مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1985 إلى آخر سبتمبر سنة 1985) - صـ 756

(113)
جلسة 16 من مارس سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عبد العزيز بسيوني وعبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد عبد الله وجمال السيد دحروج - المستشارين.

الطعن رقم 201 لسنة 25 القضائية

مهندس مكلف - إنهاء خدمته.
المادة الثالثة من القانون رقم 54 لسنة 1976 بشأن المهندسين خريجي الجامعات والمعاهد المصرية - المشرع ارتأى إلزام المهندسين المكلفين بأعباء وظائفهم وعدم جواز الامتناع عن أداء واجباتهم لمدة حددها بست سنوات تبدأ من تاريخ استلامهم العمل ما لم تنته خدمتهم بأحد الأسباب التي عينها القانون - للمهندس المكلف بعد انقضاء مدة التكليف الحق في الامتناع عن تأدية أعمال وظيفته - تعتبر خدمة المهندس المكلف منتهية حتماً بقوة القانون لمجرد الامتناع عن العمل - لا يستلزم الأمر في هذه الحالة صدور قرار من السلطة الرئاسية بإنهاء الخدمة - حساب مدة التجنيد التي يقضيها الخاضعون لأحكام القانون رقم 54 لسنة 1976 ضمن مدة الست سنوات والتي يجوز لهم بعد فواتها الامتناع عن العمل - الانقطاع عن العمل بعد فوات مدة التكليف لا يشكل ثمة مخالفة تأديبية يمكن المساءلة عنها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 31 من يناير سنة 1979 أودع الأستاذ المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 201 لسنة 25 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط بجلسة 5 من ديسمبر سنة 1978 في الدعوى رقم 72 لسنة 5 القضائية المرفوعة من النيابة الإدارية ضد السيد............ والقاضي بعدم قبول الدعوى التأديبية المقامة ضد العامل المذكور.
وطلب المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه إلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بمدينة أسيوط للفصل فيها.
وبعد أن أعلن تقرير الطعن إلى ذوي الشأن على النحو المبين بالأوراق أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً وفي موضوعه إلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بأسيوط للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 22 من فبراير سنة 1984 فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره بجلسة 28/ 4/ 1984 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة 23/ 6/ 1984 وبتلك الجلسة قررت إعادة الطعن إلى المرافعة لضم ملف خدمة المطعون ضده ثم قررت بجلسة 19/ 1/ 1985 إصدار الحكم بجلسة 16/ 2/ 1985 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق أنه بتاريخ 19 من يناير سنة 1978 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 72 لسنة 5 القضائية أمام المحكمة التأديبية بأسيوط ضد السيد............. المدرس بمدرسة أسوان الميكانيكية وفيها نسبت إليه أنه في الفترة من 8 يناير سنة 1977 حتى 15 من ديسمبر سنة 1977 خالف الأحكام المقررة للأجازات بأن انقطع عن عمله بغير إذن وفي غير حدود الأجازات المرخص بها، وبذلك يكون قد ارتكب المخالفة الإدارية المنصوص عليها في المادة 42 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 وطلب النيابة الإدارية محاكمته طبقاً للمادة 42 سالفة الذكر والمادتين 57، 58 من القانون رقم 58 لسنة 1971 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية والمادتين 15، 19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة وحدد لنظر الدعوى جلسة 9 من مايو سنة 1978 ولم يحضر العامل المذكور وحضر عنه محاميه بتوكيل خاص، وبجلسة 5 من ديسمبر سنة 1978 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى التأديبية ضد العامل المذكور واستندت في ذلك إلى أنه بتاريخ 10 من مايو سنة 1970 صدر القرار الوزاري