مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة 32 - الجزء الثاني (أول مارس 1987 - 30 سبتمبر 1987) - صـ 1188

(181)
جلسة 28 من إبريل سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح السيد بسيوني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة شفيق محمد سليم مصطفى وفاروق علي عبد القادر وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي وعطية الله رسلان أحمد فرج المستشارين.

الطعن رقم 3267 لسنة 29 القضائية

عامل - عامل مؤقت - انتهاء خدمته.
قرار رئيس الجمهورية رقم 218 لسنة 1960 بشأن العمال المؤقتين.
متى عين العامل بصفة مؤقتة تميزت طبيعة الرابطة القانونية التي تحدد مركزه القانوني في علاقته بالحكومة بأحد أمرين أولهما: - أن يكون التعيين لمدة محددة: في هذه الحالة يعتبر العامل مفصولاً تلقائياً بانتهاء المدة المحددة لخدمته سواء انتهت الأعمال المعين لأدائها أو نفذت الاعتمادات المخصصة لها أم لا - ثانيهما: - أن يعين العامل بصفة مؤقتة دون تحديد مدة: في هذه الحالة يعتبر مفصولاً عقب كل يوم يقوم به بغض النظر عن استطالة مدة العامل أو عدم انتهاء الأعمال المعين عليها أو نفاذ الاعتمادات المالية المخصصة لها - قرار رئيس الجمهورية رقم 218 لسنة 1960 أورد قيداً على سلطة جهة الإدارة هو عدم فصل أي عامل مؤقت أو موسمي إلا بالطريق التأديبي قبل انقضاء المدة المحددة لخدمتهم المؤقتة أو قبل انتهاء الأعمال المعين عليها أو نفاذ الاعتمادات المخصصة لها - ينتفي هذا القيد إذا انتهت الأعمال المسندة للعامل أو انتهت مدة استخدامه أو نفذت الاعتمادات المخصصة لتلك العمال - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 14/ 8/ 1983 أودع الأستاذ إسماعيل فودة المستشار - بهيئة مفوضي الدولة تقرير طعن بقلم كتاب المحكمة نيابة عن السيد المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - الدائرة الاستئنافية - بجلسة 15/ 6/ 83 في الطعن رقم 287 لسنة 12 ق المقام من عادل عبد اللطيف محمد ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات الصرف بصفته المدعي وألزمت الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي، وطلب الطاعن في تقرير طعنه الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء في الطعن بقبوله شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وبعد إعلان الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة التي قامت بتحضيره وتهيئته للمرافعة وأودعت فيه تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه. وبرفض الدعوى.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 3/ 12/ 1986 وبجلسة 21/ 1/ 1987 قررت الدائرة إحالة الطعن للمرافعة أمام الدائرة الثالثة "موضوع" بالمحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره أمامها جلسة 17/ 2/ 1987. وبهذه الجلسة والجلسات التالية سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن وأرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها أودعت مسودة الحكم المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أن السيد/ عادل عبد اللطيف محمد قد أقام الدعوى رقم 4 لسنة 25 ق ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات الصرف بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة الري بتاريخ 13/ 11/ 1977 طلب فيها الحكم بإلغاء قرار صدر اعتباراً من 21/ 8/ 1977 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الهيئة بالتعويض المناسب والمصروفات. وأسس دعواه على أنه كان يعمل بالهيئة المدعى عليها بوظيفة كاتب بإدارة شئون العاملين من 10/ 6/ 1971 وكان يؤدي عمله على أحسن وجه إلى أن فوجئ بفصله من العمل من 21/ 8/ 1977 وتظلم من هذا القرار في 7/ 9/ 1977، ونعى على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون لأن الهيئة المدعى عليها كانت تعينه صورياً بعقود مؤقتة إلا أنه استمر في عمله دون انقطاع بعد انتهاء المدة المحددة له الأمر الذي ينفي عنه صفة التأقيت، وحتى بافتراض كونه من العاملين المؤقتين فإن قرار فصله يخالف أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 218 لسنة 1960 بشأن العمال المؤقتين الموسميين الذي حظرت المادة الأولى منه فصل هؤلاء العمال إلا بالطريق التأديبي.
