أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 38 - صـ 979

جلسة 22 من نوفمبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ أحمد ضياء عبد الرازق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طلعت أمين صادق، محمد عبد القادر سمير، حماد الشافعي وزكي عبد العزيز.

(208)
الطعن رقم 327 لسنة 52 القضائية

(1) نقض "أسباب النقض". نظام عام.
الأسباب المتعلقة بالنظام العام. للخصوم والنيابة وللمحكمة إثارتها. شرطه. أن تكون متعلقة بالجزء المطعون عليه من الحكم.
(2) عمل "العاملون بالقطاع العام: إنهاء الخدمة".
إنهاء خدمة العامل في ظل القانون 8 لسنة 1978. عدم خضوعه لرقابة القضاء، إلا فيما يتعلق بطلب التعويض. الاستثناء. الفصل بسبب النشاط النقابي. م 75/ 6 من القانون 91 لسنة 1959.
(3) حكم "تسبيب الحكم".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته.
1 - مفاد المادة 253 من قانون المرافعات أنه يجوز للمطعون ضده - كما هو الشأن بالنسبة للنيابة العامة ولمحكمة النقض - أن يثير في الطعن ما تعلق بالنظام العام، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون وارداً على الجزء المطعون عليه من الحكم.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إنهاء خدمة العامل في ظل نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 تسري عليه الأحكام الواردة في الفصل الثاني عشر منه، وأن خلو هذا النظام من نص يجيز إلغاء قرار إنهاء خدمة العامل وإعادته إلى العمل مؤداه أن القرار الصادر بإنهاء الخدمة لا يخضع لرقابة القضاء إلا في خصوص طلب التعويض عن الضرر الناجم عنه، ما لم يكن هذا الإنهاء بسبب النشاط النقابي وهو ما نصت عليه الفقرة السادسة من المادة (75) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 والتي تسري على العاملين بشركات القطاع العام لعدم ورود نص في شأنها في النظام الخاص بهم، وفق ما تقضي به المادة الأولى من نظام العاملين المشار إليه.
3 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما تتعارض به الأسباب وتتهاتر فتتماحى ويسقط بعضها بعضاً بحيث لا يبقى منها ما يقيم الحكم ويحمله ويبرر قضاءه أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضى الحكم بما قضى به في منطوقه، أما إذا اشتمل الحكم على أسباب تكفي لحمله وتبرر قضاءه ودون تعارض أسبابه فلا محل للنعي عليه بالتناقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدها - شركة النصر للتصدير والاستيراد - الدعوى رقم 1278 سنة 1980 عمال كلي جنوب القاهرة بطلب الحكم بإلغاء قرار فصله وإعادته إلى عمله بالشركة وصرف ما يستحق من أجر ومكافآت وأرباح من تاريخ الفصل وإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي له تعويضاً مقداره 10000 ج وقال بياناً لها أنه تقدم في أول سبتمبر سنة 1979 بطلب للحصول على أجازة بدون مرتب لمدة عام للسفر برفقة زوجته التي تعمل بالخارج غير أن مجلس إدارة الشركة لم يوافق على الأجازة، وتبين بعد عودته أنها فصلته من عمله دون مبرر ومن ثم فقد أقام الدعوى بطلباته آنفة البيان وبجلسة 31/ 1/ 1980 حكمت المحكمة برفض طلب إلغاء قرار الفصل وأحالت الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع شاهدي الطاعن قضت بجلسة 30/ 5/ 1981 بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي له تعويضاً مقداره 700 جنيهاً. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 778 لسنة 98 ق القاهرة كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 909 لسنة 98 ق القاهرة ضمت المحكمة الاستئنافين وبجلسة 26/ 12/ 1981 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. دفعت المطعون ضدها بعدم قبول الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضدها أن الطاعن لم يستأنف الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 31/ 1/ 1981 برفض طلب قرار فصله من العمل، وهو حكم منه للخصومة في هذا الشق في النزاع وقابل للطعن عليه استقلالاً، إلا مع الحكم الصادر من 30/ 5/ 1981 وبعد فوات ميعاد استئنافه وكان على المحكمة أن تقضي لذلك بسقوط حقه في استئناف هذا الحكم من تلقاء نفسها لتعلق مواعيد الطعن بالنظام العام مما يترتب عليه كون الطعن بالنقض بدوره غير مقبول.