مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 - فبراير 1987) - صـ 439

(68)
جلسة 20 من ديسمبر سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عادل عبد العزيز بسيوني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة علي فؤاد الخادم والدكتور محمد جودت الملط وصلاح عبد الفتاح سلامة وعوض السعدي علي المستشارين.

الطعن رقم 939 لسنة 29 القضائية

أكاديمية الفنون - أعضاء هيئة التدريس - تأديبهم:
المادة رقم (70) من القانون رقم 158 لسنة 1981 بتنظيم أكاديمية الفنون.
خول المشرع رئيس أكاديمية الفنون وحده سلطة تكليف أحد أعضاء هيئة التدريس بالأكاديمية أو ندب أحد أعضاء هيئة التدريس بكلية الحقوق بمباشرة التحقيق - لرئيس الأكاديمية أيضاً أن يطلب من النيابة الإدارية مباشرة التحقيق فيما ينسب إلى عضو هيئة التدريس بالأكاديمية - التكليف أو الندب أو الطلب لإجراء التحقيق مقصور فقط على مباشرة التحقيق دون أن يمتد إلى إجراءات المحاكمة أو ما يعقبها من الطعن في الأحكام - لرئيس الأكاديمية وحده حفظ التحقيق أو إحالة العضو إلى مجلس التأديب أو توقيع عقوبة في حدود ما قرره المشرع بنص المادة (76) من القانون رقم 158 لسنة 1981 - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 26 من فبراير 1983 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن السيد/ مدير عام النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 939 لسنة 29 ق في الحكم الصادر من مجلس التأديب بأكاديمية الفنون بجلسته المنعقدة بتاريخ 2 من يناير 1983 في القضية رقم 84 لسنة 1980 المقامة ضد السيد/.... والسيد/..... والقاضي بسقوط الدعوى التأديبية قبلهما بمضي المدة.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء حكم مجلس التأديب المطعون فيه والحكم بتوقيع الجزاء المناسب على المطعون ضدهما وإلزامهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن إلى ذوي الشأن على الوجه المبين بالأوراق أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى مجلس التأديب بأكاديمية الفنون لإعادة محاكمة المطعون ضدهما مجدداً من هيئة أخرى.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 26 من مارس 1986 وفيها دفع الحاضر عن المطعون ضدهما بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة وبجلسة 28 من مايو 1986 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الرابعة" لنظره أمامها بجلسة 21 من يونيه 1986 وبجلسة 11 من أكتوبر 1986 استمعت إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن ثم أرجأت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قدم في الميعاد القانوني.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يتضح من الأوراق في أنه بتاريخ 28/ 6/ 1980 أحال رئيس أكاديمية الفنون إلى النيابة الإدارية تقرير الرقابة الإدارية المتضمن ورود معلومات إليها تفيد أن السيدة/..... عميدة المعهد العالي للموسيقى العربية قامت بمنح السيد/..... عازف الناي شهادة البكالوريوس من المعهد في العام الدراسي 74/ 1975 بعد أن سمحت له بأداء الامتحان في ذلك العام ودون سابقة التحاقه بالدراسة بالمعهد في هذا العام أو في أي عام من الأعوام الدراسية السابقة له وذلك بغرض تمكينه من العمل بهيئة التدريس بالمعهد حيث يعمل مدرساً لآلة الناي بمكافأة وليس من أعضاء هيئة التدريس.
وبعد أن أجرت النيابة الإدارية تحقيقاً في الموضوع انتهت في 27/ 1/ 1982 إلى قيد الواقعة مخالفة إدارية بالمواد الواردة بتقرير الاتهام ضد كل من:
1 - السيدة/..... عميدة المعهد العالي للموسيقى العربية سابقاً وحالياً منتدبة رئيسة للبيت الفني للموسيقى بدرجة أستاذ جامعي.
2 -....... خبير موسيقي بالمعهد سالف الذكر بمكافأة شاملة لأنهما خلال عام 1975 أخرجا على مقتضى الواجب الوظيفي وسلكا مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب لكرامة وظيفتهما وإيذاءً من شأنه المساس بنزاهة عضو هيئة التدريس وأمانته وخالفا أحكام قانون العقوبات بأن اتفقت الأولى مع المخالف الثاني على منحه شهادة البكالوريوس من المعهد بدرجة امتياز لتعينه ضمن أعضاء هيئة التدريس بالمعهد وتحقيقاً لذلك سمحت الأولى للثاني بالتقدم لامتحان الشهادة المذكورة في العام الدراسي 74/ 1975 دون أن يكون مستوفياً للشروط المقررة له وقامت بامتحانه في مادة الناي وفن الارتجال ومنحته درجة ممتاز فيهما مما مكنه من الحصول على الشهادة سالفة الذكر رغم مخالفتها للحقيقة على النحو المبين بالأوراق.
