مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1992 إلى آخر سبتمبر سنة 1992) - صـ 1214

(131)
جلسة 11 من إبريل سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد المهدي مليحي - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعبد اللطيف محمد الخطيب وعلي شحاتة محمد وحسني سيد محمد - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 378 لسنة 33 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - إعارة - احتفاظ العامل المعار بالمميزات المقررة له في الجهة المعيرة. (جهاز تصفية الحراسات) (مصلحة الضرائب).
المادتان 58، 59 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 أجاز المشرع إعارة العامل بعد موافقته كتابة للعمل في الداخل أو الخارج لفترات زمنية محددة وذلك لمواجهة احتياجات الجهات المستعيرة للاستعانة بخبرات هؤلاء العاملين في مجالات تخصصاتهم المختلفة - تتحمل الجهة المستعيرة أجر العامل المعار إليها - احتفاظ العامل في ذات الوقت بكافة مميزات الوظيفة التي كان يشغلها قبل الإعارة باعتبار أن علاقته لا تنقطع بالجهة المعيرة بل تظل قائمة ومستمرة ولو كانت إعارته إلى جهة إدارية أخرى ويسري على مدة إعارته ما يسري على باقي الموظفين غير المعارين من أحكام - نتيجة ذلك: تقاضي العامل المعار في الجهة المستعيرة ما كان يتقاضاه في الجهة المعيرة من أجور ومرتبات وعلاوات وحوافز وغير ذلك من المزايا التي تعتبر جزءاً من أجره - أساس ذلك: الحفاظ على حقوق العامل المالية في الجهة المعيرة - مقتضى ذلك ولازمه: اختلاف أجور العاملين المعارين بالجهة المستعيرة فيما بينهم لاختلاف مراكزهم القانونية والحقوق المالية التي اكتسبها كل منهم في الجهة المعيرة - مصلحة الضرائب تمنح العاملين بها حوافز تنشيط حصيلة الضرائب وهي حوافز واردة بميزانية الدولة وتخضع لقانون التأمين الاجتماعي من حيث حساب الأجر الذي يؤدي عنه اشتراك التأمين ولذلك فهي تعتبر جزءاً من أجورهم يحتفظون بها عند إعارتهم إلى جهات أخرى حتى لا تؤدي الإعارة إلى الإضرار بهم وهو ما يمثل الحفاظ على حقوق العامل الذي يهدف المشرع إلى تحقيقه من نظام الإعارة عند التوفيق بين مصالح كل من الجهة المعيرة والجهة المستعيرة والعامل المعار - نتيجة ذلك: قيام جهاز تصفية الحراسات بصرف مكافأة تعويضية للمعارين إليه من مصلحة الضرائب في حدود القيمة التي يصدر بها منشور من المصلحة المذكورة ووفقاً للقواعد والنسب التي تقررها هذه المصلحة دون غيرهم من العاملين المعارين لدى الجهاز يتفق وأحكام القانون - أساس ذلك: هذه المكافآت تعد جزءاً من الأجر المستحق للعاملين بمصلحة الضرائب تتحمل به الجهة المستعيرة - الأثر المترتب على ذلك: لا يجوز لغير هؤلاء العاملين المطالبة بمساواتهم بهم - أساس ذلك: مبدأ ضرورة المساواة بين العاملين في حالة تماثل العمل وظروفه لا يجد مجاله الطبيعي إلا في جهة العمل الأصلية أما في الجهة المعار إليها العامل بصفة مؤقتة فإنه يخضع للمركز القانوني الذي يتمتع به في جهة عمله الأصلية والذي نشأ له وفقاً للقواعد المعمول بها في تلك الجهات وليست القواعد المعمول بها في الجهة المستعيرة - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 28/ 12/ 1986 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 378 لسنة 33 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - دائرة التسويات أ. في الدعوى رقم 2256 لسنة 37 ق والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلزام المدعى عليهما الأول والثاني بصفتيهما بأن يؤديا للمدعي مبلغ 1544.814 جنيهاً قيمة المكافأة المستحقة له عن المدة التي كان معاراً فيها لجهاز الحراسة العامة "جهاز تصفية الحراسات حالياً" وإلزام المدعى عليهما الأول والثاني بصفتيهما المصروفات.
