أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 11 - صـ 644

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1960

برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: صبحي الصباغ، وعبد السلام بلبع، وفرج يوسف، وأحمد زكي محمد المستشارين.

(104)
الطعن رقم 577 لسنة 25 القضائية

( أ ) نقض "إجراءات الطعن" "تقرير الطعن" "الخصوم في الطعن".
عدم قيام الخصومة في الطعن أمام محكمة النقض إلا بين من كانوا طرفاً في النزاع الذي فصل فيه. مثال.
(ب) عمل "تنظيم العمل" "سلطة رب العمل في تنظيم إدارته".
سلطة رب العمل في تنظيم إدارته على الوجه الذي يراه كفيلاً بتحقيق مصلحة منشأته. لا وجه للحد من سلطته في هذا الخصوص طالما كانت ممارستها مجردة عن أي قصد في الإساءة إلى عماله.
خلو شكوى العمال من غلق المصنع يوم الجمعة من كل أسبوع من إسناد سوء القصد لصاحب العمل. عدم تأسيس قرار هيئة التحكيم المطعون فيه - بتقرير حق العمال في العمل بدون راحة أسبوعية - على أنه قد أريد بتصرف صاحب العمل الإساءة إلى العمال. خطأ في تطبيق القانون.
1 - الخصومة في الطعن أمام محكمة النقض لا تكون إلا بين من كانوا طرفاً في النزاع الذي فصله فيه - فإذا كان يبين من الأوراق أن المطعون عليه الأول - وزير الشئون الاجتماعية - لم يكن مختصماً في النزاع الذي صدر فيه القرار المطعون فيه وأن المطعون عليه الثاني هو رئيس الهيئة التي أصدرت القرار فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً بالنسبة لهما.
2 - يملك صاحب العمل سلطة تنظيم إدارته على الوجه الذي يراه كفيلاً بتحقيق مصلحة منشأته. ولا وجه للحد من سلطته في هذا الخصوص طالما كانت ممارستها مجردة عن أي قصد في الإساءة إلى عماله. فإذا كانت شكوى النقابة المطعون عليها من غلق المصنع يوم الجمع من كل أسبوع قد خلت من إسناد سوء القصد للشركة الطاعنة، وكانت هيئة التحكيم لم تؤسس نظرها - بتقرير حق عمال قسم هندسة الشركة في العمل بدون راحة أسبوعية - على أنه قد أريد بالتصرف الذي اتخذته الشركة الطاعنة الإساءة إلى بعض العمال. لما كان ذلك، فإن القرار المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن نقابة عمال شركة السكر بالحوامدية المطعون عليها الثالثة تقدمت في 24 من إبريل سنة 1953 إلى مكتب العمل تشكو من أن الشركة الطاعنة درجت منذ إبريل سنة 1953 على غلق المصنع في يوم الجمع من كل أسبوع واعتبار هذا اليوم إجازة بدون أجر لجميع العمال بما فيهم عمال قسم الهندسة ورؤساء ووكلاء أقسام السكر، رغم ما جرى عليه العمل بالنسبة لهؤلاء من تشغيلهم طوال أيام الأسبوع بغير انقطاع. مما ترتب عليه إنقاص أجورهم بطريق غير مباشر. وطلبت النقابة تشغيلهم طوال أيام الأسبوع. ودرت الشركة الطاعنة فقالت إن العادة قد جرت على أن يتوقف المصنع عن العمل أربعة أو خمسة أيام شهرياً، إلا أن بعض العمال وهم عمال قسم الهندسة ورؤساء ووكلاء قسم السكر كانوا يشتغلون أيام العطلة نظراً لحاجة العمل إليهم، وقد زالت هذه الحاجة بعد أن جددت آلات المصنع فتقرر أن تكون الراحة الأسبوعية لجميع موظفي وعمال المصنع يوم الجمعة من كل أسبوع ولما لم يتمكن مكتب العمل من تسوية النزاع أحاله إلى لجنة التوفيق التي أحالته إلى هيئة التحكيم بمحكمة استئناف القاهرة حيث قيد أمامها برقم 155 لسنة 1953 وفي 21 من أكتوبر سنة 1953 أصدرت هيئة التحكيم قرارها بتقرير حق عمال هندسة شركة السكر بالحوامدية ورؤساء ووكلاء أقسام السكر بها في العمل بدون راحة أسبوعية. فقررت الطاعنة في 4 يناير سنة 1954 الطعن في هذا القرار أمام محكمة القضاء الإداري التي قضت في 18 من