وإحالة الأوراق إلى السيد الأستاذ رئيس أكاديمية الفنون لإحالة المخالفين المذكورين لمجلس التأديب المختص وصرف النظر عن إبلاغ النيابة العامة بالواقعة اكتفاء بالجزاء التأديبي.
وبتاريخ 31/ 1/ 1982 أحال الأستاذ رئيس الأكاديمية السيدة/..... إلى مجلس التأديب الذي انتهى في جلسته المنعقدة بتاريخ 3 من يناير 1983 إلى سقوط الدعوى التأديبية المقامة ضد المطعون ضدها بمضي المدة تأسيساً على أن المخالفة المنسوبة إلى المطعون ضدها على النحو المشار إليه قد وقعت في 1975 ولم تتسنى الجهة الإدارية في القيام بأي إجراء من إجراءات التحقيق إلا اعتباراً من 10 أغسطس 1980 حيث باشرت النيابة الإدارية إجراءات التحقيق الذي انتهى إلى المحاكمة التأديبية ومن ثم يكون قد مضت مدة تزيد على الثلاث سنوات من تاريخ وقوع المخالفة ومن آخر إجراء اتخذ فيها.
ومن حيث إن مبني الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أنه متى تحركت الدعوى التأديبية بمباشرة إجراءات التحقيق فيها فإن مدة التقادم الثلاثي يبدأ حسابها من تاريخ آخر إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة فضلاً عن أن الأفعال التي اقترفها المطعون ضدها تشكل جريمة جنائية ومن ثم لا تسقط الدعوى التأديبية إلا بسقوط الدعوى الجنائية إعمالاً لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 62 من القانون رقم 58 لسنة 1971 والذي حدثت الواقعة في ظل العمل به وهو ما جرت به المادة 91 من القانون رقم 58 لسنة 1971 والذي حدثت الواقعة في ظل العمل به وهو ما جرت به المادة 91 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بحسبان أن الدعوى التأديبية مرتبطة بالدعوى الجنائية، وأن الأخيرة لم تسقط بعد. ولما كانت الواقعة المنسوبة إلى المطعون ضدها تنطوي على جريمة التزوير في أوراق رسمية وهي جناية لا تسقط الدعوى بشأنها إلا بمضي عشر سنوات من وقوع الجريمة طبقاً لنص المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق والتحقيقات أنه على أثر تلقي معلومات تفيد أن المطعون ضدها الأولى قامت بمنع المطعون ضده الثاني شهادة البكالوريوس من المعهد العالي للموسيقى في العام الدراسي 1975 دون وجه حق على خلاف الحقيقة أحالهما السيد/ رئيس أكاديمية الفنون إلى النيابة الإدارية للتحقيق فانتهت إلى قيد الواقعة مخالفة إدارية بالمواد بتقرير الاتهام ضد المطعون ضدها وأعادت الأوراق إلى السيد/ رئيس الأكاديمية لإحالتهما إلى مجلس التأديب المختص والذي انتهى إلى إصدار الحكم المطعون فيه وإذ لم ترتض النيابة الإدارية بهذا الحكم فقد أقامت الطعن الماثل.
وقد ردت المطعون ضدها الأولى على الطعن بأن دفعت بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي حق ذلك لأن النيابة الإدارية ليس ممثلة في مجلس التأديب وقد أجرت التحقيق في هذه الحالة بنص خاص دون أن يكون لها ممثل خاص في مجلس التأديب لأن الذي له سلطة الإحالة إلى مجلس التأديب هو رئيس الأكاديمية وحده.
وعقبت إدارة قضايا الحكومة على ذلك بأن المادة 32 من القانون رقم 117 لسنة 1958 المشار إليه تقضي بأن يعتبر من ذوي الشأن الذين لهم الطعن في أحكام المحاكم التأديبية والمجالس التأديبية - رئيس ديوان المحاسبة ومدير النيابة الإدارية والموظف الصادر ضده الحكم - وأنه لذلك فإن النيابة الإدارية من حقها الطعن في حكم مجلس التأديب المشار إليه.
ومن حيث إن المادة 70 من القانون رقم 158 لسنة 1981 بتنظيم أكاديمية الفنون والذي طلب إلى النيابة الإدارية مباشرة التحقيق في ظل العمل به - تنص على أنه يكلف رئيس الأكاديمية أحد أعضاء هيئة التدريس في الأكاديمية من درجة لا تقل عن درجة من يجرى التحقيق معه بمباشرة التحقيق فيما نسب إلى عضو هيئة التدريس وله أن يندب أحد أعضاء هيئة التدريس في كلية الحقوق لهذا الغرض أو يطلب إلى النيابة الإدارية مباشرة هذا التحقيق ويقدم عن التحقيق تقريراً إلى رئيس الأكاديمية ولوزير الثقافة أن يطلب إبلاغه بهذا التقرير.
