مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 971

(155)
جلسة 27 من فبراير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وجودة محمد أبو زيد وفاروق عبد الرحيم غنيم المستشارين.

الطعن رقم 1461 لسنة 30 القضائية

أموال الدولة العامة والخاصة.
( أ ) إزالة التعدي عليها - دور القضاء الإداري عند فحص مشروعية قرار الإزالة.
المادة 970 من القانون المدني معدلة بالقوانين أرقام 147 لسنة 1957 و39 لسنة 1959 و55 لسنة 1970.
يجب على المحكمة عند التصدي لبحث مشروعية القرارات الصادرة بإزالة التعدي على المال العام ألا تتغلغل في بحث الملكية ولا تفصل فيها حيث يختص بذلك القاضي المدني وحده - يقف اختصاص القضاء الإداري عند التحقق من أن إدعاء الجهة الإدارية بالملكية إدعاء جدي له شواهده المبررة لإصدار القرار بإزالة التعدي إدارياً - تطبيق.
(ب) نزع الملكية للمنفعة العامة - وسائله.
لنزع الملكية طريقان: الطريق المباشر: ويكون باتباع القواعد والإجراءات التي قررها قانون نزع الملكية للمنفعة العامة - الطريق غير المباشر: ويتم بإحدى وسيلتين: أولاهما تنفيذاً للمرسوم الصادر باعتماد خط التنظيم قبل صدور مرسوم نزع الملكية وذلك باتفاق الحكومة مباشرة مع أصحاب الشأن - وثانيهما: أن تضم الحكومة إلى المال العام عقاراً مملوكاً لأحد الأفراد دون أن تتخذ الإجراءات المنوه عنها في قانون نزع الملكية وذلك بنقل الحيازة من المالك الأصلي إلى الدولة - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 7 من إبريل سنة 1984 أودعت إدارة قضايا الحكومة (هيئة قضايا الدولة) نيابة عن السادة/ محافظ المنوفية ورئيس مجلس مدينة تلا ورئيس الوحدة المحلية بزرقان قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1461 لسنة 30 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 9 من فبراير سنة 1984 في الدعوى رقم 4701 لسنة 37 القضائية القاضي بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات، وطلب الطاعنون للأسباب المبينة بعريضة الطعن وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وأصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً برفض طلب وقف التنفيذ وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وأعلن الطعن قانوناً. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن ارتأت فيه رفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة بالمصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 19 من مايو سنة 1986 وتداول نظره بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر حتى قررت بجلسة 4/ 1/ 1988 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) لنظره بجلسة 6 من فبراير سنة 1988. وبتلك الجلسة نظرت المحكمة الطعن على الوجه المبين بالمحضر وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات خلال أسبوعين وبتاريخ 16 من فبراير سنة 1988 وخلال الأجل المصرح به أودع المطعون ضدهم مذكرة بدفاعهم انتهت إلى طلب رفض الطعن. وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فيتعين قبوله شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضدهم أقاموا بتاريخ 9 من يوليه سنة 1983 الدعوى رقم 4701 لسنة 37 القضائية طالبين الحكم.
أولاً: بوقف تنفيذ قرار محافظ المنوفية الصادر بتاريخ 12 من يونيه سنة 1983.