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أنه وإن كان مفاد المادة 253 من قانون المرافعات أنه يجوز للمطعون ضده - كما هو الشأن بالنسبة للنيابة العامة ولمحكمة النقض - أن يثير في الطعن ما تعلق بالنظام العام، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون وارداً على الجزء المطعون عليه من الحكم فإذا كانت محكمة الاستئناف قد قضت في حكمها المطعون فيه بقبول استئناف الطاعن شكلاً للحكم الابتدائي الصادر في 31/ 1/ 1981 مع الحكم المنهي للخصومة أمام محكمة الدرجة الأولى الصادر بجلسة 30/ 5/ 1981. وكان الثابت أن المطعون ضدها قد ارتضت هذا القضاء ولم تطعن عليه بالنقض كما أن صحيفة الطعن المقام من الطاعن لم تحو إلا نعياً على القضاء الموضوعي في الاستئناف فإن ما تثيره المطعون ضدها لهذا الدفع لا يكون وارداً على الجزء المطعون فيه من الحكم ويكون الدفع في غير محله.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه انتهى إلى رفض طلبه بإلغاء قرار فصله استناداً إلى عدم وجود نص تشريع يمسح بإعادة العامل المفصول إلى عمله ما لم يكن الفصل بسبب نشاطه النقابي وذلك إعمالاً الحكم المادة "75" من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 في حين أن تشريعات العاملين بالقطاع العام لم يرد بها نص يمنع القضاء المدني إذا تبين له عدم مشروعية قرار الفصل من أن يحكم ببطلانه وإعادة العامل إلى عمله لأن الأصل طبقاً لأحكام القانون المدني أن يكون التنفيذ عينا متى كان ذلك ممكناً.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إنهاء خدمة العامل في ظل نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 تسري عليه الأحكام الواردة في الفصل الثاني عشر منه، وأن خلو هذا النظام من نص - يجيز إلغاء قرار إنهاء خدمة العامل وإعادته إلى العمل مؤداه أن القرار الصادر بإنهاء الخدمة لا يخضع لرقابة القضاء إلا في خصوص طلب التعويض عن الضرر الناجم عنه، ما لم يكن هذا الإنهاء بسبب النشاط النقابي وهو ما نصت عليه الفقرة السادسة من المادة 75 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 والتي تسري على العاملين بشركات القطاع العام لعدم وجود نص في شأنها في النظام الخاص بهم. وفق ما تقضي به المادة الأولى من نظام العاملين المشار إليه، لما كان ذلك، وكان قرار إنهاء خدمة الطاعن لم يصدر بسبب النشاط النقابي فإن طلب إلغاء هذا القرار واستلام العمل، يكون في غير محله، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً، ويكون النعي عليه بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه التناقض والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون عليه أورد بأسبابه أن القضاء يختص ببحث مشروعية قرار فصل العاملين بالقطاع العام إلغاءاً وتعويضاً وكان لازم ذلك أن يقضي بإلغاء قرار الفصل إلا أنه مع ذلك انتهى إلى تأييد الحكم الابتدائي والذي لم يأخذ بهذه القاعدة وإنما قضى برفض طلب إلغاء قرار الفصل ومن ثم يكون قد شابه التناقض بين الأسباب والمنطوق فضلاً عن قصوره في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما تتعارض به الأسباب وتتهاتر فتتماحى ويسقط بعضها بعضاً بحيث لا يبقي منها ما يقيم الحكم ويحمله وتبرر قضائه أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضى الحكم بما قضى به في منطوقه. أما إذا اشتمل الحكم على أسباب تكفي لحمله وتبرر قضاءه ودون تعارض أسبابه فلا محل للنعي عليه بالتناقض. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه في معرض دفع المطعون ضدها بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر قرار إنهاء خدمة العاملين بالقطاع العام قوله "أن القضاء مستقر على أن الفصل في المنازعة بشأن إعادة العاملين بالقطاع العام الخاضعين لأحكام القانون 48 لسنة 1978 أو تعويضهم يكون من اختصاص القضاء العادي وإذ خلص الحكم المستأنف صحيحاً إلى رفض هذين الطلبين لما ساقه من حجة صحيحة فإنه يكون قد تبرأ من النعي عليه بمخالفة القانون ثم انتهى بعد ذلك إلى تأييد الحكم المستأنف برفض طلب الطاعن بطلان قرار فصله وإعادته إلى عمله فإنه لا يكون مشوباً بالتناقض ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.