أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 11 - صـ 16

جلسة 7 من يناير سنة 1960

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد رفعت، ومحسن العباس، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي، المستشارين.

(1)
الطعن رقم 165 لسنة 25 القضائية

( أ ) نقض "إجراءات الطعن" "تقرير الطعن" "الخصوم في الطعن" "فيمن يوجه إليه الطعن عند تعدد الخصوم".
ليس على رافع الطعن أن يوجهه إلا لمن حكم لمصلحته. عدم جواز توجيهه إلى غيره ممن كان في الخصومة وحكم عليه مثله. مثال.
(ب، ج) تنفيذ عقاري "الطعن في إجراءات التنفيذ".
شرط إجازة الطعن للمدين في إجراءات التنفيذ العقاري بدعوى بطلان أصلية بما في ذلك حكم مرسى المزاد بعد فوات مواعيد الطعن لا يكون قد تعلق بالعين حق للغير حسن النية. مثال لغش تبطل به كافة التصرفات والإجراءات ويمنع من إضافة الملك ولا يجعل صاحبه من الغير الذين تنبسط عليهم حماية القانون.
1 - ليس على الطاعن عند توجيهه للطعن إلا أن يختصم فيه خصومة المحكوم لهم، فإذا كان الواقع في الدعوى أن ورثة الدائن غير محكوم لهم بل محكوماً عليهم هم والطاعن بإبطال إجراءات نزع الملكية وبالتسليم فإنه لا يكون على الطاعن اختصاصهم.
2 - يجوز للمدين المنزوع ملكيته بعد فوات مواعيد الطعن في إجراءات التنفيذ العقاري أن يطلب بدعوى أصلية إبطال هذه الإجراءات بما فيها حكم مرسى المزاد لانقضاء دين طالب التنفيذ أو لبطلان سنده إلا إذا تعلق بالعين المبيعة أو بإجراءات التنفيذ حق للغير حسن النية.
3 - إذا كان الواقع في الدعوى أن المطعون عليه الأول وشقيقته مورثة باقي المطعون عليهم اقترضا مبلغاً ورهنا ضماناً لذلك حصة في منزل ولما لم يسددا قرضهما عند حلول الأجل اتخذ الدائن ومن بعده زوجته عن نفسها وبصفتها وصية على أولاده إجراءات نزع الملكية، وكان المدينان أثناء هذه الإجراءات يؤديان الدين وملحقاته على دفعات حتى بلغت الإجراءات غايتها عند قاضي البيوع وتحدد للبيع جلسة وفيها حضر وكيل المدينين وقرر أن الدين قد سدد وطلب التأجيل لعمل المحاسبة ولكن الحاضر عن طالبة البيع أنكر ذلك وأصر على البيع وطلب إيقاعه على مسئوليته فأمر القاضي بالاستمرار في البيع، وحضرت طالبة البيع وقررت الشراء لحسابها ولحساب ورثة الدائن ورسا عليها المزاد وسجل حكم مرسى المزاد ثم قررت بعد ذلك أنها اشترت الحصة الراسي عليها مزادها باسم ولحساب الطاعنة - شقيقة المطعون عليهم - التي حضرت وقررت في محضر الحلول أنها قبلت الشراء لصالحها، وسجل محضر الحلول وسلمت الحصة المبيعة إليها، إذا كان ذلك وكان قد ثبت لمحكمة الموضوع أن المطعون عليهم المنزوعة ملكيتهم قد قاموا بسداد الدين فعلاً قبل إيقاع البيع، وكان الحكم المطعون فيه قد قرر أن الطاعنة لم تكن بمنأى عن واقعة تمسك المطعون عليهم بالسداد وإنها شقيقتهم وتملك باقي الحصة في العقار المرهون، فإن هذا يفيد أن محكمة الموضوع قد اعتبرت الطاعنة سيئة النية، ومتى كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقيم على ثبوت الغش من جانب الطاعنة فإن هذا الغش الذي تبطل به كافة التصرفات والإجراءات يمنع من إضافة الملك إلى الطاعنة ولا يجعلها من الغير الذين تنبسط عليهم حماية القانون - ولما كان هذا الغش ثابتاً في حق الأصيل وهي الطاعنة فإنه لا جدوى من النعي على الحكم في تطبيقه للمادة 104 من القانون المدني التي تجعل عيوب الإرادة والظروف الخاصة التي تحيط بالنائب منصرفة إلى شخص الأصيل، ولا جدوى كذلك من النعي على الحكم فيما قرره من أن الطاعنة لا تملك من الحقوق أكثر مما تملك الراسي عليها المزاد وأن حلولها محل الراسي عليها المزاد لا يعوق استرداد المدينين لعقارهم.


