أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 24 - صـ 532

جلسة 31 من مارس سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ محمد صادق الرشيدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حامد وصفي، وأديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل.

(94)
الطعن رقم 30 لسنة 38 القضائية

أوراق تجارية.
رجوع الحامل على المظهرين والمدين الأصلي. إجراءاته. ضرورة إتباع هذه الإجراءات سواء رفعت الدعوى على المدين والمظهر معاً أو على الأخير بالإنفراد. عدم اتباع هذه الإجراءات جزاؤه. سقوط حق الحامل في الرجوع على المظهرين وحدهم.
مفاد نصوص المواد 162 و164 و165 و166 و169 و189 من قانون التجارة أن الشارع لم يقرر السقوط كجزاء للإهمال إلا ليفيد منه المظهرون وحدهم، فيجب على حامل السند الإذني تحرير بروتستو عدم الدفع ضد المدين الأصلي محرر السند في اليوم التالي للاستحقاق وإعلان هذا البروتستو ورفع الدعوى في خلال الخمسة عشر يوماً التالية لعمل البروتستو، وذلك سواء رفعت الدعوى على المظهر بالانفراد أو عليه هو والمدين الأصلي محرر السند، وإلا جاز للمظهر التمسك بسقوط حق الحامل لإهماله في عدم القيام بهذين الإجراءين، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدى من - الطاعنة باعتبارها مظهرة السند - بسقوط حق الحامل في الرجوع عليها تأسيساً على أنه لا يلزم إعلان البروتستو للمظهر إلا إذا كانت مطالبة حامل السند له بالانفراد، فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول تقدم لرئيس محكمة القاهرة الابتدائية بطلب إلزام السيدين مصطفى شوقي زيتون بصفته مصفياً لشركة سيارات الطرق الصحراوية (الطاعنة) وعلي لطفي السيد بصفته رئيساً لمجلس إدارة شركة النيل العامة لأتوبيس غرب الدلتا المندمج فيها شركة سيارات إسكندرية والبحيرة للنقل (المطعون ضدها الثانية) بأن يدفعا له متضامنين مبلغ 500 ج، وإذ رفض هذا الطلب أقام المطعون ضده الأول الدعوى رقم 46 سنة 1965 تجاري كلي القاهرة ضد الشركة الطاعنة والشركة المطعون ضدها الثانية بإعلان مؤرخ في 12 و16 من سبتمبر سنة 1964 بطلب الحكم بالطلبات آنفة الذكر وقال في بيان دعواه إنه يداين شركة سيارات الطرق الصحراوية (الطاعنة) بمبلغ 500 ج مقابل حقوقه العمالية لديها، وإنها حولت له مقابل هذا الدين سنداً إذنياً محرراً لصالحها على المطعون ضدها الثانية شركة سيارات إسكندرية والبحيرة للنقل "أتوبيس البحيرة" والتي اندمجت في شركة النيل العامة لأتوبيس غرب الدلتا التي ماطلته في سداد هذا الدين، وقدم إثباتاً لدعواه السند الإذني موضوع الدعوى وبروتستو عدم الدفع المعلن للمطعون ضدها الثانية في 1/ 7/ 1961، وبتاريخ 12/ 11/ 1966 حكمت محكمة أول درجة بإلزام المدعى عليها (الطاعنة والمطعون ضدها الثانية) متضامنين بأن يدفعا للمدعي (المطعون ضده الأول) مبلغ 500 ج. استأنفت الشركة (المطعون ضدها الثانية) هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة، وقيد استئنافها برقم 596 سنة 83 ق، كما استأنفه الحارس العام على الشركة الطاعنة، وقيد استئنافه برقم 10 سنة 84 ق، وبعد أن ضمت محكمة الاستئناف الاستئنافين حكمت بتاريخ 21/ 11/ 1967 برفضهما وتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض في شقه الخاص برفض استئنافها رقم 10 سنة 84 ق وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن مما تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه في الوجه الثاني من السبب الأول أنه خالف القانون، وفي بيان ذلك تقول إنها دفعت أمام محكمة الموضوع بسقوط حق المطعون ضده الأول - حامل السند - في الرجوع عليها باعتبارها مظهرة لأنه حرر بروتستو عدم الدفع ضد الشركة المدينة المطعون ضدها الثانية باعتبارها مدينة ولكنه