وثانياً: وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 1053 لسنة 1982 الصادر من وحدة مركز تلا وبالتالي إلغاء قرار المحافظ الصادر بتاريخ 12 من يونيه سنة 1983 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات وقال المدعون شرحاً لدعواهم أنه بتاريخ 2 من ديسمبر لسنة 1982 أخطر المدعى الأول عن نفسه وبصفته وكيلاً عن ورثة المرحوم/....... بقرار الوحدة المحلية لمركز تلا رقم 1053 لسنة 1982 الذي يتضمن إزالة التعدي الواقع من ورثة المرحوم السيد/...... بناحية كمشيش بإقامة سور بالميدان العام الموجود بلوحة التخطيط للقرية (كمشيش) عام 1966 فتظلم المدعون بتاريخ 5 من ديسمبر سنة 1982 إلى محافظ المنوفية، وعلموا بتاريخ 13 من يونيه سنة 1983 بأن المحافظ أصدر قراراً بقبول التظلم شكلاً ورفضه موضوعاً وتنفيذ قرار الوحدة رقم 1053 لسنة 1982 القاضي بإزالة تعدي أسرة المرحوم/..... بناحية كمشيش على الميدان العام للقرية، ولو اقتضى الأمر الالتجاء إلى القوة الجبرية وعلى المتظلم الالتجاء إلى القضاء. واستطرد المدعون بأن الجهة الإدارية ليست لها حقوق على المساحة موضوع القرار ولا تعتبر من أملاك الدولة الخاصة أو العامة إذ أن الإدارة لم تتخذ إي إجراء من إجراءات نزع الملكية بالتطبيق لأحكام القوانين المنظمة لذلك. ومن ناحية أخرى فإن قانون التخطيط العمراني رقم 3 لسنة 1982 نص على عقوبة جنائية عن مخالفة أحكامه الخاصة بالسياسة العامة للتخطيط العمراني مما يرتب انعدام القرار المطعون فيه لقيامه على لوحة تخطيطية لقرية كمشيش ولدت ميتة. كما أن السور موضوع القرار أقيم في أوائل سنة 1981 يحيطه بقطعة أرض فضاء من ملحقات المنزل المملوك للمدعين ملكية خاصة بلا منازع. وقد تعرضت أسرتهم لما لم تتعرض له أسرة مصرية فضلاً عن اعتقالهم فقد فرضت عليهم الحراسة واستولى على أراضيهم وسكنهم وملحقاته ومن بينها قطعة الأرض المسورة التي هي من ملحقات المنزل (حديقة مزروعة فواكه) وفي سنة 1968 سلمت الحراسة المنزل وملحقاته إلى وزارة التربية والتعليم لاستعماله مدرسة بعد أن قامت السلطات بهدم السور وإتلاف الحديقة التي يضمها إذلالاً لما يسمى بقصر الفقي. وقامت وزارة التربية والتعليم بإقامة سور من الأسلاك بدلاً من السور المهدم، كما تسلمت وزارة الصحة جزءاً من المنزل لاستعماله وحدة صحية ريفية وفي سنة 1975 صدر القرار رقم 376 ويقضي بالإفراج عن ممتلكاتهم وفيها القصر وملحقاته وتنفيذاً لذلك تم الإفراج عن جميع ممتلكاتهم وتسلموها ومنها القصر وملحقاته (عقار ريفي بناحية كمشيش وملحقاته الأرض الفضاء المحيطة بالعقار والوحدة الصحية والريفية بالناحية) وذلك يؤكد ملكية الطاعنين للمنزل وملحقاته، فيحق لهم إزالة سور الأسلاك الشائكة وإقامة سور بدلاً من السور الذي تم هدمه عنوة واقتداراً، وهو ما تم بالفعل سنة 1981 دون تعرض من أحد. وأخيراً فإن القرار إذ استند إلى ما يسمى بلوحة تخطيطية لقرية كمشيش فإن هذه اللوحة ولدت ميتة إذ لم يصدر تنفيذاً لها أي إجراء، كما لم يصدر بشأنها أي قرار بنزع الملكية أو خلافه، كما لم يثبت أنهم أقاموا أية دعاوى بطلب التعويض مماثلة أو يفيد وجود أثر قانوني أو مادي للوحة المشار إليها. ويترتب على ذلك انعدام القرار رقم 1053 لسنة 1982 الصادر من الوحدة المحلية لمركز تلا والقرار الصادر من محافظ المنوفية بتاريخ 12 من يونيه سنة 1983 وبجلسة 9 من فبراير سنة 1984 حكمت محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة لقبول الدعوى على أنه إذ كان رئيس مركز تلا أصدر القرار رقم 1053 لسنة 1982 بإزالة تعدي