رقم 979 لسنة 1970 بتكليف العامل المذكور مدرساً بمدرسة أسوان الميكانيكية، لأنه كان مجنداً بالقوات المسلحة اعتباراً من 9 من إبريل سنة 1970 فلم يتمكن من مباشرة عمله إلا بعد انتهاء خدمته العسكرية في 15 من مارس سنة 1975 وتسلم العمل في 22 مارس سنة 1975 وظل مباشراً عمله حتى تاريخ انقطاعه في 8 من يناير سنة 1977 ومن ثم فلا وجه والحالة كذلك لاعتباره قد خالف أحكام قانون تكليف المهندسين رقم 54 لسنة 1976 لأن مدة تجنيده تحتسب ضمن فترة التكليف المنصوص عليها في القانون المشار إليه وقدرها ست سنوات تبدأ من تاريخ استلام العمل وبحسبان أن الذي حال دون تسلم العمل هو أداؤه للخدمة العسكرية وبذلك تنحصر المخالفة المنسوبة إليه باعتباره أحد المخاطبين بقانون التوظف في انقطاعه عن العمل دون إذن اعتباراً من 8 من يناير سنة 1977، وإذ دام هذا الانقطاع أكثر من عشرة أيام متتالية ولم يقدم أسباباً تبرر الانقطاع خلال الخمسة عشر يوماً التالية وبالتالي تعتبر خدمته منتهية قانوناً بالاستقالة طبقاً للمادة 73 من القانون رقم 58 لسنة 71 المشار إليه ومن ثم لا يجوز مساءلته تأديبياً عن واقعة انقطاعه عن العمل ذلك لأن هذه المخالفة تعتبر مخالفة إدارية وليست مالية.
ومن ثم لا يجوز تتبعه بعد تركه الخدمة وانتهت المحكمة إلى أنه ترتيباً على ما تقدم فإن الدعوى التأديبية تصبح غير مقبولة لكونها قد أقيمت على متهم لم يعد موظفاً بالخدمة وفي غير الأحوال التي يجوز قانوناً إقامة الدعوى بعد تركه الخدمة.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن انقطاع العامل عن عمله أكثر من عشرة أيام متتالية لا يترتب عليه بحكم اللزوم اعتبار العامل مستقيلاً بقوة القانون طبقاً لنص المادة 73 من القانون رقم 58 لسنة 1971 المشار إليه ذلك أن للجهة الإدارية سلطة تقديرية في هذا الشأن منها أن تعتبر العامل مستقيلاً اعتباراً من تاريخ الانقطاع ولها أن تتخذ ضده الإجراءات التأديبية باعتبار أن غيابه دون إذن يشكل ذنباً إدارياً يستأهل مساءلته عنه وفي هذه الحالة لا يجوز اعتباره مستقيلاً وإذ ارتأت الجهة الإدارية مساءلة العامل المذكور عن واقعة انقطاعه فما كان يسوغ للمحكمة والحالة هذه أن تعمل في حقه نص المادة 73 المشار إليها إذ بذلك تكون قد أحلت نفسها محل جهة الإدارة في عمل من صميم اختصاصها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن العامل المذكور حاصل على بكالوريوس المعاهد العليا الصناعية دور نوفمبر سنة 1969 وصدر القرار التنفيذي رقم 679 في 10 من يونيه سنة 1975 من وكيل وزارة التربية والتعليم تنفيذاًَ لموافقة وزير التربية والتعليم في 2 من مايو سنة 1975 بتكليف العامل المذكور مدرساً بمدرسة أسوان الميكانيكية لمدة سنتين قابلتين للامتداد يتجدد تلقائياً لمدد أخرى ما لم يصدر قرار من الوزارة بإنهاء التكليف، ونظراً لأن المذكور كان مجنداً اعتباراً من 9 من إبريل سنة 1970 فلم يتسلم عمله إلا اعتباراً من 15 من مارس سنة 1975 وظل يمارس عمله حتى انقطع بدون إذن اعتباراً من 8 من يناير سنة 1977.
ومن حيث إن المادة الثالثة من القانون رقم 54 لسنة 1976 في شأن المهندسين خريجي الجامعات والمعاهد المصرية تنص على أنه "يحظر على المهندسين المشار إليهم في المادة الأولى الامتناع عن تأدية أعمال وظائفهم لمدة ست سنوات تبدأ من تاريخ استلامهم العمل ما لم تنته خدمتهم بأحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 70 من القانون رقم 58 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين المدنيين بالدولة والمادة 64 من القانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام وذلك فيما عدا الاستقالة سواء أكانت صريحة أو ضمنية فتعتبر كأن لم تكن ومع ذلك يجوز للوزير المختص أو من يفوضه في ذلك قبول الاستقالة إذا وجد من الأسباب ما يبرر ذلك.
