أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 11 - صـ 239

جلسة 24 من مارس سنة 1960

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحسن العباس، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

(42)
الطعن رقم 332 لسنة 25 القضائية

( أ ) نقض "إجراءات الطعن" "تقرير الطعن" "الخصوم في الطعن".
ثبوت صفة رافع الطعن كرئيس لمجلس إدارة جمعية من ذات محضر جلسة مجلس إدارتها المتضمن القرار الذي عرض على هيئة التحكيم وصدر في شأنه القرار المطعون فيه. لا محل معه لإثارة عدم إرفاق قرار مجلس إدارة تلك الجمعية الذي يسبغ على الطاعن هذه الصفة بأوراق الطعن.
(ب) عمل: "التحكيم في منازعات العمل".
: "تنظيم العمل" "سلطة رب العمل في تنظيم منشأته".
: "انتهاء عقد العمل" "أسباب الإنهاء الخاصة بالعقود غير المحددة المدة".
تحديد رب العمل سن 60 لتقاعد عماله. تصرف منه بما له من سلطة تقديرية مطلقة في إدارة منشأته وتنظيم العمل بها. خلو شكوى العمال من إسناد سوء القصد لصاحب العمل. عدم تأسيس قرار هيئة التحكيم المطعون فيه على أنه أريد بهذا التحديد الإساءة إلى العمال. ليس من شأن هذا التحديد إحالة عقود العمل من عقود غير محددة المدة إلى عقود محددة. مكنة إنهاء العقد بإرادة أحد طرفيه قائمة بالرغم من هذا التحديد لا مجال للتحدي بنص المادة 45 من المر بق 317/ 52.
1 - إذا كانت صفة رافع الطعن كرئيس مجلس إدارة الجمعية الزراعية الطاعنة ثابتة من ذات محضر جلسة مجلس إدارة الجمعية المذكورة - وهي تلك الجلسة التي صدر فيها القرار الذي عرض على هيئة التحكيم فأصدرت في شأنه القرار المطعون فيه، فإنه لا محل لما أثير من أنه لم يرفق بأوراق الطعن قرار مجلس إدارة الجمعية الذي يسبغ عليه هذه الصفة.
2 - إذا كان الواقع أن مجلس إدارة الجمعية الزراعية المصرية - الطاعنة - انعقد وصادق على اقتراح بأن يحال إلى المعاش كل من بلغ سن الستين عاماً ميلادية من عمال الجمعية وخدمها السايرة، فتقدمت نقابة مستخدمي وعمال الجمعية المذكورة - المطعون عليها - بشكوى إلى مكتب العمل طالبة إلغاء هذا القرار، ولما لم يتيسر حل النزاع ودياً أحيل إلى هيئة التحكيم فأصدرت القرار المطعون فيه بقبول طلب النقابة وإلغاء القرار الصادر من مجلس إدارة الجمعية بتحديد سن الستين للاستغناء عن خدمة الموظفين والعمال، وكان يبين من القرار المطعون فيه أنه أقيم على نظر حاصلة أن العقود المبرمة بين الطاعنة وعمالها خالية من نص يحدد موعداً لانتهائها فلا يحق لها أن تصدر قراراً تغير به من هذا الوضع بما يجعل هذه العقود محددة المدة مخالفة بذلك نص المادة 45 من المرسوم بقانون 317 لسنة 1952، وبما يترتب على ذلك من الإخلال بحقوق العمال المكتسبة لهم في أن تظل عقودهم غير محددة المدة، وبما يتضمنه من فرض شرط جديد في العقود من أحد طرفيها، فإن هذا الذي استند إليه القرار المطعون فيه يكون مخالفاً للقانون، ذلك أن ما اتخذته الطاعنة من قرار بتحديد سن الستين لتقاعد مستخدميها وعمالها إنما هو تصرف من صاحب العمل بما له من السلطة المطلقة في إدارة منشأته وتنظيم العمل فيها على الوجه الذي يراه كفيلاً بتحقيق مصالحه، ولما كانت شكوى المطعون عليها من هذا التحديد قد خلت من إسناد سوء القصد لصاحب العمل في إصدار قراره المذكور. كما أن هيئة التحكيم لم تؤسس نظرها في الإلغاء على أنه أريد بهذا القرار الإساءة إلى العمال، فإن سلطة صاحب العمل في هذا الشأن تعتبر سلطة تقديرية لا معقب عليها، كما أنه ليس من شأن القرار المذكور أن يحيل عقود العمل من عقود غير محددة المدة إذ لا تزال مكنة إنهاء العقد بإرادة أحد طرفيه قائمة على الرغم من هذا التحديد، ولا مجال في هذا الخصوص للتحدي بنص المادة 45 من المرسوم بقانون رقم 317/ 1952 إذ أن ما ورد بها من النص على انتهاء عقد العمل بوفاة العامل أو بعجزه عن تأدية عمله أو بمرضه مرضاً استوجب انقطاعه عن العمل مدة معينة، ليس إلا سرداً لبعض صور نهاية العقد غير محددة المدة حيث يكون انتهاء العقد انتهاء عرضياً لا انتهاء عادياً.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة أثارت في مذكرتها المرفقة برقم 17 من ملف الطعن وجهة نظر مؤداها أن صفة الأستاذ يونس ثابت كرئيس لمجلس إدارة الجمعية الزراعية الطاعنة غير ثابتة، وإنه وإن كان قد أشير في التوكيل الصادر منه إلى السيد المحامي الذي قرر بالطعن بالوكالة عنه، إلى أن ثمة قرار من مجلس إدارة الجمعية الزراعية يسبغ عليه هذه الصفة، إلا أن هذا القرار غير مرفق بأوراق هذا الطعن.
وحيث إن هذا الذي أثارته النيابة العامة في غير محله، وذلك لثبوت هذه الصفة من ذات محضر جلسة مجلس إدارة الجمعية المذكورة المؤرخ 13 ديسمبر سنة 1954 وهي تلك الجلسة التي صدر فيها القرار الذي عرض على هيئة التحكيم فأصدرت في شأنه القرار المطعون فيه.
وحيث إنه لذلك ولأن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية يكون الطعن مقبولاً شكلاً.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من القرار المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أنه بتاريخ 13 من ديسمبر سنة 1954 انعقد مجلس إدارة الجمعية الزراعية المصرية وصادق على اقتراح بأن يحال إلى المعاش كل من يبلغ سن الستين عاماً ميلادية من عمال الجمعية وخدمها السايرة، فتقدمت نقابة مستخدمي وعمال الجمعية المذكرة في 4/ 4/ 1955 بشكوى إلى مكتب العمل طالبة إلغاء هذا القرار، ولما لم يتيسر حل النزاع ودياً أحيل إلى هيئة التحكيم فأصدرت بتاريخ 12/ 6/ 1955 قراراً يقضي بقبول طلب النقابة وإلغاء القرار الصادر من مجلس إدارة الجمعية الزراعية بتحديد سن الستين للاستغناء عن خدمة الموظفين والعمال، وبتاريخ 3 يوليه سنة 1955 قررت الجمعية الزراعية بالطعن بالنقض في هذا القرار، وطلبت النيابة العامة بمذكرتها المرفقة رقم 13 عدم قبول الطعن بالنقض على قرار هيئة التحكيم باعتباره قراراً إدارياً لا حكماً قضائياً، ثم تنازلت عن التمسك بوجهة نظرها هذه وتقدمت بمذكرة مرفقة برقم 17 من الملف، أبدت فيها رأيها بنقض القرار المطعون فيه، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 25/ 2/ 1960 وفيها صممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها الأخيرة.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على القرار المطعون فيه الخطأ في القانون، وفي ذلك ذكرت أن ما قرره مجلس إدارة الجمعية من تحديد سن التقاعد بالنسبة لمستخدميها وعمالها بستين سنة ميلادية قد راعى فيه رب العمل أنه بعد هذه السن تتضاءل قدرة العامل على العمل واستمراره فيه بعد بلوغها يضر بصالحه وصالح الجمعية، وإذا كانت علاقة رب العمل بعماله مبنية على عقد غير محدد المدة فإنه لا محل لوضع قيد على حريته في إنهاء عقد العمل وفي تقديره لحد الكفاية اللازمة للعمل حسب مقتضياته ووفقاً لما يراه من اعتبارات اقتصادية أو إدارية أو تنظيمية، ولا مجال في هذا الخصوص للقول بأن العمال الذين التحقوا بالعمل قبل إصدار هذه القرار قد اكتسبوا حقاً في أن يظلوا بالعمل مهما بلغت بهم السن، ولا حجة للقرار المطعون فيه في الاستناد إلى أن الجمعية كانت قد قررت في عقد تأمين جماعي مبرم بينها وبين شركة لاباترنيل لصالح موظفيها - أنها لم تحدد حداً أقصى للسن التي يتقاعد فيها الموظف أو المستخدم وأن الشركة قبلت أن ينتهي أجل البوليصة في سن السبعين، إذ ليس من مؤدى ذلك أن يمتنع على الجمعية تحديد سن للتقاعد فضلاً عن أن العمال والمستخدمين ليسوا ممن يشملهم هذا التأمين.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه يبين من القرار المطعون فيه أنه يقوم على نظر حاصلة أن العقود المبرمة بين الطاعنة وعمالها خالية من نص يحدد موعداً لانتهائها، فلا يحق لها أن تصدر قراراً تغير به من هذا الوضع بما يجعل هذه العقود محددة المدة، مخالفة بذلك نص المادة 45 من المرسوم بقانون 317 لسنة 1952، وبما يترتب على ذلك من الإخلال بحقوق العمال المكتسبة لهم في أن تظل عقودهم غير محددة المدة، وبما يتضمنه من فرض شرط جديد في العقود من أحد طرفيها، وهذا الذي استند إليه القرار المطعون فيه مخالف للقانون، ذلك أن ما اتخذته الطاعنة من قرار بتحديد سن الستين لتقاعد مستخدميها وعمالها إنما هو تصرف صدر من صاحب العمل بما له من السلطة المطلقة في إدارة منشأته وتنظيم العمل فيها على الوجه الذي يراه كفيلاً بتحقيق مصالحه - ولما كانت شكوى المطعون عليها من هذا التحديد قد خلت من إسناد سوء القصد لصاحب العمل في إصدار قراره المذكور، كما أن هيئة التحكيم لم تؤسس نظرها في الإلغاء على أنه أريد بهذا القرار الإساءة إلي العمال، فإن سلطة صاحب العمل في هذا الشأن تعتبر سلطة تقديرية لا معقب عليها، كما أنه ليس من شأن القرار المذكور أن يحيل عقود العمل من عقود غير محددة المدة إلى أخرى محددة المدة، إذ لا تزال مكنة إنهاء العقد بإرادة أحد طرفيه قائمة على الرغم من هذا التحديد، ولا مجال في هذا الخصوص للتحدي بنص المادة 45 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952، إذ أن ما ورد بهذه المادة من النص على انتهاء عقد العمل بوفاة العامل أو بعجزه عن تأدية عمله أو بمرضه مرضاً استوجب انقطاعه عن العمل مدة معينة - ليس إلا سرداً لبعض صور نهاية العقد غير محددة المدة حيث يكون انتهاء العقد انتهاء عرضياً لا انتهاء عادياً.
وحيث إنه لذلك يتعين نقض القرار المطعون فيه .