مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 - فبراير 1987) - صـ 188

(27)
جلسة 8 من نوفمبر سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وحسن حسنين علي وعادل محمود فرغلي المستشارين.

الطعن رقم 124 لسنة 19 القضائية

موظف - إجازات - إجازة مرضية لعامل مرض بالخارج - إجراءاتها.
المادة (18) من لائحة القومسيونات الطبية الصادرة بقرار وزير الصحة رقم 739 لسنة 1962.
يجب على كل موظف أو عامل موجود خارج جمهورية مصر العربية وطرأت عليه حالة مرضية تستدعي منحه إجازة مرضية أو امتداد لها أن يخطر أقرب سفارة أو مفوضية أو قنصلية تابعة لجمهورية مصر العربية في حدود الدولة الموجود فيها والتي تقوم بإحالته إما على الطبيب الملحق بها أو طبيب معتمد لديها وتتولى بعد التصديق على صحة توقيع الطبيب إرسال نتيجة الكشف إلى الوزارة أو المصلحة التابع لها - على الوزارة أو المصلحة إرسال هذه النتيجة إلى الإدارة العامة للقومسيونات الطبية بوزارة الصحة للنظر في اعتمادها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 7 من يناير سنة 1973 أودعت إدارة قضايا الحكومة - نائبة عن وزير التعليم العالي - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 124 لسنة 19 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة العقود الإدارية والتعويضات" بجلسة 12/ 11/ 1972 في الدعوى رقم 68 لسنة 24 ق والقاضي بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان وإلزام الحكومة بالمصروفات. وطلب الطاعن قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا للمدعي بصفته مبلغ 3922 والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد وإلزام المطعون ضدهما بالمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 15/ 10/ 1979، وتداول بجلستها على الوجه الثابت بالمحاضر لاستكمال إعلان المطعون ضده الأول بتقرير الطعن بالخارج، وبجلسة 3/ 2/ 1986 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات" لنظره بجلسة 8/ 3/ 1986، وتداول الطعن بجلسات المحكمة على الوجه المبين بمحاضر الجلسات، وبعد أن أتمت هيئة قضايا الدولة إعلان المطعون ضدهما في مواجهة النيابة العامة بتاريخ 16/ 10/ 1986، قررت المحكمة إصدار حكمها في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم الآتي وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن الطاعن كان قد أقام بصفته الدعوى رقم 68 لسنة 24 ق بعريضة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 15/ 10/ 1969 طالباً الحكم بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا له بصفته مبلغ 3922 جنيه والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد والمصروفات. وبجلسة 12/ 11/ 1972 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان. وأقامت قضاءها على أساس ما ثبت من الأوراق من أن المدعى عليه الأول سافر في البعثة الموفد إليها في 29/ 4/ 1961 بعد ثبوت لياقته الصحية وحصل على الدكتوراه في 6/ 10/ 1964 وبدأ في التحضير لدرجة العضوية. إلا أنه أصيب في ديسمبر سنة 1965 بالتهاب في فخذه الأيسر اقتضى علاجاً طويلاً وإجراء عملية جراحية، وقد وافق القومسيون الطبي العام بالقاهرة على منح المدعى عليه إجازة مرضية لمدة سبعة اشهر اعتباراً من 23/ 12/ 1965، وقد تمكن المذكور رغم مرضه من الحصول على درجة العضوية من أدنبره في 7/ 2/ 1965، وقد أصيب بالتهاب آخر في فخذه الأيمن، ووافق وكيل وزارة التعليم العالي في 8/ 6/ 1966 على مد البعثة حتى تاريخ انتهاء الإجازة المرضية في 22/ 7/ 1966، كما أفاد مكتب البعثات أن الأطباء أجمعوا على حاجة العضو لإجراء عمليه يتوقف تحديد نوعها على متابعة حالته. وأردفت المحكمة أن الثابت من الشهادات الطبية المقدمة من المدعى عليه أنه قد هاجمه