ولرئيس الأكاديمية بعد الاطلاع على التقرير أن يحفظ التحقيق أو أن يأمر بإحالة العضو المحقق معه إلى مجلس التأديب إذا رأى محلاً لذلك أو أن يكتفي بتوقيع عقوبة عليه في حدود ما تقرره المادة 76.
ومن حيث إن مقتضى هذا النص أن لرئيس الأكاديمية وحده أن يكلف أحد أعضاء هيئة التدريس بالأكاديمية أو أحد أعضاء هيئة التدريس بكلية الحقوق بمباشرة التحقق أو أن يطلب من النيابة الإدارية مباشرة التحقيق فيما ينسب إلى عضو هيئة التدريس بالأكاديمية وهذا التكليف أو الندب أو الطلب لإجراء التحقيق قاصر فقط على مباشرة التحقيق دون أن يمتد إلى إجراءات المحاكمة أو ما يعقبها من طعن في الأحكام - ولرئيس الأكاديمية وحده أن يحفظ التحقيق أو إحالة العضو المحقق معه إلى مجلس التأديب أو أن يكتفي بتوقيع عقوبة عليه في حدود ما تقرره المادة 76 من ذات القانون.
ومن حيث إن الثابت في الطعن الماثل أن النيابة الإدارية طلب منها إجراء التحقيق مع المطعون ضدها باعتبارها إحدى الجهات التي خول القانون رئيس الأكاديمية أن يعهد إليها بإجراء التحقيق ومن ثم تقتصر سلطتها في هذا الشأن على ما خولت فيه فقط وهو إجراء التحقيق دون أن يتعدى ذلك إلى التمثيل في المحاكمة أو الطعن في الأحكام التي تصدر بناء على هذا التحقيق.
يؤكد ذلك ما تضمنه كتاب السيد/ مدير النيابة الإدارية المؤرخ 30 من يناير سنة 1983 والموجه إلى رئيس الأكاديمية من أن مباشرة النيابة الإدارية للتحقيق في واقعات القضية المذكورة بناء على طلب الأستاذ الدكتور رئيس أكاديمية الفنون إعمالاً لحكم المادة (70) من القانون رقم 158 لسنة 1981 بتنظيم أكاديمية الفنون وأنه لا اختصاص للنيابة الإدارية بالتحقيق مع أعضاء هيئة التدريس بأكاديمية الفنون إلا بناء على طلب رئيس الأكاديمية وأنه لورود هذا الطلب فقد باشرت النيابة الإدارية اختصاصها وأجرت تحقيقاتها في واقعات القضية وانتهت إلى رأيها الوارد بمذكرتها بالتصرف في القضية وهو إرسال الأوراق إلى رئيس الأكاديمية لإحالة المخالفين لمجلس التأديب وصرف النظر عن إبلاغ النيابة العامة بالواقعة اكتفاء بالجزاء التأديبي.
وقد أحالت الأكاديمية المخالفين إلى مجلس التأديب. أما عن الشق الثاني من رأي النيابة الإدارية وهو صرف النظر عن إبلاغ النيابة العامة فإن الأكاديمية وشأنها في إبلاغ النيابة العامة بالواقعة إذا رأت ذلك باعتبار أنها الجهة صاحبة الاختصاص في التصرف في القضية.
ومن حيث إنه لا يصح في ذلك أو يغير فيه القول بما تقضي به المادة 32 من القانون رقم 117 لسنة 1958 سالف الذكر من أن أحكام المحاكم التأديبية نهائية ولا يجوز الطعن فيه إلا أمام المحكمة الإدارية العليا... ويعتبر من ذوي الشأن في حكم المادة 23 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 رئيس ديوان المحاسبة ومدير النيابة الإدارية، ذلك أن مفاد هذا النص أن مدير النيابة الإدارية يعتبر من ذوي الشأن الذين يجوز لهم الطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية إعمالاً لصريح نص المادة 23 سالفة البيان ودون أن يمتد ذلك إلى القرارات الصادرة من مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بأكاديمية الفنون وهو مجلس ينظم تشكيله والإجراءات المتبعة أمامه القانون رقم 158 لسنة 1981 المشار إليه والذي يستفاد منه أن رئيس الأكاديمية هو صاحب الصفة في الطعن في تلك القرارات فضلاً عن ذوي الشأن من أعضاء هيئة التدريس المحالين إلى هذه المجالس.
ومن حيث إنه متى استبان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن النيابة الإدارية هي التي طعنت في قرار مجلس التأديب المشار إليه دون أن تكون ممثلة في الدعوى أو يطلب منها ذلك وليست مفوضة من رئيس أكاديمية الفنون في إقامة هذا الطعن ومن ثم فلا صفة لها في الطعن الماثل وبالتالي يكون هذا الطعن مقدماً من غير ذي صفة مما يتعين القضاء بعدم قبوله.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة.