مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 - فبراير 1987) - صـ 654

(100)
جلسة 17 من يناير سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وفاروق عبد الرحيم غنيم والسيد السيد عمر المستشارين.

الطعن رقم 1246 لسنة 29 القضائية

أموال الدولة العامة والخاصة - إزالة التعدي عليها بالطريق الإداري - قرار الإزالة.
القانون رقم 147 لسنة 1957 بتعديل المادة 970 في القانون المدني - تعتبر الأرض مملوكة لواضع اليد متى اكتملت مدة التقادم المكسب للملكية قبل العمل بالقانون رقم 147 لسنة 1957 الذي حظر تملك أموال الدولة الخاصة بالتقادم - مؤدى ذلك: - أن وجود واضع اليد في أرضه ينفي صفة التعدي الموجبة لصدور قرار إزالة هذا التعدي بالطرق الإداري - صدور حكم قضائي لصالح واضع اليد يدل على أن النزاع بينه وبين جهة الإدارة هو نزاع حول الملكية يختص به القضاء - مؤدى ذلك: - عدم وجود مبرر لقرار إزالة التعدي - أساس ذلك: - أن حق الدولة وغيرها من الجهات العامة في أموالها الخاصة هو حق ملكية مدنية شأنها في ذلك شأن الأفراد - لا تلجأ الإدارة إلى إصدار قرار الإزالة إلا إذا كان ادعاء الملكية قائماً على سند جدي له أصل ثابت في الأوراق - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 20 من مارس 1983 أودعت إدارة قضايا الحكومة (هيئة قضايا الدولة بمقتضى القانون رقم 10/ 1986) نيابة عن رئيس مجلس مدينة القناطر الخيرية قليوبية ورئيس الوحدة المحلية بالمنيرة مركز القناطر الخيرية ومأمور مركز القناطر الخيرية قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 1246 لسنة 29 القضائية ضد:
1 - عوض سالم الشعراوي.
2 - إبراهيم عبد الرحمن باشا.
3 - كامل إبراهيم الشافعي القاضي.
4 - أمين عبد الرحمن القاضي.
5 - محمد أحمد شيطة (صحة الاسم محمد أحمد شقيطة).
6 - محمد أحمد شاهين (صحة الاسم محمد محمد شاهين القاضي).
7 - أحمد محمد علي القاضي.
8 - عبد الحافظ مصطفى باشا.
9 - محمد عبد المجيد جاد (صحة الاسم محمد عبد الحميد جاد).
10 - إبراهيم قدس السعداوي (صحة الاسم إبراهيم موسى الشعراوي).
11 - محمود محمود باشا (صحة الاسم محمد محمود باشا).
12 - أحمد محمد صالح.
13 - فؤاد عبد الحميد شبيطة (صحة الاسم نوار عبد الحميد شقيطة).
14 - سيد عفيفي حسن.
15 - مصطفى عبد الرحمن الباطش.
16 - سيد عوض الشعراوي.
17 - سالم نصر الشعراوي.
18 - حسن عطية القاضي.
19 - محمد صالح (صحة الاسم محمود صالح).
20 - عبد الحليم أحمد شبيطة (صحة الاسم عبد الحليم أحمد شقيطة) - في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 20 من يناير 1983 في الدعوى رقم 4705 لسنة 36 القضائية الذي قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم 53 لسنة 1982 وبإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. وطلب الطاعنون للأسباب المبينة في تقرير الطعن الأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وأعلن تقرير الطعن قانوناً كما أعلن به ورثة المطعون ضده الثامن وهم منير فريد مصطفى باشا وفاطمة فريد مصطفى باشا وحسنين فريد مصطفى باشا وفوزية فريد مصطفى باشا، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرها في الطعن واقترحت الحكم برفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة بالمصروفات. وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 1/ 4/ 1985 وتداول أمامها بالجلسات على الوجه المبين بالمحاضر حتى قررت بجلسة 3/ 2/ 1986 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) لنظره بجلسة 8/ 3/ 1986 فنظرته المحكمة وتداول بجلساتها على الوجه المبين بمحاضرها وبعد أن سمعت ما رأت لزومه من إيضاحات قررت بجلسة 20/ 12/ 1986 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أنه بتاريخ 18/ 7/ 1982 أقام المطعون ضدهم الدعوى رقم 4705 لسنة 36 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) ضد الطاعنين وطلبوا الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الأمر رقم 53 لسنة 1982 الصادر ضدهم من مجلس مدينة القناطر الخيرية بتاريخ 30/ 5/ 1982 بإزالة التعدي بالبناء على قطعة الأرض رقم 9 حوض دير الناحية/ 13 ملك الدولة بناحية المنيرة وفي الموضوع بإلغائه واعتباره كأن لم يكن مع المصاريف والأتعاب، وسندهم في ذلك أن القرار المطعون فيه جاء مخالفاً للقانون: ذلك أن المساحة المذكورة مملوكة لهم ملكية خاصة بمستندات رسمية فضلاً عن الإنشاء والتعمير خلفاً عن سلف مدة تزيد على خمسين عاماً ولا دليل على ملكية الدولة، كما أنهم أقاموا الدعوى رقم 1377/ 1982 مدني كلي قليوب بتثبيت ملكيتهم. وعقبت الإدارة بأنه بالاستفسار عن ملكية هذه القطعة من مصلحة الضرائب العقارية بالقناطر الخيرية أفادت بأنه بالاطلاع على سجلات المساحة الحديثة ص 267 مسلسل 945 وجد أن القطعة 10 س، 23 ط قيراط - حوض داير الناحية نمرة 13 تكليف جرن روك أهالي ومعفاة من الأموال الأميرية ومقابل معاملة المنافع العامة. كما أفادت مديرية المساحة بالقليوبية بأنه بالرجوع إلى دفاتر المساحة الحديثة للناحية المعتمدة/ 1933 وجد أن القطعة 9 حوض نمرة 13 بالمنيرة بمسطح 10 س، 23 ط قيراط جرن روك أهالي وقد صدر القرار المطعون فيه بعد أن قامت الشئون القانونية بإعداد مذكرة بهذا الشأن فأشار المحافظ بأن يزال التعدي وعلى المتضرر أن يقوم ما يثبت ملكيته. فطلب المدعون شراء هذه القطعة ودفع الثمن بحسب تقدير الجهات المختصة ولم يتقدم للشراء سوى المواطن محمد عبد الحميد جاد. ثم تقرر اعتبار القطعة مخصصة لغرض ري نفع عام ويتعين إزالة التعدي الواقع عليها.