المحكمة

من حيث إن واقعة الدعوى على ما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه الأول وشقيقته المرحومة نجيه مصطفى شرشر مورثة باقي المطعون عليهم اقترضا من جورج شيبان مبلغ ستمائة جنيه ورهنا له ضماناً لذلك 14 ط شيوعاً في المنزل رقم 1 بشارع ابن الرشيد، وذلك بعقد رهن رسمي مؤرخ 25 من أكتوبر سنة 1926 ومسجل بقلم الرهون بمحكمة مصر المختلطة، ولما لم يسدد المدينان قرضهما عند حلول الأجل اتخذ الدائن إجراءات نزع الملكية على القدر المرهون بمحكمة مصر المختلطة، وقد توفى الدائن أثناء الإجراءات فاستأنفت السير فيها زوجته الست بهيجة شيبان عن نفسها وبصفتها وصية على أولاده، وكان المدينان أثناء هذه الإجراءات يؤديان الدين وملحقاته على دفعات حتى بلغت الإجراءات غايتها عند قاضي البيوع وتحدد للبيع جلسة 19 من أكتوبر سنة 1940 وفي هذه الجلسة حضر وكيل المدينين وقرر أن الدين قد سدد وطلب التأجيل لعمل المحاسبة ولكن الحاضر عن طالبة البيع أنكر ذلك وأصر على البيع وطلب إيقاعه على مسئوليته فأمر القاضي بالاستمرار في البيع، وحضرت طالبة البيع وقررت الشراء لحسابها ولحساب ورثة الدائن، ورسا عليها المزاد في تلك الجلسة بالثمن الأساسي ومقداره 650 ج بخلاف المصاريف، وسجل حكم مرسى المزاد في يوم الجلسة برقم 5797، وفي يوم 22 من أكتوبر سنة 1940 حضرت السيدة بهيجة شيبان الراسي عليها المزاد لقلم المزادات بمحكمة مصر المختلطة وقررت عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها أنها اشترت الحصة الراسي عليها مزادها باسم ولحساب الطاعنة السيدة نعيمه مصطفى شرشر التي حضرت وقررت في محضر الحلول أنها قبلت الشراء لصالحها، وسجل محضر الحلول في نفس التاريخ برقم 5842 وسلمت الحصة المبيعة إلى الطاعنة في 8 من ديسمبر سنة 1940. فرفع المطعون عليهم الدعوى الابتدائية رقم 381 سنة 1941 كلي مصر على ورثة الدائن جورج شيبان وأدخلوا فيها الطاعنة وطلبوا الحكم لهم ببراءة ذمتهم من مبلغ 600 ج وملحقاته موضوع عقد الرهن التأميني وشطب كافة التسجيلات التي ترتبت لصالح الدائن المذكور وخلفائه من بعده على العقار موضوع الرهن، وندبت المحكمة الابتدائية خبيراً لتصفية الحساب وقدم الخبير تقريره متضمناً أنه قبل الجلسة التي حددت أخيراً للبيع كان المدينان قد وفيا دينهما وملحقاته وأن لهما في ذمة الدائن زيادة على ذلك مبلغ 97 ج 659 م وعندئذ عدل المطعون عليهم طلباتهم إلى طلب الحكم - أولاً: ببراءة ذمتهم من مبلغ 600 ج وملحقاته موضوع عقد الرهن التأميني مع شطب كافة التسجيلات التي ترتبت لصالح الدائن وخلفائه من بعده على العقار موضوع الرهن والتصريح بإجراء هذا الشطب - ثانياً: بتسليم العقار موضوع عقد الرهن - ثالثاً: إلزام ورثة جورج شيبان بأن يدفعوا من تركة مورثهم مبلغ 697 ج و659 م من ذلك 600 ج تعويضاً عن نزع الملكية بغير حق ومبلغ 97 ج و659 م قيمة ما أظهره الخبير في ذمة الدائن وورثته مع حفظ حقهم