لم يعلنه للطاعنة باعتبارها مظهرة، كما لم يعلنها بورقة التكليف بالحضور أمام المحكمة في خلال الخمسة عشر يوماً التالية لعمل البروتستو، مما يعد معه مهملاً ويسقط حقه في الرجوع عليها باعتبارها مظهرة السند، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفع على أساس أنه إذا طالب الساحب المسحوب عليه والمحيل - أي المظهر - معاً كالحاصل في الدعوى الراهنة فلا يوجب القانون على الساحب سوى إعلان المدين المسحوب عليه ببروتستو عدم الدفع دون المحيل، ولا يلزم إعلان البروتستو للمظهر إلا إذا كانت مطالبة الساحب له بالإنفراد، ولما كان المستفاد من نصوص المواد 165 و166 و167 و169 من قانون التجارة أن الحامل يعتبر مقصراً ويسقط حقه في الرجوع على المحيلين إذا حرر البروتستو في الميعاد القانوني ولكنه لم يعقبه برفع الدعوى على من يختارهم من الموقعين في ظرف خمسة عشر يوماً من تاريخ تحريره، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن البروتستو تحرر في 1/ 7/ 1961 ولم يعلن للطاعنة ولم ترفع دعوى الرجوع على المظهر إلا في شهر أغسطس سنة 1964 فإن حق المطعون ضده في الرجوع على الطاعنة يكون قد سقط إعمالاً لنص المادة 169 من قانون التجارة، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى على خلاف ذلك قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن المادة 162 من قانون التجارة تنص على أن "الامتناع عن الدفع يلزم إثباته بعمل بروتستو عدم الدفع في اليوم التالي لحلول ميعاد الاستحقاق" وتنص المادة 164 على أنه "يجوز لحامل الكمبيالة المعمول عنها بروتستو عدم الدفع أن يطالب الساحب وكل واحد من المحيلين بالانفراد أو جميعهم معاً....." وتنص المادة 165 من ذلك القانون على أنه "إذا طالب حامل الكمبيالة من حولها إليه وكانت مطالبته له بالانفراد وجب عليه أن يعلن إليه البروتستو المعمول، وإن لم يوفه بقيمة الكمبيالة يكلفه في ظرف الخمسة عشر يوماً التالية لتاريخ البروتستو المذكور بالحضور أمام المحكمة....." كذلك حددت المادة 166 المواعيد التي تحصل فيها مطالبة الساحبين والمحيلين المقيمين بالقطر المصري بعد عمل البروتستو عن الكمبيالات المسحوبة من القطر المصري. ونصت المادة 169 على أن "يسقط ما لحامل الكمبيالة من الحقوق على المحيلين مضي المواعيد السالف ذكرها لتقديم الكمبيالات المستحقة الدفع بمجرد الاطلاع عليها أو بعده بيوم أو أكثر أو شهر أو أكثر ولعمل بروتستو عدم الدفع وللمطالبة بالضمان على وجه الرجوع..." كما نصت المادة 189 على أن "كافة القواعد المتعلقة بالكمبيالات..... تتبع في السندات التي تحت الإذن". ومفاد هذه النصوص مجتمعة أن الشارع لم يقرر السقوط كجزاء للإهمال إلا ليفيد منه المظهرون وحدهم، فيجب على حامل السند الإذني تحرير بروتستو عدم الدفع ضد المدين الأصلي محرر السند في اليوم التالي للاستحقاق وإعلان هذا البروتستو ورفع الدعوى في خلال الخمسة عشر يوماً التالية لعمل البروتستو وذلك سواء رفعت الدعوى على المظهر بالانفراد أو عليه هو والمدين الأصلي محرر السند، وإلا جاز للمظهر التمسك بسقوط حق الحامل لإهماله في عدم القيام بهذين الإجراءين، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدى من الطاعنة - باعتبارها مظهرة السند - بسقوط حق الحامل في الرجوع عليها تأسيساً على أنه لا يلزم إعلان البروتستو للمظهر إلا إذا كانت مطالبة حامل السند له بالانفراد، فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم، ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن البروتستو لم يعلن للطاعنة، كما أن دعوى الرجوع لم ترفع عليها في الميعاد القانوني فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به ضد الطاعنة والحكم بسقوط حق المطعون ضده الأول في الرجوع عليها.