المدعين على ميدان قرية كمشيش وذلك بتاريخ 23 من نوفمبر سنة 1982 وأخطر به وكيل المدعين بتاريخ 2 من ديسمبر سنة 1982 فتظلموا منه إلى محافظ المنوفية بتاريخ 5 من ديسمبر سنة 1982 وظلت الجهة الإدارية تبحث تظلمهم ثم انتهت إلى البت فيه بالرفض بتاريخ 12 من يونيه سنة 1983 فأقام المدعون دعواهم في 9 من يوليه سنة 1983 فتكون الدعوى مقامة في الميعاد المقرر لدعوى الإلغاء ويكون الدفع المبدى من الجهة الإدارية بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد غير قائم على سند من القانون. وعن موضوع طلب وقف التنفيذ استظهرت المحكمة توافر ركن الجدية فيه استناداً إلى أن البادي من الأوراق أنه سبق أن فرضت الحراسة على أموال أسرة المدعين عام 1968 ومنها المنزل والأرض الفضاء المحيطة به الكائن بقرية كمشيش مركز تلا فقسمت السلطة القائمة على إدارة الأموال الموضوعة تحت الحراسة المنزل المملوك للمدعين متضمناً الأرض الفضاء المحيطة به بين وزارة التربية والتعليم والصحة. كما تقرر إدخال الأرض الفضاء المحيطة بالمبنى في تخطيط القرية بجعلها ميداناً. إلا أنه لم يتم وضع تلك وضع ذلك موضع التنفيذ القانوني: فلم تنزع ملكية الأرض لتدخل في هذا التخطيط مما تكون معه مستمرة في ملك أصحابها من المدعين، وتنفيذاً للقرار رقم 361 لسنة 1976 بالإفراج النهائي عن أموال الأسرة فقد تم تسليمها إلى المدعين بموجب محضر مؤرخ 28/ 7/ 1975 ومن ضمنها المنزل المشار إليه والفضاء المحيط به محل المنازعة، الذي قام المدعون بإحاطته بسور في سنة 1981 بعد موافقة محافظ المنوفية والوحدة المحلية إذ كان التخطيط الذي عمل لقرية كمشيش لم تتوافر له المسالك القانونية الصحيحة فلم تتخذ إجراءات نزع الملكية بالنسبة للأراضي اللازمة لإنشاء الميدان، فلا تكون الأرض الفضاء قد دخلت في الملك العام بل تظل على ملك المدعين ويكون ما نسب إلى المدعين من اعتداء على الملك العام غير قائم بحسب الظاهر على سبب صحيح. وأورد الحكم المطعون فيه أنه إذا كان يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه بحسب البادي من الوقائع نتائج يتعذر تداركها لو لم يقض بوقف تنفيذه فقد قام طلب وقف التنفيذ على ركني الجدية والاستعجال مما يتعين القضاء به.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أساس أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله من ناحيتين:
أولاهما: فيما قضى به من قبول الدعوى في حين أنها غير مقبولة شكلاً ذلك أن مفاد حكم المادة (24) من قانون مجلس الدولة الصادر به القانون رقم 47 لسنة 1972 أن التظلم من القرار يعتبر مرفوضاً بفوات ستين يوماً من تاريخ تقديمه دون أن تجيب الإدارة عليه. فإذا كان الثابت باعتراف المدعين في الدعوى أنهم تظلموا من القرار في 5/ 12/ 1982 إلى المحافظ الذي لم يجب عليه خلال سنتين يوماً تالية فيكون من المتعين أن يقيموا الدعوى في ميعاد غايته 5/ 3/ 1983، وإذا لم يقيموا الدعوى إلا في 9/ 7/ 1982 فتكون مرفوعة بعد الميعاد. ولا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من صدور قرار صريح بالرفض في 13/ 6/ 1983 يفتح ميعاداً جديداً. ذلك أن ميعاد الطعن جرى من قبل بأمر تحقق وهو قرار الرفض الحكمي. وفضلاً عن ذلك فلا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الجهة الإدارية كانت تبحث التظلم لأن إجراء هذا البحث لا يمنع من قيام قرار الرفض الحكمي طالما لم يصدر عن الجهة الإدارية مسلك إيجابي يوحي إلى اتجاهها إلى الاستجابة إلى التظلم وهو ما لم يقل به المطعون ضدهم أنفسهم أو الحكم المطعون فيه.