في الريع من تاريخ استلام العين من تحت أيديهم إلى تاريخ ردها ومع إلزام ورثة جورج شيبان والطاعنة بالمصروفات والأتعاب والنفاذ، وقد طعنت السيدة مرجريت شيبان إحدى الورثة بالتزوير في إيصالات السداد فأوقفت الدعوى حتى يفصل نهائياً في دعوى التزوير كما وضعت العين تحت الحراسة القضائية. وقضى في دعوى التزوير في 14 من يونيه سنة 1949 برفضها وتأيد هذا الحكم استئنافياً بتاريخ 27 من مايو سنة 1951 فعجلت دعوى الموضوع وأصدرت فيها المحكمة الابتدائية حكمهاً بتاريخ 20 من مايو سنة 1952 قضى أولاً - ببراءة ذمة المدعين (المطعون عليهم) من مبلغ 600 ج وملحقاته وهو الدين المضمون بالرهن التأميني الصادر لصالح جورج شيبان. ثانياً - بإلزام ورثة المرحوم جورج شيبان بأن يدفعوا للمدعين (المطعون عليهم) من تركة ومال مورثهم مبلغ 600 ج على سبيل التعويض عن نزع الملكية بغير حق ومبلغ 97 ج و659 م المدفوع من المدعين زيادة عما يجب أداؤه. ثالثاً - بإلزام ورثة جورج شيبان بالمصروفات، و500 قرش أتعاب محاماة. رابعاً - برفض ما عدا ذلك من الطلبات - وأسست المحكمة الابتدائية قضاءها على أن الدين سدد قبل جلسة المزاد ولذلك تكون إجراءات نزع الملكية باطلة لانعدام الدين ولكن دعوى البطلان لا تستقيم بعد أن فوت المدين حقه في الطعن بالمعارضة في التنبيه أو في حكم مرسى المزاد وما انطوى عليه من رفض طلب التأجيل. وهو يعتبر قضاءً ضمنياً فاصلاً في خصومة فلا يسوغ معه الطعن على حكم مرسى المزاد بطريق دعوى البطلان احتراماً لقوة الشيء المقضي، كما أنه قد تعلق بالعين المطلوب استردادها حق الغير الذي آلت إليه الملكية وهو السيدة نعيمة الطاعنة والتي لم تكن طرفاً في الإجراءات وأنه إزاء استحالة رد العين للمطعون عليهم تجيبهم إلى ما يطلبونه من تعويض عن هذه العين التي خرجت من ملكهم بغير حق - استأنف المطعون عليهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف بجدولها برقم 702 سنة 69 طالبين إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب الحكم ببطلان مرسى المزاد وإلغاء محضر التسليم - وتسليم العقار إلى المستأنفين - كما استأنفه فرعياً ورثة جورج شيبان طالبين إلغاء الحكم فيما قضى به من براءة ذمة المستأنفين من مبلغ 600 جنيه وملحقاته ومن إلزامهم بأن يدفعوا للمستأنفين من تركة ومال مورثهم مبلغ 697 جنيهاً و659 مليماً وأصدرت محكمة الاستئناف حكمها في 27 من فبراير سنة 1955 حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وأولاً - وفي الاستئناف الأصلي ببراءة ذمة المستأنفين من مبلغ 600 جنيه قيمة الدين المضمون برهن العقار المنزوع وملحقاته وإبطال إجراءات نزع الملكية وشطب التسجيلات المتوقعة على العين المنزوعة بما في ذلك تسجيل حكم مرسي المزاد وتقرير الحلول مع تسليم العين التي رسا مزادها على السيدة نعيمة مصطفى إليهم وإلزام المستأنف عليهم ورثة جورج شيبان بأن يدفعوا من مال مورثهم المرحوم جورج