أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 41 - صـ 334

جلسة 30 من يناير سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ يحيى الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد مكي، ماهر البحيري، محمد جمال حامد وأنور العاصي.

(61)
الطعن رقم 1027 لسنة 56 القضائية

(1) حكم "حجيته الحكم الجنائي". قوة الأمر المقضي.
حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية. شرطها. أن يكون باتاً. إما لاستنفاده طرق الطعن الجائزة فيه أو لفوات مواعيدها. عدم الطعن على الحكم الجنائي الغيابي بالمعارضة أو الاستئناف. اعتباره آخر إجراء من إجراءات الدعوى حتى سقوطها بمضي المدة. أثره. عدم اكتسابه قوة الأمر المقضي أمام المحاكم المدنية.
(2) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". مسئولية "المسئولية التقصيرية".
من سلطة محكمة الموضوع تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. إقامة الحكم قضاءه على ما استخلصه من تحقيقات الجنحة أن الضرر الذي لحق المصاب وقع بخطئه وحده نتيجة استمراره مندفعاً بدراجة مسرعة رغم انحراف السيارة - التي تجاوزته - جهة اليمين فاصطدم بمؤخراتها. سائغ.
1 - الحكم الجنائي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تكون له قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان باتاً لا يقبل الطعن - إما لاستنفاد طرق الطعن الجائزة فيه أو لفوات مواعيدها - وكان مفاد الشهادة الصادرة بتاريخ........ من نيابة الزيتون أن الحكم الجنائي الغيابي الذي صدر في الدعوى الجنائية لم يتم الطعن فيه لا بالمعارضة ولا بالاستئناف وقد اعتبر لذلك آخر إجراء من إجراءات تلك الدعوى حتى انقضت بمضي المدة من ثم لا يكتسب أمام المحاكم المدنية قوة الشيء المحكوم به، فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عنه لا يكون قد خالف القانون.
2 - لما كان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى، أو تقدير ما يقدم إليها من أدلة وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استخلصه من تحقيقات الجنحة........ من أن إصابة نجل الطاعن حدثت نتيجة استمراره مندفعاً بدراجته دون أن يهدئ من سيرها رغم انحراف السيارة النقل - التي تجاوزته - إلى جهة اليمين فاصطدم بمؤخرتها وسقط على الأرض وحدثت إصابته، ورتب الحكم على ذلك أن الضرر الذي لحق بالمصاب إنما وقع بخطئه وحده، وإذ كان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وتنتفي معه مسئولية قائد السيارة ويكفي لحمل قضاء الحكم فإن النعي بهذا الوجه لا يعدو أن يكون في حقيقته محض مجادلة فيما تستقل به محكمة الموضوع وتنحسر عنه رقابة محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى 3490 لسنة 1982 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على الشركتين المطعون ضدهما بطلب الحكم بإلزامهما بأن تدفعا إليه متضامنين مبلغ خمسة آلاف جنيه تعويضاً عن إصابة ولده - بعاهة مستديمة من جراء حادث سيارة مؤمن عليها لدى الشركة الأولى منهما، وقد تسبب فيه أحد تابعي الشركة الثانية. ومحكمة أول درجة بعد أن ندبت خبيراً في الدعوى وقدم تقريره - حكمت بتاريخ 23/ 5/ 1985 بإلزام الشركتين بأن تدفعا للطاعن مبلغ 2000 جنيه. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف 6022 لسنة 102 ق، كما استأنفته الشركة الأولى بالاستئناف 6173 لسنة 102 ق. واستأنفته الشركة الثانية بالاستئناف 6177 لسنة 102 ق، وبتاريخ 20/ 2/ 1986 قضت المحكمة في الاستئنافات الثلاثة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن مبنى على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول والوجه الثاني من السبب الثاني منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ذلك أنه أقام قضاءه برفض الدعوى على ما استخلصه من تحقيقات الجنحة 911 لسنة 1978 الزيتون من أن الحادث وقع بسبب خطأ المجني عليه، وأهدر بذلك حجية الحكم الجنائي الصادر بإدانة تابع الشركة الثانية فيما فصل فيه من وقوع الخطأ ونسبته إلى فاعلة، وهو ما يفيد القاضي المدني طبقاً لنص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية و102 من قانون الإثبات.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الحكم الجنائي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تكون له قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان باتاً لا يقبل الطعن - إما لاستنفاد طرق الطعن الجائزة فيه أو لفوات مواعيدها - ولما كان ذلك، وكان مفاد الشهادة الصادرة بتاريخ 10/ 2/ 1982 من نيابة الزيتون أن - الحكم الجنائي الغيابي الذي صدر في الدعوى الجنائية لم يتم الطعن فيه لا بالمعارضة ولا بالاستئناف وقد اعتبر لذلك آخر إجراء من إجراءات تلك الدعوى حتى انقضت بمضي المدة من ثم لا يكتسب أمام المحاكم المدنية قوة الشيء المحكوم به، فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عنه، لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه أنه إذ نفي الخطأ عن قائد السيارة تأسيساً على أقواله في تحقيقات الجنحة وما قرره فيها المجني عليه، ودون أن يستظهر ما إذا كان السائق قد استخدم الإشارة الضوئية عند انحرافه لجهة اليمين فإنه يكون مشوباً بالتناقض والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى، تقدير ما يقدم إليها من أدلة وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استخلصه من تحقيقات الجنحة 911 لسنة 1978 الزيتون من أن إصابة نجل الطاعن حدثت نتيجة استمراره مندفعاً بدراجته دون أن يهدئ من سيرها رغم اِنحراف السيارة النقل - التي تجاوزته - إلى جهة اليمين فاصطدم بمؤخرتها وسقط على الأرض وحدثت إصابته، ورتب الحكم على ذلك أن الضرر الذي لحق بالمصاب إنما وقع بخطئه وحده، وإذ كان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وتنتفي معه مسئولية قائد السيارة، ويكفي لحمل قضاء الحكم، فإن النعي بهذا الوجه لا يعدو أن يكون في حقيقته محض مجادلة فيما تستقل به محكمة الموضوع وتنحسر عنه رقابة محكمة النقض.