وطلب الطاعنان للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يفصل في موضوع الطعن وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون وبجلسة 12/ 1/ 1987 قررت الدائرة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضده مصروفات هذا الطلب وبجلسة 25/ 3/ 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" وحددت لنظره أمامها جلسة 12/ 5/ 1991 وتدوول نظره أمامها وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة 30/ 11/ 1991، ومذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 15/ 2/ 1992 وبهذه الجلسة قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لجلسة 7/ 3/ 1992 لتغيير تشكيل الهيئة وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 16/ 2/ 1983 أقام السيد/ ......... الدعوى رقم 2256 لسنة 37 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لجهاز تصفية الحراسات، ورئيس جهاز تصفية الحراسات، ومدير الإدارة القانونية بجهاز تصفية الحراسات طالباً الحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يؤدوا للمدعي قيمة المكافأة عن السنوات السابقة التي كان خلالها معاراً بجهاز الحراسة العامة "جهاز تصفية الحراسات حالياً" بالصور والنسب التي صرفت لأقرانه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهم المصروفات.
وقال المدعي شرحاً لدعواه: إنه كان معاراً من وزارة الحكم المحلي للعمل محامياً بإدارة القضايا وتحقيق الديون بشعبة القضايا بالحراسة العامة منذ 1/ 9/ 1965 حتى 30/ 11/ 1978 وقد جرى العمل بجهاز تصفية الحراسات على منح مرتب شهر كامل كل شهرين لمن يعمل بالجهاز من الموظفين المعارين من مصلحة الضرائب باعتبار أن هذه المنحة مكافأة إنتاج، ولم يكن المدعي يمنح هذه المنحة وليس هناك وجه للتفرقة بين المعارين من مصلحة الضرائب وغيرهم إذ إن الجميع يعملون بجهاز تصفية الحراسات وتصرف لهم جميعاً المكافآت من أموال الجهاز الموجود للإنفاق الإداري ومصدر هذه الأموال ليس الخزانة العامة بل هو ما يعرف بالاقتطاع الإداري وهو عبارة عن نسبة 10% من أموال الخاضعين السابقين لإجراءات الحراسة، وأضاف المدعي أنه سبق أن أقام الدعوى رقم 177 لسنة 1979 عمال كلي جنوب القاهرة بالطلبات موضوع الدعوى وبجلسة 17/ 3/ 1980 قضت المحكمة برفض الدعوى فاستأنف الحكم حيث قضت محكمة الاستئناف بجلسة 9/ 5/ 1981 بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المدعى عليهما الأول والثاني بأن يؤديا للمدعي مبلغ 1544.814 جنيهاً تأسيساً على أن قاعدة المساواة بين العاملين الذين يعملون في مكان واحد وتحت ظروف واحدة وهي قاعدة أساسية ولو لم يجر بها نص في القانون وتفرض قواعد العدالة إعمالها إذا ما جنح رب العمل إلى التفرقة بين عماله في شأن حق من حقوقهم بغير وجه حق وقد طعن المدعى عليهم في الحكم المذكور بالنقض حيث قضت محكمة النقض بجلسة 20/ 12/ 1982 بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص جهة القضاء العادي بنظر الدعوى. واختتم المدعي صحيفة دعواه بطلباته سالفة البيان وردت الجهة الإدارية على الدعوى بمذكرة جاء بها أن جهاز تصفية الحراسات يمنح العاملين به والمعارين أو المنتدبين إليه نوعين من المكافآت 1 - مكافآت تشجيعية وهي التي