شيبان للمستأنفين 697 جنيهاً و659 مليماً وألزمت كلاً من المستأنف عليهم بالمصاريف المناسبة لما قضى به عليه في الدرجتين وإلزامهم بمبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة للمستأنفين نصفها على ورثة جورج شيبان والنصف على السيدة نعيمه مصطفى. ثانياً - برفض الاستئناف المرفوع من السيدات مرجريت وماري وجورجيت شيبان وإلزامهن بمصاريف استئنافهن، وقد طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وذلك بتقرير في قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 10 من إبريل سنة 1955 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فحضر وكيل الطاعنة وصمم على ما جاء بتقرير الطعن كما صممت النيابة على مذكرتها المتضمنة عدم قبول الطعن شكلاً أو رفضه موضوعاً. وقد أصدرت دائرة الفحص قرارها بجلسة 4 من نوفمبر سنة 1959 بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية لنظره بجلسة 17 من ديسمبر سنة 1959، وفي تلك الجلسة صمم الطرفان على طلباتهما كما صممت النيابة العامة على مذكرتها.
وحيث إن النيابة العامة أبدت رأيها بعدم قبول الطعن شكلاً استناداً إلى أن الطاعنة لم تختصم في الطعن ورثة الدائن جورج شيبان على الرغم من أنهم كانوا خصوماً أمام محكمة الموضوع وصدر الحكم بإبطال إجراءات نزع الملكية وتسلم العقار المنزوعة ملكيته إلى المدينين في مواجهتهم وعلى الرغم من أن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه قضاءه برد العين التي كانت في يدها وتسليمها للمدينين واستندت النيابة في دفعها إلى أن موضوع الطعن غير قابل للتجزئة إذ لو وفقت الطاعنة في طعنها واستردت العين ترتيباً على أنها من الغير لا يتأثر حقها على العقار الراسي عليها مزاده ولو ثبتت براءة ذمة المدينين قبل الدائنين من الدين الذي تسببت عنه إجراءات نزع الملكية لتعذر على المدينين بعد ذلك الرجوع على الدائنين بالثمن أو التعويض الذي يستحق لهم لقاء خروج عقارهم من يدهم بإجراءات نزع ملكية خاطئة اتخذها الدائنون على ذلك العقار رغم ثبوت الوفاء بدينهم قبل رسو المزاد. وأنه يحول بين المدينين وبين هذا الرجوع على دائنهم أن الحكم بينهما قد حاز قوة الأمر المقضى به فيما قضى به من تسليم العين للمدينين مما يترتب عليه أنه لا يكون للمدينين الحق في ثمن أو تعويض لعدم خروج العين به من تحت أيديهم - وإنه وإن كانت تلك العين قد خرجت فيما بعد من يد المدينين فبحكم لم يكن ورثة الدائن طرفاً فيه فلا يحتج به عليهم - واستطردت النيابة إلى القول بأن عدم قبول هذا الطعن أولى من نقضه لصالح الطاعنة نقضاً قد يجعله فيما بعد متعارضاً مع ما استقرت به العلاقة بين طرفين من أطرافه هما المدين والدائن بحيازته فيما بينهما قوة الأمر المقضي. وخلصت النيابة إلى القول بأنه إذا لم توجه إجراءات الطعن في موضوع غير قابل للتجزئة إلى جميع الخصوم فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً.
