مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 1021

(162)
جلسة 28 من فبراير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عصام الدين السيد علام نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وعادل لطفي عثمان والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.

الطعن رقم 934 لسنة 30 القضائية

بعثات - دورات تدريبية - حقوق الموفد فيها - بدل طبيعة العمل (اعتماد مالي) القانون رقم 58 لسنة 1971 بنظام العاملين المدنيين بالدولة.
متى نص قرار إيفاد العامل في دورة تدريبية على منحة إجازة بمرتب خلال مدة الإجازة فإن العامل يستحق المرتب شاملاً البدل المقرر للوظيفة التي يشغلها - لا وجه للقول بعدم وجود اعتماد مخصص لصرف البدل خلال مدة الإيفاد - أساس ذلك: - أن استحقاق البدل لا ينفصم عن استحقاق الراتب والحق في البدل لا يستمد من قرار الإيفاد وإنما من الأداة التي قررته وما دام قد سبق توفير الاعتماد المالي وصرفه قبل الإيفاد فإن الحق في صرف البدل خلال مدة الإيفاد لا يتقيد بشرط توفير الاعتماد المالي - توفير الاعتماد المالي هو التزام قانوني على جهة الإدارة شأن الالتزام بصرف الراتب - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 9/ 2/ 1984 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن السيدين وزير المالية ومدير عام ضرائب المهن غير التجارية سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 934 لسنة 30 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 12/ 12/ 1983 في الدعوى رقم 361 لسنة 32 القضائية المقامة من السيد/...... ضد الطاعنين والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبأحقية المدعي لبدل طبيعة العمل خلال فترة إيفاده للمدة من 7/ 8/ 1977 إلى 21/ 6/ 1978 إلى جامعة هار فارد الأمريكية ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام المدعي ووزارة المالية المصروفات مناصفة.
وطلب الطاعنان للأسباب الواردة في تقرير الطعن قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) التي نظرته بجلسة 12/ 4/ 1987 وبعد أن سمعت ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيه أودعت مسودة الحكم مشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تجمل على ما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 7/ 2/ 1977 أقام...... الدعوى رقم 361 لسنة 32 القضائية ضد وزير المالية ومدير عام ضرائب المهن غير التجارية طالباً الحكم بصرف جميع المزايا التي كانت تمنع وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقال بياناً لدعواه أنه بتاريخ 15/ 6/ 1977 صدر قرار وزير المالية رقم 105 لسنة 1977 بالترخيص للمدعي بالسفر إلى جامعة هارقارد الأمريكية في منحة تدريبية لمدة عشر شهور على نفقة المعونة الأمريكية بمرتب كامل وأنه لما كان راتبه قبل الإيفاد يشمل الأجر الإضافي وبدل الانتقال وبدل طبيعة العمل والمكافآت التشجيعية فإنه يحق له صرف هذه المقررات خلال مدة الإيفاد باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من راتبه نظراً لما لها من طابع الاستقرار وإذ امتنعت الجهة الإدارية عن صرفها فإن ذلك يشكل مخالفة لأحكام القانون.
وبجلسة 12/ 12/ 1983 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبأحقية المدعي في صرف بدل طبيعة العمل خلال فترة إيفاده للمدة من 7/ 8/ 1977 إلى 21/ 6/ 1978 لجامعة هارفاد الأمريكية ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام المدعي ووزارة المالية المصروفات مناصفة.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المدعي كان موفداً في دورة تدريبية على فروع الضرائب المختلفة بجامعة هارفارد الأمريكية لمدة عشر شهور من 7/ 8/ 1977 حتى 21/ 6/ 1978 على نفقة المعونة الأمريكية وأنه لم يكن بالتالي يباشر مهام وظيفته بسبب تواجده خارج البلاد وأنه بالنسبة لبدل الانتقال الثابت فإن مناط استحقاقه رهن بتوافر الحكمة التي دعت إلى تقريره وهي تعويض العامل بصفة إجمالية جزافية عما يتكبده من نفقات تقضيها انتقالاته لأداء أعمال وظيفته وأنه لذلك لا يسوع صرف هذا البدل عند إيفاد العامل في مهمة رسمية في الخارج لانتفاء علته ما لم يوجد نص صريح يقضي بغير ذلك وقد خلا من ذلك قرار إيفاد المدعي وأما بدل طبيعة العمل فقد شرع تعويضاً عن أداء العمل في ظروف غير عادية تحت ضغط أو صعوبة معينة بحيث يلتصق بالوظيفة لا بالموظف وأنه لما كانت صلة العامل بالوظيفة لا تنقطع خلال مدة الإيفاد للخارج فإنه من ثم يتوافر في شأنه مناط استحقاق هذا البدل خلال مدة الإيفاد وأما عن سائر المبالغ الأخرى من مكافآت تشجيعية وأجور إضافية فإنه من المقرر قانوناً أن الأجر الإضافي هو المقابل لما يكلف به العامل من مهام في غير أوقات العمل الرسمية وأنه لما كان المدعي خلال فترة المنحة لا يقوم بأي عمل رسمي فإنه لا يستحق بالتالي تقاضى أجراً إضافياً كما لا يستحق لذات الأساس المكافآت التشجيعية التي تقررت عن تلك الفترة.
وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لأنه قضى بمنح المدعي البدل دون أن يقدم المستندات المثبتة لاستحقاقه البدل في وظيفته الأصلية كما لم توضح المحكمة في أسباب حكمها السند القانوني لاستحقاقه البدل إذ أن بدلات طبيعة العمل وفقاً لحكم المادة 21/ 2 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 الذي تم في ظل العمل به إيفاد المدعي مقرره مقابل ما تقتضيه الوظيفة من تعرض شاغلها لمخاطر معينة أو بدل جهود متميزة عما تتطلبه الوظائف الأخرى وهو أمر مقتضاه أن يرتبط استحقاق البدل بقيام شاغل الوظيفة فعلاً بأعبائها وفقاً للقاعدة المنصوص عليها في المادة (52) من ذلك القانون من وجوب أن يقوم العامل بنفسه بالعمل المنوط به وأن يؤديه بدقة وأمانة وعليه أن يخصص وقت العمل الرسمي لأداء واجبات وظيفته وبالتالي فلما كان المدعي لم يقم بأعباء وظيفته خلال مدة الإيفاد فلا يستحق البدل فوق أن منحه هذا البدل لا بد وأن يخضع لأحكام القانون رقم 112 لسنة 1959 بشأن البعثات والمنح الدراسية يضاف إلى ذلك أن المصرف المالي لمستحقات الموفد خلال مدة الإيفاد هو المعونة الأمريكية مما يقتضي ضرورة توفير الاعتماد المالي الخاص بتلك المعونة وهو ما لم يتوافر.
وحيث إنه عن الوجه الأول من الطعن ومبناه أن المدعي لم يقدم دليلاً على استحقاقه بدل طبيعة عمل في الوظيفة التي يشغلها فإن الثابت من مطالعة حافظة مستنداته المودعة بجلسة 25/ 11/ 1979 أمام محكمة القضاء الإداري أنه أرفق بها بياناً بمفردات راتبه الذي تم صرفه خلال مدة الإيفاد وزيل البيان بعبارة "لم يصرف لسيادته خلال الفترة من 7/ 8/ 1977 حتى 20/ 6/ 1978 بدل انتقال وبدل طبيعة عمل.
ومكافأة عمل غير عادي وكذلك حوافز الإنتاج واقتصرت استحقاقه على الراتب الأساسي فقط ولما كان مفاد ذلك أن ثمة إقرار من الجهة الإدارية بأن المدعي يستحق في وظيفته الأصلية بدل طبيعة عمل وأنه لم يصرف له ذلك البدل خلال فترة الإيفاد ومن ثم يكون هذا الوجه من أوجه الطعن لا سند له.
وحيث إنه عن الوجه الثاني من الطعن فإن المادة 21 من نظام العاملين المدنيين بالدولة السابق الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 المعمول به خلال مدة الإيفاد قد نصت على أنه "يجوز لرئيس الجمهورية منح البدلات الآتية في الحدود وطبقاً للقواعد المبينة قرين كل منها (1)...... (2) بدلات تقتضيها طبيعة عمل الوظيفة يتعرض معها القائمون عليها إلى مخاطر معينة أو تتطلب منهم بذل جهود متميزة عن تلك التي تتطلبها سائر الوظائف وعلى ألا تزيد قيمة البدل عن 30% من بداية ربط الفئة الوظيفية التي يشغلها العامل........
ومفاد هذا النص أن بدل طبيعة العمل له صفة عينية ترتبط بالوظيفة المقرر لها البدل كما أنه يتقرر نظير ما يتطلبه القيام بأعبائها من صعوبة ومشقة أو بسبب كونها تعرض شاغلها لمخاطر معينة وهو بذلك يلتصق بالوظيفة وليس بالموظف ومن ثم يرتهن استحقاقه بشغل الوظيفة المقررة لها والقيام بأعبائها ويدور معه وجوداً وعدماً وبالتالي يستحقه شاغل الوظيفة خلال الدورة التدريبية التي هي في حقيقة الأمر صقل لقاعدة العامل في عمله ومن ثم فإنه لما كانت الوظيفة التي يشغلها المدعي مقرراً لها بدل طبيعة عمل وكان القرار الصادر بإيفاده في دورة تدريبية رقم 105 لسنة 1977 قد أشار إلى سبق موافقة وكيل أول الوزارة ورئيس لجنة الإجازات الدراسية بمنحه إجازة بمرتب خلال تلك المدة فمن ثم يستحق المرتب شاملاً البدل المقرر للوظيفة التي يشغلها ولا وجه لما أثير حول عدم توفير اعتماد مخصص لصرف البدل خلال مدة الإيفاد ذلك لأن استحقاق المدعي البدل لا ينفصم عن استحقاقه الراتب ولأن حقه في البدل لا يستمد من قرار الإيفاد وإنما من الأداة التي قررته وما دام قد سبق توفير الاعتماد المالي وصرفه قبل الإيفاد فإن الحق في صرفه خلال مدة الإيفاد لا يتقيد بشرط توفير الاعتماد المالي وإنما يكون توفير ذلك الاعتماد التزاماً قانونياً على الجهة الإدارية شأن الالتزام بصرف الراتب وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه يكون قد صادف محله في صحيح القانون ويتعين لذلك الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.