذي تم ترقيته إلى وظيفة وكيل وزارة لشئون التنمية الإدارية بقرار النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء رقم 767 لسنة 1981 المطعون فيه، كما لم يثبت أن جهة الإدارة أجرت مفاضلة جادة وحقيقية بينه وبين المدعي بل على العكس من ذلك فإنه في الوقت الذي نقلت فيه جهة الإدارة المدعي إلى وظيفة غير واردة بجدول الوظائف المعتمد بالقرار رقم 394 لسنة 1981 حسبما سلف إيضاحه قامت بذات القرار بندب السيد/ ..... إلى وظيفة وكيل وزارة لشئون التنمية الإدارية وهو ما يعني أن فكرة المفاضلة بينه وبين المدعي لم تثر تجاه جهة الإدارة أو تكن واردة في حسابها، وإذ كان الثابت من الأوراق أن المدعي أقدم من السيد/ ..... في شغل درجة مدير عام حيث رقى المدعي إليها في 30/ 12/ 1975 بينما رقى إليها هذا الأخير في 24/ 5/ 1977 وتوافرت فيه شروط شغل الوظيفة المطعون على الترقية إليها ومن ثم يكون القرار رقم 767 لسنة 1981 المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى وظيفة وكيل وزارة لشئون التنمية الإدارية غير قائم على سبب صحيح من القانون متعين الإلغاء.
ومن حيث إنه بناء على ما سبق بيانه يكون الحكم المطعون والصادر في الدعوى رقم 2731 لسنة 36 ق وقد قضى بإلغاء كل من القرار الوزاري رقم 394 لسنة 1981 فيما تضمنه من نقل المدعي إلى وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بصفة شخصية وقرار النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء فيما تضمنه من تخطي المدعي إلى وظيفة وكيل وزارة لشئون التنمية الإدارية - هذا الحكم - يكون قد صدر صحيحاً متفقاً مع أحكام القانون.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن رقم 935 لسنة 32 ق عليا فإنه طبقاً للمادة (54) من قانون نظام العاملين المدنيين المشار إليه يجوز نقل العامل من وحدة إلى أخرى من الوحدات التي تسري عليها أحكام هذا القانون، كما يجوز نقله إلى الهيئات العامة والأجهزة الحكومية ذات الموازنة الخاصة بها ووحدات القطاع العام إذ كان النقل لا يفوت على العامل دوره في الترقية بالأقدمية أو كان بناء على طلبه ويكون النقل بقرار من السلطة المختصة بالتعيين، وتمارس الإدارة سلطتها في نقل العامل طبقاً لما تقدم بمراعاة صالح العمل ومقتضيات حسن سير المرافق العامة وذلك دون أن يكون للعامل الحق في التمسك بالبقاء في وظيفة معينة فإذا لم تبتغ الإدارة بنقل العامل الصالح العام أو انحرفت عن هذه الغاية واتخذت النقل سبيلاً إلى التنكيل بالعامل أو إنزال العقاب به تكون قد أساءت استعمال سلطتها مما يصم القرار الصادر فيها بعدم المشروعية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بعد قيام جهة الإدارة بإصدار القرار الوزاري رقم 394 لسنة 1981 في 17/ 8/ 1981 متضمناً نقل المدعي إلى وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بصفة شخصية ثم قرار النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء رقم 767 لسنة 1981 بتاريخ 24/ 11/ 1981 متضمناً تخطي المدعي في الترقية إلى وظيفة وكيل وزارة لشئون التنمية الإدارية وهما القراران اللذان قضى بإلغائهما على ما سبق بيانه وإزاء الطعن الذي لحق بالمدعي وعدد من زملائه تقدموا بمذكرة إلى وزير الصناعة والثروة المعدنية مؤرخة 20/ 1/ 1982 يبدون تضررهم من نقلهم إلى درجات شخصية بالقرار رقم 394 لسنة 1981 في الوقت الذي تم فيه نقل عاملين ممن هم في إجازات خاصة مدداً طويلة لوظائف أصلية أو وضع عاملين من خارج الوزارة على هذه الوظائف دون قرارات رسمية وطالبوا في مذكرتهم إلغاء وضعهم على درجات شخصية والالتزام بقواعد نقل العاملين على الوظائف الواردة بجدول الوظائف المعتمد والتي أقرها الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة وإنهاء عمل الوافدين بالديوان العام دون قرارات رسمية اكتفاء بما حققوه من فوائد وأخيراً بإفساح مجال الترقية للمستحقين والمتظلمين من وضعهم بالديوان العام بالتعيين رؤساء قطاعات بشركات قطاع الصناعة بالقاهرة أسوة بما اتبع من زملاء لهم. وعلى أثر ذلك أصدر وزير الصناعة والثروة المعدنية بتاريخ 12/ 4/ 1982 القرار المطعون فيه رقم 259 لسنة 1982 بتعيين المدعي مديراً عاماً للشئون الإدارية بشركة أبو زعبل للأسمدة والمواد الكيماوية. وهذا القرار هو في صحيح تكييفه قرار نقل حيث قضى بشغله وظيفة معادلة لذات وظيفته السابقة وهو فضلاً عن أنه صادر من غير مختص إذ المختص بذلك سلطة التعيين طبقاً للمادة (54) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليها وهو رئيس الجمهورية طبقاً للمادة (16) من ذات القانون أو النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء باعتباره كان مفوضاً في هذا الاختصاص في ذلك الوقت - فضلاً عن ذلك فإن قرار النقل هذا جاء في سلسلة الإجراءات التي سلكتها الإدارة حيال المدعي على النحو السالف بيانه وما تقدم به وزملاؤه من مذكرة أبدوا فيها تضررهم من هذه الإجراءات ومن ثم يكون هذا القرار وفي ضوء الظروف والملابسات التي سبقته قد جاء بغية التنكيل بالمدعي ومعاقبته ولا يمكن اعتباره قد تم بناء على طلب المدعي إذ أن المذكرة التي قدمها مع زملائه كانوا يبدون فيها تضررهم من أوضاعهم بالديوان العام واقترحوا تعيينهم في وظائف أعلى بالشركات وليس النقل إلى وظائف معادلة لوظائفهم وبناء على ذلك فإن القرار المطعون فيه يكون منطوياً على إساءة استعمال السلطة من جانب جهة الإدارة حرياً بالإلغاء ويكون الحكم المطعون فيه والصادر في الدعوى رقم 5121 لسنة 36 ق وقد قضى بهذا النظر قد أصاب صحيح حكم القانون.
وحيث إنه ترتيباً على ما تقدم جميعه فإنه يتعين الحكم بقبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً وإلزام جهة الإدارة المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين رقمي 3470 لسنة 31 و935 لسنة 32 شكلاً وبرفضهما موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.