وحيث إن هذا الذي أثارته النيابة العامة مردود بأنه لم يكن على الطاعنة عند توجيه الطعن إلا أن تختصم فيه خصومها المحكوم لهم - ولما كان ورثة شيبان غير محكوم لهم بل محكوماً عليهم هم والطاعنة بإبطال إجراءات نزع الملكية وبالتسليم فإنه لم يكن على الطاعنة اختصامهم.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الأول على الحكم المطعون فيه خطأه في القانون. وتقول في بيان ذلك أن الحكم قضى بقبول دعوى البطلان بالنسبة لحكم مرسى المزاد تأسيساً على أن قرار قاضي البيوع برفض طلب التأجيل لم يكن مما يجوز استئنافه في حين أن ذلك القرار لم يكن متصلاً بمسألة من مسائل الإجراءات، بل كان قضاء في خلاف متصل بموضوع الدين إذ بنى طلب التأجيل على إدعاء المدين بالسداد وفي هذه الحالة وأمثالها يفصل قاضي البيوع في الأمر فيوقف الدعوى أو يؤجلها أو يرفض ذلك طبقاً لما يرتئيه من الموازنة بين جميع الخصوم. وقضاؤه في هذه الحالة هو مما يجوز استئنافه طبقاً لمفهوم المخالفة لنص المادة 585 مرافعات قديم المقابلة للمادة 667 مرافعات مختلط فيما قررته من عدم قبول المعارضة والاستئناف في الأحكام المتضمنة مجرد تأخير البيع. ومفهوم المخالفة لهذا النص هو قبول المعارض والاستئناف في الأحكام المتضمنة رفض طلب تأخير البيع. ويؤكد ذلك ما نصت عليه المادة 663 من قانون المرافعات الجديد من عدم جواز الطعن بأي طريق في الحكم الصادر في طلب تأجيل البيع. الأمر الذي يعتبر منعاً لما كان مباحاً في القانون القديم من حق الطعن على قرار قاضي البيوع الصادر برفض طلب التأجيل.
وحيث إن هذا النعي مردود - بما جرى به قضاء هذه المحكمة من أنه يجوز للمدين المنزوع ملكيته بعد فوات مواعيد الطعن في إجراءات التنفيذ العقاري أن يطلب بدعوى أصلية إبطال هذه الإجراءات بما فيها حكم رسو المزاد لانقضاء دين طالب التنفيذ أو لبطلان سنده إلا إذا تعلق بالعين المبيعة أو بإجراءات التنفيذ حق للغير حسن النية - ولما كان الثابت من وقائع النزاع أن المزاد قد رسا بالثمن الأساسي في 19 أكتوبر سنة 1940 على ورثة الدائن ممثلين في شخص السيدة بهيجة شيبان التي قررت - عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر - في يوم 22 أكتوبر سنة 1940 أنها اشترت الحصة الراسي عليها مزادها باسم ولحساب الطاعنة التي قررت في محضر الحلول أنها قبلت الشراء لصالحها وذلك عملاً بالمادة 658 من قانون المرافعات المختلط وهي تفيد أن الراسي عليه المزاد يعتبر في هذه الحالة أنه اشترى بطريق التوكيل عمن حل محله، ومتى كان ذلك فإن قضاء الحكم المطعون فيه بقبول دعوى المطعون عليهم بطلان إجراءات التنفيذ العقاري وبطلان حكم مرسى المزاد لا مخالفة فيه للقانون.