المرض أثناء دراسته وهو مرض عضال يحتاج إلى عدة عمليات تستغرق وقتاً طويلاً، ولم تقدم جهة الإدارة ما يفيد أن المدعى عليه قد تم شفاؤه من هذا المرض وأنه آثر البقاء في الخارج على العودة إلى الوطن كي تستحق عليه نفقات البعثة وفقاً لما تعهد به في تعهده المحرر منه قبل قيامه بالبعثة. ولما كانت المحكمة تطمئن إلى ما جاء بتلك الشهادات الطبية لصدورها من أطباء لهم وزنهم في المحيط الطبي، وكانت حالة المدعي المرضية لا تسمح له بالعودة الآن إلا أنه من المحتمل أن يستطيع الوفاء بالتزامه بعد شفائه، فمن ثم يبقى الالتزام موقوفاً حتى يتم شفاؤه. وتكون الدعوى الماثلة قد رفعت قبل الأوان حيث لم يثبت للمحكمة تمام شفاء المدعى عليه الأول وزوال السبب المانع من تنفيذ الالتزام.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المادة 18 من لائحة القومسيونات الطبية قد رسمت إجراءات إثبات مرض الموظف أو العامل الموجود خارج مصر الذي يستدعي منحه إجازة مرضية. فأوجبت على الموظف إخطار أقرب سفارة أو مفوضية أو قنصلية تابعة لمصر في حدود الدولة الموجود فيها التي تقوم بإحالته إما على الطبيب الملحق بها أو طبيب معتمد لديها، ثم ترسل نتيجة الكشف الطبي بعد التصديق على توقيع الطبيب إلى الوزارة أو المصلحة التابع لها الموظف لتعرض النتيجة على الإدارة العامة للقومسيونات الطبية بوزارة الصحة للنظر في اعتمادها. وقد منح القومسيون الطبي العام المطعون ضده الأول إجازة مرضية انتهت في 22/ 7/ 1966، وكان يتعين عليه بعد ذلك إما العودة إلى الوطن أو اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها في المادة 18 سالفة الذكر، ولكنه لم يفعل وإنما أرسل شهادات طبية من أطباء خصوصين، ولا يمكن الاعتداد بها في مجال تقدير العذر المعفى من الالتزام. وقد أخطأ الحكم المطعون فيه إذ ألقى عبء إثبات شفاء المطعون ضده على عاتق جهة الإدارة، ذلك أن المدين بالالتزام هو المسئول عن إثبات قيام السبب الأجنبي الموقف للالتزام. وقدمت جهة الإدارة الطاعنة بالجلسات سجل جامعة لندن عن عام 1972/ 1973 وقد ورد به اسم المطعون ضده الأول باعتباره يعمل بقسم الفارماكولوجي بها زميل باحث رئيس مساعد.
ومن حيث إن الثابت من أوراق الدعوى أن المطعون ضده الأول كان قد أوفد بتاريخ 25/ 8/ 1961 في بعثة علمية تابعة للمركز القومي للبحوث للحصول على درجة التخصص في الغدد الصماء والمعايرات الحيوية للهرمونات من انجلترا، ووقع تعهداً مقتضاه أن يتم دراسته في المدة المقررة لها وأن يغادر البلاد الأجنبية في ظرف شهر من تاريخ انتهاء المهمة الموفد لها ما لم تطلب الحكومة عودته قبل ذلك، وأن يخدم بالوزارة أو الجامعة أو في أية وظيفة أخرى في الحكومة تعرض عليه بالاتفاق مع الوزارة التابع لها وذلك لمدة تحسب على أساس سنتين عن كل سنة في البعثة وبحد أقصى سبع سنوات وذلك من تاريخ عودته إلى مصر عقب انتهاء الدارسة التي كلف بها. وأن يرد جميع ما تصرفه عليه الحكومة بصفته عضواً بالبعثة إذا تركها من تلقاء نفسه أو لم يخدم بالحكومة المدة المقررة في التعهد أو فصل منها لأسباب تأديبية. وقد وقع المطعون ضده الثاني على التعهد بصفته ضامناً متضامناً مع المطعون ضده الأول برد جميع ما تصرفه الحكومة عليه بصفته عضواً بالبعثة إذا أخل بالتزاماته المنصوص عليها في التعهد. وبتاريخ 3/ 6/ 1963 وافقت اللجنة التنفيذية للبعثات على أن يحضر المطعون ضده لدرجة العضوية إلى جانب تحضيره لدرجة الدكتوراه، وبتاريخ 6/ 10/ 1964 حصل على الدكتوراه، ووافقت اللجنة التنفيذية للبعثات على مد البعثة للحصول على درجة العضوية التي حصل عليها في 7/ 2/ 1966، ونظراً لمرضه بالتهاب في فخذيه الأيسر والأيمن فقد وافق القومسيون الطبي العام على منحه إجازة مرضية لمدة سبعة أشهر انتهت في 22/ 7/ 1966. ثم تبودلت عدة مكاتبات بين الجهة الموفدة والإدارة العامة للبعثات ومكتب البعثات بلندن للاستفسار عن عدم عودة المذكور إلى البلاد عقب حصوله على درجة العضوية وانتهاء إجازته المرضية. فأفاد مكتب البعثات بأنه لم يتلق رداً من المذكور على مكاتباته للاستعلام عن حالته وأسباب عدم عودته إلى البلاد، ومن ثم عرض الموضوع على اللجنة التنفيذية العليا للبعثات التي وافقت بتاريخ 12/ 12/ 1967 على مطالبة العضو وضامنه بالنفقات التي أنفقتها عليه الحكومة بصفته عضواً بالبعثة وتبلغ 3922 جنيهاً.