مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1992 إلى آخر سبتمبر سنة 1992) - صـ 1611

(175)
جلسة 6 من يونيو سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد المنعم عبد العظيم جيرة - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ رأفت محمد يوسف ومحمد مجدي محمد خليل وجودة عبد المقصود فرحات وأحمد إبراهيم عبد العزيز - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2852 لسنة 34 القضائية

ترخيص - ترخيص بناء - شروط الترخيص بالإسكان الإداري والفاخر - القانون 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء معدلاً بالقانون رقم 30 لسنة 1983 - القانون رقم 107 لسنة 1976 بإنشاء صندوق تمويل مشروعات الإسكان الاقتصادي - شرط تقديم ما يفيد - سداد قيمة ضريبة الأرض الفضاء والاكتتاب في مستندات الإسكان لصرف رخص البناء - إذا كانت ضريبة الأرض الفضاء قد رفعت عن الأرض محل الترخيص قبل تقديم الطلب فلا محل لمطالبة المرخص بتقديم ما يفيد سداد الضريبة - اشترط المشرع للترخيص ببناء مباني الإسكان الإداري ومباني الإسكان الفاخر مهما بلغت قيمتها الاكتتاب في سندات الإسكان - إذا كان المبنى المرخص به لا يعد من الإسكان الإداري أو الإسكان الفاخر فلا محل لاشتراط الاكتتاب في سندات الإسكان - وجود حجرة مكتب بداخل شقة بالدور الأرضي لا يعني أن يصبح هذا الدور سكناً إدارياً - أساس ذلك: وجود الحجرة داخل الشقة ولا تستقل عنها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس 21/ 7/ 1988 أودع السيد الأستاذ محمود ذكي المحامي بصفته وكيلاً عن السيد..... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2852 لسنة 34 قضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 22/ 5/ 1988 في الدعوى رقم 628 لسنة 5 قضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعن والقاضي بمجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من أجره وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبراءة الطاعن من الاتهام المنسوب إليه مع كافة ما يترتب على ذلك من آثار.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين في الأوراق، قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن، وانتهت فيه إلى طلب قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بالخصم من أجره خمسة عشر يوماً، وبراءته مما نسب إليه من اتهام.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 14/ 11/ 1990، وبجلسة 9/ 1/ 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظره أمامها جلسة 26/ 1/ 1991، وفي هذه الجلسة والجلسات التالية نظرت المحكمة الطعن على ما هو ثابت بمحاضر الجلسات، وقررت بجلسة 2/ 5/ 1992 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 18/ 7/ 1987 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية بالمنصورة تقرير اتهام ضد كل من: -
1 - ..... فني شئون هندسية برئاسة مركز السنبلاوين.
2 - ..... مهندس تنظيم بالإدارة الهندسية برئاسة مركز السنبلاوين.
3 - ..... مدير تنظيم بالإدارة الهندسية برئاسة مركز السنبلاوين.
4 - ..... مهندس تنظيم برئاسة مركز السنبلاوين.
5 - ..... رئيس وحدة الأملاك برئاسة مركز السنبلاوين.
نسبت إليهم في أنهم لم يؤدوا أعمالهم بأمانة وخرجوا على مقتضى الواجب الوظيفي وخالفوا القواعد والأحكام المالية بأن: -
من الأول حتى الثالث وافقوا على استخراج وصرف رخصة المباني رقم 336/ 84 باسم السيدة/ .....، رغم عدم تقديمها ما يفيد سداد قيمة ضريبة الأرض الفضاء وكذا سداد سندات إسكان من جملة تكاليف الدور الأرضي.
من الأول حتى الرابع: - لم يتخذوا الإجراءات القانونية ضد صاحبة الشأن المذكورة لمخالفتها لشروط منح الترخيص على النحو المبين تفصيلاً بالأوراق، ورأت النيابة الإدارية أنهم بذلك قد ارتكبوا المخالفات الإدارية والمالية المنصوص عليها بالمواد 76 و77/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983، وطلبت النيابة الإدارية محاكمتهم بالمادتين سالفتي الذكر، وبالمواد 78/ 1 و80 و82 من القانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليه، والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 171 لسنة 1981، والمادتين رقمي 15 أولاً و19/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة والمواد 4 و11، 14، 15، 16، 21، 22 من القانون رقم 106 لسنة 1986 المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 بشأن تنظيم وتوجيه أعمال البناء.