ويسري الحكم المتقدم على المهندسين المعينين والمكلفين بأجهزة الحكومة والقطاع العام وقت العمل بهذا القانون".
ومن حيث إن المستفاد من هذا النص أن المشرع ارتأى إلزام المهندسين المكلفين والمعينين بالحكومة والقطاع العام القيام بأعباء وظائفهم وعدم جواز الامتناع عن أداء واجباتهم لمدة حددها لست سنوات فقط تبدأ من تاريخ استلامهم العمل ما لم تنته خدمتهم لأحد الأسباب التي عينها القانون، وأطلق لهم بذلك بعد انقضاء هذه السنوات الست الحق في الامتناع عن تأدية أعمال وظائفهم. وإذ أباح المشرع على ما تقدم للمهندسين الحق في الامتناع عن تأدية أعمال وظائفهم بعد انقضاء الست سنوات المشار إليها ودون تطلب موافقة جهة العمل وكانت إباحة الامتناع عن أداء أعمال الوظيفة ليست فحسب وجهاً من أوجه إنهاء الخدمة وصورة من صورها، إنما هي أيضاً أثر من آثار انتهاء الخدمة وفرع منه يرتبطان ارتباط النتيجة بالسبب، فإن مؤدى ذلك اعتبار خدمة هؤلاء المهندسين منتهية حتماً وبقوة القانون لمجرد امتناعهم عن العمل، ولا يقتضي الأمر والحالة هذه صدور قرار من السلطة الرئاسية التي يتبعها المهندس بإنهاء خدمته إذ لا يعدو مثل هذا القرار في حالة صدوره أن يكون إجراء تنفيذياً كاشفاً لمركز قانوني تحقق فعلاً نتيجة امتناع المهندس عن أداء أعمال وظيفته وليس منشئاً له.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على حساب مدة التجنيد التي يقضيها الخاضعون لأحكام القانون رقم 54 لسنة 1976 المشار إليه ضمن مدة الست سنوات التي جوز لهم بعد فواتها الامتناع عن العمل أي تحتسب ضمن فترة التكليف المنصوص عليها في ذلك القانون.
ومن حيث إنه متى كان الثابت من الأوراق أن السيد...... حاصل على بكالوريوس المعاهد العليا الصناعية دور نوفمبر سنة 1969 وجند بالقوات المسلحة اعتباراً من 9 إبريل سنة 1970، وصدر القرار الوزاري رقم 679 لسنة 1970 في 10 من مايو سنة 1970 بتكليفه مدرساً بمدرسة أسوان النموذجية، واستلم عمله بعد أدائه الخدمة العسكرية في 15 من مارس سنة 1975 وانقطع عن عمله اعتباراً من 8 من يناير سنة 1977، وبذلك يكون قد أتم في الخدمة مدة تزيد على ست سنوات وإذ انقطع عن ممارسة عمله بعد ذلك فإن خدمته تعتبر منتهية بقوة القانون على التفصيل السابق اعتباراً من تاريخ انقطاعه وبالتالي لا يشكل هذا الانقطاع ثمة مخالفة تأديبية يمكن مساءلته عنها، وبناء عليه تكون المخالفة المنسوبة إليه غير قائمة على أساس سليم من الواقع والقانون، وحيث إنه وقد انتهت خدمته بقوة القانون دون ارتكابه لمخالفة نسبت إليه أثناء مدة خدمته، فإنه ما كان يجوز إقامة الدعوى التأديبية ضده، باعتبار أن خدمته قد انتهت في وقت سابق على إقامة هذه الدعوى، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة لأسباب لا تأخذ بها هذه المحكمة وتستبدل بها الأسباب سالفة البيان، فإنه يترتب على ذلك أن الطعن يكون غير مستند على أساس سليم من القانون.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم فإنه تعين القضاء بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.