ونظرت المحكمة الإدارية الدعوى على النحو المبين بمحاضر جلساتها وبجلسة 10/ 2/ 1980 حكمت بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت أن الطاعن عين بصفة مؤقتة لمدد معينه كانت الهيئة تقوم بعد انتهائها بإعادة تعيينه بصفة مؤقتة أيضاً لمدة أخرى تقل عن الستين يوماً بناء على طلب يقدم منه في كل مدة واستمر كذلك حتى تقرير الاستغناء عنه في 21/ 8/ 1977، وأن المستقر عليه أن تعيين العامل بصفة مؤقتة يتحدد على أساسه مركزه القانوني وعلاقته بالحكومة وفق أوضاع الميزانية والأصل أن يعتبر العامل المؤقت مفصولاً بانتهاء المدة المحددة لخدمته المؤقتة فإذا عين لمدة أخرى محددة كان ذلك تعيناً جديداً له صفة التأقيت أيضاً، ولا تنقلب صفة التأقيت إلى صفة دائمة لأن هذا يتعارض مع أوضاع الميزانية ويخضعها لظروف العامل من جهة ويخالف أحكام كادر العمال من جهة أخرى، ومن ثم فإن قرار الاستغناء عن الطاعن بإنهاء خدمته قد صدر سليماً ومتفقاً وأحكام القانون ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس القانون وإذ لم يقبل المدعي هذا الحكم فقد طعن فيه أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة الاستئنافية) بالطعن رقم 287 لسنة 12 ق. س بتقرير طعن أودع قلم كتابها بتاريخ 10/ 4/ 1980. طلب فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلغاء قرار فصله الصادر بتاريخ 21/ 8/ 1977 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الهيئة الطاعنة بأن تؤدي له التعويض المناسب والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة ونظرت المحكمة الطعن وبجلسة 15/ 6/ 1983 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإلغاء قرار فصل المدعي وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات عن درجتي التقاضي.
وأقامت المحكمة قضاءها - بعد استعراض حالة الطاعن - على أسباب محصلها أنه استبان لها بجلاء أن الهيئة المطعون ضدها قد لجأت إلى التحايل على الأحكام القانونية المنصوص عليها في القرار الجمهوري رقم 218 لسنة 1960 بشأن العمال المؤقتين والموسمين الذي نصت مادته الأولى على أن "يحضر على الوزارات والمصالح الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة فصل أي عامل مؤقت أو موسمي إلا بطريق التأديبي "فلجأت إلى اتخاذ إجراء شكلي وهو تعيين الطاعن لمدة تتراوح بين 55، 58 يوماً ثم يعاد تعينه واستمر الحال كذلك لمدة بلغت الست سنوات حتى لا تسري أحكام القرار الجمهوري سالف الذكر، وبالتالي يكون قرار فصل الطاعن قد صدر على خلاف القانون ويستوجب الإلغاء وإذ صدر الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون مستوجب الإلغاء.
ومن حيث إن الطعن في هذا الحكم يقوم على مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وذلك لأنه لم يثبت من الأوراق أن الهيئة العامة لمشروعات الصرف تحايلت على أحكام القرار الجمهوري رقم 218 لسنة 1960 بل على العكس فإن هناك عدة مكاتبات من الهيئة لوزارة المالية بطلب تدبير اعتماد لإنشاء درجات دائمة لتعيين العاملين المؤقتين عليها ومنهم المطعون ضده وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد استند إلى أساس خاطئ، كما أن قرار رئيس الجمهورية رقم 218 لسنة 1960 وإن كان قد حظر على الوزارات والمصالح الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة فصل أي عامل مؤقت أو رسمي إلا بالطريق التأديبي - إلا أنه لم يمس حق الإدارة في فصل العامل المؤقت أو الموسمي عند انتهاء الأعمال التي عين عليها أو نفاذ الاعتمادات المخصصة لها، ولا تملك الإدارة سلطة تقدير ملاءمة الإبقاء على العامل المؤقت أو الموسمي بل أن خدمته تعتبر منتهية لزوماً بانتهاء الأعمال أو نفاذ الاعتماد وتنقطع علاقته بالحكومة لزوال حاجة العمل إليه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن العامل متى عين بصفة مؤقتة وتخصصت طبيعة الرابطة القانونية التي تحدد مركزه القانوني في علاقته بالحكومة عند التعيين على هذا النحو فهو إما أن يكون معيناً لمدة محددة وعندئذ يعتبر مفصولاً تلقائياً بانتهاء المدة المحددة لخدمته المؤقتة سواء انتهت الأعمال المعين عليها أو نفذت الاعتمادات المخصصة لها أم لا ما لم يجدد تعيينه بهذه الصفة المؤقتة أو بصفة أخرى فيكون هذا تعييناً جديداً بشروطه وأوضاعه، وإما أن يكون معيباً بصفة مؤقتة دون تحديد مدة وفي هذه الحالة يعتبر مفصولاً عقب كل يوم عمل يقوم به وإن طال قيامه بهذا العمل ولو لم تنته الأعمال المعين عليها أو تنفيذ الاعتمادات المالية المخصصة لها وبصدور قرار رئيس الجمهورية رقم 218 لسنة 1960 - الذي نص في مادته الأولى على أن "يحظر على الوزارات والمصالح الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة فصل أي عامل مؤقت أو موسمي إلا بالطريق التأديبي "فقد أورد قيداً على ما للإدارة من سلطة تقديرية في فصل هؤلاء العمال في أي وقت كان قبل انقضاء المدة المحددة لخدمتهم المؤقتة أو قبل انتهاء العمال المعيين عليها أو نفاذ الاعتمادات المرصودة لها، غير أن هذا الحظر لا يمس بسلطة الإدارة المقيدة في فصل العامل المؤقت أو الموسمي عند انتهاء الأعمال التي عين عليها أو نفاذ الاعتمادات المخصصة لها وهذا الفصل يتعين إعماله خارج نطاق الحظر متى توافرت أسبابه، إذ لا تملك الإدارة سلطة تقدير ملائمة الإبقاء على العامل المؤقت في هذه الحالة وتنقطع علاقته بالحكومة لزوال حاجة العمل إليه أو لانعدام الصرف المالي الأجرة إذ لا صرف بغير اعتماد ولم يخرج القرار - الجمهوري رقم 218 لسنة 1960 المشار إليه على هذا الأصل بل أوردته مادته الثانية مما يؤخذ منه أنه حدد نطاق الحظر المنصوص عليه في مادته الأولى بنفسه على تحريم فصل العمال المؤقتين الموسميين أثناء قيامهم بالعمل المكلفين به وقبل انتهائه أو نفاذ الاعتمادات إلا بالطريق التأديبي لا بغير ذلك.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده عين بالهيئة العامة لمشروعات الصرف بصفة مؤقتة لمدة عشرين يوماً على اعتمادات الباب الثالث وأعيد تعيينه بذات الصفة لمدة تتراوح بين 55، 58 يوماً في كل مدة بناء على طلب يقدم منه في هذا الخصوص ومن المستقر عليه أنه مهما استطالت مدد التعيين المؤقت على هذا النحو فلا تنقلب الصفة المؤقتة إلى دائمة لتعارض ذلك مع أوضاع الميزانية، ولا حجة فيما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن جهة الإدارة قد لجأت إلى التحايل على أحكام القرار الجمهوري رقم 218 لسنة 1960 بإعادة تعيين المطعون ضده بصفة مؤقتة. لأن هذا القول يخالف الثابت من الأوراق من أن جهة الإدارة قد طلبت عدة مرات على سنوات متتالية من وزارة المالية تدبير اعتماد مالي ميزانيتها لتعيين العمال المؤقتين ومنهم المطعون ضده. ولما لم يستحب لطلبها وانتهت المدة المحددة له أمسكت عن إعادة تعيينه مرة أخرى بصفة مؤقتة، وهو ما فسره المطعون ضده على أنه فصل له من الخدمة والحقيقة أن خدمته تعتبر منتهية قانوناً بانتهاء المدة المؤقتة المحددة له. ويكون تصرف الإدارة في هذا الشأن متفقاً وأحكام القانون، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى خلاف هذا المذهب وقضى بإلغاء قرار فصل المطعون ضده فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وبرفض الطعن رقم 257 لسنة 12 ق س المقام من المطعون ضده في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الري في الدعوى رقم 4 لسنة 25 ق.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الطعن رقم 257 لسنة 12 ق س المقام من المطعون ضده في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الري في الدعوى رقم 4 لسنة 25 ق وألزمت المطعون ضد بالمصروفات.