تمنح للعاملين لقاء ما يبذلونه من جهد في سبيل إنجاز أعمالهم وهذه تمنح لجميع العاملين بالجهاز دون تمييز وقام المدعي بصرفها جميعاً خلال فترة إعارته للجهاز، 2 - مكافآت تعويضية وهي التي تمنح للمعارين أو المنتدبين للجهاز كتعويض لهم عن المكافآت والحوافز وكافة المرتبات التي تدخل في تعريف الأجر والتي تمنح لأقرانهم بالجهات المنتدبين أو المعارين منها والتي حرموا منها بسبب إعارتهم أو ندبهم للعمل بالجهاز وهذه يتوقف منحها ومقدار ما يمنح منها على الجهة التي يتبعها العامل أصلاً وعلى مقدار ما يصرف لأقرانه منها وذلك حتى لا تكون الإعارة أو الندب للعمل بالجهاز سبباً في حرمانه من حقوقه المالية وإلا ما كان هناك دافع يدفعه لقبول هذا الندب أو الإعارة خاصة وأن الجهاز باعتباره الجهة المستعيرة يلزم بأجر العامل المعار بأكمله وفقاً لنص المادة 58 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة ولما كانت المكافأة التي منحها الجهاز للعاملين المعارين إليه عن مصلحة الضرائب طبقاً للتكييف الصحيح لها أنها جزء من الأجر المستحق لهم والذي تتحمله الجهة المستعيرة ومن ثم فإن مناط استحقاق هذه المكافأة يكون غير متوافر في شأن المدعي وخلصت من ذلك إلى طلب الحكم برفض الدعوى.
وبجلسة 24/ 11/ 1986 حكمت محكمة القضاء الإداري - دائرة التسويات أ - بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلزام المدعى عليهما الأول والثاني بصفتيهما بأن يؤديا للمدعي مبلغ 1544.814 جنيهاً قيمة المكافأة المستحقة له عن المدة التي كان معاراً فيها إلى جهاز الحراسة العامة "جهاز تصفية الحراسات حالياً" وإلزام المدعى عليهما الأول والثاني بصفتيهما المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أن "حكم محكمة استئناف القاهرة - الدائرة 6 عمال - الصادر بجلسة 19/ 5/ 1981 في الاستئناف رقم 637 لسنة 97 ق الذي فصل في دعوى المدعي قبل أن تنقضه محكمة النقض - استناداً إلى عدم الاختصاص الولائي للقضاء العادي - قد حصر طلبات المدعي. وهي بذاتها طلباته في الدعوى الماثلة" وأن الأساس القانوني لصرف المكافأة التي يطالب بها المدعي هو موافقة رئيس جهاز تصفية الحراسات على الصرف وليست الكتب الدورية الصادرة من مصلحة الضرائب التي يقتصر دورها على تحديد المعارين منها وبوقف كل من زملائه المعارين ورد المنتدبين من مصلحة الضرائب وهذا هو ذاته اقتناع المحكمة ولما كانت المساواة بين العاملين في مكان واحد وتحت ظروف واحدة هي قاعدة أساسية ولو لم يجر بها نص خاص في القانون وتفرض قواعد العدالة إعمال هذه المساواة وكان الثابت أن المدعي من المعارين لجهاز تصفية الحراسات وأثبت الخبير - دون اعتراض من المدعى عليهما - استحقاق المدعي لقيمة المكافأة عن المدة التي كان معاراً فيها وقدرها 1544.814 جنيهاً فإنه يتعين القضاء له بها ضد المدعى عليهما الأول والثاني بصفتيهما دون الثالث الذي لا يمثل الجهاز.