وثانيهما: وفي موضوع طلب وقف التنفيذ، فإن ما قام عليه الحكم المطعون فيه بشأن توافر ركن الجدية تأسيساً على استمرار الأرض محل التعدي على ملك المدعين (المطعون ضدهم بالطعن الماثل) يخالف الثابت من الأوراق إذ صدر بالفعل قرار محافظ المنوفية رقم 108 لسنة 1967 باعتماد تخطيط قرية كمشيش وبما يتضمن هذا التخطيط من إنشاء شوارع وميادين من بينها الميدان موضوع الدعوى وبذلك أصبحت تلك الشوارع والميادين من أموال الدولة العامة باعتبارها تدخل في خطوط التنظيم دون حاجة إلى اتخاذ إجراءات نزع الملكية. وحق المطعون ضدهم، إن وجد، مكفول بالرجوع إلى الجهات المختصة بالتعويض عن الأراضي التي كانت مملوكة لهم وأدخلت في إنشاء الميدان إن كان لذلك وجه ولم تكن الجهة الإدارية قد حرفته بالفعل. وعلى ذلك يكون السور الذي أقامه المطعون ضدهم على الأرض التي تدخل ضمن الميدان المذكور تعدياً على أملاك الدولة العامة ويكون القرار بإزالة هذا التعدي صحيحاً. وبذلك يفتقر طلب وقف التنفيذ إلى ركن الجدية كما يفتقر أيضاً ركن الاستعجال إذ لا يترتب على إزالة السور نتائج يتعذر تداركها، بل الخطر في بقاء السور داخل الميدان بما يحول دون استخدامه والانتفاع به، أما ما قد ينشأ من أضرار للمطعون ضدهم من تنفيذ القرار، لو وجدت، فلا تعدو أن تكون أضراراً مالية يمكن التعويض عنها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 28 من يوليه سنة 1975 تحرر محضر تسليم مؤقت بين جهاز تصفية الحراسات والسيد/..... عن نفسه وبصفته وكيلاً عن باقي المطعون ضدهم بالطعن، بمقتضاه تسلمهم بعض العقارات الكائنة بناحية كمشيش ومنها عقار ريفي بالناحية المذكورة والأرض الفضاء الملحقة به. ثم صدر القرار رقم 361 لسنة 1976 متضمنة الإفراج النهائي عن الأموال التي سبق تسليمها لهم تسليماً مؤقتاً. وبتاريخ 2/ 4/ 1981 حرر السيد/...... إقراراً تعهد بمقتضاه بهدم الأسوار التي يقوم ببنائها في تاريخ الإقرار وذلك إذا اتضح أنها تدخل في أملاك الدولة وتشكل تعدياً عليها. وبكتاب مؤرخ 4/ 4/ 1981 أفادت مديرية الإسكان والتعمير بمحافظة المنوفية رئيس الوحدة المحلية بزرقان رداً على كتاب الأخير بشأن شكاوى مواطني قرية كمشيش، فإن بفحص ملفات تخطيط قرية كمشيش الموجودة بالمديرية اتضح أنه لا توجد قرارات نزع ملكية من واقع هذه الملفات لهذا التخطيط وأرفق بالكتاب صورة من قرار محافظ المنوفية رقم 108 لسنة 1967 بتاريخ 4/ 2/ 1967 الذي تضمن تشكيل لجنة لتنفيذ تخطيط قرية كمشيش على أن تنتهي من أعمالها التنفيذية قبل يوم 25 من فبراير سنة 1967. وبالمحضر رقم 881 لسنة 1981 أثبت السيد/ نائب مأمور مركز تلا أنه بتاريخ 4/ 4/ 1981 اتصل به السيد/ رئيس مجلس المدينة وأفاده بأن لقاء تم بين السادة: محافظ المنوفية ومدير الإسكان والشاكي