وحيث إن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه في السببين الثاني والثالث خطأه في القانون فيما جاء به ترتيباً على تقرير الحلول الحاصل في 22 أكتوبر سنة 1940 من أن الطاعنة لا تملك من الحقوق على العقار أكثر مما تملك الراسي عليها المزاد وأن حلولها محل الراسي عليها المزاد لا يعوق استرداد المدينين لعقارهم إذا ما ثبت أن دين طالبي البيع قد تسدد بالكامل قبل إتمام البيع - ذلك أن ما تفيده المادة 576 مرافعات قديم أن القانون يفترض الراسي عليه المزاد وكيلاً لمن أقر بالتنازل له. ومن المسلم به أن الموكل لا يعتبر خلفاً لوكيله وأن الراسي عليه المزاد هو الذي يعتبر خلفاً للمدين ويتلقى الحق منه مباشرة - كما تنعي الطاعنة على الحكم ما ذهب إليه من أن الطاعنة تؤخذ بسوء نية بهيجة شيبان وقت رسو المزاد عليها باعتبار هذه الأخيرة نائبة عنها. ولذلك يبطل حكم مرسى المزاد عملاً بالمادة 104 من القانون المدني في حين أن حكم هذه المادة قاصر على العقود التي يلابسها عيب من عيوب الرضا وهو أمر يختلف عن حكم رسو المزاد، وما ثار حول استيفاء دين الدائنين من نزاع رفض قاضي البيوع التأجيل لبحثه. ولم يستأنف المطعون عليهم قراره. فلم يبق أمامهم سوى دعوى التعويض ضد الدائنين بغير مساس بحكم مرسى المزاد.
وحيث إن مما أورده الحكم المطعون فيه ما يلي "ويتبين مما سبق إيراده من وقائع أن السيدة نجية مصطفى ذكرت أمام قاضي البيوع أن ذمة المدينين خالصة ولوحت بمستندات السداد ولم تعبأ الست بهيجة شيبان بذلك واعترضت على طلب التأجيل لمراجعة الحساب وطلبت إيقاع البيع تحت مسئوليتها - فالقانون في هذه الحالة لا يحميها بل يتكفل بحماية المدين المنزوع ملكيته إذا ما ثبت أنه قام بسداد الدين فعلاً قبل إيقاع البيع ولا يحرم هذا المدين من ملكه بمقولة أن الست نعيمة مصطفى حلت محل طالبي البيع لأن ما صدر من الست بهيجة شيبان في جلسة المزاد يعتبر صادراً من الست نعيمه مصطفى لأنها وكيلة عنها وبذلك تكون الست نعيمة مصطفى قد اشترت العقار وهي تعلم أن حق الدائنين في البيع يشوبه البطلان ولأن الظروف كلها تدل على أن الست نعيمه مصطفى لم تكن بمنأى عن واقعة تمسك المستأنفين بالسداد وهي شقيقتهم. وتملك باقي الحصة في العقار المرهون على الشيوع" - وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه من أن الطاعنة لم تكن بمنأى عن واقعة تمسك المستأنفين (المطعون عليهم) بالسداد وأنها شقيقتهم وتملك باقي الحصة في العقار المرهون يفيد أن محكمة الموضوع قد اعتبرت الطاعنة سيئة النية. ومتى كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقيم على ثبوت الغش من جانب الطاعنة فإن هذا الغش الذي تبطل به كافة التصرفات والإجراءات يمنع من إضافة الملك إلى الطاعنة ولا يجعلها من الغير الذين تنبسط عليهم حماية القانون - ولما كان هذا الغش ثابتاً في حق الأصيل وهو الطاعنة فإنه لا جدوى من النعي على الحكم في تطبيقه للمادة 104 من القانون المدني التي تجعل عيوب الإرادة والظروف الخاصة التي تحيط بالنائب منصرفة إلى شخص الأصيل، ولا جدوى كذلك من النعي على الحكم فيما قرره من أن الطاعنة لا تملك من الحقوق على العقار أكثر مما تملك الراسي عليها وأن حلوها محل الراسي عليها المزاد لا يعوق استرداد المدينين لعقارهم.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.