وبجلسة 20/ 1/ 1983 أصدرت المحكمة حكمها موضوع الطعن الماثل وأقامت قضاءها على أن الركنيين المشترطين لإجابة طلب وقف التنفيذ قد تحققا: فركن الاستعجال قائم لما يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه من نتائج يتعذر تداركها فهو يتضمن إزالة مباني مقامة على قطعة الأرض المذكورة. وركن الجدية متوافر أيضاً بحسب الظاهر من الأوراق بناء على مستندات المدعين: فالمحضر العرفي المؤرخ 15/ 2/ 1981 الموقع عليه من عمدة الناحية وعضو المجلس المحلي ورئيس لجنة الحصر تضمن أن قطعة الأرض المذكورة ملك الأهالي وليست واردة بسجل أملاك واستمارة 85 أملاك أميرية، كذلك القطع أرقام 7 و8 و18 ملك الأهالي أيضاً إقرار عمدة الناحية المعتمد من المجلس المحلي بالمنيرة بمحافظة القليوبية تضمن أن هذه القطعة ملك لأصحابها واضعي اليد عليها منذ مدة طويلة وأنهم قاموا بالبناء عليها وليست للدولة أملاك بهذه المنطقة. كذلك والإقرار الصادر من أعضاء مجلس شعبي محلي المنيرة مركز القناطر الخيرية المعتمد من المجلس المحلي تضمن أنه ليس لمصلحة الأملاك ملك بهذه القطعة وأنها ملك الأفراد كل بحسب وضع يده، والكشف الرسمي المستخرج من سجلات مصلحة الضرائب العقارية أفاد بأنه وجد بدفتر سجل المساحة سنة 1902 حوض داير الناحية/ 13 القطعة رقم 9 ص 80 أن الأرض مكلفة باسم الأهالي. كما أقام المدعون الدعوى رقم 1377/ 1982 مدني كلي قليوب بتثبيت ملكيتهم لهذه الأرض وبذلك يكون ادعاؤهم قائماً على أسباب جدية بما يقتضي وقف تنفيذ القرار المطعون فيه دون أن يغير من ذلك ما ورد بدفاع جهة الإدارة من أن الأرض ملك للدولة طالما لا يوجد مستندات رسمية تقطع بذلك...
ومن حيث إن الطعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله لسببين: الأول أن الحكم المستند إلى أن الجهة الإدارية لم تقدم أي دليل على ملكيتها لهذه الأرض مع أنها سبق أن قدمت أثناء فترة حجز الدعوى للحكم الطلب الذي تقدم به المطعون ضدهم إلى محافظ القليوبية بإرجاء تنفيذ الإزالة مع قبولهم شراء الأرض بالثمن الذي تحدده المحافظة وهو بمثابة إقرار منهم بأن الأرض المذكورة مملوكة للدولة وإذا التفت الحكم عن هذا المستند القاطع فيكون مشوباً بالقصور في التسبيب المؤدي إلى بطلانه. والثاني أن الثابت من مستندات الإدارة أن قطعة الأرض موضوع النزاع جرن روك أهالي على ما أفادت بذلك مديرية المساحة ومأمورية الضرائب العقارية، ومن ثم تعد من أملاك الدولة الخاصة فيكون القرار الصادر بإزالة التعدي الواقع عليها والمطعون فيه مستنداً إلى سبب صحيح يبرره ومطابقاً لحكم المادة 970 من القانون المدني التي تستهدف حماية تلك الأموال بإزالة التعدي عليها بالطريق الإداري.