وأسرة الفقي، وبفحص الأمر تبين صحة ما تقرره أسرة الفقي من أن المساحة المتنازع عليها ملكهم ولا يوجد ما يعارض ذلك فأمر المحافظ بعدم تعرض أحد للمالكين في مباشرة أعمال البناء. بتأشيره بتاريخ 21/ 4/ 1981 أثبت السيد/ نائب المأمور عدم ورود أي قرار مخالف لما سبق ذكره بالمحضر بتاريخ 4/ 4/ 1981 وعلى ذلك أقفل المحضر. وبمذكرة مؤرخة 22/ 4/ 1981 أفادت مديرية الإسكان رئيس الوحدة المحلية لقرية زرقان بأنه بخصوص موضوع تخطيط قرية كمشيش تبين للمديرية ما يأتي: لا توجد قرارات نزع ملكية من واقع الملفات الموجودة بالمديرية. صدر قرار السيد المحافظ رقم 108 لسنة 1967 لتخطيط قرية كمشيش - قامت الدولة بتعويض الأهالي تعويضاً مادياً وعينياً طبقاً للوحة تخطيط القرية المرسل صورة منها لمجلس قروي زرقان وهي لوحة تخطيط إرشادية للقرية. وبناء على ذلك لا يجوز التعدي على الشوارع والميادين المحددة بلوحة تخطيط القرية.. أما بخصوص طلب المجلس الاستفسار عن وجود ميدان من عدمه وتحديد أبعاد هذا الميدان فقد سبق إرسال صورة من الخريطة الإرشادية للمجلس بمقياس رسم يمكن الاطلاع عليها لتحديد المطلوب. وأحيل الكتاب المشار إليه إلى لجنة التعديات بالمركز. وبتاريخ 7/ 3/ 1982 احتجت لجنة التعديات بمركز تلا وتضمن محضر أعمالها تحت بند (4) عرض موضوع تعدي أسرة الفقي بكمشيش بإقامة سور بالميدان العام حول منازلهم بقرية كمشيش تعدياً على الميدان العام الموجود في لوحة تخطيط القرية عام 1967 نظراً لكثرة الشكاوى والبرقيات في هذا الموضوع. وقد تبين للجنة أنه استناداً إلى أن الميدان وارد ضمن تخطيط قرية كمشيش عام 1967 وموضح على لوحة التخطيط الإرشادية للقرية فقد سبقت إزالة تعدي المواطنين..... حيث شرع الأول في إقامة سور أمام منزله في هذا الميدان تمت إزالته بمعرفة اللجنة ورفضت دعواه رقم 1342 لسنة 1979 حيث حكم فيها لصالح الجهة الإدارية، وحيث شرع الثاني في إقامة منزل متداخل ضمن الميدان وتم وقفه ولم يمكن في إقامة المبنى بمعرفة اللجنة فالمحضر المؤرخ 2/ 9/ 1985 لعدم أحقيته بالبناء في الميدان وصرفه التعويض عن ملكه بمعرفة مديرية الإسكان. وبناء على ما تقدم انتهت اللجنة إلى "أن إزالة تعدي أسرة الفقي بإزالة السور المقام على الميدان العام للقرية ضمن تخطيط القرية عام 1967 تنفيذاً للوحة التخطيط الإرشادية للقرية والمستندات السابقة. وبتاريخ 23/ 11/ 1982 صدر قرار رئيس مركز تلا رقم 1053 لسنة 1982 بإزالة التعدي استناداً إلى قرار المحافظ رقم 33 بتاريخ 14/ 2/ 1979 بالتفويض ببعض الاختصاصات وإلى ما ورد بمذكرة وحدة الأملاك الأميرية بالوحدة المحلية لمركز تلا المؤرخة 15/ 11/ 1982 بشأن طلب استصدار قرار بإزالة تعدي ورثة المرحوم أحمد الفقي بكمشيش على الميدان العام للقرية بإقامة سور.
