أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 5 - صـ 976

جلسة 24 من يونيو سنة 1954
(150)
القضية رقم 219 سنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وبحضور السادة الأساتذة سليمان ثابت ومحمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان ومحمود عياد المستشارين.
( أ ) نقض. طعن. شفعة. حكم. حسمه النزاع في أساس الخصومة. جواز الطعن فيه على استقلال. مثال في دعوى شفعة. المادة 378 مرافعات.
(ب) شفعة. حكم. تسبيبه. دعوى الشفعة. احتفاظها بوصفها سواء قام النزاع بين أطرافها على جميع أركانها وشرائطها أم كان مقصوراً على البعض منها متفقاً على البعض الآخر. تقرير الحكم أن حق الشفيع متى كان معترفاً به من المشتري وانحصر النزاع في الثمن فالدعوى لا تعتبر دعوى شفعة ولا تخضع لإجراءاتها. خطأ في القانون.
1 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد قرر أن حق الشفيع في الشفعة أصبح أساسه إقرار المشتري له بذلك وأن هذا الإقرار قد تعلق به حق الشفيع ولا يجوز للمشتري العدول عنه أو الرجوع فيه، فإن هذا الحكم يكون قد أنهى الخصومة في أساسها إذ حسم النزاع في حق الشفيع في أخذ العين المبيعة بالشفعة مبرأ من كل مسقطاته وحصر الخصومة في مجرد تحديد الثمن والملحقات وبذلك يصح الطعن فيه على استقلال وفقاً للمادة 278 من قانون المرافعات.
2 - سواء قام النزاع بين أطراف دعوى الشفعة على جميع أركانها وشرائطها أم كان مقصوراً على بعض منها متفقاً على البعض الآخر فإنها تظل محتفظة بوصفها باعتبارها دعوى شفعة إذ ليس يغير من وصف الدعوى مدى الخلف بين أطرافها على تحقق أركانها وشرائطها ويجب أن تطبق عليها مواد القانون الخاصة بإجراءات دعوى الشفعة. وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه إذ كيف الدعوى على أنها ليست دعوى شفعة تخضع للإجراءات التي أوجبها القانون بل على أنها دعوى أساسها حق تقرر بتراضي الشفيع والمشتري وانحصر النزاع بين الطرفين على الثمن ولذلك لم يطبق عليها المادتين 942 و943 من القانون المدني اللتين تنص أولاهما على وجوب إعلان الرغبة بالشفعة رسمياً وتوجب الثانية رفع الدعوى وقيدها في ميعاد ثلاثين يوماً من تاريخ الإعلان المنصوص عليه في المادة السابقة، فإن هذا الحكم يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر، ومرافعة المحاميين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل في أنه بعريضة معلنة في 26/ 10/ 1950 أقامت المطعون عليها الأولى الدعوى على الطاعنين وباقي المطعون عليهم طالبة الحكم بأحقيتها بطريق الشفعة في أخذ قطعة الأرض الفضاء المبيعة للطاعنين من باقي المطعون عليهم بموجب عقد بيع مسجل في 4/ 6/ 1950 والموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى مقابل الثمن الحقيقي ومقداره 2396 جنيهاً وملحقاته أو ما يبين أنه الثمن الحقيقي مع ملحقاته القانونية، فدفع الحاضر عن الطاعنين الدعوى بسقوط حق المدعية - المطعون عليها الأولى - في الأخذ بالشفعة لأنها لم تقيد دعواها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان الرغبة في الشفعة وذلك عملاً بالمادتين 942 و943 مدني. وفي 18/ 12/ 1950 قضت المحكمة بسقوط حق المدعية في الشفعة واستأنفت المطعون عليها الأولى وقيد الاستئناف برقم 114 مدني سنة 68 ق أمام محكمة استئناف القاهرة. وقد حكمت في 29/ 4/ 1951 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من قبول الدفع بسقوط حق المستأنفة (المطعون عليها الأولى) في أخذ العين بالشفعة ورفض هذا الدفع وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوع الشفعة وقد أيدت محكمة ثاني درجة في حكمها المطعون فيه وجهة نظر محكمة أول درجة من حيث وجوب قيد دعوى الشفعة في ظرف ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان الرغبة في الشفعة ولكنها قالت إنه بعد إقرار المشتريين في الإنذار الموجه منهما إلى المستأنفة (المطعون عليها الأولى) بالتنازل لها عن الصفقة المبيعة بطريق الشفعة فإن حقها في الشفعة الذي كان أساسه القانون أصبح له سند آخر هو الإقرار بالحق وهو بمثابة اختيار ينتفي معه الداعي لاتباع الإجراءات التي رسمها القانون للوصول إلى هذا الحق خصوصاً وقد نبها على الشفيعة بعدم السير في إجراءات دعوى الشفعة وإلا فإنها تتحمل مصاريف رفعها "ومن ثم فدفعهما الذي تمسكا فيه بالسقوط أصبح بعد كل ما سبق غير ذي سند لأنه لا يتفق مع ما سبق ذكره ولا مع إقرارهما بالحق وهو الإقرار الذي تعلق به حق المستأنفة (المطعون عليها الأولى) والذي لا يجوز لهما العدول عنه أو الرجوع فيه ولا شك في أن الإقرار بالحق يطهره من مسقطاته إذ يعتبر بمثابة تنازل عن حق التمسك بالعيوب التي تشوبه من حيث الشكل". فقرر الطاعنان الطعن بطريق النقض في هذا الحكم.