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك لما يلي: 1 - انساق الحكم المطعون فيه وراء حكم محكمة الاستئناف الملغ والذي جاءت أسبابه مستقاة من تقرير خبير حسابي بحسب المدة التي قضاها المطعون ضده في جهاز الحراسة مقدراً لها مكافأة مفترضاً استحقاق المطعون ضده لها جرياً على الزعم بمماثلة حالته للمنتدبين من مصلحة الضرائب وهي تسوية حسابية تتنكر للمبادئ القانونية المستقرة وتخالف المستقر في قضاء ذات الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون عليه، 2 - أن المستفاد من أحكام المادتين 58، 59 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47/ 1978 أن أجر العامل المعار يكون بأكمله على عاتق الجهة المستعيرة وأن يحتفظ له بكافة مميزات الوظيفة التي كان يشغلها قبل الإعارة وقد قضت محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 5231 لسنة 36 ق بجلسة 2/ 1/ 1986 أن حقوق العامل المعار تختلف باختلاف الجهة المعار منها فمنهم من يتقاضى أجره المقرر في الجهة المعيرة دون إضافة أي شيء إليه ومنهم من يتقاضاه مضافاً إليه البدلات ومن ثم فإنه بالرغم من وحدة العمل في الجهة المستعيرة فإنه قد يختلف مرتب أحد العاملين عن مرتب زميله وذلك لاختلاف الأجر في الجهة المعيرة لأحدهما عن الجهة المعيرة الأخرى، 3 - أن الأساس القانوني لصرف المكافأة للموظفين المنتدبين من مصلحة الضرائب ليست هي موافقة رئيس جهاز تصفية الحراسات على الصرف كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه بل هو نصوص القانون رقم 47 لسنة 1978 التي توجب أن يصرف العامل المعار أو المنتدب كامل أجره من الجهة المستعيرة والتي تعتبر من عناصر هذا الأجر الأساسية كافة المزايا التي تصرف للعامل من جهة عمله الأصلية وذلك للتوفيق بين مصلحة العامل المعار والجهة المستعيرة وحفاظاً على حقوق العامل المعار ومؤدى هذه القاعدة أن العاملين المعارين من جهات مختلفة تختلف حقوقهم تبعاً للقاعدة المقررة في جهات عملهم الأصلية حتى ولو كانوا جمعياً معارين إلى جهة واحدة ويؤدون أعمالاً مماثلة ولا يسوغ في هذا المجال الاحتجاج بمبدأ مساواة الأجر على حالة تماثل العمل في ظروفه لأن هذا المبدأ لا يجد مجاله الطبيعي إلا في جهة العمل الأصلية أما في الجهة التي يعار إليها العامل بصفة مؤقتة فإنه يستصحب مركزه القانوني الذي كان يتمتع به في الجهة الأصلية، ولما كان الثابت أن مصلحة الضرائب تمنح العاملين بها حوافز من حصيلة الضرائب وهي حوافز واردة بميزانية الدولة وتخضع لقانون التأمين الاجتماعي من حيث حسابها في الأجر الذي يؤدي عنه اشتراك التأمين وبذلك فهي تعتبر جزءاً من أجرهم ويحتفظون به عند إعارتهم إلى جهات أخرى حتى لا تؤدي الإعارة أو الندب إلى الإضرار بهم ومن ثم فإن قيام جهاز تصفية الحراسات بصرف مكافأة تعويضية للمعارين إليه من مصلحة الضرائب في حدود القيمة التي يصدر بها منشور من مصلحة الضرائب دون غيرهم تطبيق صحيح للقانون وتكون مطالبة غيرهم بمساواتهم بهم غير قائمة على أساس سليم من القانون واختتم الطاعنان تقرير الطعن بطلباتهما سالفة البيان.
ومن حيث إن المادة 58 من نظام العاملين المدنين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أنه "يجوز بقرار من السلطة المختصة بالتعيين بعد موافقة العامل كتابة إعارته للعمل في الداخل أو الخارج ويحدد القرار الصادر بالإعارة مدتها...... ويكون أجر العامل بأكمله على جانب الجهة المستعيرة وتدخل مدة الإعارة ضمن اشتراك العامل في نظام التأمين الاجتماعي واستحقاق العلاوة والترقية وذلك مع مراعاة أحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي والقوانين المعدلة له.
