أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 24 - صـ 881

جلسة 7 من يونيه سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وعلي صلاح الدين، وأحمد صفاء الدين.

(155)
الطعن رقم 256 لسنة 38 القضائية

تأميم. "مسئولية الدولة عن التزامات المنشآت المؤممة". مسئولية.
تأميم بعض الشركات والمنشآت. ق 72 لسنة 1963. عدم مسئولية الدولة عن التزاماتها إلا في حدود ما آل إليها من أموالها وحقوقها في تاريخ التأميم. أموال أصحاب تلك المنشآت وزوجاتهم وأولادهم ضامنة للوفاء بما زاد على هذه الأموال وتلك الحقوق.
إذ نص القانون رقم 72 لسنة 1963 الصادر بتأميم بعض الشركات والمنشآت في مادته الثالثة على أن تتولى اللجان المنصوص عليها فيها تقييم المنشآت غير المتخذة شكل شركات مساهمة، وتكون قرارات هذه اللجان نهائية وغير قابلة للطعن فيها، وفي المادة الرابعة على ألا تسأل الدولة عن التزامات المنشآت المشار إليها في حدود ما آل إليها من أموالها وحقوقها في تاريخ التأميم وتكون أموال أصحابها وأموال زوجاتهم وأولادهم ضامنة للوفاء بالالتزامات الزائدة على أصول هذه المنشآت - فقد دل على أن تكون الدولة مسئولة أصلاً عن سداد التزامات هذه المنشآت في حدود ما آل إليها من أموالها وحقوقها في تاريخ التأميم، وأن أموال أصحاب تلك المنشآت وزوجاتهم وأولادهم لا تكون ضامنة للوفاء بالتزاماتها إلا بالنسبة لما زاد عن هذه الأموال وتلك الحقوق. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى عدم قبول الدعوى استناداً إلى زيادة خصوم المنشأة عن أصولها، دون أن يبحث ما إذا كانت هذه الأصول أو ما بقي فيها يسمح بالوفاء بدين الطاعن أو بجزء منه، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الأستاذ....... (الطاعن) أقام الدعوى رقم 5755 سنة 1965 مدني كلي القاهرة يطلب إلزام شركة البويات والصناعات الكيماوية (المطعون عليها) بمبلغ 1344 ج و522 م، وقال شرحاً لدعواه إن "مصانع بحري للبويات" عهدت إليه كتابة بمباشرة أعمالها القضائية والقانونية مقابل أجر شهري عن بعضها ومقابل مبلغ 3500 ج عن البعض الآخر، وفي 8/ 8/ 1963 صدر القانون رقم 72 لسنة 1963 بتأميم هذه المصانع التي أدمجت بعد ذلك في الشركة المطعون عليها، ولما أخطر هذه الشركة بمضمون الاتفاقية. وبالقضايا التي يباشرها أرسلت إليه مبلغ 23 ج و815 م باعتباره أتعاباً عن المدة من 1/ 8/ 1963 حتى تاريخ التأميم، ولكنه رفض استلامه على أساس أن الاتفاق بينه وبين مصانع بحري ما زال سارياً لأن أحداً لم يخطره - على النحو المنصوص عليه فيه - بعدم تجديده في الميعاد، وأعادت إليه الشركة هذا المبلغ مقررة أن الاتفاق الذي يشير إليه قد سقط تلقائياً بصدور قانون التأميم، فوجه إليها في 20/ 2/ 1964 إنذاراً بسداد أتعابه البالغ قدرها 1344 ج و522 م والتي بحثتها لجنة التقييم، وقامت بتخصيص احتياطي لها، ولما لم يجد ذلك نفعاً أقام الدعوى بطلباته السابقة. دفعت الشركة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة استناداً إلى ما ثبت من قرار التقييم من أن خصوم المنشأة تزيد على أصولها، مما يتعين معه توجيه الدعوى إلى صاحبها وزوجه وأولاده وبتاريخ 28/ 5/ 1966 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة مؤسسة قضاءها على ما ثبت من قرار التقييم من أن المنشأة قدرت بلا شيء، ومن ثم فلا تسأل الدولة عن التزاماتها طبقاً لقانون التأميم، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد استئنافه برقم 1007 سنة 83 ق، وبتاريخ 16/ 3/ 1968 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن في السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اعتمد في قضائه على تفسير خاطئ للمادة الرابعة من القانون رقم 72 لسنة 1963 بتقريره أن الدولة لا تسأل عن جميع التزامات المنشأة المؤممة ما دام قرار التقييم قد انتهى إلى أنها غير ذات قيمة في حين أن التفسير الصحيح للمادة المذكورة أنه إذا تساوت الخصوم والأصول التزمت الدولة بالخصوم جميعها، فإذا زادت الخصوم التزمت الدولة منها في حدود ما آل إليها من الأصول، ويرجع في كيفية السداد إلى القواعد العامة في القانون المدني فتوزع الديون غير الممتازة على أساس قسمة الغرماء.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن القانون رقم 72 لسنة 1963 الصادر بتأميم بعض الشركات والمنشآت ومن بينها مصانع بحري للبويات التي أدمجت في الشركة المطعون عليها - إذ نص في مادته الثالثة على أن تتولى اللجان المنصوص عليها فيها تقييم المنشآت غير المتخذة شكل شركات مساهمة وتكون قرارات هذه اللجان نهائية وغير قابلة للطعن فيها، وفي المادة الرابعة على ألا تسأل الدولة عن التزامات المنشآت المشار إليها في حدود ما آل إليها من أموال وحقوقها في تاريخ التأميم، وتكون أموال أصحابها وأموال زوجاتهم وأولادهم ضامنة للوفاء بالالتزامات الزائدة على أصول هذه المنشآت، فقد دل على أن تكون الدولة مسئولة أصلاً عن سداد التزامات هذه المنشآت في حدود ما آل إليها من أموالها وحقوقها في تاريخ التأميم، وأن أموال أصحاب تلك المنشآت وزوجاتهم وأولادهم لا تكون ضامنة للوفاء بالتزاماتها إلا بالنسبة لما زاد عن هذه الأموال وتلك الحقوق، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى عدم قبول الدعوى استناداً إلى زيادة خصوم المنشأة عن أصولها، دون أن يبحث ما إذا كانت هذه الأصول أو ما بقي منها تسمح بالوفاء بدين الطاعن أو بجزء منه، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث السبب الثاني من سببي الطعن.