ومن حيث إنه أثناء نظر الطعن قدمت الحكومة صورة رسمية من الحكم الصادر من محكمة بنها الابتدائية - مأمورية قليوب الكلية - بجلسة 29/ 6/ 1985 في الدعوى رقم 1377 لسنة 1982 مدني كلي قليوب المرفوعة من المطعون ضدهم ضد الطاعنين بشأن طلب تثبيت ملكيتهم لمساحة 10 س 23 ط بحوض داير الناحية 13 قطعة رقم 9 بزمام المنيرة مركز القناطر الخيرية الصادر بشأنها الأمر رقم 53 لسنة 1982 من مجلس مدينة القناطر الخيرية المطعون فيه وقضى الحكم بتثبيت ملكية المدعين لهذه الأرض بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية تأسيساً على ما أثبته تقرير الخبير المنتدب في الدعوى من أن المدعيين يضعون اليد على عين النزاع منذ أكثر من خمسين عاماً بصفة ظاهرة وهادئة ومستمرة وبنية التملك وأن مبدأ عدم تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة أو كسب أي حق يمبني عليها بالتقادم إنما تقرر بمقتضى القانون رقم 147/ 1957 وهو لا يسري بأثر رجعي. كما قدمت صورة من صحيفة الاستئناف رقم 543 لسنة 8 المقام من الطاعنين عن الحكم المشار إليه ومحدد له جلسة 3/ 3/ 1987 للإعلان وخريطة مساحية تخص محافظة القليوبية ذكر فيها أنها عملت بمصلحة المساحة المصرية 1934 وأيد طبعها سنة 1937 ثم سنة 1940 ثم سنة 1949 وقد تضمنت القطعة نمرة 13 (9) حوض داير الناحية ولم يذكر في بيانات الخريطة الأصلية أن هذه الأرض جرن روك أهالي وإنما أشار إليها مهندس المساحة فذكر: أن القطعة المشار إليها هي القطعة رقم 9 حوض داير الناحية رقم 13 بناحية المنيرة ومساحتها 10 س 23 ط تكليف جرن روك الأهالي وهي معفاة من الأموال الأميرية وتعامل معاملة المنافع العامة وهذه خريطة مساحية معتمدة بذلك. وكشف رسمي مستخرج من سجلات مصلحة الضرائب العقارية مؤرخ 25/ 10/ 1986 وثانياً: أنه وجد من واقع دفتر المكلفة سجل المساحة الحديثة 1935 للآن استمارة 1 صفحة 137 جزء رقم 1 ناحية المنيرة بمركز القناطر أن القطعة رقم 9 بمساحة 10 س 23 ط جرن روك أهالي وارد المكلفة استمارة 201 منافع بحوض داير الناحية 13 و8 من المقدار 15 ط 1 ف باسم جرن روك الأهالي.
ومن حيث إن الظاهر من الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر بإزالة مباني مقامة على قطعة أرض في وضع يد المطعون ضدهم منذ أمد بعيد وظاهرهم في ذلك المستندات المقدمة منهم أمام المحكمة المطعون في حكمها ثم الحكم الصادر من محكمة بنها الابتدائية في الدعوى رقم 1377/ 1982 مدني كلي قليوب الذي قضى بتثبيت ملكيتهم لمساحة 10 س 23 ط بحوض داير الناحية رقم 13 القطعة رقم 9 زمام المنيرة مركز القناطر الخيرية وهي ذات الأرض موضوع النزاع، أما سند الجهة الإدارية في ادعائها ملكية الأرض وفي إصدار قرارها المطعون فيه فهو قائم على أساس أن الأرض المذكورة جرن روك الأهالي المعتبرة من المنافع العامة، وذلك وحده لا يكفي لاستظهار السبب المشروع للقرار المذكور فقد تكون الأرض حقاً كذلك ثم تزول عنها صفته المنفعة العامة بالفعل كما يقضي القانون فتضحى ملكاً خاصاً للدولة فإذا ما استطال وضع اليد عليها من الغير وكانت مدة التقادم المكسب قد اكتملت قبل العمل بالقانون رقم 147/ 1957 بتعديل المادة 970 من القانون المدني الذي حظر تملك أموال الدولة الخاصة بالتقادم أضحت مملوكة لا سيما بعد صدور حكم قضائي يساندهم في ادعائهم وبغض النظر عن الطعن فيه بالاستئناف. فذلك إن دل على شيء فهو يدل على أن نزاعاً جدياً مثاراً حول ملكية هذه الأرض وأن الوسيلة الطبيعية لحسمه هو الحكم القضائي ولسبب القرار الإداري بالإزالة والذي يعتبر وسيلة استثنائية فيتضمن خروجاً على الأصل المقرر الذي يقضي بأن حق الدولة وغيرها من الجهات العامة في أموالها الخاصة هو حق ملكية مدنية شأنها في ذلك شأن الأفراد ومن ثم فلا تلجأ إلى هذه الوسيلة إلا إذا كان ادعاؤها الملكية قائماً على سند جدي له أصل ثابت في الأوراق. وبناء على ذلك يكون الحكم المطعون فيه قد صادف الصواب في قضائه ويكون الطعن عليه في غير محله فيتعين الحكم برفضه وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات..

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.