أكتوبر سنة 1955 بعدم اختصاصها بنظر الطعن وبإحالته إلى محكمة النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 12 من يناير سنة 1960 وأبدت النيابة العامة رأيها بأن دفعت بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للمطعون عليهما الأول والثاني وبنقض القرار المطعون فيه بالنسبة للمطعون عليها الثالثة. فأصدرت دائرة الفحص قرارها بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية وقامت الطاعنة بإعلان المطعون عليهم ثم بإيداع أصل ورقة إعلان الطعن. وقدمت النيابة العامة مذكرة ثانية تمسكت فيها بما جاء بمذكرتها الأولى. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام هذه الهيئة صممت النيابة على رأيها دفعاً وموضوعاً.
وحيث إن الخصومة في الطعن أمام محكمة النقض لا تكون إلا بين من كانوا طرفاً في النزاع الذي فصل فيه - ولما كان يبين من الأوراق أن المطعون عليه الأول لم يكن مختصماً في النزاع الذي صدر فيه القرار المطعون فيه. وكان المطعون عليه الثاني هو رئيس الهيئة التي أصدرت القرار فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً بالنسبة لهما.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون عليها الثالثة.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على القرار المطعون فيه للخطأ في تطبيق القانون أنه إذ قضى بتقرير حق عمال قسم الهندسة ورؤساء ووكلاء أقسام السكر وهم من عمال المياومة - في العمل بدون راحة أسبوعية قد استند إلى ما جرت عليه الشركة الطاعنة منذ سنوات من تشغيلهم طوال أيام الأسبوع واعتبر الإجراء الذي اتخذته الشركة بغلق المصنع يوم الجمعة من كل أسبوع اعتداء على حق مكتسب لهؤلاء العمل يؤدي إلى إنقاص أجورهم عما اعتادوا عليه في الماضي، مغفلاً حق الشركة في تنظيم أعمالها ما دامت لم تقصد بهذا التنظيم الإساءة إلى عمالها، ذلك أن الثابت أن الشركة لم تقم بتشغيل عمال آخرين بدلاً من العمال المطعون عليهم وإنما اعتبرت يوم الجمعة عطلة أسبوعية لجميع عمال المصنع. وقد اضطرت إلى ذلك بسبب تجديد آلات المصنع إذ زالت الحاجة إلى تشغيل بعض العمال طوال أيام الأسبوع بغير انقطاع.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من القرار المطعون فيه أنه بتقريره حق عمال قسم الهندسة ورؤساء ووكلاء أقسام السكر في العمل بدون راحة أسبوعية يقوم على نظر حاصله أن هؤلاء العمال باشتغالهم لدى الشركة الطاعنة طوال أيام الشهر يعتبر انقطاع لعدة سنوات قد اكتسبوا الحق في البقاء على هذا الوضع ولا يبرر تعديل حالهم ما ساقته الشركة من أنها قد جددت آلات المصنع ونظمت العمل فيه باعتبار يوم الجمعة راحة أسبوعية لجميع عماله، ذلك لأنهم عمال بالمياومة ويترتب على إعطائهم راحة أسبوعية نقص أيام العمل بالنسبة لهم مما يؤدي إلى انخفاض أجورهم وقلقة حياتهم التي رتبوها على أساس اشتغالهم في كل أيام الأسبوع. وهذا الذي استند إليه القرار المطعون فيه مخالف للقانون ذلك أن صاحب العمل يملك سلطة تنظيم إدارته على الوجه الذي يراه كفيلاً بتحقيق مصلحة منشأته. ولا وجه للحد من سلطته في هذا الخصوص طالما كانت ممارستها مجردة عن أي قصد في الإساءة إلى عماله. ولما كانت شكوى النقابة المطعون عليها الثالثة من غلق المصنع يوم الجمعة من كل أسبوع قد خلت من إسناد سوء القصد للشركة الطاعنة، وكانت هيئة التحكيم لم تؤسس نظرها على أنه قد أريد بالتصرف الذي اتخذته الشركة الطاعنة الإساءة إلى بعض العمال لما كان ذلك فإنه يتعين نقض القرار المطعون فيه.
وحيث إن النزاع صالح للفصل فيه. ولما سبق بيانه يتعين رفض طلب النقابة المطعون عليها الثالثة.