ومن حيث إن المطعون عليها الأولى دفعت بعدم جواز الطعن عملاً بالمادة 378 مرافعات استناداً إلى أن الحكم المطعون فيه وقد قضى برفض الدفع بعدم قبول دعوى الشفعة لعدم قيدها في الميعاد القانوني وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في الموضوع لم تنته به الخصومة كلها أو بعضها وقد يحكم لمصلحة الطاعنين في موضوع الدعوى ومن ثم لا يجوز الطعن فيه استقلالاً.
ومن حيث إن هذا الدفع مردود بما جاء بالحكم المطعون فيه من أن حق المطعون عليها الأولى في الشفعة أصبح أساسه إقرار الطاعنين لها بذلك وهو الإقرار الذي تعلق به حقها ولا يجوز لهما العدول عنه أو الرجوع فيه وبذلك يكون قد أنهى الخصومة في أساسها إذ حسم النزاع في حق المطعون عليها الأولى في أخذ العين المبيعة بالشفعة مبرأ من كل مسقطاته وأصبحت الخصومة مقصورة على تحديد الثمن وملحقاته.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن مما ينعى به الطاعنان على الحكم مخالفة القانون إذ أعفى المطعون عليها الأولى من التقيد بحكم المادة 943 مدني مفترضاً أن الطاعنين قد أقرا بحق الشفيعة في الاستشفاع حيث لا إقرار ومع ذلك فإن إقرار المشفوع منه بحق الشفيع إن أدى إلى تفادي المقاضاة فقد كفى وإن هو لم يؤد إلى ذلك فقد يقطع السبيل على منازعة المشفوع منه حين نظر الموضوع ولكنه لا يعفي الشفيع الذي لجأ إلى القضاء من النزول على أحكام القانون الذي تلزمه أن يقيم دعواه في شكل معين وأن يقيدها في ميعاد معين لأن أحكام القانون هذه هي أحكام آمرة ملزمة ولا سبيل إلى الترخيص فيها أو الإعفاء منها إلا حيث يكون الشارع نفسه قد قيدها أو استثنى منها بلفظ صريح.
ومن حيث إن هذا السبب في محله لأنه وقد قام النزاع في الدعوى على ثمن العين المشفوع فيها وملحقاته فإن الدعوى تعتبر دعوى شفعة وإنها لكذلك سواء أقام النزاع بين أطرافها على جميع أركانها وشرائطها أم كان مقصوراً على بعض منها متفقاً على البعض الآخر فليس يغير من وصف الدعوى مدى الخلف بين أطرافها على تحقق أركانها وشرائطها ومن ثم يجب تطبيق المواد الواردة بالقانون والخاصة بإجراءات دعوى الشفعة على هذه الدعوى ومنها المادتان 942 و943 من القانون المدني التي تنص أولاهما على وجوب إعلان الرغبة بالشفعة رسمياً وتنص الثانية على أن يكون رفع دعوى الشفعة وقيدها في ميعاد ثلاثين يوماً من تاريخ الإعلان المنصوص عليه في المادة السابقة - ولما كان الحكم المطعون فيه إذ كيف الدعوى على أنها ليست دعوى شفعة تخضع للإجراءات التي أوجبها القانون بل على أنها دعوى أساسها حق تقرر بالتراضي ولذلك لم يطبق عليها المادتين الآنف ذكرهما يكون قد خالف القانون ومن ثم يتعين نقضه دون حاجة إلى مناقشة باقي أسباب الطعن.
ومن حيث إن الدعوى صالحة للحكم فيها.
ومن حيث إن حكم محكمة أول درجة المستأنف إذ قضى بقبول الدفع بسقوط حق الشفيعة في الأخذ بالشفعة لأنها لم تقيد دعواها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان الرغبة في الشفعة - إذ قضى بذلك فقد أصاب للأسباب التي بني عليها والتي تقرها هذه المحكمة ومن ثم يتعين تأييده.