ومن حيث إن المطعون ضدهم وإن كانوا قد أقاموا الدعوى بطلب الحكم بوقف تنفيذ قرار محافظ المنوفية الصادر في 12/ 6/ 1983 وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 1053 لسنة 1982 الصادر من وحدة مركز تلا وبالتالي إلغاء قرار المحافظ الصادر في 12/ 6/ 1983 مع ما يترتب على ذلك من آثار، في حين أن قرار المحافظ المشار إليه اقتصر على رفض التظلم المقدم منهم في القرار الصادر من وحدة مركز تلا رقم 1053 لسنة 1982 فإن حقيقة التكييف القانوني لطلباتهم في الدعوى تنصرف إلى طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 1053 لسنة 1982 المشار إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إنه عن قبول الدعوى فالثابت في خصوص المنازعة الماثلة أنه إذ صدر قرار محافظ المنوفية رقم 108 لسنة 1967 بتنفيذ تخطيط قرية كمشيش استناداً لما جاء بما سمي اللوحة الإرشادية لتخطيط القرية فإن أطراف المنازعة، وبالأخص الجهة الإدارية، لم يكونوا على بينة ويقين من حقيقة ملكية أي منهم للأراضي التي شملها التخطيط كميادين أو شوارع. فالبادي من الأوراق أنه نظراً لعدم صدور القرارات اللازمة لنزع ملكية الأراضي اللازمة لتنفيذ التخطيط المشار إليه من جهات الاختصاص بذلك فلم تكن الإدارة على يقين من مدى دخول الأجزاء التي شملها التخطيط كميادين أو شوارع في الأملاك العامة، على ما تفيد المكاتبات التي سبقت الإشارة إليها، ويؤكده أنه بمناسبة شروع المطعون ضدهم ببناء سور على جزء ورد بالتخطيط أنه ميدان عام فقد قرر المحافظ، حسبما يستفاد من تأشيرة نائب مأمور مركز تلا بتاريخ 4/ 4/ 1981 بالمحضر رقم 881 لسنة 1981 المشار إليه، عدم التعرض لما يقوم به المطعون ضدهم من بناء. كما قرر أحد المطعون ضدهم والوكيل عن البائعين بتعهد مؤرخ في ذات التاريخ بإزالة السور على نفقته الخاصة إذا اتضح أنه مقام على أملاك عامة للدولة. فإذا كان ذلك ولم يجادل الأطراف في أن المطعون ضدهم أخطروا بالقرار المطعون فيه بتاريخ 2/ 12/ 1982 فتظلموا منه إلى المحافظ بتاريخ 5/ 12/ 1982، وإذ يكشف ما كان من أثر التظلم من وقف تنفيذ القرار المتظلم منه على أن الجهة الإدارية استمرت قائمة ببحث التظلم بالتحقق من أمر ملكية الأرض المدعي وقوع التعدي عليها إلى أن أصدر المحافظ قراره في 12/ 6/ 1983 برفض التظلم فأقام المطعون ضدهم الدعوى في 9/ 7/ 1983 بطلب وقف تنفيذ وإلغاء قرار الوحدة المحلية رقم 1053 لسنة 1982، فتكون الدعوى أقيمت في المواعيد المقررة بقانون مجلس الدولة، ولا يكون ثمة أساس للقول بحساب مواعيد رفع الدعوى، في صدد المنازعة الماثلة اعتباراً من فوات ستين يوماً على تاريخ التظلم تأسيساً على قيام قرينة الرفض الضمني للتظلم بفوات الميعاد المشار إليه المستفادة من سكوت الجهة الإدارية عن الرد عليه خلال الميعاد المشار إليه، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى الحكم بقبول الدعوى شكلاً فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون والواقع في قضائه مما لا محل للنعي عليه من هذه الناحية.
ومن حيث إنه عن موضوع طلب وقف التنفيذ، فقد استقر قضاء هذه المحكمة على أنه عند التصدي لبحث مدى مشروعية القرارات الصادرة بإزالة التعدي على المال العام بالتطبيق لأحكام المادة 970 من القانون المدني المعدلة بالقوانين أرقام 147 لسنة 1957 و39 لسنة 1959 و55 لسنة 1970 لا تتغلغل في بحث الملكية ولا تفصل فيها إذ يختص بذلك القاضي المدني وحده وإنما يقف اختصاص القضاء الإداري عند التحقق من أن إدعاء الجهة الإدارية بالملكية إدعاء جدي له شواهده المبررة لإصدار القرار بإزالة التعدي إدارياً.
