مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 295

(84)
جلسة 22 من مارس سنة 1975

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ جمال الدين إبراهيم وريده، محمد صلاح الدين السعيد، عباس فهمي بدر، محمود طلعت الغزالي المستشارين.

القضية رقم 295 لسنة 17 القضائية

بعثة دراسية - تعويض.
تعهد بسداد نفقات البعثة في حالة تركها قبل انقضاء مدتها - منع المبعوث من تقاضي بدل التفرغ لا يسوغ له ترك البعثة - التزام بسداد النفقات - بيان ذلك.
إنه لا نزاع بين الطرفين في أن المدعى عليه أوفد في بعثة داخلية لمدة عام من أول نوفمبر سنة 1965 وكان يصرف له راتبه الشهري مضاف إليه بدل التفرغ حتى آخر يونيه 1966 ثم اقتصر الصرف على راتب المدعى عليه الأصلي دون بدل التفرغ اعتباراً من أول يوليه سنة 1966 حتى نهاية أكتوبر سنة 1966، كذلك لا خلاف بين الطرفين على أن المدعي ترك البعثة من 31 من يوليه سنة 1966 وانقطع عن العمل منذ ذلك التاريخ وظل يصرف مرتبه بالرغم من ذلك حتى نهاية أكتوبر سنة 1966، ثم عندما تبينت الجهة الإدارية أن المدعى عليه ترك بعثته ولم يعد إلى عمله أكثر من المدة المقررة أصدرت القرار رقم 1494 لسنة 1967 بإنهاء خدمته لانقطاعه عن العمل أكثر من خمسة عشر يوماً بدون إذن.
ومن حيث إن القانون رقم 112 لسنة 1959 بتنظيم شئون البعثات والإجازات الدراسية والمنح ينص في المادة (23) منه بأنه على عضو البعثة أن يتم دراسته في المدة المقررة لها وأن يواظب على حضور الدراسة أو التمرين، كما نصت المادة (29) على أنه لا يجوز لعضو البعثة أو الإجازة الدراسية أو المنحة أن يترك مقر دراسته، وتقضي المادة (31) بأن يلتزم عضو البعثة أو الإجازة الدراسية أو المنحة بخدمة الجهة التي أوفدته أو أي جهة حكومية أخرى ترى إلحاقه بها، بالاتفاق مع اللجنة التنفيذية للبعثات، لمدة تحسب على أساس سنتين عن كل سنة قضاها في البعثة أو الإجازة الدراسية وبحد أقصى سبع سنوات لعضو البعثة، وخمس سنوات لعضو الإجازة الدراسية إلا إذا تضمنت شروط البعثة أو الإجازة الدراسية أحكاماً أخرى، ونصت المادة (33) على أن للجنة التنفيذية أن تقرر إنهاء بعثة أو إجازة أو منحة كل عضو يخالف أحكام المواد 23، 25، 27، 29، 30 كما لها أن تقرر مطالبة العضو بنفقات البعثة أو المرتبات التي صرفت له في الإجازة أو المنحة إذا خالف أحكام المادة 25 أو 31.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعى عليه خالف حكم المادة (23) من القانون رقم 112 لسنة 1959 المشار إليه إذ ترك البعثة قبل انتهاء مدتها ولم يواظب على الدراسة، كما أنه أخل بما تفرضه عليه المادة (31) من خدمة الجهة التي أوفدته المدة المقررة بتلك المادة فلم يعد إلى عمله وأنهيت خدمته للانقطاع عن العمل مدة أكثر من 15 يوماً، ومن ثم يكون من حق الجهة التي أوفدت المدعى عليه مطالبته بما أنفق عليه في بعثته.
ومن حيث إنه لا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الجهة الإدارية أخطأت عندما منعت بدل التفرغ عن المدعى عليه وأن هذا الخطأ استغرق خطأ المدعى عليه أو على الأقل خطأ المدعى عليه كان ناجماً عن خطأ الإدارة، ذلك لأن علاقة العامل بالحكومة هي رابطة قانونية يحكمها القوانين واللوائح المعمول بها في شأن الوظيفة العامة، وثمة واجبات والتزامات حدد القانون ضوابطها وألزم العامل باتباعها، فإذا أخل العامل بهذه الواجبات قامت مسئوليته كاملة طبقاً للقانون، وأياً كان الرأي في مدى صواب ما اتخذته الإدارة من منع بدل التفرغ عن المدعى عليه فإن ذلك ما كان يسوغ له الإخلال بما فرضه عليه القانون من واجبات والتزامات، وبطبيعة الحال يبقى حق العامل في المطالبة بما يراه حقاً له بالطريق الذي رسمه القانون، والقول بغير ذلك - بلا شك - يؤدي إلى الإخلال بسير الجهاز الحكومي، كذلك لا اعتداد بدفاع المدعى عليه الذي حاصله أن حرمانه من بدل التفرغ أعجزه عن مواصلة الدراسة في البعثة، ذلك لأنه فضلاً عن أن منع بدل التفرغ كان في وقت شارفت فيه مدة البعثة على نهايتها، فإن المدعى عليه لو كان جاداً في دفاعه لعاد إلى عمله وطلب إنهاء بعثته، لا أن يمتنع عن مواصلة الدراسة في البعثة وينقطع كذلك عن مباشرة عمل وظيفته.