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المطعون ضده الأول قد حصل على درجة الدكتوراه الموفد من أجل الحصول عليها بتاريخ 6/ 10/ 1964، ثم حصل على درجة العضوية التي وفق من اللجنة التنفيذية للبعثات على مد البعثة للحصول عليها وذلك بتاريخ 7/ 2/ 1966، ونظراً لمرضه منح إجازة مرضية بموافقة القومسيون الطبي العام لمدة سبعة أشهر انتهت في 22/ 7/ 1966، ورغم ذلك كله لم يعد المذكور إلى مصر ليوفي بما تعهد به من خدمة الحكومة المدة المحددة في التعهد، بل ولم يشأ أن يرد على مكاتبات مكتب البعثات بلندن بالاستفسار عن أسباب عدم عودته إلى البلاد، حتى أقيمت الدعوى الماثلة عليه وعلى ضامنه في 15/ 10/ 1969، فتذرع بالمرض وقدم شهادات طبية محررة في غضون شهر سبتمبر سنة 1972 من أطباء أجانب تفيد أنه مريض ويحتاج إلى إجراء عمليات جراحية. ورغم فوات مدة طويلة على ذلك التاريخ تجاوز ستة عشر عاماً فإنه لا يبين أنه عاد إلى بلاده أو عرض على الجهة الموفدة استعداده للوفاء بالتزاماته التي تعهد بها.
ومن حيث إنه لا وجه للاعتداد بالشهادات المرضية المقدمة من المذكور في إثبات مرضه المانع من عودته إلى بلاده عقب انتهاء المهمة الموفد من أجلها في البعثة، ذلك أنه طبقاً لحكم المادة 18 من لائحة القومسيونات الطبية الصادرة بقرار وزير الصحة رقم 739 لسنة 1962 فإنه يجب على كل موظف أو عامل موجود خارج جمهورية مصر العربية وطرأت عليه حالة مرضية تستدعي منحه إجازة مرضية أو امتداد لها أن يخطر أقرب سفارة أو مفوضية أو قنصلية تابعة لجمهورية مصر العربية في حدود الدولة الموجودة فيها التي تقوم بإحالته إما على الطبيب الملحق بها أو طبيب معتمد لديها ثم تتولى بعد التصديق على صحة توقيع الطبيب إرسال نتيجة الكشف إلى الوزارة أو المصلحة التابع لها. وعلى الوزارة أو المصلحة إرسال هذه النتيجة إلى الإدارة العامة للقومسيونات الطبية بوزارة الصحة للنظر في اعتمادها. وقد سبق اتباع هذه الإجراءات فعلاً عندما منح المذكور إجازة مرضية لمدة سبعة أشهر انتهت في 22/ 7/ 1966. يضاف إلى ذلك أن إدارة قضايا الحكومة قدمت أثناء نظر الطعن الماثل حافظة مستندات بجلسة 17/ 11/ 1980 انطوت على سجل جامعة لندن عن العام الدراسي 72/ 1973 ورد به اسم المطعون ضده الأول من بين العاملين بكلية العلوم الطبية.
ومن حيث إنه متى ثبت إخلال المطعون ضده الأول بالتزامه الذي تعهد به بالعودة إلى بلاده بعد انتهاء البعثة الموفد لها وخدمة الجهة الموفدة أو أية جهة أخرى تعرض عليه بالاتفاق مع الجهة التابع لها للمدة المنصوص عليها في التعهد، فإنه يلتزم بالتضامن مع المطعون ضده الثاني بأداء كافة النفقات التي أنفقت عليه بصفته عضواً بالبعثة والبالغ مقدارها 3922 جنيهاً، بالإضافة إلى الفوائد القانونية المستحقة اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد.
ومن حيث إنه وقد قضى الحكم المطعون فيه بخلاف ذلك، يكون مخالفاً للقانون حقيقاً بالإلغاء.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المطعون ضدهما متضامنان بأن يدفعا للطاعن بصفته مبلغ 3922 ( ثلاثة آلاف وتسعمائة واثنين وعشرين جنيهاً) والفوائد القانونية المستحقة عن هذا المبلغ اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 15/ 10/ 1969 حتى تمام السداد، وألزمت المطعون ضدهما بالمصروفات.