ومن حيث إنه من المقرر قانوناً وأخذ به قضاء النقض المدني (نقض مدني 15/ 4/ 1943) أن نزع الملكية كما يكون بطريق مباشر باتباع القواعد والإجراءات التي قررها قانون نزع الملكية للمنفعة العامة الصادر في 24 من إبريل سنة 1907 المعدل في 18 من يونيه سنة 1941 حالياً القانون رقم 577 لسنة 1954 وتعديلاته، يمكن أن يكون أيضاً بطريق غير مباشر إما تنفيذاً للمرسوم الصادر باعتماد خط التنظيم قبل صدور مرسوم نزع الملكية وذلك باتفاق الحكومة مباشرة مع أصحاب الشأن وإما بضم الحكومة إلى المال العام عقاراً مملوكاً لأحد الأفراد دون أن تتخذ الإجراءات المنوه عنها في قانون نزع ملكية العقار بالفعل ونقل الحيازة من المالك الأصلي إلى الدولة فيتحقق بها حكمه تماماً. وإذ كان البادي في خصوصية المنازعة الماثلة وبالقدر اللازم لاستظهار توافر ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ ودون المساس بأصل طلب الإلغاء عند الفصل فيه أن المساحة من الأرض موضوع المنازعة مقام بها فعلاً ميدان عام، يكشف ذلك الرسم الكروكي المقدم من الجهة الإدارية الموضح به موقع التعدي: ويبين منه أنه يقع في مواجهة منزل السيد/...... في المساحة الواقعة بين منزلين لأسرة المطعون ضدهم ومنازل السادة/...... و...... و...... وقد أورد الحكم الاستئنافي الصادر من محكمة استئناف طنطا في الاستئناف رقم 141 لسنة 14 القضائية (المقدم صورة رسمية منه بحافظة الجهة الإدارية المقدمة بجلسة المرافعة أمام دائرة فحص الطعون بتاريخ 19/ 1/ 1987) أن الخبير في الدعوى التي أقامها السيد/...... ضد محافظ المنوفية ورئيس مجلس قروي زرقان طالباً منع تعرض الجهة الإدارية له في حيازته الأرض الفضاء الملحقة بمنزلة بمقولة تعديه على الطريق العام، انتهى إلى أن أرض النزاع كانت في وضع يد السيد/...... في الفترة السابقة على سنة 1967 بصفته مالكاً حتى صدر قرار محافظ المنوفية رقم 108 لسنة 1967 في 4/ 2/ 1967 لتنفيذ تخطيط قرية كمشيش حيث تم عمل ميدان عام بالقرية احتوى أرض النزاع، وبناء على ذلك حكمت المحكمة الابتدائية برفض دعوى السيد/....... وتأييد الحكم بالحكم الاستئنافي المشار إليه فإذا كان ذلك وكان الفضاء الفاصل بين منزل السيد/...... وبين منزلي المطعون ضدهم، على ما يبين من الرسم الكروكي ويتضح من حكم محكمة الاستئناف المشار إليه، أقيم به فعلاً ميدان عام للقرية وكان السور المدعي باعتدائه واقع بنهر الميدان قبالة منزل السيد/......، لذلك أياً كان الرأي في سلامة قرار المحافظ رقم 108 لسنة 1967 بحسبانه متضمناً اعتماد لخطوط التنظيم بالقرية استناداً لحكم المادة (12) من القانون رقم 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني الذي تسري أحكامه على القرى التي يصدر بها قرار من وزير الإسكان (م 18 من القانون) بما مؤداه حظراً إجراء أعمال البناء أو التعلية في الأجزاء البارزة عن خطوط التنظيم فيما عدا أعمال الترميم والإزالة، يكون القرار المطعون فيه بإزالة السور - بحسب الظاهر - قد قام على سبب يبرره، حتى بافتراض أن ضم الجزء من الأرض الواقع عليها التعدي إلى الميدان العام تم عن غير الطريق الذي رسمه القانون لنزع الملكية إذ يستحيل بعد ضم هذا الجزء إلى مساحات أخرى، منها تلك التي كانت مملوكة للسيد/..... وإقامة الميدان العام عليها جميعاً رد المساحة المضمومة إلى أصحابها وتصطبغ الأرض المقام عليها الميدان العام من ثم لزاماً بصفة المال العام وهو ما جرى عليه كذلك قضاء النقض المدني (14/ 1/ 1957) من أن استيلاء الإدارة على عقار جبراً عن صاحبه بدون اتباع الإجراءات التي قررها قانون نزع الملكية مما يكون معه للمالك استرداده إلى أن يصدر مرسوم (قرار) نزع الملكية أو يستحيل رده مع عدم الإخلال بما قد يكون للمالك الأصلي من حقوق طبقاً لأحكام القانون. بذلك يكون طلب وقف تنفيذ القرار مفتقداً لركن الجدية اللازم توافره للقضاء به وإذ ذهب الحكم المطعون غير هذا المذهب وقضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيكون قد خالف حكم القانون والواقع ويتعين الحكم بإلغائه فيما انتهى إليه في هذا الشأن.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها إعمالاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المطعون ضدهم بالمصروفات.


[(1)] راجع حكم محكمة النقض بجلسة 15/ 4/ 1943.