وبجلسة 22/ 5/ 1988 حكمت المحكمة بمجازاة كل من..... و...... و...... و..... و...... بالخصم من أجرهم لمدة خمسة عشر يوماً ومجازاة...... بالخصم من أجره لمدة عشرة أيام. وأقامت المحكمة قضاءها على أنه بالنسبة إلى المخالفة المنسوبة للمتهمين من الأول إلى الثالث ومن بينهم الطاعن - وهي صرف الترخيص دون سداد ضريبة الأرض الفضاء والاكتتاب في سندات الإسكان، أن الثابت من كتاب وكيل وزارة الإسكان بالدقهلية أنه كان يتعين تقديم ما يفيد سداد ضريبة الأرض الفضاء على الأرض محل الترخيص ضمن مستندات الترخيص، وكذلك إرفاق ما يفيد سداد 10% سندات إسكان من قيمة تكاليف المكتب الموضح بالرسم الهندسي، وأنه غير صحيح أن المكتب المبين بالرسم الهندسي بالدور الأرضي هو غرفة مفتوحة بداخل الشقة إذ الثابت من الاطلاع على الرسم يبين أنه مدون به أنه خاص بمكتب، الأمر الذي يترتب عليه وجوب دفع سندات إسكان، كما أنه ولئن كان الثابت من الأوراق أنه تم دفع ضريبة الأرض الفضاء عن الأرض محل الترخيص بالقرار رقم 60 لسنة 1985، إلا أن هذا الدفع قد تم بعد الموافقة على التراخيص في 3/ 9/ 1984، وبالنسبة للمخالفة المنسوبة إلى المتهمين من الأول إلى الرابع - ومنهم الطاعن - والخاصة بعدم اتخاذهم الإجراءات القانونية ضد السيدة/ ...... لمخالفتها عند التنفيذ لشروط الترخيص، فإن الثابت أنه تم الشروع في إقامة المباني محل الترخيص 336 لسنة 1984 اعتباراً من 27/ 9/ 1984، كما أن الثابت أيضاً أنه تم مخالفة شروط الترخيص ولم يتم تحرير محضر للمخالف إلا في 15/ 1/ 1986 بالنسبة للدور الثالث فقط، كما لم يتم تحرير المحضر 79 إلا في 23/ 4/ 1986 بالنسبة للفتحات المطلة على الجبانة (أملاك الدولة العامة) والثابت من الأوراق أن المتهمين من الأول إلى الرابع قد تقاعسوا عن اتخاذ الإجراءات القانونية حيال منع السيدة/ ...... من مخالفة شروط الترخيص.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد جانبه الصواب وخالف القانون ذلك أن الطاعن قدم بحافظة المستندات المقدمة في الدعوى مستنداً يفيد أن قطعة الأرض التي صرف عنها الترخيص غير مفروض عليها ضريبة أرض فضاء ورفعت عنها الضريبة بالقرار رقم 60 لسنة 1985، كما أنه لا يوجد سكن إداري يستحق عليه تحصيل 10% سندات إسكان والمكتب الواقع بالدور الأرضي هو غرفة متصلة بالسكن للاستعمال الخاص، كما أن المحكمة أدانت الطاعن عن الاتهام الثاني المنسوب إليه استناداً لمجرد الشك والتخمين.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى الأوراق والتحقيقات يتضح أن الإدارة الهندسية بمركز السنبلاوين أعدت مذكرة مؤرخة 27/ 6/ 1984 وأوضحت فيها أن المواطن/ ..... (زوج السيدة....) شرع في إقامة مباني بدون ترخيص على أرض/ ...... بجوار المعهد الديني وطلب من رئيس المركز إيقاف المباني، فصدر قرار رئيس المركز رقم 716 لسنة 1984 في 27/ 9/ 1984 بإيقاف المباني التي شرع في إقامتها المواطن.....، فتقدم المذكور بطلب مؤرخ 8/ 10/ 1984 طلب فيه تحويل الموضوع لمفتش الأملاك الأميرية لبحث موضوع التعدي وقد تأشر على هذا الطلب في ذات يوم تقديمه من رئيس المركز (الإدارة الهندسية - الأملاك) لبحث موضوع التعدي، وأفاد رئيس وحدة الأملاك بكتابه المؤرخ 14/ 10/ 1984 بأن المعاينة أوضحت أن القطعة محل النزاع خارج حدود جبانة المسلمين، وبتأشيرته المؤرخة في 15/ 10/ 1984 طلب رئيس المركز إحالة الموضوع إلى المستشار القانوني للمحافظة، وقد انتهى المستشار القانوني للمحافظة بكتابه المؤرخ 1/ 6/ 1985 أنه لا مكان استصدار الترخيص بإقامة مبان على القطعة رقم 15 أ بندر السنبلاوين والتي تم فصل حدودها بمعرفة المساحة وقسم الأملاك والإدارة الهندسية بالوحدة، وعلى مقدم الطلب تقديم العقود المسجلة المثبتة لملكيته، وأحيلت الأوراق بتأشيرة رئيس المركز للشئون القانونية لاتخاذ اللازم، ورأت الشئون القانونية بمذكرتها المؤرخة 1/ 8/ 1985 استخراج ترخيص مباني للمواطن/ ..... وزوجته/ ..... عن القطعة محل البحث، وبعرض موضوع طلب الترخيص المقدم في 7/ 9/ 1984 على مهندس المنطقة، أشر على الطلب بما يفيد موافقة المستشار القانوني للمحافظة والشئون القانونية على منح الترخيص، وأصدر قراره في الطلب رقم 336 لسنة 1984 باعتماد الرسم الهندسي لبناء الدور الأول والثاني بنظام الفيلا، مع ملاحظة عدم فتح أي فتحات (أبواب وشبابيك) على جبانة المسلمين وترك المناور القانونية، وصدر بعد ذلك ترخيص البناء الذي أشير فيه إلى سداد رسم الصرف في 3/ 9/ 1984 ورسم منح الترخيص 6/ 8/ 1985.