وتنص المادة 59 من ذلك القانون على أنه "عند إعارة أحد العاملين تبقى وظيفته خالية..... وفي جميع الأحوال يحتفظ له بكافة مميزات الوظيفة التي كان يشغلها قبل الإعارة.
ومن حيث إن المستفاد من النصين المتقدمين أن المشرع أجاز إعارة العامل - بعد موافقته كتابة - للعمل في الداخل أو الخارج لفترات زمنية محددة وذلك لمواجهة احتياجات الجهات المستعيرة بالاستعانة بخبرات هؤلاء العاملين في مجالات تخصصاتهم المختلفة على أن تتحمل الجهة المستعرة أجر العامل المعار إليها مع احتفاظه في ذات الوقت بكافة مميزات الوظيفة التي كان يشغلها قبل الإعارة باعتبار أن علاقته لا تنقطع بالجهة المعيرة بل تظل قائمة ومستمرة ولو كانت إعارته إلى جهة إدارية أخرى ويسري على مدة إعارته ما يسري على باقي الموظفين غير المعارين من أحكام وينبني على ذلك تقاضي العامل المعار في الجهة المستعيرة ما كان يتقاضاه في الجهة المعيرة من أجور ومرتبات وعلاوات وحوافز وغير ذلك من المزايا التي تعتبر جزءاً من أجره وذلك حفاظاً على حقوقه المالية في الجهة المعيرة ومقتضى ذلك ولازمه اختلاف أجور العاملين المعارين بالجهة المستعيرة تبعاً لاختلاف مراكزهم القانونية والحقوق المالية التي اكتسبها كل منهم في الجهة المعيرة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن مصلحة الضرائب تمنح العاملين بها حوافز تنشيط حصيلة الضرائب وهي حوافز واردة بميزانية الدولة وتخضع لقانون التأمين الاجتماعي من حيث حساب الأجر الذي يؤدي عنه اشتراك التأمين ولذلك فهي تعتبر جزءاً من أجورهم يحتفظون بها عند إعارتهم إلى جهات أخرى حتى لا تؤدي الإعارة إلى الإضرار بهم وهو ما يمثل الحفاظ على حقوق العامل المعار الذي يهدف المشرع إلى تحقيقه من نظام الإعارة عند التوفيق بين مصالح كل من الجهة المعيرة والجهة المستعيرة والعامل المعار.. ومن ثم فإن قيام جهات تصفية الحراسات بصرف مكافآت تعويضية للمعارين إليه من مصلحة الضرائب في حدود القيمة التي يصدر بها منشور من المصلحة المذكورة ووفقاً للقواعد والنسب التي تقررها هذه المصلحة دون غيرهم من العاملين المعارين لدى الجهاز يتفق وأحكام القانون باعتبار أن هذه المكافآت طبقاً للتكييف الصحيح لها تعد جزءاً من الأجر المستحق للعاملين بمصلحة الضرائب تتحمل به الجهة المستعيرة ومن ثم فلا يجوز لغير هؤلاء العاملين المطالبة بمساواتهم بهم.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم به وكان الثابت أن المدعي كان معاراً من وزارة الحكم المحلي - وليس من مصلحة الضرائب - إلى جهاز تصفية الحراسات ومن ثم ينتفي عنه مناط استحقاق صرف المكافأة سالفة البيان وتكون مطالبته بصرف هذه المكافأة على غير أساس سليم من القانون خليقة بالرفض ولا ينال من ذلك ما أثاره المدعي من ضرورة المساواة في حالة تماثل العمل وظروفه إذ إن هذا المبدأ لا يجد مجاله الطبيعي إلا في جهة العمل الأصلية أما في الجهة المعار إليها العامل بصفة مؤقتة فإنه يخضع للمركز القانوني الذي يتمتع به في جهة عمله الأصلية والذي نشأ له وفقاً للقواعد المعمول بها في تلك الجهات وليست القواعد المعمول به في الجهة المستعيرة ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم وإذ قضى الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله الأمر الذي يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات عن درجتي التقاضي.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات عن درجتي التقاضي.