أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 41 - صـ 540

جلسة 21 من فبراير سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ وليم رزق بدوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طه الشريف نائب رئيس المحكمة، أحمد أبو الحجاج، عبد الصمد عبد العزيز، عبد الرحمن فكري.

(90)
الطعن رقم 1355 لسنة 58 القضائية

(1، 2) حكم "حجية الحكم الجنائي". مسئولية "المسئولية الشيئية" "مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه".
(1) القضاء ببراءة التابع لانتفاء الخطأ من جانبه. لا يمنع المحكمة من إلزام المتبوع بالتعويض على أساس المسئولية الشيئية. علة ذلك.
(2) حجية الحكم الجنائي أمام المحكمة المدنية. نطاقها. القضاء ببراءة لانتفاء الخطأ في جانبه. تطرق الحكم الجنائي إلى بحث خطأ المجني عليه. تزيد لا يحوز حجيته أمام المحكمة المدنية.
1 - إذ كان الثابت من الحكم الصادر في قضية الجنحة رقم 1211 لسنة 1983 عسكرية شرطه أن الدعوى أقيمت ضد تابع الطاعن بصفته لأنه تسبب برعونته أثناء قيادته سيارة الشرطة في إصابة المطعون ضدها بالإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي وطلبت النيابة العسكرية معاقبته بالمادة 241/ 1 قانون العقوبات وقد حكمت المحكمة العسكرية ببراءته مما أسند إليه، فإن مؤدى ذلك أن المحكمة لم تفصل في الأساس المشترك بين الدعوى الجنائية والدعوى المدنية الحالية لأن قوام الأولى خطأ جنائي واجب الإثبات ومنسوب إلى التابع في حين أن قوام الثانية خطأ مفترض في حق الطاعن بصفته باعتباره حارساً للسيارة، فمسئوليته تتحقق ولو لم يقع منه أي خطأ لأنها مسئولية ناشئة عن الشيء ذاته وليست ناشئة عن خطأ شخصي.
2 - إذ كانت حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية مقصورة على منطوق الحكم الصادر بالإدانة أو بالبراءة وعلى أسبابه المؤدية إليه بالنسبة لما كان موضوع المحاكمة ودون أن تلحق الحجية الأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم بهذه البراءة أو تلك الإدانة، ولما كان يبين من الحكم الجنائي سالف الذكر أنه وقد قضى ببراءة المتهم من تهمة الإصابة الخطأ لانتفاء الخطأ في جانبه فذلك حسبه ويكون ما تطرق إليه عن خطأ المجني عليها - المطعون ضدها - تزيداً لم يكون ضرورياً لقضائه وبالتالي فلا حجية له أمام المحاكم المدنية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 10543 لسنة 1984 مدني كلي جنوب القاهرة ضد الطاعن بصفته بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي لها مبلغ 20000 على سبيل التعويض وقالت بياناً لها أن تابع الطاعن تسبب بخطئه أثناء قيادته السيارة في إصابتها وتحرر عن ذلك المحضر رقم 1311 لسنة 1982 جنح عسكرية وقضى فيها ببراءته، وإذ أصابها أضراراً مادية وأدبية من جراء إصابتها فقد أقامت الدعوى بالطلبات السالفة. قضت المحكمة بإلزام الطاعن بصفته بأن يدفع للمطعون ضدها مبلغ 3500 استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 8507 لسنة 103 ق القاهرة كما استأنفته المطعون ضدها بالاستئناف رقم 9025 لسنة 103 ق القاهرة. وبتاريخ 16/ 6/ 1988 قضت المحكمة في الاستئناف الأول برفضه وفي الاستئناف الثاني بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي للمطعون ضدها مبلغ 5000 جنيه طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بانقطاع رابطة السببية بين خطأ السيارة قيادة تابعه وبين الضرر الذي أصاب المطعون ضدها بسبب خطئها الذي أدى إلى الحادث إلا أن محكمة الموضوع التفتت عن هذا الدفاع ولم تتناوله بالرد مما يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة الثابت في الأوراق والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود. ذلك إنه لما كان الثابت من الحكم الصادر في قضية الجنحة رقم 1211 لسنة 1983 عسكرية شرطه أن الدعوى أقيمت ضد تابع الطاعن بصفته لأنه تسبب برعونته أثناء قيادته سيارة الشرطة في إصابة المطعون ضدها بالإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي وطلبت النيابة العسكرية معاقبته بالمادة 241/ 1 قانون العقوبات وقد حكمت المحكمة العسكرية ببراءته مما أسند إليه، فإن مؤدى ذلك أن المحكمة لم تفصل في الأساس المشترك بين الدعوى الجنائية والدعوى المدنية الحالية لأن قوام الأولى خطأ جنائي واجب الإثبات ومنسوب إلى التابع في حين أن قوام الثانية خطأ مفترض في حق الطاعن بصفته باعتباره حارساً للسيارة، فمسئوليته تتحقق ولو لم يقع منه أي خطأ لأنها مسئولية ناشئة عن الشيء ذاته وليست ناشئة عن خطأ شخصي، إذ كان ذلك وكانت حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية مقصورة على منطوق الحكم الصادر بالإدانة أو بالبراءة وعلى أسبابه المؤدية إليه بالنسبة لما كان موضع المحاكمة ودون أن تلحق الحجية الأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم بهذه البراءة أو تلك الإدانة، ولما كان يبين من الحكم الجنائي سالف الذكر أنه وقد قضى ببراءة المتهم من تهمة الإصابة الخطأ لانتفاء الخطأ في جانبه فذلك حسبه ويكون ما تطرق إليه عن خطأ المجني عليها - المطعون ضدها - تزيداً لم يكون ضرورياً لقضائه وبالتالي فلا حجية له أمام المحاكم المدنية، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر مؤيداً ما انتهى إليه الحكم الابتدائي من نفي قيام السبب الأجنبي ولم يعتد بحجية الحكم الجنائي في نفي مسئولية الطاعن بصفته المفترضة طبقاً للمادة 178 من القانون المدني - والتي عجز عن رفعها عنه بعدم تقديمه الدليل على إثبات خطأ المطعون ضدها - وانتهى إلى قيامها للأسباب الصحيحة التي أوردها فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.