ومن حيث إنه عما نسب للطاعن من موافقته على صرف رخصة المباني رقم 336 لسنة 1984 رغم عدم تقديم المرخص لها ما يفيد سداد قيمة ضريبة الأرض الفضاء والاكتتاب في سندات الإسكان، فإن الحكم المطعون فيه استند في ثبوت المخالفة إلى صرف الترخيص في 3/ 9/ 1984 رغم أن الثابت من سياق الوقائع المتقدمة أن طلب الترخيص وأن قدم في 3/ 9/ 1984، إلا أنه لم تتم الموافقة عليه إلا في 6/ 8/ 1985، وإذا كانت ضريبة الأرض الفضاء قد رفعت عن الأرض محل الترخيص بالقرار رقم 60 لسنة 1985 الصادر في 18/ 3/ 1985، ومن ثم فلا محل لمطالبة المرخص له بها عند منح الترخيص في 6/ 8/ 1985، وبالتالي فلا يمكن نسبة أي قصور أو إهمال إلى الطاعن في هذا الشأن.
وبالنسبة لما نسب إلى الطاعن من موافقته على الترخيص رغم عدم تقديم المرخص لهما ما يفيد الاكتتاب في سندات الإسكان من جملة تكاليف الدور الأرضي، فإن المادة الرابعة من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء على أنه (يكون الاكتتاب في سندات الإسكان المنصوص عليها في المادة (6) من القانون رقم 107 لسنة 1976 بإنشاء صندوق تمويل مشروعات الإسكان الاقتصادي مقصوراً على مباني الإسكان الإداري والإسكان الفاخر مهما بلغت قيمتها....) والواضح أن المشرع اشترط للترخيص ببناء الإسكان الإداري ومباني الإسكان الفاخر مهما بلغت قيمتها الاكتتاب في سندات الإسكان، وإذا كان المبنى المرخص به على ما هو ثابت بالرسم والترخيص - لا يعد من الإسكان الإداري أو الإسكان الفاخر، كما أن ما احتواه الدور الأرضي من وجود حجرة مكتب بداخل الشقة لا يعني أن يصبح هذا الدور سكناً إدارياً، لأن الحجرة بداخل الشقة ولا تستقل عنها، وبالتالي فإن ما نسب إلى الطاعن في هذا الشأن يكون غير قائم على سند من الواقع أو القانون.
ومن حيث إنه عما نسب إلى الطاعن من عدم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد صاحبة الشأن لمخالفتها لشروط منح الترخيص، فإن الحكم المطعون فيه قد استند إلى أن الشروع في إقامة المباني محل الترخيص في 27/ 9/ 1984 وعدم صدور قرار بإيقاف الأعمال المخالفة حتى 19/ 8/ 1986 يعني مساءلة الطاعن عن التقاعس عن اتخاذ الإجراءات القانونية باعتباره وغيره من المهندسين الذين شملهم قرار الاتهام تقاعسوا عن العمل تنفيذاً وإشرافاً على المنطقة الكائن بها العقار محل المخالفة، وإذا كان الثابت من الأوراق أن الترخيص لم يمنح للمرخص لها إلا في 6/ 8/ 1985، وأن الطاعن نقل من عمله كمهندس بقسم التنظيم إلى إدارة المشروعات اعتباراً من 17/ 9/ 1985 ولم يصبح منذ هذا التاريخ مسئولاً عن مخالفات التراخيص وغيرها من أعمال قسم التنظيم، ولم يثبت من الأوراق إهماله أو تقاعسه عن اتخاذ الإجراءات القانونية لمخالفته شروط الترخيص في المدة من 6/ 8/ 1985 حتى تاريخ نقله 17/ 9/ 1985، فإن إدانته والحالة هذه عن المخالفة المشار إليها لم تبنَ على القطع واليقين، ولم تسند المحكمة إدانتها على وقائع محددة ارتكبها المذكور وثبتت قبله في هذه المخالفة، كما أن ارتكاب المخالفة لوقائع شروع في البناء في 27/ 9/ 1984 - قبل صدور الترخيص - والتي صدر قرار رئيس المركز رقم 719 لسنة 1984 في 27/ 9/ 1984 بإيقافها، لا تصلح في ذاتها سبباً على ارتكاب الطاعن للمخالفة المنسوبة إليه وهي عدم اتخاذ الإجراءات القانونية قبل المرخص لهما لمخالفتهما لشروط الترخيص.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن المخالفات التي أسندت إلى الطاعن لم تستخلص استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها، وهي بالتالي غير ثابتة في حقه، فيتعين لذلك إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة الطاعن مما أسند إليه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وببراءة الطاعن مما نسب إليه.